الاثنين، 17 أكتوبر 2011

الإذاعات الموجهة المصرية وأمل العودة للتواصل مع العالم

ناجي هيكل
لسان مصر المخروس منذ سنوات.. هل يطلقه الجيش من جديد لتحقيق مصالح مصر؟
عندما بدأ البث الإذاعي فى مطلع العقد الثالث من القرن الماضى وقف العالم دهشة أمام هذا الاختراع العجيب الذى ينقل الصوت من بلد لآخر عبر آلاف الأميال، وكان ماركونى -مخترع الراديو- لا يقل أهمية عن جوتنبرج الذى اخترع أول آلة للطباعة ليحول العالم من استخدام الريشة فى الكتابة إلى الطباعة، وكان فى نظرى لا يقل أهمية عن أديسون –مخترع المصباح الكهربى- الذى أنار ظلمات الليل وجنبات العالم باختراعه الكبير.
الراديو كان أحد أهم اختراعات القرن الماضى لما له من قيمة فقد استخدمته الحكومات لإذاعة البيانات إلى شعوبها ثم تم عمل برامج تنويرية وثقافية وتم استغلاله أيضاً فى الترويج للسلع والمنتجات من خلال بثه لإعلانات العمل وكان يشرح للناس مميزات وعيوب كل سلعة ليتجنب المستهلك مالا يناسبه منها.
ومع تطور الزمن عام 1936م كان البث الإذاعى قد اخترق الحواجز والحدود بين بلدان العالم ليصل مشرق الأرض بمغربها وهنا تم تخصيص إذاعات لبلدان لإظهار مميزاتها سياحياً وقدراتها عسكرياً لرهبة أعدائها وترويع مواطنيها وجيشها، ولعب "الراديو" دوراً كبيراً فى الحربين العالميين الأولى والثانية.
كانت هذه المحطات التى تبث هذه البيانات أو الأخبار للوطن الآخر تسمى بالإذاعات الموجهة وكانت هذه الإذاعات وقتها تقوم بدور السفير بين البلدان وتعمل على حل مشاكل الرعايا فى البلد الآخر، وعندما جاء جمال عبد الناصر إلى سدنة حكم مصر استغل هذه الإذاعات فى الثورات التي قادها لتخليص البلدان العربية من الاحتلال وتناشد شعوب الاحتلال بمناشدة حكامها الانسحاب من هذه الدول لتنعم بالأمان.. وتحققت المعجزة بهذا الاختراع العجيب الذى من خلاله صمدت الشعوب التى كانت تتابع كل يوم الخطابات الحماسية وتنشر موقف المحتل وتبث الرعب فى نفسه ببث معلومات وبيانات تهدف لذلك.
واستمرت هذه الإذاعات حتى عمت العالم وكانت كل دولة لها إذاعات متخصصة لتبث الأفكار وتعمل على نشر السياحة وتشجع على الاستثمار وجعلت العالم قرية صغيرة فكان أهل الوطن يتابعون ما يدور فى بلدانهم فى الغربة عبر محطات الراديو.
كانت الإذاعات الموجهة قد بلغ عددها فى 35إذاعة تعمل على تحسين صورة مصر فى الخارج وكذا كانت منها الدينية التى كان لها دور فى نشر الإسلام من خلال علماء الأزهر الشريف الذين كانوا يقدمون الدروس لشتى أرجاء البسيطة وتسببت فى اعتناق العديد للدين الحنيف.
ورغم أهمية هذه الإذاعات التى كان له دور كبير فى ربط مصر بأفريقيا والعالم العربى إلاَّ أن قراراً سيادياً ألغى منها 18إذاعة وانفض السامر بين مصر وأفريقيا وازدادت المشاكل بيننا والصهاينة حلوا محلنا هناك واستطاعوا أن يحكموا قبضتهم على المنطقة بعد قطع لسان مصر عنهم بتوقف هذه المحطات فتولدت المشاكل ولعل أهمها وآخرها مشكلة المياه بين مصر ودول حوض النيل والقرن الأفريقى.
يقول بعض الخبثاء أن قطع إرسال هذه القنوات فضلاً عن تسريح مذيعيها ومعدى برامجها ومخرجيها وعمالها أن الهدف الرئيس من إسكاتها أمر سياسى متفق عليه النظام السابق فى مصر مع أمريكا وإسرائيل وهو نظام تم توجيه الاتهام له بالعمالة لصالح البلدين.
لقد كانت هذه الإذاعات بمثابة النافذة التى تطل منها مصر على العالم الخارجى وتوصل العالم بمصر وكانت تعمل على توثيق أواصر العلاقات بين شعب مصر وشعوب العالم المختلفة تأكيداً لدور مصر الحضارى والثقافي والتاريخى وتعميقاً لمكانتها على الساحتين "العربية والدولية" بمجهود فائق القدرة إلاَّ أنه للأسف تم وقف البث لهذه المحطات على الأقمار الصناعية ومحطات إرسال الموجة القصيرة فائقة القدرة لتكون مصر فى عصر العولمة بعيدة كل البعد عن الصراع الإعلامي الفائق وكلنا يعلم للآن ما تقدمه إذاعة راديو كندا وهيئة الإذاعة البريطانية "b.b.c" من خدمات وطنية لبلدانهم فى الخارج.
لقد صمت صوتنا الموجه إلى قارات الدنيا وانتهى دورنا التنويري وعرض وجهات نظرنا فى القضايا والأزمات التى تعانيها المنطقة وشعوبها ومحاولة كسب الآخرين.
لقد حان الوقت لإعادة بث هذه المحطات مرة أخرى عبر الأثير فى ظل الأحداث التى تعيشها الأمة العربية وما يدور من صراعات على الساحة الأفريقية بعد أن تم تقليص ساعات البث للإذاعات المتبقية إلى الثلث بعد الصيحة التى شهدها العالم لوسائل الإعلام المسموع والمرئى!!
احتلال العراق وأفغانستان والقواعد العسكرية الغربية المنتشرة والمتناثرة فى ربوع خليجنا العربى يشكل خطراً لأن هذا الاحتلال ليس عسكرياً فقط فحسب ولكنه أيضاً يشكل احتلالاً فكرياً وثقافياً بهدف تغيير معالم تلك الحضارات وإعادة تخطيط وتشكيل العالم من جديد حسب رؤيتها الخاصة لتكون المسيطرة على مجريات الأمور به، فحان وقت لم الشمل العربى وإطلاق الإذاعات الموجهة لتواجهه وتحذره، لأن الإذاعات المصرية الموجهة لها رصيد إعلامى ودينى وسياسى واقتصادى وثقافى فى كل أرجاء العالم.
المناطق التى تغطيها الإذاعات الموجهة المصرية:
منطقة أفريقيا
تغطى الإذاعات المصرية الموجهة قارة أفريقيا بسبع عشرة إذاعة تبث 24ساعة و15دقيقة يوميا وهى كما يلى:
غرب أفريقيا
تذاع البرامج الموجهة لتلك المنطقة بخمس لغات وطنية هى: الهاوسا، الفولانية، اليوريا، البمبرة، الاولوف، إضافة إلى الانجليزية والفرنسية والعربية.
شرق أفريقيا:
وتذاع البرامج الموجهة لتلك المنطقة بأربع لغات وطنية هى: السواحيلى، الأمهرى، الصومالى، العفرى، إضافة إلى اللغة الإنجليزية.
وسط وجنوب أفريقيا
تذاع البرامج الموجهة لتلك المنطقة بأربع لغات وطنية هى: اللينجالا، الشونا، الأندبيلى، الزولو.
منطقة أسيا واستراليا والأوسط:
تغطى الإذاعات الموجهة منطقة أسيا واستراليا والشرق الأوسط بخمس عشرة إذاعة تبث 21ساعة و50دقيقة يومياً وهى كما يلى:
جنوب أسيا:
تذاع البرامج الموجهة لتلك المنطقة بثلاث لغات وطنية هى:الأوردية، البنغالية، الهندية، إضافة إلى الإنجليزية.
جنوب شرق أسيا واستراليا:
تذاع البرامج الموجهة لتلك المنطقة بثلاث لغات وطنية هى: الإندونيسية، الماليزية، التايلاندية، إضافة إلى اللغة العربية.
الشرق الأوسط:
تذاع البرامج الموجهة لتلك المنطقة بست لغات وطنية هى:
التركية، الفارسية، البشتو، الأوزبكية، الطاجيكية، الآزارية.
منطقة أوربا:
تغطى الإذاعات الموجهة قارة أوربا بست لغات وهى: الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية، الإيطالية، الألبانية، الروسية وتبث 7ساعات و45دقيقة يومياً.
منطقة الأمريكتين:
تغطى الإذاعات الموجهة قارتى أمريكا بأربع لغات وهى:
البرتغالية، الأسبانية، العربية، الإنجليزية، وتبث 10ساعات و45دقيقة يومياً.
إسرائيل:
نظرا للتكوين السكانى فى إسرائيل تذاع الإذاعات المصرية الموجهة بأربع لغات هى:
العبرية، الروسية، الفرنسية، الإنجليزية، وهى تبث 7ساعات يومياً.
تعتبر الإذاعات الموجهة بمثابة جسر من الصداقة والتفاهم بين مصر وبقية العالم.. ومن هذا المنطلق فإن الهدف الرئيسى لتلك الإذاعات هو تعريف شعوب العالم بمصر وقضاياها وطموحاتها والإنجازات التى تتم على أرضها وجهود أبنائها فى سبيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الإذاعات الموجهة من القاهرة بدأت منذ 48عاماً على بدء إرسالها فى1953حيث بدأت هذه الإذاعات مستهدفه منطقتى جنوب وجنوب شرق أسيا مستخدمة أربع لغات بمتوسط بث يومى بلغ 5ساعات و30دقيقة .
مرت هذه الإذاعات بعد ذلك بالعديد من مراحل التطور هندسياً وبرامجياً حتى أصبحت اليوم تغطى كافة أرجاء العالم من خلال ثمان مناطق رئيسية ومستخدمه فى ذلك 35لغة و48خدمة إذاعية.
تهتم شبكة الإذاعات الموجهة بإشباع احتياجات جمهورها المستهدف إعلامياً ودينياً وثقافياً وترفيهياً لذلك نجدها تحرص على التنويع فيما تقدمه من برامج وخدمات.
ولأهمية هذه الإذاعات نناشد باسم الثورة والثورات التى تشهدها الساحة العربية أن تدب فيها الروح من جديد وأن يكون للمجلس العسكرى اليد العليا فى إعادة إطلاق لسان مصر ليخاطب العالم بأسره وأن تعود الثقافة المصرية إلى الساحة العالمية من جديد ولتكون هدفاً لتحقيق سياستنا الخارجية وبث أفكارنا حول العالممن خلال هذه الإذاعات الموجهة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق