السبت، 29 أكتوبر 2011

إكسر لها ضلع يطلع لها

شفيقة والفرخة والحيزبون سبب رئيس فى التحرش الجنسى!!
دعوة من نشطاء ومدونين على الفيس بوك وتويتر للتدوين والزقزقة ضد التحرش الجنسي، كنت قد أصدرت كتابى الأول بالعام الماضى تحت عنوان "كلاب الشوارع" الذى طرحت من خلاله ظاهرة التحرش من خلال لقطات ومشاهد يومية سريعة تحدث فى الشارع المصرى، وعندما وصلتنى دعوات التدوين والزقزقة اكتشفت أن الواقع لا يزال كما هو. صحيح أن هناك مئات من الرسائل قد وصلتنى عبر الفيس بوك والبريد الإليكتروني، وحكايات مختلفة من صديقاتى عن التصدّى للتحرش، إلاَّ أن المشكلة أصبحت لا تكمن فى الأنثى فقط، فهى مهما كانت ملامحها وملابسها وهيئتها، فهى فريسة للتحرش لا محالة، سواء بالنظر أو الكلام، أو اللمس.
نحن فى مجتمع يتعامل مع الأنثى على أنها "فرخة" لابد من "قصقصة"ريشها أولا بأول كي لا تطير كما علمنا آباؤنا، لكننا نسينا مقولة على ابن أبى طالب رضى الله عنه "لا تعلموا أولادكم عاداتكم، لأنهم خلقوا فى زمان غير زمانكم".
توارث الأبناء عادات الآباء فى النظرة الدونية للمرأة على اعتبار أنها مخلوق درجة ثانية، لا يعترف به كنصف المجتمع
على الرغم من ذلك التهميش، فإن نفس المجتمع يطالب المرأة بالطبخ والغسيل والمكواة والتنظيف وتربية الأولاد وإدارة المنزل، وإذا كانت عاملة عليها أن توفق بين عملها وبين المنزل، بل وتتفوق فى كليهما!
لحسن الحظ أن المرأة المصرية بطبيعتها بـ 100راجل، لكن إذا حدث أي تقصير منها كأي مخلوق طبيعى قابل للتعب والإرهاق، غالباً ما تُقابل بآلاف السكاكين!
هذه هى الحقيقة المُرّة يا صديقي، ربما لا تعلمها أنت لأنك رجل ولن تفهم أبداً كونك تسير فى الشارع وتتربص بك الأنظار لكي "تفصص" جسدك وتتطلع فيه بمنتهى الوقاحة، بل وعلى المرأة فى كثير من الأحيان أن تسمع أهانتها بكامل قواها العقلية، وتصمت، لأنها لن تجد من ينقذها فى الشارع!
أسمع أصوات تقول أنه لا زال هناك من يتمتع بشهامة ورجولة وأخلاق الرجل الشرقي، أنا أعترف بوجود هؤلاء "الرجال الرجال" تماماً كما أعترف بوجود القمر، هم موجودون ولكنهم قِلّة، ولن يفلحوا فى تغيير مفاهيم المئات ممن ورثوا الذكورة ولم يرثوا الرجولة الحق!
فكرت فى الأمر بشكل عكسي، إذا كانت المرأة مُهانة لأنها تحت طائلة الرجل، فهو ينظر إليها على أنها دجاجة تركض بين قدميه يستطيع ذبحها فى أي وقت، لكن قص ريشها أولاً بأول يفضح خوفه من قدرتها على الطيران والفرار منه. من يربى حيواناً أليفاً فى بيته يعرف جيداً أن الحيوان إذا أحبك لن يتركك قط، وإذا تعاملنا من هذا المنظور فالمرأة التى تحترم الرجل لن تحاول الهرب منه بقدر ما تسعى لمساندته ومساعدته وحمل الأعباء عنه.
إذا كان تشبيه المرأة بالدجاجة يسوء البعض، فهو مجرد فكرة رائجة تناولناها من قديم الأزل، ألم تسمع فى أحد الأفلام جملة (البت لو غلطت.. إدبحها)؟
ألم تخترق طبلة أذنك جملة مثل: البنت لازم تبقى عينها فى الأرض وتبقى مكسورة الجناح؟
مثل شعبى تردده كالببغاء "اكسر للبت ضلع يطلع لها24".. ألم تقف مفرود العضلات أمام زوجتك لتقول لها بصوتك الوحشى" الرجال قوّامون على النساء؟
ألم تتجاهل المعنى الحقيقى لتلك الآية أن "قوام" تعنى القائم على خدمة الآخر، أي أن الله كلفهم بذلك وهو قوام تكليف وليس تشريف وليس من أجل المنظرة و"الفشخرة" وفرد العضلات؟
المرأة فى مجتمعاتنا واقعة تحت طائلة النقد بكل الأحوال، إذا ارتدت نقاب فهى "معقدة"، وإذا لم ترتديه فهى تفتن الآخرين بجمالها، إذا ارتدت الجينز فهى "قليلة الأدب" وإذا لم ترتديه فهى لا تتبع خطوط الموضة، إذا ارتدت ملابس محترمة طالتها قصائد من التريقة والنصائح لأنها "محبكاها" أوى وإذا ارتدت الضيق والقصير فهى "أوفر" إذا تحجّبت فهى رجعية ومتخلفة وإذا لم تتحجب فهى مُستباحة ، بغض النظر عن ديانتها!.
إذا لم تخرج من منزلها فهى لا تقوى على مواجهة المجتمع، وإن خرجت وواجهت و سَعَت لبناء ذاتها فهى بالتأكيد "يندب فى عينها رصاصة" إذا تحرش بها أحد وردّت عليه بغضب فهى "بتتلكك"، و"هى أصلاً السبب" وإن لم ترد عليه.. فهذا دليل موافقتها!
إن الله قد كرّم النساء فى كل الأديان السماوية وفى الأرض، لكن بعض الرجال لا يزالوا يعتقدون فى إلوهيتهم على من هم أضعف، دعنا نستخدم ذكاء المرأة+رجل شرقى حقيقى "زى ما الكتاب قال"، ماذا لو أصبحت المرأة سفيرة أو وزيرة وهى لم تتخطى الثلاثين بعد؟ السينارست تامر حبيب طرح فكرة الاستعانة بالشباب فى الوزارة فى فيلم تيمور وشفيقة، وكان ذكاء منه أن ضرب عصفورين بحجر واحد، "شفيقة " أو منى زكي، فهى وزيرة، وامرأة صغيرة السن، ليست "حيزبون" ما العيب فى ذلك إذا كانت المرأة تستطيع أن تستمع لزوجها وتحمل رضيعها على كتفها وتطهى الغذاء على النار وتجهز الملابس للكي وترد على الهاتف وتتابع اللبن قبل الفوران، كل ذلك فى حركة واحدة، وبمهارة وإتقان شديدين، فى حين لا يستطيع الرجل إلا التركيز فى شيء واحد فقط، ألم تسمع أن عقل المرأة "شَبَكة" وعقل الرجل صندوق؟.
ظاهرة التحرش الجنسى التى تحولت لمشكلة تتأذى منها كل أنثى فى مجتمعنا والمجتمع العربى عموماً لن تُحلّ إلاَّ إذا ارتفع شأن المرأة فعلياً بحيث يُجبر الجميع على احترامها سواء كان يُقدّر كونها امرأة أو لا يفهم ذلك، أحلم بأن تصبح المرأة كالحمامة التى تحلّق عاليا لتؤدى عملها وتعود بإرادتها لمأواها .
فى أيام الثورة الأولى كنا نقف رجالاً ونساء صفاً واحداً أمام الأمن، وكان يضرب الجميع لا يفرّق بين ذكر وأنثى "غير أن الأنثى قد تتعرض للتحرش أو الاغتصاب.. مهو ورانا ورانا !" .
الثورة تنتظر الفيضانُ
الثورة التى قدمت شهيدات بمثابة عرائس للنيل، هى الآن فى انتظار الفيضان.. فى انتظار أن يتم الوفاء بالوعد تجاه نساء مصر ليرتفع شأنهن فتخرج من بين صفوفهن السفيرة والوزيرة ورئيس الجمهورية، لم لا!.
فقد تولت كليوباترا الحكم وهى لم تبلغ العشرين عاماً من عمرها، وأيضاً حتشبسوت ونفرتيتى وغيرهن والتاريخ يحتوى على نماذج مُشرفة كثيرة للمرأة المصرية، ولا تخف يا عزيزى المُسمّى بالـ"رَجُل " فأنت تسعى للحفاظ على هيبتك وأفرغت طاقتك فى قص ريش الدجاجة بدلاً من أن تتقن عملك أو تساهم فى نهضة بلادك، ونسيت أن الدجاج أصلاً لا يطير!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق