الاثنين، 24 أكتوبر 2011

أثار فرنسا في موريتانيا.

في نواكشوط العاصمة الموريتانية التي تعتبر من أصغر العواصم العربية عمرا أثار كثيرة خلفهّا الاستعمار الفرنسي , فنواكشوط لم تكن سوى ثكنة عسكرية فرنسية على الطريق الاستعماري الذي يربط شمال إفريقيا بغربها , وكانت نواكشوط منطقة متوسطة نسبيا بين المناطق التعدينية في الشمال والمناطق الزراعية في الجنوب وبين المناطق السكانية ذات الكثافة جنوبا وتلك الموغلة شمالا .
وفي العاصمة الموريتانية يبصر الزائر الرجال في الطرقات يرتدون زيّهم المميّز الدرّاعة وهي عباءة خاصة مفتوحة من الجانبين بلا أكمام وغالبا ما يكون لونها أزرق وفي الأغلب يضعون المسواك في أفواههم .
ومن يتجوّل في شوارع نواكشوط وفي المدن الموريتانية المختلفة يلحظ المفارقة الكبيرة المتمثلة في الحيرة بين الماضي والحاضر , بين المجتمع التقليدي الضارب بجذوره في الصحراء والذي مازال يقوم على أسس عشائرية وبين المستقبل الذي يتساوى فيه المواطنون في إطار الوطن الواحد .
فموريتانيا تمرّ بمرحلة دقيقة بين مجتمع العشائر ومجتمع الانتماء الواحد ولعلّ صدور قانون الإصلاح الزراعي الذي يلغي ملكية القبيلة هو أول محاولة لاقتحام أوضاع الصحراء والتأثير عليها وصهرها في المجتمع الحديث . فالمجتمع الموريتاني ينقسم بحدة إلى فئات اجتماعية تقوم على الأنساب بشكل صارم ومن المألوف أن تحتفظ كل قبيلة في مكان أمين بشجرة العائلة التي تحددّ القبيلة الأصلية التي تنحدر منها وتنتمي إليها ويتمثل مقياس الشرف عند البدوي في نقاء نسبه و يرفض الاعتراف بأبناء القبيلة إذا كانوا ثمرة اتصال غير متكافئ .
والمجتمع الموريتاني كما يقول الباحث الدكتور أبو العلا , قائم على البيضان والسودان ولفظ البيضان يطلق على الذين يتكلمّون اللغة العربية والسودان يطلق على الزنوج الذين يتكلمّون اللهجات الافريقية واللغة الفرنسية , ومثلما ركزّت فرنسا على بربر الجزائر والمغرب فقد ركزّت على السودان في موريتانيا في محاولة لخلق مشكلة إثنية .
وقد خرجت فرنسا من موريتانيا بعد أن أمتصّت خيراتها , ولم تترك بها شارعا واحدا مرصوفا وبقيت مدن القوافل القديمة في الصحراء على حالها , مما جعلها تستهلك دخلها المحدود في إقامة البنية الأساسية , ورغم أنّ موريتانيا قامت بوضع خطة استثمارية طموحة خلال السبعينات فانّ الجفاف والتصحّر وما صاحب ذلك من انخفاض الناتج الرعوي أدىّ إلى عدم تنفيذها بالصورة المطلوبة .
وهذا لا يعني أنّ موريتانيا فقيرة , بل على العكس من ذلك فانّه يرقد في باطنها من الثروات والمياه ما لا يوجد في كثير من البلدان الأخرى ولكنّها مازالت أرضا بكرا لم تمسسها يد , وثروات موريتانيا دفينة تحت الرمال والجزء الضئيل المستثمر تحيط مؤامرات دولية فرنسية وأمريكية وإسرائيلية تعرقل إنتاجه . وحول مدينة شنقيط الموريتانية تقع ثروة موريتانيا الأسطورية الحديد الذي ينتشر على هيئة سلاسل جبلية , ويقال أنّه عند اندلاع الحرب العالمية الثانية شكا الطيارون من حدوث تغييرات على مؤشر البوصلة في طائراتهم في كل مرّة يطيرون فيها فوق الجبال المحيطة بشنقيط , وبعد أن توقفت الحرب جاء الخبراء إلى تلك المنطقة لكشف سرّ الظاهرة وما كادوا يبدؤون عملهم حتى إتضحّ لهم أنّ جبال سفاريات وكديت الجلد ما هي إلاّ كتلة هائلة من الحديد و تبث أنّ حجارة هذه الجبال تحتوي على 94,56 بالمائة من أكسيد الحديد وهذه النسبة تضارع أعلى نسبة حديد موجودة في العالم .
ومع كل هذه الثروات الطبيعية فانّ موريتانيا مازالت تعاني من أثار الاستعمار الفرنسي والتي تتجسّد في :
الآثار السياسية .
الآثار الاقتصادية .
الآثار الثقافية واللغوية .
الآثار العرقية والإثنيّة.
فعلى الصعيد السياسي فانّ فرنسا هي التي صاغت شكل النظام السياسي , وأشرفت على تعيين أول رئيس لموريتانيا وهو مختار ولد داده , وكان لديها نفوذ واسع داخل المؤسسة العسكرية الموريتانية صاحبة الحل والعقد في موريتانيا , وتمكّنت من إيصال النخبة الموريتانية الفرانكفونية إلى دوائر القرار وهؤلاء هم الذين جعلوا اللغة الفرنسية لغة رسمية في موريتانيا شأنها شأن اللغة العربية .
وعلى الصعيد الاقتصادي نهبت فرنسا كل الثروات الموريتانية وخلفّت وراءها مجتمعا بلا مقومّات اقتصادية , وكانت سياسة فرنسا الاستعمارية تقضي عند تركها لأيّ منطقة تحتلها أن تبقيّها خالية الوفاض وحتى أنها كانت تستولي على أخر النقود الموجودة في خزينة الدولة .
وعلى الصعيد الثقافي فرضت فرنسا ثقافتها ونمطها التغريبي على الشعب الموريتاني وخلفّت النزعة العنصرية بين البيضان والسودان حيث نشبت العديد من الصراعات بين أبناء البلد الواحد .
وظلّت موريتانيا تتعرّض للمد والجزر بين أنصار اللغة العربية و أنصار اللغة الفرنسية , وكان الاستعمار الفرنسي قد استثمر تعدد اللهجات في شمال إفريقيا وإفريقيا عموما لصالحه , إلى أن أصبحت اللغة الفرنسية أو الإنجليزية لغات رسمية في العديد من الدول الإفريقية .
وقد وقعت أول أزمة في هذا المجال سنة 1966 بسبب تنامي الأقليّات التي تتكلم اللهجات الإفريقية المختلفة والتي رأت في اللغة الفرنسية أداة لتأكيد ذاتها بتشجيع من بعض الحكّام الأفارقة المتفرنسين ومن الدوائر الفرنسية نفسها .
وقد شهدت المدارس الموريتانية إضطرابات وصدامات بين كل من أنصار اللغة العربية والفرنسية , وتعقدّت الأزمة أكثر عام 1968 عندما أصدرت الحكومة الموريتانية قرارا يجعل اللغة العربية لغة رسمية الى جانب اللغة الفرنسية , وأعلنت الحكومة عزمها على احترام اللغات المحليّة المختلفة , وخصّصت وقتا في الإذاعة المسموعة لتلك اللغات , وكانت إحصائيات سنة 1973 على سبيل المثال قد أظهرت أنّ الحاصلين على الثانوية العامة –البكالوريا – من الطلبة قد فاق 300 طالبا , ودون مائتين طالبا امتحنوا باللغة العربية فيما معظم الناجحين امتحنوا باللغة الفرنسية .
و أخذت اللغة العربية تواجه صعوبات جمّة في موريتانيا وصعب عليها أن تقف في وجه فرنسة الإدارة والتعليم , وقد بذلت فرنسا كل الجهود لتشويه الأصالة الموريتانية حتى لا تنتشر اللغة العربية والإسلام في إفريقيا . لأنّ موريتانيا كانت على الدوام جسرا بين إفريقيا والحضارة العربية والإسلامية …النظام السياسي في موريتانيا منذ الاستقلال .
ساهمت فرنسا إلى أبعد الحدود في تأسيس الكيان الموريتاني , هذا الكيان الذي كانت ترى فيه المغرب مجرّد امتداد للأراضي المغربية التي فككّها الاستعمار .وتأسست أول جمهورية موريتانية برئاسة مختار ولد داده في ظروف داخليّة معقدّة , فالاستعمار الفرنسي خلفّ بعد خروجه من موريتانيا اقتصادا منهارا صعب على الموريتانيين التغلّب على إفرازاته .
وأول مشكلة صادفت جمهورية موريتانيا هي عدم اعتراف المغرب بها , كما أنّ العديد من الدول المحسوبة على المحور الاشتراكي كانت تعتبر موريتانيا صنيعة فرنسية وكانت ترفض الاعتراف بها .
ورغم ذلك قررّ رئيس الدولة الموريتانية مختار ولد داده إقامة مؤسسات يعتمد عليها في إدارة شؤون بلاده , فقام بتأسيس البرلمان في عام 1960 , وفي أواخر شباط –فبراير – سنة 1961 تمّ وضع أول دستور موريتاني .وفي سنة 1961 جرت انتخابات رئاسية في موريتانيا وكان المرشّح الوحيد هو مختار ولد داده ولذلك كان هو الفائز الوحيد .
وفي كانون الأول – ديسمبر –1961 انعقد وبمبادرة من الحزب الحاكم وهو الحزب التقدمي الموريتاني مؤتمر الوحدة الوطنية الموريتانية وحضرته الأحزاب التالية :
الحزب التقدمي الموريتاني –الحزب الحاكم - .
الاتحاد الوطني الموريتاني .
الاتحاد الاشتراكي لمسلمي موريتانيا .
حزب النهضة .
وكانت نتيجة هذا المؤتمر أن توحدّت كل هذه الأحزاب في حزب واحد هو حزب الشعب الموريتاني , برئاسة مختار ولد داده رئيس البلاد . وعندما بادر مجموعة من السياسيين الموريتانيين الى تأسيس الجبهة الديموقراطية في أغسطس – أوت – 1964 بادرت الحكومة الى حلّ هذه الجبهة .
وفي سنة 1965 تمّ تعديل الدستور الموريتاني الذي نصّ على أنّ حزب الشعب الحاكم هو الحزب الوحيد في البلاد , وبسبب هذه الديكتاتورية المطلقة في البلاد بدأت تبرز في موريتانيا سلسلة من المشاكل الداخلية و الإنفجارات السياسية والاجتماعية مثل الإضراب الذي قام به عمّال مناجم الزويدات في عام 1968 والذي لم ينته الاّ بعد سقوط المضربين برصاص الجيش الموريتاني , وأستمرّت حركة الإضرابات بقوة إلى سنة 1972 , وفي هذه المرحلة التاريخية بالذات نمت وترعرعت الحركات اليسارية في موريتانيا والتي كانت متأثرة بالمدّ اليساري العالمي والعربي , وقد تأسسّت حركات ثورية في موريتانيا أهمها :

الحركة الوطنية الديموقراطية .
حزب الكادحين الموريتانيين الذي تأسسّ في سنة 1973 وهو حزب ماركسي لينيني ماوي . كما تأسست حركات أخرى رفضت كلها فكرة الحزب الواحد .

وللتخلص من أعباء هذه الحركات التي إستطاعت أن تستقطب شرائح من الناس , قامت الحكومة الموريتانية بتنفيذ سلسلة من المشاريع السياسية والإصلاحية للتنفيس عن الاحتقان الذي بات يخنق موريتانيا مثل التخلص من التبعيّة للفرنك الفرنسي , إنشاء النقد الوطني في أواخر 1972 والغاء الاتفاقات المجحفة في حق موريتانيا والتي كانت تربطها بفرنسا مثل تأميم شركة ميفيرما - Miferma – في سنة 1974 .
ومرة أخرى دعت الحكومة الموريتانية في عام 1975 الى مؤتمر الوضوح حيث جرى توحيد كل الأحزاب السياسية وتبنّي ما عرف في موريتانيا بالاشتراكية الإسلامية لإزالة كل أنواع استغلال الإنسان للإنسان كما كان ينصّ الخطاب السياسي الموريتاني في ذلك الوقت .
غير أنّ خطوة توحيد الأحزاب تحت غطاء سياسي واحد لم تؤت ثمارها كما حدث في مؤتمر الوحدة الوطنية الموريتانية الذي انعقد في سنة 1961 , وقد أستمرّت التصدعات الداخلية والصراعات السياسية والحزبية الأمر الذي أدىّ الى وقوع انقلاب عسكري هو الأول من نوعه في موريتانيا , وقد تمكنّ العقيد مصطفى ولد سالك في 10 تموز
-يوليو – 1978 من الإطاحة بمختار ولد داده , وقد كان للمخابرات العسكرية الجزائرية في عهد الرئيس هواري بومدين دور كبير في الإطاحة بمختار ولد داده .
وأعلن عندها العقيد مصطفى ولد سالك بأنّه ضدّ سياسة مختار ولد داده المؤيدة للمغرب في قضية الصحراء الغربية , وأسسّ العقيد مصطفى ولد محمد سالك المجلس العسكري للإصلاح الوطني , ولم يتمكن هذا الانقلاب العسكري من إرجاع الاستقرار والأمن إلى موريتانيا , وتفاقمت الصراعات الحادة بين الأجنحة المتنافرة ومراكز القوة داخل المجلس العسكري للإصلاح الوطني , وقد بلغت هذه الخلافات ذروتها في 06 نيسان – أبريل –
1979 حيث وقع انقلاب أبيض أدّى إلى تغيير موازين القوة داخل المجلس العسكري للإصلاح الوطني والذي أصبح يحمل اسم المجلس العسكري للإنقاذ الوطني برئاسة العقيد أحمد ولد يوسف الذي كان رئيسا للحكومة .
وشاءت الظروف السياسية المتقلبة في موريتانيا أن لا يدوم حكم أحمد ولد يوسف سوى 50 يوما , إذ قتل في حادث طائرة في 27 أيّار – مايو – 1979 بالقرب من العاصمة السنغاليّة داكار .
وتولّت لجنة دائمة مكوّنة من 14 عضوا منبثقة من المجلس العسكري تسيير الأمور , إلاّ أنّ السلطة الفعلية كانت بيد العقيد خونة ولد هيدالة الذي ترأسّ الحكومة . و في تلك المرحلة أحبط هذا المجلس محاولة انقلاب قام بها العقيد مصطفى ولد سالك للعودة إلى الحكم ثانية , وباءت المحاولة الانقلابية بالفشل الذريع .
و في هذه المرحلة من تاريخ موريتانيا سجلت العديد من القضايا و التداعيات التي لا يمكن للموريتانيين نسيانها ومنها :
استمرار الإضطرابات وتضعضع الإستقرار السياسي .
صراعات حادة داخل دوائر صنع القرار .
انهيار الاقتصاد بشكل شبه كامل رغم الثروات الهائلة في موريتانيا .
الصراع المتواصل بين البيضان والسودان , وما صاحبه من أزمة الهوية .
ومن جهة أخرى فقد تفاقمت الخلافات السياسية والديبلوماسية بين المغرب وموريتانيا , بسبب موقف موريتانيا من قضية الصحراء الغربية وجبهة البوليساريو التي كانت تطالب بإقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية والتي كانت مدعومة من قبل الجزائر .
وبسبب ذلك اتهمّت المغرب موريتانيا بالخيانة العظمى وخصوصا اثر التوقيع على اتفاقية السلام بين موريتانيا وممثلي جبهة البوليساريو الصحراوية في 05 أغسطس - أب – 1979 في الجزائر والتي تتضمن بندا سريّا ينص على تسليم الصحراويين منطقة تريس الغربية خلال ستة أشهر .
وقبل انقضاء هذه الشهور الستة احتلّت القوات المغربية النظامية هذه المنطقة عندما انسحبت منها القوات الموريتانية تمهيدا لتسليمها لجبهة البوليساريو .وقد تأزّمت العلاقات الموريتانية –المغربية الأمر الذي أدّى إلى احتلال المغرب لبئر بوغرين الواقعة في شمال موريتانيا , وأصبحت موريتانيا بسبب أزمة الصحراء الغربية بين سندان الجزائر ومطرقة المغرب . وهذه الضغوط الخارجية بالإضافة إلى هشاشة الوضع الداخلي أفضت الى زعزعة الانسجام داخل المجلس العسكري للانقاذ الوطني وبدأت التصفيات الداخلية تظهر من جديد , ودعم العقيد خونه ولد هيدالة مركزه و أصبح رئيسا للدولة بعد أن قضى على العقيدين محمود ولد لولي رئيس الجمهورية و أحمد سالم ولد سيدي نائب رئيس المجلس العسكري في 04 كانون الأول – ديسمبر – 1980 , وقد أخرجهما نهائيا من دوائر القرار , كما أقال عشرات الضباط المحسوبين عليهما و مكنّ للموالين له .
و كانت دوائر القرار الموريتانية في ذلك الوقت يتجاذبها جناحان بارزان أولهما يؤيد دولة الصحراء الغربيّة ومطالب جبهة البوليساريو , وكان على رأس هذا الجناح المقدّم ولد بوخريص الذي كان وزيرا للداخليّة , والجناح الثاني كان يمثله بعض كبار الضبّاط والعسكريين ويرى أحقيّة المغرب في أراضي الصحراء الغربية .
و في 09 أذار – مارس – 1980 وجهّ رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة نداءا الى كل من المغرب وجبهة البوليساريو يناشدهما فيه تفهمّ موقف بلاده الحرج والأزمة السياسية التي تمر بها موريتانيا , وبعد هذا النداء أجرى رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة سلسلة واسعة من التغييرات في أعلى المناصب والمستويات في صفوف الدرك الوطني والحرس الوطني والمخابرات العامة والأمن العام , وعينّ معاوية ولد طايع رئيسا للأركان والمقدّم شيخ سيد أحمد بابا وزيرا للداخليّة .
وبعد بضعة أشهر فقط من هذه التغييرات تأسسّت في موريتانيا حركة معارضة تضمّ عسكريين ومدنيين , كانت هذه الحركة تعرف باسم التحالف من أجل موريتانيا الديموقراطية , وكان هدف التحالف حسب ما صرحّ به القيمون على التحالف هو الاطاحة بالنظام الانقلابي الذي تأسسّ في 10 تموز – يوليو – 1978 وارجاع الحكم للمدنيين ووضع حدّ لسلسلة الانقلابات التي توالت على البلاد بشكل مذهل , واقامة نظام سياسي برلماني في ظل التعددية السياسية والحزبية وتحرير الاقتصاد .
وتجدر الاشارة الى أنّ هذه الحركة التغييرية التحالف من أجل موريتانيا ديموقراطية تأسست في 22أيّار – مايو – 1980 في باريس وفي عدّة عواصم افريقية وعينّ محمد ولد جدّو سفير موريتانيا السابق في المملكة العربية السعودية منسقّا لها كما التحقت شخصيات سياسية مهمة بهذا التحالف مثل العقيد محمد باه ولد عبد القادر القائد العام لسلاح الطيران سابقا , والعقيد أحمد سالم ولد سيدي النائب الأول لرئيس المجلس العسكري للانقاذ الوطني .
وبسبب هذه الظروف السياسية سارع رئيس موريتانيا خونة ولد هيدالة في محاولة لقطع الطريق عن خصومه السياسيين , الى عقد اجتماع طارئ للمجلس العسكري في 11 كانون الأول – ديسمبر – 1980 وأعلن في الاجتماع عن اقامة حكومة مدنية برئاسة شاب متخصص في الاقتصاد وهو سيد أحمد ولد بنيرة أحد مخططّي الانقلاب ضدّ ولد داده , ولم تضم الحكومة المدنية الجديدة سوى عسكري واحد هو وزير الدفاع الذي كان مرتبطا بشكل مباشر برئيس الدولة خونة ولد هيدالة .
وفي 19 كانون الأول –ديسمبر – 1980 تمّ الاعلان عن مشروع دستور جديد يطرح للاستفتاء الشعبي ونصّ هذا الدستور على انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر ولمدّة 06 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط , وانتخاب جمعية وطنية لمدة 04 سنوات .
وفي تلك الأثناء كانت مجموعة من الضباط العسكريين الموالين لليبيا يخططّون للقيام بانقلاب عسكري ضدّ خونة ولد هيدالة , ومن بينهم أحمد باب مسكي وهو مؤسس حزب النهضة الموريتاني في الستينيات , الاّ أنّ هذه المحاولة الانقلابية لم تنجح .
ولأنّ الساسة هي فن الممكن فلا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة , فقد تحولّ الضباط الذين عينّهم رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة عندما قام بالتغييرات الواسعة في الجيش والمخابرات والأمن , الى خصوم شرسين له .
وفي 24 نيسان –أبريل – 1981 أقيل رئيس الحكومة ولد بنيرة وحلّ محلّه رئيس هيئة الأركان معاوية ولد طايع , وأصبح ولد طايع رئيسا للحكومة وأصبح يشرف على وزارة الدفاع و أزيح عن الحكم العقيد مولاي ولد بوخريص وزير الداخلية الذي كان متعاطفا مع الصحراويين و مختار ولد زامل وزير الخارجية الذي كان متعاطفا مع ليبيا .
وفي 12 كانون الأول – ديسمبر – 1984 كان الرئيس الموريتاني في دولة بوروندي الافريقية لحضور القمّة الفرنسية الافريقية , وأثناءها أطاح معاوية ولد طايع بنظام ولد هيدالة وأتهمّ نظامه بالفساد وسوء الادارة .
ومنذ ذلك الوقت وولد طايع يحكم موريتانيا حيث أعطى شرعية لنظامه بانتخابات رمزية و منذ استقلالها وموريتانيا تدفع ضريبة صراعات العسكر و خلافاتهم !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق