الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

سيدة القصر التى سرقت مصر.. (الحلقة الرابعة)

سوزان مبارك والحاشية استولوا على مليارات الجنيهات ونهبوا الأراضى وتاجروا بقوت الشعب
فضائح كثيرة لنظام مبارك تجد فيها اسم حسين سالم فارضاً ‬نفسه على مجرياتها فقد تفجرت فضيحة كبرى بعد بيع الشريك الإسرائيلى لحصته فى شركة "‬ميدور للبترول" والتى يمتلك فيها الرجل الغامض أسهماً ‬بلغت‬2٪ ‬وتمتلك الهيئة المصرية للبترول‬60٪ ‬و18٪ ‬للبنك الأهلى بينما تمتلك شركة "‬ميرهاف" ‬الاسرائيلية نسبة‬20٪ ‬من رأس المال، ‬وشركة ميدور بسيدى كرير تمتلك مصفاة ضخمة وتعد من أحدث المصافى البترولية فى العالم وتبلغ. ‬طاقتها‬100‬ألف برميل يومياً، ‬وتفجرت الفضيحة عندما اشترى البنك الأهلى ‬38٪ ‬من معمل تكرير "‬ميدور" ‬وهى حصة الشركة الاسرائيلية وأسهم حسين سالم ثم عاد سالم ليشترى حصته وحصة الشريك الإسرائيلى مرة أخرى!‬
استطاع "‬سالم" ‬أن يلعب أدواراً ‬كثيرة لكن بعيداً ‬عن الضوء ففى الوقت الذى قام فيه وزير المالية بطرس ‬غالى بفرض الضريبة العقارية لتزيد المصريين أعباء، ‬لم يتراجع ‬غالى عن ركوب رأسه بفرض تلك الضريبة وحاول أكثر من مرة أن يقنع المصريين بتلك الضريبة إلاَّ أنه فشل فى ذلك ونجح فى تمرير قانون الضريبة العقارية قبل أن يطرح الرئيس مبارك ليعلن من كفر الشيخ بأن أمر الضريبة العقارية لم يحسم بعد، ‬وتصور المصريون لوهلة أن الرئيس ينحاز للفقراء لكن المعلومات التى تكشفت بعد ذلك أكدت أن حسين سالم صاحب المليارات والقرى السياحية والمنتجعات، ‬هو من تحدث مع الرئيس مبارك بأن تلك الضريبة سوف تؤلب رجال الأعمال والمستثمرين على الحكومة، ‬وتؤثر على شعبية النظام، ‬ونقل سالم للرئيس الغضب الذى أحيط بالأغنياء وأصحاب المنتجعات والقصور من هذه الضريبة، ‬ونصح سالم الرئيس بإعادة النظر مرة أخرى فى قانون الضريبة العقارية قبل تطبيقها بشكل فعلى.
أخيراً.. ‬وفى يوم الأربعاء ‬26‬يناير وفى صبيحة ثورة الغضب المصرى قام حسين سالم بمغادرة مصر على متن طائرته الخاصة متجهاً ‬لإسرائيل ومنها جنيف ليستقر هناك هرباً ‬من نار الغضب وسياط الملاحقة القانونية.. ‬ورغم المحاولات التى بذلها سالم لنفى هروبه خارج البلاد، ‬إلا أنها باءت بالفشل ونشرت الأهرام نبأ مغادرته مصر مع أسرته دون أن يسعى سالم لمعرفة ما حدث للرئيس "‬صديقه" ‬فضلاً ‬عما حدث لمصر وشعب.
وعوداً ‬إلى استجواب علوى حافظ الذى فجر قضية صفقات الأسلحة فقد كان استجوابه صادماً ‬ما دفع رئيس مجلس الشعب آنذاك رفعت المحجوب أن يطلب من مقدم الاستجواب ألا يتناول الأسماء التى وردت فى المستندات، ‬بل وأصدر أوامره بعدم كتابة الأسماء فى مضبطة الجلسة التاسعة والثلاثين بتاريخ ‬5‬مارس عام1990م.
وقال الراحل علوى حافظ فى استجواب: ‬تجمعت لدى وثائق عن فضائح ارتكبها بعض الكبار، ‬كلهم لصوص، ‬كلهم نهبوا مصر، ‬أن أمامنا تجربة إيران مع الشاه، ‬وتجربة الفلبين مع ماركوس وزوجته إيميلدا، ‬وكلهم سرقوا اموال الشعب، ‬وأودعوها البنوك الخارجية وتصوروا أنهم يستطيعون الاحتماء بقوانين البنوك فى فرض السرية على الودائع، ‬ولكنها ظهرت الآن وهناك بيوت خبرة أجنبية متخصصة فى إقامة الدعاوى القضائية والبحث لاستعادة الأموال المنهوبة مقابل نسبة من هذه الأموال، ‬فلماذا لا تلجأ الحكومة المصرية إلى ذلك.
وأخذ علوى حافظ فى سرد الوقائع من خلال الوثائق التى حصل عليها لدى محاضر رسمية موثقة وأفلام فيديو ممكن نشوفها وخطابات رسمية بتوقيعات مسئولين وأجانب، ‬ومضابط رسمية لمجلس الشيوخ الأمريكى وتقارير رسمية للجان الكونجرس الأمريكى ووزارة العدل الامريكية، ‬وأيضاً معى كشف بأسماء وشخصيات مصرية وعالمية أبدت استعدادها للشهادة أمام لجنة استماع او تحقيق برلمانية يحددها مجلسكم الموقر.
ومضى يقول: لقد قادتنى الصدفة إلى رجل أعطانى وثائق ومستندات خطيرة منها القضية رقم ‬147‬لسنة‬83 ‬والتى تؤكد أن هناك مصرياً ‬يحاكم أمام محكمة جنايات فى أمريكا واتضح أنه -‬حسين سالم- ‬الذى يحن إلى مصر بين حين وآخر بطائرة خاصة فى زيارات متقطعة وتم منحه آلاف الأفدنة فى سيناء وأقيمت عليها قرية سياحية وأقام هذا الشخص لأول مرة أبراجاً ‬فى سيناء رغم أن التخطيط العمرانى ‬السياحى يمنع ذلك.
وجاء فى الاستجواب أن "‬سالم" ‬نفسه اعترف بأنه قدم فواتير شحن مزيفة ومزورة لوزارة الدفاع الامريكية ودفع ‬3‬ملايين و20‬ألف دولار وهى قيمة الزيادة ‬التى تقاضاها هذا "‬اللص" ‬عن ‬8‬شحنات من أصل ‬34‬شحنة وباعتباره رئيسا لشركة وهمية تسمى "‬اتسكو" ‬يشارك فيها بعض كبار المسئولين فى مصر وعناصر ملوثة ومشبوهة من عملاء المخابرات الامريكية، ‬لقد كان اعتراف هذا اللص يا نواب الشعب المطحون هو بداية رفع الأقنعة عن فضيحة كبرى فى عالم القروض العسكرية لمصر، ‬وكانت المفاجأة عندما قدم ممثل النيابة للمحكمة الامريكية مظروفاً ‬اصفر مغلقاً ‬بالشمع الأحمر وطلب من هيئة المحكمة أن تفتحه سراً، ‬لأنه يضم أسماء متهمين مصريين، ‬ولكن نظراً ‬لحساسية أسمائهم ومواقعهم فى حكم بلادهم رأت النيابة عدم إذاعة أسمائهم.
سالم محمى من مسئولين كبار فى الدولة" ‬هذا ما أكده الاستجواب الذى راح يوضح أنه رغم تورط "‬سالم" ‬فى جرائم نصب ونهب وتزوير وخيانة أمانة من اموال القروض التى تحصل عليها مصر وتمثل عبئاً ‬على الاقتصاد الوطنى وفضائح تسيء إلى سمعة مصر فهذه شركات وهمية أسستها عصابة مصرية أمريكية بأسماء مختلفة بدأت إحداها باسم "‬ترسام" ‬وسجلت فى جنيف عام‬1979 ‬ثم ‬غيرت اسمها" "‬أتيكو" ‬وتم تسجيلها هذه المرة فى ولاية فيرجينيا الأمريكية عام‬1981 ‬ثم سجلت أخيراً ‬باسم "‬الفور وينجز" ‬وكان ذلك فى سان دياجو بألبهاما ولا تزال الشركة تعمل وتبتز أموال مصر لحساب الأربعة الذين وردت أسماؤهم فى المظروف السري الذى قدمته النيابة الامريكية لمحكمة فيرجينيا.
وأشار الاستجواب إلى أن هذه الفضيحة رفعت القناع عن كارثة التلاعب بالقروض العسكرية بواسطة عصابة الأربعة، ‬وكان يجب أن تتحرك الحكومة للتحقيق معهم فالمتهم حسين سالم وشركاؤه نهبوا من مصر بالتحايل والتزوير ‬73مليون دولار حتى المحاكمة ودفع منها "‬اللص" ‬لخزينة المحكمة ‬3‬ملايين دولار، ‬لينجو من السجن أما الباقى فقد تم توزيعه على الشركاء المصريين والأجانب وهذه القضية أرسلت بكامل مستنداتها إلى وزارة العدل المصرية لكنها اختفت يوم وصولها.
وذكر "‬حافظ" ‬فى استجواب أن دين مصر العسكرى للولايات المتحدة تجاوز وقتها ‬45‬مليار دولار بفائدة ‬14٪ ‬وأن الشعب المسكين يتحمل فوائد الدين التى بلغت ‬600مليون دولار سنوياً، ‬وهذا الدين بدأ مع معاهدة السلام عام ‬1979، ‬وبعدها بدأت عصابة "‬الأجنحة الأربعة." ‬فوراً ‬العمل برئاسة سالم الذى منحته الحكومة أخيراً ‬أغلب وأجمل أرض فى سيناء فى شرم الشيخ ليقيم عليها فندقاً ‬عالمياً، وتؤكد الوثائق ان مصر كان من الممكن ان تحصل على هذه القروض فى شكل منح لا ترد، ‬لكن المفاوض- ‬وهو رئيس وزراء أسبق - ‬وجد أن المنح لن تمنحه فرصة التلاعب، ‬فالعمولة التى فرضتها شركاته المشبوهة هى ‬10.‬25٪ ‬من قيمة المنقول، آي أن الدبابة التى ثمنها ‬2‬مليون دولار تنقل بـ‬2مليون و250ألف دولار، ‬وبهذا وصل السلاح مصر بسبعة أمثال ثمنه الحقيقى.. ‬وتكشف وثائق القضية ان اللصوص والشركاء الأمريكيين الأربعة هم. "‬توماس ليكنز" ‬و"ادرين ولسن" ‬و"ريتشارد سكوارد" ‬و"فون مارلد" ‬والأول والثانى من أقذر رجال المخابرات الامريكية إذ قبض عليهما لاحقا فى قضية مخلة بالشرف، ‬وصدر على أحدهما "‬ولسن" ‬أحكام بالحبس بلغت ‬37عاماً.
واتهم الاستجواب "‬الذى تبخر" ‬عصابة الأربعة بأنهم كانوا وراء مصرع المشير أحمد بدوى بعد أن لقى حتفه ومعه ‬14‬ضابطاً ‬فى ظروف‬غامضة بينما طالب الحكومة بإعادة التحقيق فى الواقعة دون أي نتائج.
فضائح حسين سالم لا تقف عند حد، ‬حيث قامت شركته "‬فور وينجز" ‬بشراء ‬10‬طائرات عسكرية من طراز "‬بافلو" ‬لنقل الجنود من شركة كندية تدعى "‬دى هافلن" ‬مقابل عمولات، ‬وانكشفت الواقعة وحققت فيها الحكومة الكندية ثم قررت إغلاق الشركة الكندية، ‬بينما اكتفى مبارك كعادته فى حماية شريكه الدائم إزاء القضية بالصمت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق