السبت، 29 أكتوبر 2011

مشروع للهيمنة الأمريكية وطمس الهوية الإسلامية فى الشرق "الحلقة الثانية"

تقرير الشرق الاوسط الجديدرقم1
وإذا أردنا أن نرصد محاولات التغيير والتأثير ذات الطابع الثقافى القيمى فلا نستطيع أن نقف عند حدود العقود الأخيرة؛ فالجهود فى هذا المجال مستمرة، وتم تناوبها بداية من التدخل الفرنسى فى المنطقة أواخر القرن الثامن عشر، ومرورًا بالسيطرة البريطانية فى القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين، ونهاية بالدور الأمريكى الذى بدا واضحًا فى النصف الثانى من القرن العشرين من خلال الأمم المتحدة .
ورغم هذا الدور المتتابع فإن العقود الأخيرة شهدت تصعيدًا واسعًا فى مجال التدخل والتأثير الثقافى والقيمي، وقد بدا ذلك واضحًا فى مؤتمرات: نيروبى 1985، ومؤتمر الطفل فى نيويورك عام 1990 ، ومؤتمر البيئة والتنمية فى ريودى جانير عام 1992، ومؤتمر حقوق الإنسان فى فيينا عام 1993، ومؤتمر السكان والتنمية بالقاهرة عام 1994 ، ومؤتمر التنمية الاجتماعية فى كوبنهاجن عام 1995 . وقد ساهمت هذه المؤتمرات مجتمعة فى المطالبة بحصول الشواذ على حقوقهم، وإعادة تعريف تقسيم الأدوار الاجتماعية على أساس نوعى جندر، بالإضافة للحقوق الجنسية وحق الإجهاض.. وهو ما يعنى التعارض التام والكامل مع القيم الأساسية والثقافية فى العالم العربى والإسلامى التى تعتبر الأسرة هى الشكل الوحيد الذى ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة، وأن أى ممارسات جنسية تتم فى غير إطار العلاقة الزوجية تعد غير مشروعة ومرفوضة اجتماعيًا ودينيًا.
ولا شك أن مناهج التعليم ستشهد نوعًا من التغير الواضح والبين فى اتجاه ترشيح المفاهيم الجديدة عن الأسرة والعلاقة بين الجنسين، بالإضافة إلى ممارسة الإرهاب الفكرى تارة، وربما يصل الأمر إلى الإرهاب العسكرى أو الاقتصادى والسياسى بدعوى مخالفة مواثيق الأمم المتحدة ، تلك المواثيق التى تنتهكها الولايات المتحدة بجدارة، ولكنها لا تتنازل عن تسليم دول العالم الثالث المطلق لها. وقد بدأت بالفعل عمليات الإرهاب ضد عدد من دول العالم، من ذلك:
فى فبراير1999اتهمت لجنة وثيقةCedaw الحكومة الكولومبية بالتمييز ضد النساء لرفضها منحهن حق الإجهاض، كما نصحت اللجنة نفسها حكومة ميزفيزستان بإعادة تعريف السحاق باعتباره توجهًا جنسيًا وإلغاء العقوبات على ممارسته.
وليس من المستبعد أن تسعى الولايات المتحدة خلال المرحلة القادمة إلى توجيه ضربات عسكرية أو على الأقل التهديد بها للدول التى ترفض الانصياع لقرارات الأمم المتحدة أو الرغبة الأمريكية المتعلقة بالشأن الثقافى والقيمي، وليس فقط ما يتعلق بالديمقراطية أو أسلحة الدمار الشامل.
داخلية أم خارجية؟
رغم كافة التحديات والمخاطر التى ظهرت وما زالت مرشحة للظهور على الصعيد الخارجى متمثلة فى عمليات الاحتلال العسكرى السافر أو التهديد بالقوة العسكرية أو الضغوط المتزايدة لإعادة هيكلة الأمة اجتماعيًا وثقافيًا وتعليميًا.. فإننا قد نتجاوز الإدراك الصحيح لمعطيات الواقع إذا سلمنا بأن الأخطار الخارجية هى وحدها التى تهدد كيان الأمة العربية والإسلامية.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى ما قبل القرنين الأخيرين اللذين شهدا سطوة غربية استعمارية على العالم العربى والإسلامي؛ لوجدنا أن الهجمة الاستعمارية جاءت وعاشت خلال القرنين الأخيرين فى بيئة محلية قابلة للاستعمار وعاجزة عن مقاومته مقاومة حقيقية، وأن الأمة فقدت من مقومات بقائها وتميزها ما جعلها قابلة للاستعمار عاجزة عن مواجهته بصورة حقيقية ونهائية وشاملة، وظلت محاولات البناء وإعادة الهيكلة إما قاصرة عن إدراك الأسباب الحقيقية للمشكلة، وإما مدركة لهذه الأسباب ولكنها تتحرك تحت ضغوط هائلة على كافة المستويات، ربما يكون المستوى الخارجى أهونها وأقلها تأثيرًا وخطورة.
يكفى أن الأمة أنفقت خلال القرنين الماضيين عقودًا طويلة حتى تدرك أنها أمام واقع استعمارى شامل يحمل معه البوارج العسكرية مقرونة بوسائل الإعلام والسينما والمدرسة لإحداث خلخلة فى بنية المجتمعات العربية والإسلامية وفى مفاهيمها وهويتها وولاءاتها؛ لذلك فإن عمليات الغزو العسكرى كانت منطقية، والسيطرة الكاملة على المفاهيم والثقافات كانت -وما زالت- مبررة ووجيهة فى ظل معطيات لا بد أن توصل إلى ما نشاهده ونراه من نتائج.
ونعنى به عدم وجود رغبة لدى شعوب المنطقة العربية فى إحداث تنمية حقيقية محلية، رغم أنها تمتلك الإمكانيات الملائمة لإحداث هذه التنمية سواء من موارد بشرية أو طبيعية، ولكنها فقط تفتقد الإرادة لإحداث هذه التنمية، ولا نقصد بذلك افتقاد الإرادة السياسية التى تخطط للتنمية فقط، ولكن أيضًا افتقاد الإرادة الجمعية الشعبية لتخطى حاجز التخلف الاقتصادي، وعدم الرغبة أو الاستعداد لتصحيح وبناء نموذج تنموى مستقل يتناسب مع طبيعة المنطقة، وينبع من داخلها؛ مما أدى إلى اعتماد النماذج الجاهزة، وأكثرها جاهزية النموذج الغربى المرتبط فى الغالب بالاستعمار؛ لذا فقد جاء الاستعمار الاقتصادى بهذه الصورة ليملأ فراغًا موجودًا بالفعل بعد أن نحينا نحن بأيدينا نموذج التنمية المستقلة النابعة من ذاتيتنا وثقافتنا، وعندما جاء النموذج الغربى وجد فراغًا؛ فكان من الطبيعى أن يملأه.
وليس أدل على ذلك مما نقله كولن باول وزير الخارجية الأمريكى عن تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002م، الصادر عن الأمم المتحدة من أن "حوالى 14مليون راشد عربى يفتقرون إلى وظائف هم بحاجة إليها لوضع طعام على موائدهم وسقوف فوق رؤوسهم وأمل فى قلوبهم، وسيدخل زهاء 50مليون عربى آخر من الشبان والشابات سوق الوظائف -المزدحمة أصلا- خلال الأعوام الثمانية القادمة"، مؤكدًا أن "الاقتصادات لا تولد ما يكفى من الوظائف؛ فالنمو ضعيف، والناتج المحلى الإجمالى لـ260 مليون عربى هو أقل مما ينتجه 40مليون أسباني، كما أنه آخذ فى التدهور، وإذا أضفنا إلى ذلك إنتاج 67 مليون إيرانى تبقى النتيجة مجرد ثلثى الناتج الإيطالي".
ووفقا لدراسة نشرها موقع "الجزيرة" على الإنترنت فإن الفقر يمثل أحد أهم التحديات التى تواجه الأمة الإسلامية؛ فعلى مستوى العالم -الذى يعتبر نصف سكانه من الفقراء- يعيش نحو 1.3 مليار إنسان تحت خط الفقر. وفى العالم الإسلامى يعيش 37% من السكان تحت مستوى خط الفقر؛ أى ما يعادل 504ملايين شخص تقريبا، وتبلغ نسبتهم إلى فقراء العالم 39%، وهذا يعنى أن أكثر من ثلث سكان العالم الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر يسكنون دول العالم الإسلامي.
التخلف العلمى والتقني:
تخطئ الحضارة الغربية عندما تريد أن تقنع العالم بأنها صاحبة الفضل وحدها فى الثورة العلمية الهائلة التى يشهدها العالم، وكأنها جاءت فى سياق منفصل عن السياق الحضارى المتراكم عبر الحضارات السابقة، ولكننا نخطئ أكثر منها عندما نصدق هذا الوهم، ونتصور أن اطلاعنا على معطيات الثورة العلمية الحديثة نوع من التبعية يصيبنا بالهزيمة النفسية ويدفعنا إلى التسليم الكامل للحضارة الغربية على اعتبار أننا ما إن أخذنا الجانب العلمى فعلينا أن نأخذ الشق الأخلاقي؛ باعتبارهما متلازمين ومرتبطين لا ينفك أحدهما عن الآخر.
والحقيقة أن النموذج القيمى والأخلاقى الغربى ليس جزءا من النموذج العلمي.. فالأول هو وليد الحضارة الغربية بكافة مكوناتها وتشكيلاتها، والثانى نتاج تراكم جهود حضارية بذلتها البشرية كلها على مر العصور وباختلاف المواقع.
فنحن لسنا ملزمين عندما نواكب التطورات العلمية والتقنية التى تشكل مجمع العطاء الإنسانى والبشرى أن نأخذ الإطار القيمى والأخلاقى للحضارة الغربية على وجه التحديد، وإلا فلماذا لا نأخذ مع التقنية المتطورة المنظومة القيمية والأخلاقية للشعب اليابانى أو الشعب الصيني، رغم أن كلا النموذجين اليابانى والصينى له خصوصية أخلاقية وقيمية ليست متطابقة أو متماثلة مع مثيلتها الأوروبية أو الأمريكية.
وفى كل الأحوال ووفقا لكافة التفسيرات تظل الحقيقة التى لا نملك أن نتصادم معها أن أمتنا متخلفة على المستوى العلمى والتقني، وهاهى دراسة علمية تكشف أن المواطن العربى ينفق قرابة 3 دولارات فقط للفرد على البحوث؛ وهو ما يعنى اتساع الفجوة الرقمية بين البلدان العربية والدول الصناعية المتقدمة نتيجة تدنى مستويات الإنفاق العربى على مجالات البحث والتطوير.
وبالمقابل –كما تؤكد الدراسة التى أعدها الدكتور عزت قناوى مدرس الاقتصاد بالمعهد العالى للدراسات النوعية بالجيزة– يقفز معدل الإنفاق على البحث العلمى للفرد فى الدول الغربية إلى 409 دولارات فى ألمانيا، و601دولار فى اليابان، و681 دولارا للفرد الأمريكي.
كذلك كشفت دراسة أخرى صدرت عن مركز دراسات الدول النامية بجامعة القاهرة تحت عنوان: "مستقبل علاقات القوى الاقتصادية فى الشرق الأوسط" عن أن الإنفاق على البحث والتطوير بلغ 1.8% من إجمالى الناتج المحلى فى إسرائيل، بينما لم يتجاوز 0.2% فى كل الدول العربية، كما تجاوز عدد الدوريات العلمية الصادرة فى إسرائيل أكثر من ضعف ما يصدر فى الدول العربية كلها370 للأولى ،و173للثانية.
ورصدت الدراسة ما سجله الإسرائيليون من براءات اختراع فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، موضحة أنها بلغت 139براءة اختراع، فيما لا توجد براءات اختراع مسجلة بأسماء عربية، وذلك وفقًا لبيانات سنة 1999 م.
وفى المقابل فإن هذا التخلف التكنولوجى الواضح لا يعنى أننا نفتقد الإمكانات البشرية الحقيقية التى يمكنها أن تصنع تنمية علمية حقيقية، ولكننا نفتقد فى الغالب السياسات والمؤسسات العلمية التى تستوعب الطاقات البشرية والخبرات العلمية المتميزة التى تهاجر يوما بعد يوم، وتفر من منظومة متخلفة لتجد نفسها بين يدى منظومة تستوعب إمكاناتها وتوظفها التوظيف الأمثل، ولكن بعيدًا عن أرض الوطن، وهاهو تقرير أصدرته الجامعة العربية عام 2001 حذر من أن العالم العربى خسر 200مليار دولار بسبب هجرة الكفاءات العلمية والعقول العربية للدول الأجنبية.
ووصف التقرير التقدم العلمى والتكنولوجى الإسرائيلى على العرب بأنه "كارثة جديدة تهدد مستقبل الشعوب العربية"، مؤكدًا أن إسرائيل تفوقت فى السباق العلمى مع العرب عن طريق إغراء العلماء الأوروبيين والأمريكيين وتوطينهم داخل إسرائيل، فى الوقت الذى تتزايد فيه هجرة العلماء العرب إلى الخارج، وفشلت الدول العربية حتى الآن فى استعادتهم أو الاستفادة منهم.
ونذكر على سبيل المثال ما جاء فى إحصائية صادرة عن المشروع القومى لتنمية بيانات المصريين المتميزين أن هناك ‏824‏ ألف عالم وخبير مصرى فى الخارج‏,‏ من بينهم ‏318‏ ألفا فى الولايات المتحدة‏,‏ و‏110‏ آلاف فى كندا‏,‏ و‏70‏ ألفا فى أستراليا‏,‏ و‏336‏ ألفا فى دول أوروبا‏.‏
وذكر إحصاء صادر عن الجهاز المركزى المصرى للإحصاء أن هناك ‏2455‏عالما فى التخصصات الحرجة والإستراتيجية مثل الطب‏,‏ والطب النووي‏,‏ والعلاج بالإشعاع‏,‏ والهندسة النووية‏,‏ وعلوم الفضاء‏,‏ والهندسة الوراثية‏,‏ إلى جانب رجال الأعمال أصحاب المشروعات العملاقة والتكنولوجيا المتطورة. وعندما نتكلم عن التخلف العلمى والتقنى فى منطقتنا العربية والإسلامية ندرك أننا تعاملنا معه بصورة مبتورة ومشوشة، تعتمد على:
الدمج غير المبرر بين التقنية العلمية والحضارة الغربية فى إطارهما القيمى والأخلاقي، والتعامل معهما على أنهما منظومة واحدة لا تتحقق التنمية الحقيقية إلا من خلال التعامل معهما جملة واحدة، متناسين أن الشق التقنى إنسانى فى المقام الأول ساهمت فيه حضارتنا الإسلامية بدور بارز خلال أحقاب سابقة، وساهم فيه الغرب اليوم بدور بارز، وتساهم الأمم الأخرى أيضًا فيه بدور لا يقل أهمية.
عدم وجود دافعية سواء على مستوى القرار السياسى أو الرغبة الجماهيرية فى بناء منظومة علمية وتقنية، تناسب واقعنا، وتساعد على إحداث تنمية ذاتية محلية تلتقى مع التطورات التقنية الحديثة، وتحتفظ لنفسها بسمت خاص.
- عدم توفير بيئة علمية ملائمة لرعاية النوابغ والكوادر العلمية المتميزة؛ مما يدفعها إما إلى القنوط واليأس والإحباط، أو الخروج إلى دولة صناعية متقدمة تمتلك بيئة علمية مناسبة، ولا شك أن حالة الخروج بهذه الصورة لا تشكل ظاهرة صحية؛ إذ تكون مفعمة بالتجارب المريرة التى تدفع صاحبها إلى الاندماج فى منظومة النموذج الغربى بكافة تشكيلاته وتفاصيله.
التخلف الإيمانى والتربوي:
فقد سبق أن واكبت واستمرت مع الهجمة الاستعمارية الحديثة خلال القرنين الأخيرين ظاهرة تركت بصماتها واضحة وجلية على الأمة، وصنعت فيها فراغًا جعلها مهيأة وقابلة للاستعمار.. تلك هى ظاهرة التخلف الإيمانى والتربوى التى منيت بها الأمة، ومن أبرز مظاهرها:
- تراجع دور المساجد وانحساره فى تأدية العبادات، وحتى هذا الدور شهد تراجعًا ملحوظًا فى رواد المساجد والمقبلين عليها؛ مما شكل خطورة هائلة على المفاهيم الإيمانية التى كان للمسجد دور بارز ومهم فى تزكيتها من خلال حلقات الذكر وقراءة القرآن ودروس العلم والاجتماع على الصلاة خمس مرات فى اليوم، فلم يعد المسجد الرمز الذى يلجأ إليه المسلمون، ويؤوبون إليه أوقات الرخاء، ناهيك عن أوقات الشدة.
- تراجع دور العلماء فى التأثير وانحسار دورهم داخل المساجد تحديدًا فى أداء الشعائر فقط، فى الوقت الذى ظهرت فيه وسائل الإعلام وثورة الطباعة التى اعتمدت فى مادتها على مفاهيم حضارية مادية؛ مما ساعد على سيادة الخطاب المادى والاستهلاكى على الخطاب الإيمانى والتربوى الذى قبل التراجع إلى جدران المساجد..
وقد دفع إلى عجز العلماء عن صياغة هذا الخطاب الإيمانى المرتبط بالواقع عدد من العوامل، منها: - عجز المناهج التعليمية فى عدد من المؤسسات التعليمية الدينية عن تطوير نفسها وتحديث أساليبها؛ مما جعلها فى كثير من الأحوال جامدة عاجزة عن بناء شخصية إيمانية فاعلة على أرض الواقع.
- شيوع مقولة إغلاق باب الاجتهاد الذى فتحه الإسلام بشروطه من العصر النبوى الأول والذى لا يملك أحد أن يغلقه أو يواربه، وبالتالى اعتمدت مناهج التعليم التى تخرج العلماء على المتون والشروح التى كتبها أصحابها لأبناء عصورهم، وكانت بحاجة إلى من يمتص رحيقها ليعيد عرضها بطريقة تستوعبها وتتفهمها أجيال جديدة. ولعل هذه المقولة تطرح علينا سؤالا يحتاج إلى إجابة: لماذا كتب علماؤنا فى حقب زمنية متعاقبة رسائل علمية حول عناوين يتقارب بعضها مع البعض الآخر؟ وليس لذلك معنى سوى أن كل عالم كان يكتب بلغة عصره، ويمتص رحيق من سبقه ليكتب من جديد بلغة عصره، وقد فتح هذا الجمود الباب واسعًا أمام النخب العلمية المتقربة إلى تقليل أهمية البناء والتكوين الإيمانى والتربوي، وإشاعة ثقافة التحلل والتراجع القيمى والتربوى والإيمانى نتيجة فراغ الساحة أو ضعف البنية التعليمية الإيمانية.
- تراجع المفاهيم الإيمانية الصافية المستمدة من الكتاب والسنة على حساب مفاهيم ظاهرها التدين وباطنها التخلف، فانتشرت الخرافة والسلبية والتواكل، ولكنها فى الوقت نفسه ارتدت عباءة التدين؛ فكانت خطورتها على الأمة أشد مما يفعله أعداؤها.
التخلف المفاهيمى والمعرفي:
وقد لمسنا بعضًا من ذلك فى تخلف مناهج التعليم فى المعاهد الدينية، إلا أن دائرة التخلف كانت أوسع من ذلك؛ حيث وصلت إلى مناهج التعليم بصورة عامة التى افتقدت رؤية حضارية أو منظومة تنموية تسعى لتكريسها وبنائها.

التخلف السياسي:
ويعد هذا النوع من التخلف سببًا رئيسيًا فى التواطؤ على بقاء واستمرار أشكال التخلف المختلفة، وهذا النوع من المظاهر الخطيرة والآثار الوخيمة على حاضر الأمة وواقعها، ومن ذلك:
- الحكم الفردى المستبد.. فمعظم أنظمة الحكم فى عالمنا العربى والإسلامى تعتمد بصورة واضحة على نموذج الحكم الفردى المستبد؛ فالقوانين والدساتير والنظام السياسى ومجالات العمل الأهلى والأحزاب السياسية.. كل ذلك وغيره مآله إلى فرد واحد ربما تحيطه مجموعة من المستشارين فى بعض الأحيان، وربما تتبعه بعض البرلمانات أو مجالس الشورى الشكلية، إلا أن مردها فى النهاية إلى الفرد. وربما يكون من مهمة هذه المجموعات الاستشارية أو تلك البرلمانات والمجالس الشورية أن تستشرف رغائب الحاكم وتتوقع رؤيته حول قضية بعينها فتسابق فى طرحها وعرضها، ولا شك أنه يدخل فى بنية عملها متابعة كل شاردة أو واردة فى خطاب مهم أو كلمات رائعة -وإن كانت عابرة- لتتحول هذه الكلمات إلى قوانين وتشريعات، ربما يعجب الحاكم نفسه من وجودها!!
- الاستبداد الجماهيري.. ولا نستطيع أن نتصور أن مكمن الخطورة فى هذا النموذج تتجلى فى الحاكم المستبد فقط، ولكن أيضًا فى المحيط الجماهيرى الذى يقبل هذا النموذج وينميه، وفى الطفيليات المستفيدة من هذا النموذج التى تقتات عليه وتبنى آمالها فى رحابه.
وخطورة نموذج الحكم الفردى المستبد لا تقتصر على الآثار المترتبة على استبداده فى محيط القرارات والقوانين، ولكن على المدى الجماهيرى الواسع الذى يتأثر بدوره بالنموذج، ثم ما يلبث أن يتقمصه ويتبناه لتجده بعد ذلك نموذجًا متكررًا بكل موضع فى طول العالم العربى وعرضه وعلى كافة المستويات إلا من رحم الله وقليل ما هم؛ فالنموذج يتكرر فى المؤسسات والشركات والوزارات والإدارات التابعة لها. فالنموذج المستبد يرشح بشروره على شعبه ليتحول الكبار والصغار والمتوسطون إلى مشاريع حاكم مستبد.
- الركود وعدم التجديد؛ وذلك نتيجة انعدام الحراك والتغير الناتج عن ثبات الحاكم المستبد وعدم قدرته على التطوير والتجديد ربما بسبب طول المكث والبقاء، وربما لعدم وجود مبرر للتطوير والتجديد لتراجع أو انعدام أى قدرة جماهيرية على تغيير الحاكم أو زحزحته من عرشه. - اليأس والإحباط.. وبطبيعة الحال فإن اليأس والإحباط لا يتسربان منذ البداية، ولكن مع عمليات القمع والسحل التى يتعرض لها كل من تسول له نفسه أن يعبر عن رأيه أو يقدم رأيًا مختلفًا عن رأى الحاكم الذى يعتمد النموذج الفرعوني: {مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ}. انسداد قنوات التعبير وأدوات التغيير حتى تلك البعيدة عن صولجان العرش، ليتم تأميم هذه القنوات وتلك الأدوات وإن كانت لا تؤثر بصورة مباشرة وفاعلة، إلا أن سدها ومصادرتها أمر يكون على سبيل الاحتياط.
افتقاد الانتماء.. خاصة أن تنمية روح الانتماء لا تتم إلا من خلال المشاركة الفاعلة فى المجتمع، التى تدفع أصحابها إلى الإحساس بأنهم جزء من ذلك الوطن الذى ينتمون إليه، بينما يذوب هذا الإحساس وسط الشعور بالاغتراب وعدم القدرة على الإسهام فى بناء الوطن.
التفرق والأنامالية:
قد يكون التفرق والأنامالية أحد إفرازات الديكتاتورية والتسلط نتيجة افتقاد المشاركة أو الإحساس بالقدرة على التأثير أو التغيير، ولكن قد تكون الأنامالية أيضًا أحد إفرازات الثغرات الشعوبية والقومية، خاصة إذا نقلنا الحديث إلى الكيان الكبير للأمة، وربما بسبب تسيد قيم الاستهلاك والمادية.
وباستعراض سريع لواقع العالم العربى والإسلامى خلال العقود المتأخرة نكتشف أن هناك عددًا كبيرًا من النزاعات والصراعات التى شغلت الأمة عن التحديات الحقيقية التى تواجهها، ووفقًا لدراسة نشرها موقع "الجزيرة" على الإنترنت وبمتابعة العقود المتتالية نلاحظ عددا من النزاعات البينية:
بالنظر إلى ما تقدمه الأرقام التقريبية لخسائر النزاعات بين دول العالم الإسلامى الأرقام المتوفرة تخص فقط الخسائر البشرية نلاحظ التالي:
عقد الثمانينيات وعقد التسعينيات هما أكثر الفترات الزمنية خسائر؛ إذ يصل عدد من سقطوا فيهما إلى حوالى 550 ألف قتيل.
- منطقة الخليج العربى حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق وشبه الجزيرة العربية حرب الخليج الثانية هما أكثر المناطق خسائر.
- الدول الإسلامية فى آسيا تحملت العبء الأكبر من الخسائر؛ إذ سقط فيها أكثر من 95% من ضحايا النزاعات.
- الدول الإسلامية الغنية خاصة بالنفط مثل العراق وإيران والكويت وليبيا تتحمل العبء الأكبر من الخسائر.التخلف الأخلاقى والقيمي:
ويبرز هذا الجانب فى تدنى القيم الحاكمة فى المجتمع، وشيوع عمليات السرقة والنصب والتزوير والاختلاس والرشوة والانحلال الأخلاقى والقيمى والتفسخ الاجتماعى والعنف داخل كيانات المجتمع المختلفة، سواء داخل الأسرة أو المدرسة، بالإضافة إلى انعدام الحوار والتواصل بين مكونات المجتمع واستيعاب بعضها للبعض الآخر.
وقد صنفت مؤسسة "الشفافية الدولية" -وهى مؤسسة غير ربحية يشرف عليها البنك الدولي- 85 دولة حسب مدى انتشار الفساد فى سلم تنازلى من 10 الأكثر نزاهة إلى صفر الأقل نزاهةً. ووفق هذا السلم فإن أكثر الدول الإسلامية نزاهة جاءت فى موقع متوسط من هذا السلم، واعتبرت ماليزيا من بينها الأكثر نزاهة وحصلت على 5.3 نقاط، تلتها تونس 5 نقاط، ثم الأردن 4.7 نقاط، أما أقل الدول الإسلامية نزاهة فهى نيجيريا وحصلت على 1.9 نقطة، ثم إندونيسيا نقطتان، ثم باكستان 2.7 نقطة.
[4] محلية أم شاملة؟
ونعود لنسأل عن طبيعة المعركة: هل هى محلية تقتصر على قُطر من الأقطار أم أنها تتسع لتشمل كافة البلدان العربية والإسلامية؟
وتحتاج الإجابة على هذا السؤال عددًا من المحاور والنقاط التى تحتاج إلى تأكيد:
- إن رغبة الولايات المتحدة فى الهيمنة والسيطرة لا تقتصر فقط على الدول والبلدان العربية والإسلامية، وإنما تتسع لتشمل الهيمنة وبسط النفوذ على العالم كله، وهو ما عبر عنه أكثر من مسئول أمريكى بأن القرن الواحد والعشرين ينبغى أن يكون أمريكيًا خالصًا.
- إن البلدان العربية والإسلامية هى الحلقة الأكثر خطورة فى طريق الولايات المتحدة لقيادة العالم؛ فرغم إمكانية احتواء هذه المنطقة من خلال أنظمة ديكتاتورية يمكنها أن تقمع شعوبها لتذليل العقبات وتحقيق المصالح الأمريكية.. فإن الواقع يؤكد أن هناك صعوبات بالغة تكتنف إقناع الشعوب بهذه الهيمنة الاستعمارية واستمرارها.
- إن أوروبا تشعر أنها والولايات المتحدة جزء من حضارة واحدة، وإن تباينت المصالح أحيانًا، إلا أنهما فى نهاية المطاف يتفقان بصورة كبيرة.
- تحرص الولايات المتحدة ومعها الأنظمة الحاكمة فى المنطقة على إقناع الشعوب بأن الهيمنة الاستعمارية بمفهومها الشامل لا تستهدف الجميع، ولكنها فقط تستهدف من يخرج عن المألوف أو يتخطى الحدود، وأن هناك نموذجًا يمكن أن يكون مثاليًا فى التعامل مع الولايات المتحدة، ويحتفظ فى الوقت نفسه بنوع من الاستقلال النسبي.
- معطيات الواقع تؤكد أن الهيمنة الأمريكية بصورتها الشاملة لا تستثنى قُطرًا أو دولة من الدول فى المنطقة، وأنها ترشح عددًا من الدول العربية والإسلامية للغزو المباشر، بينما ترشح دولا أخرى للغزو بالوكالة من خلال دول أخرى، وتفرض وجودها من خلال القواعد العسكرية على بعض البلدان دون معارضة من أولى الأمر فى تلك البلدان ودون حاجة إلى غزو عسكري. أما ما تبقى فربما تتراجع أهميته الإستراتيجية أو تقل المخاوف منه، إلا أن الجميع مشمول بالهيمنة الثقافية والفكرية والأخلاقية كإجراء وقائى يضمن عدم الخروج من بيت الطاعة الأمريكي.
اليأس لا يصنع النصر
من خلال الاستعراض السابق للتصورات الأمريكية لمستقبل المنطقة ورؤيتها لما تؤول إليه أمتنا ومن خلال تواصل المحن والهزائم على الأمة يصاب أفراد الأمة بالإحباط واليأس، وربما يتسرب هذا الإحباط وذلك اليأس إلى القوى الفاعلة فى الأمة والمؤهلة لأن تقودها إلى مفاتيح النصر الحقيقية.. ولا شك أننا كبشر نصاب بالوهن والحزن على واقع متراجع ومستقبل لا يبشر بخير، وهو أمر لا يرفضه الإسلام إذا كان عند منسوبه الطبيعى والآمن.
أما المحظور إسلاميًّا والمرفوض شرعًا وعقلا هو أن نصل إلى تخوم الإحباط وحدود اليأس؛ فالله تعالى يقول: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ} آل عمران: 139، ويقول سبحانه: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} يوسف: 110، والاستيئاس لا يصل بالمؤمن إلى دائرة الإحباط والتوقف عن العمل، وإنما هو تعبير طبيعى عن شعور فطرى يتفجر فى النفس البشرية سرعان ما يلتقى بينابيع الإيمان الصادق وملامح الفهم الدقيق؛ فتلجم هذه الأحزان المتفجرة، وتمنعها من إطفاء جذوة العمل والبناء فى الطريق الصحيح.
وإذا أردنا أن نضع أيدينا على العلاج المناسب للأمراض التى تعانيها الأمة؛ فمن المناسب أن نستعرض الأسباب التى تدفع باليأس أن يتسرب إليها لتصل بها مشاعرها إلى تخوم الإحباط وعدم الرغبة فى استئناف العمل والنشاط.. ومن ذلك:
- عدم فهم الأزمة بصورة حقيقية وفى سياقها العام، وعدم وضعها فى إطار منظومة متكاملة تبدأ من ملامح التخلف التى تحياها الأمة فى مختلف المجالات، وعدم أخذها خطوات جادة فى طريق البناء الصحيح، إضافة إلى تفوق أعدائها وامتلاكهم لأسباب القوة، وأخذهم بأسباب التفوق.
- غياب القراءة الواعية للتاريخ، واستلهام الدروس منه، والتعرف من خلاله على أسباب النصر وأسباب الهزيمة، والوقوف من خلاله على السنن الإلهية فى الكون، وتعميق القدرة على التمييز بين العدو والصديق.
- التفاؤل غير الرشيد.. فرغم أن المطلوب من المسلم أن يكون متفائلا أملا فى نصر الله؛ فإن ما نرفضه هو عدم الرشد فى هذا التفاؤل الذى قد يصل أحيانًا إلى حد السذاجة؛ فهو تفاؤل بعيد عن الواقع منبتّ الصلة عن معطياته، وهو أشبه بتفاؤل التلميذ الذى أعطى ظهره لكتابه طيلة العام، ويتفاءل بالنجاح رغم ذلك!!
- الوقوع فى براثن الحرب النفسية التى يقودها المستعمر لإضعاف الروح المعنوية.
اليأس غير مشروع
وعندما نطرح أسباب اليأس والإحباط لا يعنى أننا نبرره أو نقبله، ولكن نبحث الأسباب، ونتعرف عليها لتجنبها؛ إذ لا مجال أمام المسلم سوى رفض اليأس والقنوط، وإلا وجد نفسه فى مواجهة مع مقتضيات الشرع والعقل فى آن واحد.. فاليأس بمعيار الشرع مرفوض، وبمعيار العقل لا يقود إلى النصر، ويحرم الأمة من الاستفادة القصوى من إمكاناتها وتسخيرها فى الاتجاه الصحيح لقطع خطوات جادة نحو النصر، وهاهو القرآن الكريم يضع لنا معالم الطريق، ويحدد لنا غاياتنا وأهدافنا، ويصف لنا العلاج الناجح مما نعاني.. يقول تعالى:
{وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} يوسف: 78، قال تعالى: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} الحجر: 56، {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّى مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} يوسف: 110. {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} البقرة: 214.
ويقول تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِى الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الزمر: 53.
ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باعثًا الأمل فى نفوسنا مهما ادلهمت الخطوب، وضاق الأفق، واستبد العجز واليأس بالإنسان: "إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل".
إن منطق الإيمان بقدرة الله على تذليل الأسباب وتيسيرها لأهل الإيمان لينفضوا غبار التخلف الشامل الذى حاق بهم هو منطق جدير بالمسلم، وجدير بإيمانه وأمله فى تأييد الله وعونه.
أحاديث نهاية الزمان
يعجب المرء أشد العجب -خاصة إذا كان متابعًا للأحداث بصورة دقيقة- من التواكب العجيب والتلاقى المذهل بين صدور بعض الكتب وشيوع عدد من الشائعات حول نهاية الزمان وبين الأزمات الكبرى والأحداث الجسام التى تمر بها الأمة..
وما إن يخفت الحدث الجلل حتى تخفت معه تلك الأصوات لتعود من جديد وتبنى على ما سبق أن ذكرته عندما تظهر حادثة أخرى عظيمة يتعرض فيها المسلمون للابتلاء بالهزيمة.
ورغم أن العجب من هذا التلازم والتواكب يدفع المرء أحيانًا إلى سوء المظنة فيمن يردد هذا الكلام.. فإن الإنسان سرعان ما يعود إلى رشده، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، دافعًا عنه سوء المظنة؛ ليضع هذه الشائعات وتلك الأصوات فى مجمل التخلف والجهل الذى حاق بالأمة.
فما إن تقع حادثة عظيمة من غزو أو استعمار أو هجوم على قُطر من أقطار الأمة، وما إن يتفاعل المسلمون مع الأزمة ويبدءوا فى إمعان التفكير فى تلك الحادثة والبحث عن أسبابها، وما إن يشرعوا فى التعرف على عدوهم ويبدءوا فى إدراك قضيتهم واستيعاب مجريات الحدث.. حتى تظهر تلك الأصوات التى تتكلم تارة عن ظهور المسيخ الدجال أو قرب ظهوره، أو عن حتمية ظهور المهدى خلال أيام أو أسابيع، أو عن الوصول سريعًا إلى معركة فاصلة ليس للمسلمين دور فى التمهيد أو الإعداد لها، وإنما تحدث دون ترتيب من أحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق