السبت، 21 يناير 2012

ماكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا"

ماكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا"
كنيس الخراب".. فتح ودولنا تغادر التاريخ
للأقصى ربٌّ يحميه ايها الغافلون ؟؟:
المسجد الأقصى وأسطورة الهيكل اليهودي
تقرير يكتبه ناجي هيكل
بقرار مجحف وبدعوى أنهما من بعض موروثاتهم الدينية ضموا المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى آثارهم اليهودية؛ فجاء في بيان لمكتب رئيس الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو أن "قبر راحيل والحرم الإبراهيمي هما المكانان اللذان دفن فيهما ومنذ أكثر من 3500 سنة أجدادنا إبراهيم واسحق ويعقوب وجداتنا سارة ورفقه وليا وراحيل وهما يستحقان بالتأكيد المحافظة عليهما وتجديدهما"، ليواطئوا قولاً قديماً لرؤساء اليهود رواه ابن عباس رضي الله عنهما، حين قالوا: "والله يا محمد لقد علمت أنّا أولى الناس بدين إبراهيم منك ومن غيرك؛ فإنه كان يهودياً، وما بك إلا الحسد". يزعمون ويتخرصون بأن إبراهيم عليه السلام على طريقتهم العوجاء، وفي لهجة حاسمة يرد القرآن الكريم الذي يتلى آناء الليل وأطراف النهار على مدى 14 قرناً: [ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ]، فالحنيفية مرجعه، والإسلام دينه، وهو وأتباعه من المشركين برآء. ليس غريباً على المسلمين ما يتلونه في صلواتهم من قوله تعالى: "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا"، لكن تدنيس قبره وقبور ذريته من الأنبياء المرتقب بممارسات اليهود بعد ضمها إلى الآثار اليهودية لم يحظ باهتمام لائق من معظمهم المسلمين.ولم يستجش هذا الإقرار الرباني للمؤمنين وهذا التكريم والإكرام منه سبحانه وتعالى لهم لدى الكثيرين منا في نفوسهم شيئاً من واجبات النصرة والولاية.. [ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ]، يقول الإمام القرطبي رحمه الله: " [أولى] معناه أحق، قيل بالمعونة والنصرة، وقيل بالحجة"؛ فلا قمنا بنصرة – إلا قليل – ولا عاونا، ولا حاججنا!! ولم نرق في مجموعنا إلى مستوى الحدث؛ فالذين سلكوا طريق إبراهيم ومنهاجه؛ فوحدوا الله مخلصين له الدين وسنوا سنته وشرعوا شرائعه وكانوا لله حنفاء مسلمين غير مشركين به – كما يقول الإمام الطبري رحمه الله – هم "أحق الناس بإبراهيم ونصرته وولايته"، وسواهم قد فقدوا البوصلة وأخطأوا الطريق. إن مقتضى هذه الولاية والنصرة يفترض منا الغضب المحرك لإيقاف هذا العبث بتراث المسلمين وقبور أنبيائهم الذين لا نفرق بين أحد منهم، وما يحصل الآن في الخليل يدمي القلب فيه أن نرى الهم يحمله مئات من المسلمين في حين يتحمله كل مسلم يتوقع منه أن يكون أولى بإبراهيم عليه وسلم من الآخرين.اليهود لم يتغيروا، صحيح، وهذا ما لا نجهله، وكلامهم الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما لم يبرح كلمات مكتب نتنياهو من سلوك اليهود، لكننا تغيرنا؛ فلم نعد نكترث كثيراً لمثل هذه الاعتداءات الممنهجة، والتي تضرب جذورنا بطعنات نجلاء مسمومة. والذين تبهجهم صورة بلال بن رباح رضي الله عنه وهو يتسلق الكعبة الشريفة ليؤذن في فتح مكة من على ظهرها كما ترويها كتب السير، ويأخذهم الوصف النبوي الشريف الذي يصوره حين يقطر الماء من وجهه إثر الوضوء في الجنة، ليس بوسعهم أن يوفروا إجابة لأبنائهم يوماً لو سألوهم: فلماذا أسلمتم قبره ليهود؟!
المسجد الأقصى وأسطورة الهيكل اليهودي



عندما نقف على حقيقة الهيكل الذي نسج اليهود المعاصرون حوله أسطورة كبيرة، ويتخذونها اليوم ذريعة، لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة لهدم المسجد الأقصى، ندرك للوهلة الأولى أنه ليس للهيكل وجود حقيقي، بل هو أسطورة يهودية نسجتها أيدي أحبار وحاخامات اليهود، ثم نسبتها إلى نبي الله سليمان - عليه السلام-، والثابت تاريخيًا - وكما جاء في السنة النبوية - أن سليمان، عليه السلام، لم يبنِ هيكلاً كما تزعم التوراة، بل الثابت أنه بنى لله تعالى مسجدًا وهو المسجد الأقصى، وإن قصة الهيكل كما ترويها الكتب المقدسة عند اليهود قصة خرافية، والهيكل نفسه ليس له وجود حقيقي في التاريخ.
ويدل على ذلك الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد أن أبا ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال: "المسجد الحرام"، قال: قلت: ثم أي قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة".
وجاء في شرح الحديث في فتح الباري لابن حجر العسقلاني وتفسير ابن كثير، أن أول من أسس مسجد بيت المقدس، وهو المسجد الأقصى هو آدم عليه السلام ؛ ليكون قبلة لبعض ذريته، وذكر بعض أهل العلم أن أول من بنى المسجد الأقصى هو إبراهيم عليه السلام، وأن داود عليه السلام أراد تجديد ذلك البناء، ولكنه لم يكمله فأكمله ابنه سليمان عليه السلام وأتمه وبناه بناء عظيمًا.
وفي ذلك يقول العلامة عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته "أراد داود عليه السلام بناء مسجده علي الصخرة فلم يتم له ذلك وعهد به إلى ابنه سليمان فبناه لأربع سنين من ملكه ولخمسمائة سنة من وفاة موسي عليه السلام واتخذ عمده من الصفر وجعل به صرح الزجاج "انه صرح ممرد من قوارير" وغش أبوابه وحيطانه بالذهب وصاغ هياكله وتماثيله ومنارته ومفتاحه من الذهب وجعل في ظهره قبرا ليضع فيه تابوت العهد وهو التابوت الذي فيه الألواح وجاء به من صهيون بلد أبيه داود تحمله الاسباذ والكهونيه حتى وضعه في القبر ووضعت القبة والأوعية والمذبح كل واحد حيث أعدله من المسجد.(1)
ولم تستمر الدولة العبرية التي أقامها داود وسليمان في القدس طويلا، فقد انقسمت في عهد أبناء سليمان إلى مملكتين هما إسرائيل ويهود، التي اتخذت من القدس عاصمة لها، وتعرضت المملكتين للتدمير الشامل علي يد الآشوريين في القرن الثامن قبل الميلاد، والذين أسروا سكانها اليهود فيما عرف باسم "السبي الأول" ثم علي يد البابليين بقيادة بيختنصر عام 587 ق.م، والذي حطم مدينة القدس واخرج اليهود منها وأخذهم إلى بابل كأسري وهو ما يعرف بالسبي الثاني.(2)
الهيكل عند اليهود
وإذا نظرنا إلى الهيكل من وجهة النظر اليهودية، نجد أن الهيكل عندهم يعني بالعبرية "بيت همقداش" أو "البيت المقدس" أو "هيخال"، وتعني البيت الكبير في كثير من اللغات السامية، ومن أهم أسماء الهيكل عندهم: "يهوه" وهو إله اليهود، أي "بيت الإله"، وأُعِد أساسا ليكون مسكنا للإله، كما يزعم الكتاب المقدس في سفر الملوك الإصحاح الثامن الفقرتان 12-13
ولكنه بعد ذلك أصبح مكانا للعبادة وأداء الطقوس وتقديم القرابين، ويزعم اليهود أن الهيكل بناه سليمان عليه السلام في الفترة 960-953 ق.م، وقد بناه فوق جبل موريا وهو جبل بيت المقدس، حيث يوجد الآن المسجدان الأقصى وقبة الصخرة. ويسمي اليهود هذا الجبل بجبل الهيكل، وجاءت قصة بناء سليمان للهيكل في سفري الملوك الأول وأخبار الأيام.(3)
وقد هدم هذا الهيكل - كما يزعمون - على يد نبوخت نصر البابلي عام 586ق.م . ثم أعاد اليهود بناءه في سنة 520-515 ق.م، والباني له يهودي اسمه "زور بابل"، ويذكر اليهود انه بني بأمر من الرب.
وهدم هذا الهيكل الثاني على يد القائد الروماني تيطس سنة 70 ميلادي. والذي أقدم على تدمير القدس، ولم يترك فيها حجراً على حجر, وبطش بالذين حلوا بها من اليهود.
وعبر القرون توالت الفتاوى، حول ضرورة بناء الهيكل، والذي أصّل لذلك "موسى بن ميمون" الطبيب اليهودي في البلاط الأندلسي، الذي زار القدس عام 1267م، ولفت انتباه اليهود إلى ضرورة بناء هيكل، ليكون رمزاً لوحدتهم.. هيكل مركزي وحيد موحد يكون بديلاً عن أماكن عبادتهم في الكنس , بحيث يتوقف عصر الحاخامات ويبدأ عصر الكهنة ممن يعودون بالعبادة من بدعه المزامير إلى عادة تقديم الأضاحي والقرابين. وذهب موسى بن ميمون إلى أن الهيكل الثالث لن يُبْنى بأيدٍ بشرية، وإنما سينزل كاملاً من السماء.(4)
واختلفت في الهيكل الأفهام وتنوعت الرؤى وتعددت الفتاوى غير أن إقدام أوروبا المسيحية على دفع اليهود إلى داخل العمق العثماني لأسباب مفهومة أذكت من جديد مشاريع بناء الهيكل، إلى أن ابتدع لهم أحد الحاخامات عام 1567م فكرة النواح عند حائط البراق الذي سموه "حائط المبكى" , ومنذئذ وهم يملأون العالم عويلاً وبكاءً ونواحاً: "لأجل الهيكل العظيم نبكي وحدنا وننوح".
وهم يزعمون أن "حائط المبكى" هذا من بقايا الهيكل القديم، وهذه قضية فصلت فيها بشكل حاسم لجنة دولية عام 1929م، حيث جاء في تقرير لجنة تقصى الحقائق، التي أوفدتها عصبة الأمم السابقة على الأمم المتحدة: "إن حق ملكية حائط البراق، وحق التصرف فيه وفيما جاوره من الأماكن، موضع البحث في هذا التقرير، هو للمسلمين لأن الحائط نفسه جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف".(5)
معتقدات الهيكل
وللهيكل مكانة كبيرة في معتقدات اليهود وفي وجدانهم الديني، يقول المؤرخ "ول.ديورانت" في كتابه "قصة الحضارة" متحدثا عن مكانة الهيكل وقدسيته لدى اليهود:"كان بناء الهيكل أهم الحادثات الكبرى في ملحمة اليهود... ذلك أن هذا الهيكل لم يكن بيتا ليهوه "إله اليهود" فحسب، بل كان أيضا مركزا روحيا لليهود وعاصمة ملكهم، ووسيلة لنقل تراثهم، وذكرى لهم، كأنه علم من نار يتراءى لهم طوال تجوالهم الطويل المدى على ظهر الأرض.(6)
وللهيكل موقع خاص في نفوسهم ووجدانهم يستوي في ذلك المتدين والعلماني, وهم يبالغون في نظرتهم لمكانة الهيكل إلى حد وضعه في مركز العالم , وحسب تعبير الباحث محمد حماد الطل: "لأنه بني في وسط القدس الكائنة في مركز الدنيا، وقدس الأقداس الذي يقع في وسط الهيكل هو بمنزلة سُرة العالم، ويوجد أمامه حجر الأساس النقطة التي عندها خلق العالم. والهيكل عندهم كنز ثمين بل هو أثمن ما في السموات الأرض، لأن الله - كما يزعمون- خلق السموات والأرض بيد واحدة بينما خلق الهيكل بيديه كلتيهما، بل إن الإله قرر بناء الهيكل بنفسه قبل خلق الكون نفسه".
ولديهم تأملات شيطانية كثيرة بخصوص الهيكل، فالفناء المحيط بالهيكل بمنزلة البحر والمقدس هي الأرض وقدس الأقداس هي السماء، ولما هدم الهيكل في 70م، ولم يستطع اليهود إعادة بنائه ابتدعوا جملة من الأساطير جعلوها عقائد وطقوس لهم، فهم يذكرون الهيكل في كل المناسبات كالولادة والزواج والمرض وصلاة منتصف الليل وعند الوجبات والوفاة , فعند الزواج مثلاً يحطم العروسان كوباً فارغاً للتذكير بدمار الهيكل، وقد ينثر بعض الرماد على جبهة العريس لتذكيره بهدم الهيكل.
وجاء في دائرة المعارف البريطانية: أن اليهود يتطلعون إلى افتداء إسرائيل، واجتماع الشعب في فلسطين، واستعادة الدولة اليهودية، وإعادة بناء هيكل سليمان، وإقامة عرش داود في القدس وعليه أمير من نسل داود.
ويصوم اليهود يوما في كل عام، هو يوم التاسع من أغسطس احتفالا بذكرى هدم الهيكل، لأنه هدم في ذلك اليوم، ولهم صلاة خاصة في منتصف الليل حتى يعجل الإله بإعادة بناء الهيكل.(7)
ومن هنا فان الحديث عن الهيكل يأخذ مساحة كبيرة في التراث اليهودي القديم، وكذا في تراثهم الحديث، ويد التحريف اليهودية تزيد في المبالغة في الكلام عن الهيكل في كل عصر عن العصر الذي سبقه، ومن مقولات قادتهم السياسيين، وعلى رأسهم "بن جوريون" أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني:"لا معنى ولا قيمة لإسرائيل بدون أورشليم ولا قيمة لأورشليم بدون الهيكل"(8)
التناقض حول مكان الهيكل
ورغم أن موضوع هيكل سليمان له أصل في التراث الديني القديم والحديث عند اليهود، وأنه ذكر في "الكتاب المقدس" (التوراة وبقية الأسفار)، وفي التلمود، وهي كتب تم تحريفها بأيدي الأحبار والرهبان، ويحتل مساحة من تاريخهم القديم والحديث وأدبياتهم، إلا أنه من الناحية العلمية الموضوعية، فإن التاريخ لا يثبت وجود هذا الهيكل، بل يُعِدُّه من الأساطير والخرافات المؤسسة للعقيدة اليهودية.
ويمكن الرد على المزاعم اليهودية بخصوص الهيكل من وجوه عدة، من أهمها التناقض والاضطراب والاختلاف الموجود بين نصوص الكتاب المقدس حول مكان وجود الهيكل، ثم الاختلاف بين الطوائف اليهودية في المكان الذي بني فيه الهيكل، فاليهود السامريون يعتقدون انه بني على جبل "جرزيم" في مدينة نابلس، ولا يعترفون بالمزاعم اليهودية، ويستدلون على ذلك بسفر التثنية أحد أسفار التوراة الخمسة.
أما اليهود المعاصرون من الحاخامات والعلماء الباحثين، وخاصة القادمين من أمريكا وبريطانيا "الإشكناز" فهم يعتقدون أن هيكل سليمان تحت الحرم القدسي، ولكنهم مختلفون فيما بينهم في تحديد مكان الهيكل، واختلافاتهم تصل إلى خمسة أقوال كلها مختلفة ومتناقضة، فمنهم من يزعم انه تحت المسجد الأقصى، ومنهم من يزعم أنه تحت قبة الصخرة، ومنهم من يزعم أنه خارج منطقة الحرم، ومنهم من يزعم انه على قمة الألواح وهي في منطقة الحرم بعيدا عن المسجدين.
ولقد أثبت علماء الآثار من اليهود والأوروبيين والأمريكان الذين نقّبوا واشتغلوا بالحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي الشريف، أنه لا يوجد أثر واحد لهيكل سليمان تحت الحرم القدسي .. لا تحت المسجد الأقصى ولا تحت قبة الصخرة، وشاركهم في هذا الرأي كثير من الباحثين اليهود والغربيين، مما دفع بعضهم إلى أن يقول إن الهيكل قصة خرافية ليس لها وجود، ومن أشهر هؤلاء العلماء اليهود "إسرائيل فلنتشتاين" من جامعة تل أبيب ونشرت آراؤه منذ فترة قريبة، وغيره كثير.(9)
ولقد فنّدت دراسات أجراها باحثون وعلماء آثار يهود فكرة وجود هيكل سليمان في الحرم القدسي الشريف.. بل ذهب بعضهم إلى أن الهيكل قد بناه سليمان خارج الحرم القدسي، بل هناك دراسة حديثة لعلماء يهود تنص صراحة على أن منطقة الحرم القدسي الشريف خارجة عن المنطقة المقدسة لدى اليهود.
مكانة الهيكل في السياسة "الإسرائيلية"
وإذا نظرنا إلى موقف السياسة الإسرائيلية من الهيكل، نجد أن معتقدات الساسة اليهود بالنسبة لفلسطين ثلاثة:(10)
الأول: عودة شعب إسرائيل إلى أرض الميعاد، وقد عادوا.
الثاني: إقامة دولة لهذا الشعب، تكون أورشليم "مدينة الرب" عاصمة لها، وقد حققوا هذا عام 1948 و1967م
الثالث: إقامة هيكل الرب في جبل "موريا" على الأرض التي اشتراها داود عليه السلام من أرونا اليبوسي، حيث بناه ولده سليمان.. وهذا المعتقد يسعون إلى تحقيقه على أرض الواقع، وهناك مخططات يهودية لهدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل مكانه، ويكفي أن نعلم أنهم أعدوا الخرائط والمخططات الهندسية، ولديهم مجسّم معماري للهيكل يحتل جزءا من مساحة غرفة كبيرة، وكذلك مواد البناء أصبحت جاهزة، وهي محفوظة في مكان سري، وأعدوا أثواب الحرير الخالص التي يرتديها الحاخامات في الهيكل.
هل المسجد الأقصى بني علي أنقاض هيكل سليمان؟
ولو افترضنا جدلا وجود الهيكل اليهودي الأول والثاني، وتدمير الهيكل الثاني عام 70م – كما يزعمون - فهل المسجد الأقصى بني علي أنقاض هيكل سليمان؟
إن الحقائق التاريخية تكذب ادعاء اليهود بأن المسجد الأقصى قد بني علي ارض الهيكل اليهودي أو علي أنقاضه، فالثابت أن مكان المسجد الأقصى كان فضاء خاليا من أي بناء أو أنقاض بناء، عندما أسري بالنبي – صلي الله عليه وسلم – إلى بيت المقدس، وأن المسلمين عندما فتحوا القدس في عهد عمر بن الخطاب لم يكن هناك بناء قائم مكان المسجد الأقصى، بل إن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – هو الذي أزال الزبل والأتربة والقاذورات من علي الصخرة المشرفة التي أسري بالنبي – صلي الله عليه وسلم – إليها، ومنها كان عروجه إلى السماء، واختط عمر مسجده هناك، حتى جاء الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فبني المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وادعاء اليهود بأن حائط البراق الذي يطلقون عليه "حائط المبكي" هو جزء من الهيكل الثاني الذي هدمه تيطس، ليس صحيحا، فالهيكل الثاني – كما تذكر كتبهم - هدمه " تيطس" الروماني عام 70 م، وأزال آثاره بالكامل هدريان الروماني عام 135م، وهو الذي هدم جميع القدس وأزال حجارة الهيكل الثاني وبعثرها، وهذا لم يمنع استعمالها في إنشاءات مختلفة منذ عام 135م، وخلال العصور المتوسطة، ولذلك فان وجود شيء من هذه الحجارة في أي موقع، لا يعني أن الهيكل كان قائما في هذا الموقع، علاوة علي أنه لا يوجد دليل قاطع بأن هذه الحجارة هي أصلا من حجارة الهيكل.
كما أن المسلمين علي مر العصور، لم يعتدوا علي أية أبنية أو أثار يهودية، سواء بالهدم أو عن طريق المصادرة، كما أنهم لم يشيدوا المسجد الأقصى فوق هيكل سليمان، بل جاء في موقعه الحالي علي أساس قدسية هذه البقعة المباركة بنص القرآن الكريم والحديث الشريف، فهذا الموقع مرتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة الإسلامية.
وحائط البراق الذي يدعي اليهود ملكيته وأنه من بقايا الهيكل يعتبر وقفا إسلاميا، وهو الجزء الجنوبي الغربي من جدار الحرم الشريف ويبلغ طوله نحو 48مترا وارتفاعه نحو 17مترا.(11)
وهناك مجموعة أخري من الأدلة نسوقها هنا، تؤكد أن المسجد الأقصى لم يبن مكان هيكل سليمان أو علي أنقاضه وهي :
أولا: أن الصخرة التي بساحة المسجد الأقصى، تختلف كل الاختلاف عن الصخرة التي يقدسها اليهود، طبقا لما هو وارد عنها في صحفهم فالتلمود – حسب أكاذيبهم – يذكر أن الصخرة التي يقدسها اليهود ترتفع عن مستوى الأرض بمقدار ثلاثة أصابع، وأيد ذلك مؤرخهم وكاهنهم "موسي بن ميمون" في كتابه "طقوس الغفران"، بينما الصخرة الشريفة الموجودة حاليا بالمسجد الأقصى ترتفع عن مستوي سطح الأرض بنحو متر كامل، ومحيطها يناهز العشرة أمتار، وتحتها فجوة هي بقية مغارة قديمة، عمقها أكثر من متر ونصف، تبدو الصخرة فوقها وكأنها ملعقة بين السماء والأرض وبين الصخرة وقاع المغارة دعامة من الخشب حتى لا تنهار.(12)
كما أن صخرة المسجد الأقصى، هي صخرة قديمة جدا، ويرجع تاريخها إلى عهد ضارب في القدم.. قدم مدينة القدس ذاتها، وعهدها يسبق النصرانية، بل ويسبق اليهودية التي تزعم أنها هي التي قدستها، فهذه البقعة الطيبة من مدينة القدس كانت مباركة منذ أقدم العصور، وعلي حد قول الدكتور حسن ظاظا، فان "الحرم" الإسلامي الذي يضم "المقدسات الإسلامية" أقيم في المنطقة التي كان "ملكي صادق" ملك بيت المقدس، يدعو فيها باسم الله العلي زمان إبراهيم الخليل، عليه السلام.(13)
ومن الذين شكوا في أن تكون الصخرة الشريفة هي الصخرة المعنية في التلمود الباحث الألماني "شيك" في أوائل هذا القرن حيث قال: "إن الصخرة الحالية لم تكن في يوم ما داخلة ضمن قدس الأقداس – ومقصده في ذلك هيكل سليمان- أما صخرة اليهود فالله أعلم، ماذا صنع بها بختنصر وانطيخوس ابيفاتوس ملك سوريا اليوناني وتيطس وهدريان قواد وأمراء وملوك الرومان، وكذلك الصليبيون وغيرهم ممن دمروا مدينة القدس مرارا وتكرارا، تدميرا يكاد يكون كاملا بعد استيلائهم عليها".
ثانيا: قام الأثريون اليهود بعد حرب يونيه 1967 بعمل حفريات في أساس حائط البراق،الذي يسميه اليهود "حائط المبكي"، فما وجدوا فيه شيئا يشير إلى أنه من بقايا هيكل سليمان، وكل ما عثروا عليه في الحجارة التي تحت الأرض فقرتان من سفر النبي أشعيا محفورتان بخط يجعل نسبة تلك الحجارة لداود وسليمان مستحيلة، ولأن الكشف لم يكن دسما من الناحية السياسية، كما تريد حكومة "إسرائيل"، فقد وضعوه في مقبرة الصمت، أو سجل النسيان كعادتهم في كثير مما لا يريدون أن يعرفه العالم عنهم .
ثالثا: أثبتت جميع الحفريات أن الهيكل الخاص باليهود اندثر تماما منذ آلاف السنين وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار النصارى أكدوا ذلك، وكان آخرهم عام 1968م عالمة الآثار البريطانية الدكتورة "كاتلين كابينوس"، وقت أن كانت مديرة للحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس، فقد قامت بأعمال حفريات بالقدس، وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير الإسرائيلية، حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى، حيث قررت عدم وجود أي آثار البتة لهيكل سليمان، واكتشفت أن ما يسميه "الإسرائيليون" مبنى إسطبلات سليمان ليس له علاقة بسليمان ولا إسطبلات أصلاً، بل هو نموذج معماري لقصر شائع البناء في عدة مناطق بفلسطين، وهذا رغم أن "كاثلين كينيون" جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين لغرض توضيح ما جاء في الروايات التوراتية، لأنها أظهرت نشاطاً كبيراً في بريطانيا في منتصف القرن 19 حول تاريخ "الشرق الأدنى".
رابعا: أن المسجد الأقصى المبني حاليا في مدينة القدس، ليس في الزاوية التي بني عليها هيكل سليمان، كما يزعمون، لان المسجد الأقصى موجه إلي الكعبة الشريفة بمكة المكرمة، واتجاهه من الشمال إلى الجنوب، أما هيكل سليمان وإن كان علي نفس الجبل المسمي "موريا " إلا أنه كان مستطيل الشكل – كما ورد في كتب اليهود - ويتجه من الغرب إلى الشرق تجاه الشمس، ويعتقد بعض علماء الآثار أنه أخذ خطوطه الرئيسية من معبد آتون في تل العمارنة بمصر.(14)
خامسا: أكد كثير من المهندسين العالميين، الذين درسوا التربة التي يقوم عليها المسجد الأقصى، وتعمقوا فيها، بأنه لا يوجد في ذلك المكان أي دليل أو شبهة لأي من أثر هيكل النبي سليمان، الذي تدعي الصهيونية أنه مدفون بجوار حائط المبكي الغربي بالمسجد الأقصى، بل إن كل الدراسات تنتهي بنتيجة واحدة هي أن هيكل سليمان لم يكن موجودا في هذه المنطقة علي الإطلاق، ولا يوجد أي دليل تاريخي واحد يقطع بـأن حائط البراق الذي يسميه اليهود "حائط المبكي" هو جزء من هيكل سليمان بل إن اسمه الحقيقي كما سماه المسلمون "حائط البراق" نسبة إلى البراق الذي ورد ذكره في حديث الإسراء والمعراج.(15)
سادسا : ذكر الدكتور حسن ظاظا، الأستاذ بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية أن عاصمة الملك سليمان، خلال عهده في فلسطين، كانت تعادل ثلث حجم مدينة القدس الحالية، وأن هذه العاصمة مكانها حاليا بمدينة القدس ما يعرف بحارة اليهود، والذي كان به ما يسمي بهيكل سليمان، والمسافة بين حارة اليهود هذه حيث كان يوجد الهيكل وبين المقدسات الإسلامية توازي كيلوا مترا واحدا، مما يتبين معه أن المقدسات الإسلامية لم تبن إطلاقا علي هيكل سليمان كما يزعم اليهود.(16)
سابعا : أكد المهندس رائف نجم رئيس لجنة إعمار الأقصى المبارك – في مقابلة مع الكاتب – أن الحفريات اليهودية التي تمت في الحرم الشريف، منذ عام 1967 وحتى اليوم، لم تعثر علي أي أثر لهيكل سليمان، ولكنها اكتشفت آثارا إسلامية من العهد الأموي، وأخري بيزنطية ورومانية، وقال أنه دخل النفق الذي افتتحوه ووجد في داخله بعض الآثار الإسلامية، مثل الأعمدة والأقواس الإسلامية من العهد المملوكي، ولم يجد أي أثر يهودي.
الهوامش:
1- د. جعفر عبد السلام - المركز القانوني الدولي لمدينة القدس - سلسلة دعوة الحق - العدد 157- مكة المكرمة - محرم 1416هـ
2- عبد العزيز مصطفي - قبل أن يهدم الأقصى - دار التوزيع والنشر الإسلامية - القاهرة 1990م
3- المزاعم الصهيونية حول الهيكل الثالث - دكتور صالح حسين سليمان الرقب - الإسلام على الانترنت – 31 أكتوبر 2000م
4- موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (الجزء الرابع) - د. عبد الوهاب المسيري - دار الشروق
5- فرية الهيكل من أهم الأخطار المحدقة بالأقصى - الشبكة الإسلامية - 05/04/2007
6- المزاعم الصهيونية حول الهيكل الثالث - دكتور صالح حسين سليمان الرقب
للأقصى ربٌّ يحميه!!
|

كان الله في عون المقدسيين الأبطال الذين ينوبون عن مليار ونصف مليار من المسلمين في مواجهة العدوان اليهودي الصليبي على المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، فهو مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وثالث المساجد التي لا تُشَدُّ الرِّحال إلا إليها!!
بصدور عارية تضم قلوباً مؤمنة، يتصدى أهل بيت المقدس لأشرس بشر في تاريخ البشر، وبحجارة الأرض المباركة يقذفون جيش الاحتلال المدجج بأحدث ما في ترسانة الصليبيين الجدد من أدوات القتل والبطش!!

وحدهم بلا سندٍ إلا من ربهم الذي توكلوا عليه وحده، يواجهون الوحوش المتعطشة للدم، والدبابات المتلهفة للهدم، فالمسلمون كثرٌ ويتشوقون لنصرة قضيتهم الكبرى، لكن جماهيرهم محجوبة عن الحرب المفروضة على أشقائهم، من قبل حكومات تضع حماية العدو الاستئصالي النووي على رأس مهماتها، فهي تشاطر هذا العدو الهمجي والجبان في الوقت نفسه، مشاعر الذعر من أناس ليس في أيديهم سوى الحجارة، ويتواطأ العالم كله من أجل تركيعهم!!

إن هذه الصورة المؤلمة غير مسبوقة، حتى ما جرى من حفنة من الحكام الصغار في فترة الحروب الصليبية القديمة، فيومئذٍ لم يتمكن العملاء من تأمين طوق كامل لحماية سادتهم من سيوف المسلمين وسنابك خيلهم.
أما اليوم فالصمت المريب هو سيد الموقف بعامة، إذ إن الاستنكار اللفظي الباهت التقليدي أصبح في عهد أوباما فوق طاقة نظام عربي رسمي مهترئ.بل إن الصمت-وهو مشاركة في الجريمة-لم يعد كافياً لدى البيت الأبيض، ما دام سيف الابتزاز الأمريكي مسلطاً، والقابلية العربية للخنوع مطلقة وعلنية، فلقد باتت المهمة المطلوبة من جامعة الدول العربية توفير الغطاء لعصابة رام الله كي تكمل مهزلة التفاوض الشائنة، مع عدو لا يبقي لها ما تتفاوض عليه سوى مكاسب رخيصة لأبنائها المتغطرسين وجلاديها المنتفعين ببيع فلسطين كلها!!
وإن ثبات المقدسيين ضد الهجمة الصهيونية الضارية أسقط ما بقي من أوراق التين عن عباس وزمرته، فحركة حماس التي يتخفى وراءها لإطالة عذاب أهل غزة ليست مسيطرة على الضفة الغربية التي يفترسها اليهود ويتركون لأدوات رام الله دور كلاب الحراسة.

وعصابة أوسلو التي تقمع شعبها ليواصل اليهود مسيرة تهويد القدس وما حولها، ما زالت تمنع الفلسطينيين في مدن الضفة التابعة لها حتى من الاحتجاج السلمي الجماعي المنظم، أي في حدود شعارات البهائيين الحاكمين بأمرهم ضد الشعب الذي فرضهم الاحتلال زعماء قسريين عليه!!وإذا كانت سياسة حظر التفاعل الشعبي "العباسية"مفهومة في أثناء مجزرة اليهود في غزة، بذريعة بغض حماس وكراهية المقاومة المسلحة، فكيف يفهم –حتى المجانين!!-ممارسة البطش للغاية ذاتها، وهي الحيلولة دون نجدة أهل الضفة لإخوانهم المعزولين في القدس الأسيرة؟

وفي المناسبة، فإن الأمة صارت محصّنة في وجه حملات التضليل التي يتفنن بها أشياع التفاوض من أجل التفاوض حتى تهويد آخر شبر من فلسطين ونسف المسجد الأقصى!!
فنحن نعي تماماً إفلاس هؤلاء عندما يحاولون تحريف القضية عن موضعها، بإشغالنا في تفسير الخلافات الشكلية العابرة بين واشنطن وتل أبيب، وتقديم المسألة في صورة لغز يتعذر حله، ألا وهو : من الذي يقود الآخر أمريكا أم الكيان الصهيوني؟ومن هو الأقوى: أوباما أم نتنياهو؟فالموقف الجلي لعامة المسلمين هو اللامبالاة بتلك اللعبة السخيفة. أجل فنحن نوقن أنهم كلهم أعداؤنا، وليس يعنينا من هو صاحب القول الفصل فيهم، فهم يتنافسون أصلاً في الكيد لنا، ويتفاخرون دائماً في تقديم الشد عداء لنا والأعمق بغضاً لديننا.
كنيس الخراب".. فتح ودولنا تغادر التاريخ


2.jpg
لم يعد يبقى نزيه واحد في العالم الإسلامي والعربي يمكنه أن يتقبل سياسة "الحياد الإيجابي" التي تنتهجها الطغمة في رام الله إزاء الشعب الفلسطيني ولصالح الكيان الصهيوني، ولا إدارتها لرد الفعل حيال إرهاصات احتلال المسجد الأقصى أو تقسيمه، والتي يسرع الكيان الغاصب في تسريع وتيرتها مستغلاً لحظة مواتية لارتكاب جريمته، كما لا يمكنه نعت الحالة العربية الرسمية بأقل من أوصاف التواطؤ والتبلد. الثقة صارت معدومة، والتعويل أضحى سذاجة، وما عاد يجدي الحديث إلى على ابتكار وسائل جديدة لا تضع كل هؤلاء في حسابها، إلا بمقدار ما يتم خصمه من رصيد المقاومة الشعبية؛ فلقد غادر هؤلاء التاريخ، وغدا الكلام عن "أسبقية البندقية الفتحاوية" تاريخا غادره أصحابه، حين رضوا بالدنية وتجاهلوا المقدسات والقيم. لقد سقط هؤلاء عدة مرات من قبل في اختبارات المبادئ، ليس آخرها عدوان غزة الوحشي قبل ما يزيد عن عام، عندما تبين أن لبعضهم ضلعاً في الجريمة عبر الموافقة، وربما الحث على شن تلك الهجمة الدموية، مثلما برهنت على ذلك حركة حماس، لكن أخطر هذه الاختبارات هو ما يتعلق بقضية المسلمين الأولى في خلال نصف قرن الماضي، وهي التي لا تقبل أي محاتلة أو مداراة تتعلق في التفريط في مقدسات المسلمين المغتصبة. وعليه؛ فإنه عند هذه النقطة لابد أن يفارق أي مخدوع أو موهوم في حركة فتح الرافد الأول للطغمة المتنفذة المتحكمة في القرار الفلسطيني، تلك الحركة بعدما تنكرت لأي معنى من معاني النضال السابقة، وارتضت أن تكون أداة أكثر فظاظة من الاحتلال نفسه لتنفيذ متطلباته. "هل هان عليكم مسرى نبيكم؟ هل تنتظرون أن يرفع قطعان المستوطنين راية الكفر وراية الغصب والعدوان لترفرف في ساحات السجد الأقصى؟"، هذا ما قاله الأمين العام لحركة الجهاد الفلسطيني رمضان عبد الله شلح في ختام تظاهرة مخيم اليرموك الفلسطيني في سوريا، متوجهاً إلى الجماهير بعدما نفض يديه من حركة فتح وسلطتها الجاثمة على صدر أهالي الضفة الغربية، وهذا ما يمكننا أن نعيد ترديده هنا، معولين على أهل النخوة في فلسطين، لا مرتزقيها الذين يقدمون الدولار الدايتوني على مسرى النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، ولا عراتها الذين كشفوا عن سلطة يرسم الاحتلال مواقفها كل يوم بريشة فضائحها الأخلاقية الجديدة. لقد نجح الاحتلال في وضع معادلة جديدة في أرض الضفة العنيدة لما جاء بسلطة أشد منه مراساً في عدائها لـ"شعبها" ونضاله العظيم، وتمكن من تسكين الضفة نسبياً عبر خدمة دايتون، وتقليم أظافر جميع الأجنحة العسكرية بأدوات عربية، ومحاكاة لأساليب عرفتها أنظمة، لم يحسنها حتى الاحتلال نفسه أثناء احتلاله المباشر للضفة الغربية؛ فغدا الكل أسرى هذا الرعب الاستبدادي والممارسات القمعية في أقبية التعذيب التي أنضجت الحالة الحالية على نارها الهادئة، وصارت تلك الأرض التي أنجبت أبطال النضال الفلسطيني جدباء إلا من زروع قصيرة مستترة بين حشائش الأرض تحافظ على بعض مكتسباتها منتظرة لحظة الإثمار.
وما يقال عن الضفة ينسحب بكل تأكيد على النظم العربية التي تلتئم في اجتماعها القادم على ثآليل وملوثات لا يصلح معه أي قرار أو إجراء، ما دام مرهوناً بالإرادة الأمريكية مسلم قياده إليها، ومتى كان اجتماع قمتها هو التعبير عن أقصى درجات الخنوع التي ستقبل بها الشعوب أو تمررها على مضض وكراهة لا تؤثر في الواقع شيئاً. الطريق من بعد بدا ممهداً للحماقات الصهيونية التي ليس يجدي معها نفعاً تناولها من جانب يتعلق بالمنطق أو المشروعية؛ إذ لن يقدم للقضية كثيراً أو يؤخر مسألة "تخاريف" الحاخام الصهيوني مثلما قال بعض المسؤولين الدينيين الفلسطينيين وكونها لا تعبر عن "حقوق" لليهود في المنطقة؛ فما يجري الآن لا يعبر عن حق، وإنما يجسد القوة وانتهاز أضعف لحظات الضعف التي تمر بها الأمة الإسلامية والعربية لفرض أمر واقع جديد لا يمكن زحزحته في ظل الحالة الراهنة. لقد نجح هؤلاء وأولئك في إقصاء الفعالية النضالية إلى حد بعيد عن الضفة الغربية، الحاضنة الطبيعية والتاريخية للأقصى المبارك، واستطاعوا إخراجها من دائرة التأثير، ونجحوا في الإبقاء على الطموح بشأن انتفاضة أقصى جديدة في حيز الأماني والأحلام، برغم كل تقديري لأبطال الحجارة في الضفة على قلتهم في مخيم قلنديا وقرية نعلين الصامدة بالضفة. وحيث انقلبت الأبصار خاسئة عن تلك الأرض الغالية من فلسطين، وتضاءلت الآمال باندلاع موجات غضب فلسطينية تغذيها أخرى عربية، وجد العدو الصهيوني الباب مشرعاً أمام المزيد من كسب الوقت والأرض والمقدسات، ومن ثم "الشرعية" الأبدية لحكمه الجائر، وبدت مسألة اشتعال انتفاضة جديدة قال جهاز الاستخبارات الصهيوني أنه يتم التحضير لها هذه الأيام على خلفية الأحداث الحاصلة في القدس وبعض بلدات الضفة، ضعيفة، لاسيما بعد أن تبين أن قيادات فتحاوية بدأت تحاول ابتزاز قوى المقاومة بما صوروه كدعوة لـ"كل القوى الوطنية الفلسطينية بما فيها حركة حماس إلى مؤتمر وطني شامل لصوغ سياسة واحدة تدافع بها عن المقدسات الإسلامية."، كما قال النائب محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مفوض الإعلام والثقافة، والمتهم الأول عند القوى الإسلامية والوطنية فلسطينياً بالتنسيق مع الكيان الصهيوني، بينما هو في الواقع محاولة رخيصة لاستغلال هذا الموقف للضغط على حركة حماس من أجل "التوقيع على ورقة المصالحة المصرية"!! بدعوى "تغليب مصالح الشعب الفلسطيني ، وإدراك خطورة الوضع في ظل ما تتعرض له القدس"، والكلام كله لدحلان.
إن ما أحدثته "إسرائيل" من خرق جديد بافتتاح كنيس الخراب كتمهيد لاحتلال أو هدم الأقصى، هو بطبيعة الحال نتاج واضح للخضوع في المنطقة، ولا فرق في الحقيقة في "المحاور"؛ فالكل لم يحرك ساكناً، بل لعل أهل "التصدي والصمود" كانوا أكثر "اعتدالاً" من غيرهم، ولديهم حوافزهم "النووية" و"الإقطاعية" لتمرير موقف "هادئ"؛ فما تحويه ملفات هؤلاء وأولئك "أعز وأغلى" من الأقصى، تتعلق بملفات النووي والنفوذ والحكم والمال.. الخ، وهو بدوره لا تجري بركته إلا على من يستحقها، وهم أهل ثغره الأطهار.

عيون أمريکا علی المسلمين؟؟

عيون أمريکا علی المسلمين؟؟
هتافات بمكبرات الصوت في أمريكا ضد الإسلام؟؟
مسلمو بريطانيا الأكثر وطنية في أوروبا؟؟
الاعتداءات العنصرية ضد المسلمين في الغرب؟؟
ترميم أقدم مسجد بليفربول البريطانية

تحليل ناجي هيكل

وقف الغرب موقفا منزعجا ومتشددا وأحيانا انتقاميا تجاه الجماعات الشرقية أو المسلمة التي حاولت امتلاك أدوات القوة الغربية مثل اللغة وقوة الاقتصاد وفهم السياسة والقانون وأساليب العمل الإعلامي للتقريب بين مواقف المجتمعات الشرقية المستضعفة والغرب المستعمر.
نرصد بعدستنا مشاهد من الساحة الأمريكية تبين بعض ما تتعرض له الأقلية المسلمة-علمًا بأن هذه الأقلية يتراوح عددها ما بين ستة أو سبعة ملايين شخص من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 300 مليون- هناك في الوقت الحالي ليعي كل ذي عقل أن أقوال هؤلاء القوم تخالف أفعالهم ونبدأ حديثنا بقول لأحد ساساتهم.فقد قال مايكل بوزنر مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية :"نحن ندرك بشكل كامل،أنه حتى في الدول ذات التدابير القانونية القوية،بما فيها الولايات المتحدة،فإننا لسنا محصنين من أفعال التعصب"،مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة والدول الغربية،يجب عليها أن تتنبه للتمييز الذي أصبح يتعرض له الكثير من المسلمين في الغرب.وكان مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" قد رصد ارتفاعًا ملحوظًا فى نسبة الاعتداءات العنصرية، وأعمال الإساءة ضد المسلمين في الولايات المتحدة، خلال الشهور القليلة الماضية.طالب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" إدارة الرئيس باراك أوباما بمراجعة دليل مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي "إف بي آي"، الذي كُشف عنه مؤخرا لمراقبة المسلمين في المساجد والأماكن العامة، معتبرين أنه ينتهك حقوقهم المدنية من خلال التجسس وزرع مخبرين بالمساجد. وفي تصريحات صحفية قالت المستشارة القانونية لـ"كير": "على إدارة أوباما أن تراجع الدليل الإرشادي وتعمل على مطابقته للدستور الأمريكي، وأن تراعي قيم الحرية الدينية واحترام الحريات المدنية".وحثت كير،إحدى أكبر المنظمات الإسلامية بالولايات المتحدة، النائب العام إيرك هولدر للعمل على إزالة المخاوف والقلق حول دليل "إف بي آي" بشأن التحقيق وملاحقة المسلمين. وحجب الدليل الإرشادي الذي يعود لعهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، فصلا يوضح كيفية ملاحقة مكتب التحقيقات الفيدرالية للمسلمين بأمريكا، دون وجود أدلة على ارتكاب مخالفات، بالإضافة لاستخدام المخبرين في المساجد.وقالت: "الدليل يؤجج المخاوف من أن إدارة بوش وضعت سياسات من شأنها أن تؤدي حتما إلى انتهاك للدستور وحرمان الأمريكيين من ممارسة شعائرهم الدينية".وأكدت "كير" على أن العديد من الجماعات المدافعة عن الحريات المدنية حذرت مرارًا من زرع مخبرين داخل أماكن العبادة، وقالت المستشارة القانونية لـ "كير": "استخدام مكتب التحقيقات الفيدرالي للمخبرين في المساجد دون سبب يؤشر على النشاط الإجرامي الذي يثير خوفا لدى الأقلية الإسلامية بأمريكا".وكان العديد من كبرى المنظمات الإسلامية بأمريكا قد هددت في وقت سابق من العام الجاري بقطع علاقات التواصل مع مكتب التحقيقات الفيدرالية ووزارة العدل؛ احتجاجا على نهجها في التعامل مع الأقلية الإسلامية.دعا مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) مكتبَ التحقيقات الفيدرالية للتحقيق في قيام منظمة أمريكية متطرفة برفع شعارات معادية للإسلام والنبيِّ محمدٍ-صلى الله عليه وسلم- أمام أحد المساجد بولاية فلوريدا الأمريكية.وتجمّع أكثر من 20 شخصًا بمكبرات الصوت وهم يهتفون بهتافات معادية للإسلام، أمام مسجد الجمعية الإسلامية بمنطقة تمبا باي بولاية فلوريدا الأمريكية السبت 31 يناير، وهو ما تسبب في ذُعْرٍ للمصلين والأطفال المسلمين.وردّد المتظاهرون، الذين وُصفوا بأنهم ينتمون إلى (جماعة توراتية) هتافات مسيئة للنبيِّ محمدٍ- صلى الله عليه وسلم- كما قاموا بتوزيع مواد ومنشورات معادية للإسلام.وقال المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية كير في مدينة تمبا: "أنه ينبغي أن يكون لدى الأمريكيين من جميع الأديان القدرة على الحضور إلى دور عبادتهم دون خوف من التحرُّش أو الإرهاب),ودعا مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) إلى التحقيق فيما إذا كانت هذه الحادثة تتجاوز حرية التعبير إلى التحرّش الديني.وذكرت إحدى الصحف أنه يتم حاليًا في الولايات المتحدة تنظيم مركز دراسات جديديحمل اسم" معهد مكافحة الإسلام" ويعمل على تأسيسه أحد زعماء جماعة المحافظين الجدد,والذي يوصف بـ الناشط المناهض للإسلام. ويقول - حسب مقال مترجم بثه موقع إخباري إلكتروني - :"على المدى الطويل تؤدي الأنشطة الإسلامية من الناحية القانونية إلى فرض مخاطر وتحديات كبيرة تفوق تلك التي تفرضها الأنشطة الإسلامية غير القانونية", وتتضمن أنشطة هذا المعهد الجديد, العمل من أجل تغيير واستبدال مبادئ العقيدة الإسلامية, إضافة إلى التركيز على إلغاء المحرمات, وتقديم فتاوى تبيح وتحلل ما حرمه الإسلام, ومن أمثلة ذلك -على حد تعبير هذا الرجل- إلغاء الحساسية الإسلامية إزاء لحم الخنزير, وشرب الخمور وغير ذلك.وتتعاون أطراف عدة مع دانيال بيبيس في إنجاز هذا المشروع, ومن أبرزها مركز التعددية الإسلامية الأميركي, والذي يترأسه اليهودي ستيفن سفارتز, والذي يعمل حاليًا من أجل مناهضة الحركات الإسلامية المسلحة,وعلى تعبيره يجد الكثير من الدعم والتعاون بوساطة بعض الشخصيات الإسلامية" المعتدلة"!.ويقوم منتدى الشرق الأوسط بتوفير الدعم والتمويل لمعهد مكافحة الإسلام, وبالقدر نفسه أيضًا تقوم لجنة تحرير لبنان التي يتزعمها زياد عبد النور بدور داعم ومساند لجهود دانيال بيبيس.يقول دانيال بيبيس: إن معهده سوف يعمل من أجل الحد من دخول المسلمين والعرب إلى أرض الولايات المتحدة, وذلك لأن وجودهم داخل أميركا سوف تترتب عليه المزيد من المخاطر والتهديدات للأميركيين, إضافة إلى أن المسلمين سوف يشكلون -على حد تعبيره- طابورًا خامسًا ضد اليهود الأميركيين.سيهتم معهد مكافحة الإسلام, بالقضية الفلسطينية, وقد صرح دانيال بيبيس لإحدى قنوات التلفزيون الاسترالي في الأسبوع الماضي قائلًا: "إن خطة فك الارتباط في قطاع غزة التي يوافق عليها ايهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي, وقبوله للتفاوض مع رئيس السلطة الفلسطينية, تمثل جميعها أخطاء فادحة وذلك لأن 80 %من الشعب الفلسطيني بما فيهم الرئيس من المسلمين, وبالتالي فهم يؤيدون تدمير إسرائيل.ومن ثم قام بإعداد تقرير -على حد تعبيره- أثبت أن جميع هذه المظاهر والنزعات تمثل شيئًا واحدًا هو التهديد لأمن واستقرار أميركا.ويقول دانيال بيبيس حاليًا بأن من أولويات معهده الجديد المطالبة بإصدار تشريعات تحرم وتجرم وتعاقب كل من يعارض إسرائيل, أو يؤيد الفلسطينيين, أو يتعاطف مع الإسلام وذلك باعتبارها أفعالًا تقع ضمن دائرة الفعل الإرهابي. واستمرارا لحملة العداء وإمعانًا في الكراهية للمسلمين في الولايات المتحدة، قررت منظمة أمريكية أخرى تنظيم حملة دعائية لتنفير الأمريكيين مما سمتها "أحكام الشريعة الإسلامية المرعبة"، ودعت إلى جمع تبرعات تمكنها من استئجار لوحة إعلانية كبيرة لمدة ستة أشهر ليُكتب عليها "الشريعة الإسلامية هي الكراهية"-كبرت كلمة تخرج من أفواههم وخسئت أقلامهم-.وذكر مدير فرع المنظمة وتدعى (اللجنة الأمريكية المتحدة) بولاية فلوريدا آلان كومان:" أن الحملة تأمل في إيقاظ الجماهير لمناقشة الشريعة الإسلامية، بشكل شامل"، زاعما ضرورة أن يفهم الأمريكيون التنافر بين نمط الحياة الأمريكية والعيش بمقتضي الشريعة، وزاد في تبجحه قائلا: "إذا تهاون شخص ما مع فظائع تطبيق الشريعة، فإنه يتعذر العيش في ظل دستورنا الأمريكي، ووثيقة الحقوق الأمريكية"، منتقدا الحدود الخاصة بقطع يد السارق، ورجم الزاني، وقتل المرتد، مشيرًا إلى أن جميع اللوحات الإعلانية التي تستعين بها المنظمة، ستحمل عنوانا إلكترونيا يمكن من خلاله معرفة المزيد عن الشريعة الإسلامية.

25%،أما الفئة الثالثة فهي قطاع الأمريكيين غير الحاصلين على تعليم جامعي وقد بلغت نسبتهم 28% وهناك أيضًا استطلاع للرأي أجري بين عدة فئات رئيسة من الشعب الأمريكي على نسب التعاطف مع الإسلام ومساندة المسلمين, فوجد أن أضعف الأمريكيين تعاطفًا ومساندة تتمثل في الفئة الأولى التي شملها الاستطلاعوهي الإنجليكيون المتدينون وقد بلغت نسبةمن يساندون الإسلام منهم21% فقط،والفئة الثانية هي فئة الأمريكيين ممن تفوق أعمارهم 65 عامًا
.مسلمو بريطانيا الأكثر وطنية في أوروبا
كشفت دراسة حديثة عن أن المسلمين في بريطانيا هم الأكثر وطنية في أوروبا، وهو ما يفتح المجال أمام النقاشات المتعلقة بمسألة التنوع الثقافي في بلدان الاتحاد الأوروبي والسياسات الخاصة بهذه المسألة، بحسب صحيفة "الصنداي تايمز" البريطانية الأحد 13-12-2009.
وأفادت رحماء أن الصحيفة نقلت مقتطفات من الدراسة التي مولها الملياردير الأمريكي من أصل يهودي جورج سوروس، كشفت عن أن حوالي 78% من مسلمي بريطانيا يرون أنفسهم بريطانيين، باستثناء مناطق شرق لندن، التي تزداد فيها نسبة المهاجرين من الدول المسلمة في وسط وجنوب آسيا، وخصوصا باكستان؛ حيث تراجعت نسبة من يرون منهم أنفسهم بريطانيين إلى مستوى 72%، بانخفاض ست درجات عن المتوسط العام لمسلمي بريطانيا في هذا الشأن.
وكلتا النسبتين هي الأعلى بالمقارنة مع مسلمي أوروبا في البلدان الأخرى ممن يرون أنفسهم ينتمون إلى البلدان التي يقيمون فيها؛ حيث بلغت نسبة هؤلاء في فرنسا 49%، و23% في ألمانيا.
وأرجعت الدراسة ذلك التراجع في كلا البلدين، إلى أن المسلمين المهاجرين إلى ألمانيا لم ينالوا حقوقهم المدنية إلا في العام 1990، بينما لعبت سنوات الاستعمار الفرنسي للجزائر دورها في تقليص النسبة لدى مسلمي فرنسا.
وأضافت رحماء أن نتائج الدراسة اعتمدت على 2200 مقابلة شخصية، أجريت على مدار عامين ونصف، وسط أكثر من 60 مجموعة سكانية في 11 مدينة أوروبية، هي الأكثر تعبيرا عن الواقع الديموجرافي للمسلمين في الاتحاد الأوروبي، بحسب الصحيفة.
وأشارت إلى أن مسلمي بريطانيا البالغ عددهم حوالي 2.5 مليون نسمة بحسب آخر إحصائية رسمية- يشكلون نسبة 3.3% من تعداد سكان بريطانيا الذي ناهز الستين مليونا- هم الأكثر اندماجا في مجتمعهم من أي بلد آخر من بلدان الاتحاد الأوروبي.
وكشف المسح الذي أجرته الدراسة أن مستوى الانتماء الوطني أو الوطنية أعلى بكثير لدى الجيل الثاني من المسلمين، ففي ليستر، التي تعد مثالا ناجحا للتعددية الثقافية بحسب قول الصحيفة، قال 72% من المسلمين المولودين خارج بريطانيا إنهم بريطانيون، بينما ارتفعت النسبة إلى 94% لدى المسلمين المولودين في المملكة المتحدة.
نقاشات حول الاندماج
ورأت "الصنداي تايمز" أن هذه الدراسة سوف تعيد فتح المجال أمام النقاشات المتعلقة بمزايا التعددية الثقافية، والسياسات الخاصة بها، والتي دعمت التنوع الثقافي والديني لدى الأقليات في بريطانيا.
لكن هذه السياسات تلاقي انتقادات من أطراف حقوقية قالت بأن دعم التنوع الثقافي والديني وخصوصيات كل أقلية تعوق الاندماج، ومن بين هؤلاء تريفور فيليبس رئيس لجنة المساواة وحقوق الإنسان في بريطانيا.
وتختلف السياسات المتبعة في بريطانيا في هذا الإطار عن تلك الموجودة في فرنسا، التي تفخر -بحسب تعبير الصحيفة- بأنها تتبنى العلمانية رسميا، وتطبقها على مختلف ألوان طيف المواطنين الفرنسيين، وفيهم المسلمون؛ حيث تم -على سبيل المثال- منع ارتداء الحجاب داخل الفصول في المدارس الحكومية الفرنسية.
وبالمقارنة مع نتائج الدراسة التي مولها سوروس، أشارت دراسة أخرى حديثة أجراها معهد المجتمع المفتوح البريطاني إلى أن 41% فقط من مسلمي فرنسا يرون أنفسهم فرنسيين.
كما أن نتائج الدراسة تبدو متناقضة مع بعض نتائج بعض الدراسات والبحوث الأخرى التي أجريت في بريطانيا في السنوات الأخيرة، والتي تشير إلى أن بعض المسلمين قد فشلوا في تبني القيم البريطانية.
ففي العام 2006 وجد استطلاع شعبي للرأي، أن 7% من البريطانيين قالوا إن الهجمات الانتحارية ضد المدنيين يمكن تبريرها.
وفي الفترة الأخيرة زادت مساحة النقاشات بشأن اندماج الـ20 مليون مسلم الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي، بعد الاستفتاء المثير للجدل الذي أجرى في سويسرا، بشأن حظر بناء المآذن في البلاد، كما يعبر الكثير من الأوروبيين عن مخاوفهم بشأن "عدم اتفاق بعض أحكام الإسلام مع قيم أوروبا المسيحية العلمانية".
وأظهر استطلاع أجراه مركز "سي. إس. إيه" لاستطلاعات الرأي لصالح صحيفة "لوباريزيان"، ونشرت نتائجه الخميس 10-12-2009، أن 54% فقط من الفرنسيين يرون أن الإسلام لا يشكل أي تهديد لقيمهم، كما كشف عن تباين واضح بين الأجيال المختلفة في موقفها من الإسلام؛ حيث أشار إلى أن الشباب الفرنسي أكثر انفتاحا على الإسلام ممن هم أكبر سنا.
ويمثل المسلمون البالغ عددهم حوالي 20 مليونا في دول الاتحاد الأوروبي، نسبة 4% من تعداد سكان دول الاتحاد الـ27 البالغين حوالي 499.8 مليون نسمة في الأول من يناير 2009، بحسب إحصائيات المكتب الأوروبي للإحصاء "يوروستات".
تمييز
كما كشفت دراسة سوروس في الوقت ذاته، عن أن 55% من المسلمين الذين يعيشون في بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27، يؤمنون بأن التمييز الديني والعرقي قد ازداد ضدهم في السنوات الخمس الماضية، لكنها أثبتت أنه لا يوجد تأثير أو ارتباط بين درجة التدين وبين مستوى الشعور بالانتماء الوطني.
وركز باحثو الدراسة في دراستهم على ليستر سيتي، والتي غالبا ما يتم الإشارة إليها كنموذج ناجح للتعددية الثقافية، وكذلك منطقة والتايم فوريست، التي في شرق لندن، والتي بدا من نتائج المسح الذي أجري فيها تأثيرات المداهمات التي أجرتها الشرطة البريطانية في أوساط المسلمين هناك في العام 2006، على زيادة نسبة ابتعاد المسلمين عن الانتماء الوطني إلى بريطانيا.
وفي تعليقها على نتائج الدراسة، قالت نادية حسين مديرة المشروع البحثي، إن هناك ما وصفته بـ"رسالة مزعجة" وراء هذه النتائج، فعلى الرغم من إشارة الدراسة لارتفاع نسبة الانتماء الوطني بين المسلمين؛ لكن تظل هناك شرائح منهم لا ترى في بريطانيا وطنا لهم، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى فاعلية سياسات الاستيعاب والدمج المتبعة في المملكة المتحدة.
وبعد تفجيرات لندن التي وقعت في يوليو 2005، وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى، زادت الحملات الأمنية الموجهة في داخل التجمعات المسلمة في أنحاء مختلفة في بريطانيا، خصوصا في العاصمة لندن وضواحيها، تحت بند مكافحة الإرهاب.
الاعتداءات العنصرية ضد المسلمين في الغرب
كشفت إدارة الشئون الثقافية والاجتماعية بمنظمة المؤتمر الإسلامي عن تقرير صادر عن مركز خاص يقوم على رصد كل أشكال العنف والاضطهاد ضد المسلمين بالعالم الغربي من أجل تعزيز الوعي العالمي حول ظاهرة الإسلاموفوبيا.
وأفادت رحماء أن مصادر في المؤتمر الإسلامي قالت إن المركز الذي يعمل كذلك على مواجهة كل أشكال التعصب والكراهية ضد المسلمين قد أصدر تقريرًا حوى العديد من حالات اضطهاد المسلمين في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا.
وجاء في التقرير أن اتحاد الطلاب الليبراليين في بلجيكا أصدر بيانًا يرفض فيه توجه الحكومة البلجيكية نحو حظر ارتداء الحجاب وأكد رفضه لأي تدخل من جانب السلطات في خيارات الطالبات المسلمات أيًا كانت المبررات التي تروج لها الحكومة. من ناحية أخرى رصد المركز التابع لإدارة الشئون الثقافية والاجتماعية بمنظمة المؤتمر الإسلامي حالة من العنصرية الشديدة ضد ستة من رجال الشرطة الفرنسيين المسلمين حيث تعرضوا لإهانات بعبارات عنصرية في وحداتهم.
وبالإضافة إلى ذلك كشف تقرير المركز عزم الحكومة السويسرية إجراء استفتاء يوم 29 نوفمبر المقبل لمنع بناء المآذن في المساجد نتيجة لتخوف بعض الجماعات بسويسرا من الوجود المتنامي للمسلمين بأوروبا. وفي أمريكا عرضت مدرسة كاونسل روك الثانوية بولاية كاليفورنيا فيلمًا معاديًا للإسلام، انُتجته مؤسسة مرتبطة بالكيان الصهيوني ويحمل الفيلم اسم "الهاجس حرب الإسلام المتطرف ضد الغرب" اعترض عليه مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ووصفته مندوبة المجلس في بنسلفانيا مروة التركي بأنه يروج للتعصب والكراهية.
وفي بريطانيا أميط اللثام عن واقعة اعتداء وإهانة لمسلمة كانت تتناول طعام الإفطار في فندق باونتي هاوس بمدينة مرسيسايد الإنجليزية عندما توجه إليها مالك الفندق ووصف النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بـأمير الحرب فيما سخرت زوجته من حجاب المسلمة، وقالت إنه شكل من أشكال العبودية وقد وجهت لهما المحكمة تهم إثارة الكراهية الدينية، وفق زعمها.
أما في هولندا فقد وصف النائب الهولندي اليميني جيرت فيلدرزر خلال جلسة للبرلمان حجاب المرأة بأنه منظر يلوث الشارع الهولندي - على حد كذبه - وطالب بأن تحصل المسلمة الراغبة في ارتداء الحجاب على تصريح من السلطات الهولندية إلى جانب دفع مبلغ 1500 دولار سنويًا.
إدانات لتجسس بريطانيا على مسلميها
وصفت منظمات إسلامية في بريطانيا بالفضيحة ما ذكرته تقارير إعلامية عن أكبر عملية تجسس داخلي على المسلمين تحت شعار برامج اجتماعية، وهي تقارير نفتها الحكومة البريطانية.
وأفادت رحماء أن المنظمات طالبت بلجنة تحقيق برلمانية واعتذار حكومي رسمي، وحذرت من تهميش المسلمين وصنع جو الشكوك حولهم.
ودعا مجلس مسلمي بريطانيا - وهو مظلة لنحو 500 هيئة إسلامية في البلاد- الحكومة إلى التراجع عن سياساتها وإنهاء برنامج التجسس بعد أن فقدت المصداقية وثقة المسلمين.
واعتبرت المبادرة الإسلامية في بريطانيا أن ما جاء في التقارير إساءة للجالية المسلمة وتعامل معها بطريقة غير مقبولة على اعتبار أن المسلمين في البلاد من الدرجة الثانية.
بدائرة الشبهات
وقالت إن هذا البرنامج -الأكبر والأعقد في بريطانيا- عدوان على خصوصية الجالية المسلمة التي تصنف جالية مشكوكا في ولائها وفي دائرة الشبهات.
وقال رئيس المبادرة الإسلامية في بريطانيا محمد صوالحة إن التقرير أشار إلى أن العملية أعطت نتائج عكسية، فالمطلوب مواجهة التطرف لكن العملية زادته لأنها تُشعر الجالية المسلمة بأنها مستهدفة.
وأضاف الحال مع مدرسي المدارس، وقد طلبت أوساط حكومية من الأئمة التجسس على المسلمين.أن القيادات المسلمة تقف ضد هذه السياسة ولا يعني ذلك عدم وجود أصوات مؤيدة لأنها تتلقى الدعم من البرنامج نفسه.
وحسب صوالحة، رفض مدرسو الجامعات عرضا بالتجسس على طلابهم وكذلك

ترميم أقدم مسجد بليفربول البريطانية
في مدينة ليفربول البريطانية يتطلع ما لا يقل عن عشرين ألف مسلم من سكانها إلى إيجاد مورد مالي كفيل بترميم وإنقاذ رمز إسلامي نادر في مدينتهم.
وأفادت رحماء أن هذا الإرث يتمثل في مسجد ومركز إسلامي يعود تاريخهما إلى العام 1889 للميلاد، أسسهما المواطن الإنجليزي وليام هنري، وهو محام بارز وشاعر اعتنق الإسلام وغير اسمه إلى عبد الله غليام في القرن التاسع عشر بعد زيارته المغرب.
وتشكلت في مدينة ليفربول "جمعية عبد الله غليام" بهدف إنقاذ هذا الإرث الإسلامي التاريخي وإعادة ترميم المبنى الضخم المهجور وتحويله إلى متحف يجمع متعلقات عبد الله غليام ومقتنيات إسلامية تاريخية من بريطانيا.
وتسعى الجمعية كذلك إلى إعادة افتتاح المسجد إلى جانب مركز إسلامي يساعد أبناء الجالية المسلمة في المدينة الذين يضيق بهم المسجدان الوحيدان فيها.
وقبلت بلدية ليفربول تأجير المبنى لجمعية عبد الله غليام شريطة تحمل مبالغ ترميم المبنى التي تقدر بخمسة ملايين جنيه إسترليني (ثمانية ملايين دولار تقريبا) في الوقت الذي تعاني فيه الجمعية من قلة التبرعات وعدم الوفاء بوعود تلقتها من عدة جهات.إسلام غليام
وأضافت رحماء أن قصة إسلام عبد الله غليام الذي ولد في مدينة ليفربول البريطانية تعود إلى ﻋﺎم 1856 خلال زيارته المغرب تعرف خلالها على الدين الإسلامي حيث أﺸﻬر إسلامه عام 1887 قبل أن يعود ﺇﻠﻰ ﻤﺴﻘط ﺮﺃﺴﻪ بليفربول.
ومن هناك ﺑﺪﺃ في نشر الدعوة بتقديم المحاضرات وعقد الندوات عن الإسلام لسكان مدينته ﺬﻮي الأصول الإنجليزية، مكونا بذلك النواة الأولى لمعهد ليفربول الإسلامي.
وتجمع حول الشيخ عبد الله مجموعة ﻤن المصلين من ذوي الأصول الإنجليزية، أصدرت ﻤﺠﻟﺔ "ﺍﻟﻬﻼل" ثم مجلة أخرى شهرية بعنوان "العالم الإسلامي"، من داخل ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ووزعت في أكثر من عشرين دولة.
وقد أنشأ عبد الله إلى جانب ذلك مدرسة داخلية للبنين ومدرسة نظامية للبنات، ومسرحا ومكتبة ومختبرا للعلوم، مما أكسبه مزيدا من النجاح، حتى دفعه توسع النشاطات هذا إلى ﺸﺭﺍﺀ المباني المجاورة.
وقد شهدت الدعوة الإسلامية ازدهارا على يد عبد ﺍﷲ غليام وجماعته، حتى إن سلطان تركيا خلال زيارته ليفربول منحه لقب ﺸﻴﺦ ﺍﻹﺴﻼم في ﺍﻟﺠﺯر ﺍﻟﺒرﻴﻁﺎﻨﻴﺔ.
تراجع
وتراجع نشاط المجمع الإسلامي بعد رحيل غليام ﺇﻟﻰ ترﻜﻴﺎ عام 1908 ليتوقف بعد رحيل المسلمين ﺇﻠﻰ ﺃطراف مدينة لندن.
وبعد ﻫﺠﺭﺓ ﺍﻠﻤﺴﻠﻤﻴن ﻤن مدينة ليفربول أخلت بلدية المدينة المباني الخاصة وظلت إلى وقت قريب تستخدمها مكاتب لتسجيل الزواج والمواليد والوفيات.
ولا تزال إحدى غرف البناية تحمل اسم "المسجد"، ورغم أن الموظفين يطلقون عليها ذلك الاسم فإنهم لم يكونوا يدركون أصله، حتى اكتشفوا أخيرا أن مخزن الملفات ذلك ما هو إلا أول مسجد في بريطانيا.
وقال مهند أحمد عضو لجنة عبد الله غليام للجزيرة نت إن المبنى بحاجة إلى مليون جنيه إسترليني (أكثر من 1.5 مليون دولار) لترميم أجزاء منه.
وقال إنهم يقومون الآن بترميم سقف المبنى، معربا عن أمله في إعادة فتح المسجد وتوسيعه وإعماره ليبقى ﺇرثا ﺇﺴﻼﻤيا ﻴؤﺭﺥ لتأسيس ﺃﻭﻝ مسجد في بريطانيا، مؤسسوه ﻤن ﺃﺼﻭل ﺇﻨﺠﻠﻴزﻴﺔ أنجلوسكسونية اعتنقوا ﺍﻹﺴﻼم وتبنوا تعاليمه ولم يكونوا مهاجرين من ﺒﻼد ﺃﺨرﻯ.
مشروع لدعم المسلمات المعتدى عليهن بسبب ارتداء الحجاب ببريطانيا
كشفت مصادر إعلامية النقاب عن انطلاق مشروع يهدف إلى توظيف ومساعدة الفتيات المسلمات اللاتي عانين من سوء المعاملة والعداء بسبب ارتدائهن الحجاب في بريطانيا، ويهدف المشروع إلى تأهيل الفتيات نفسيا واقتصاديا حتى يستطعن مزوالة حياتهن في أمان.
وأفادت رحماء لقد حصل مشروع الفتيات المسلمات المهنيين على منحة تقدر بحوالي 498 ألف جنيه إسترليني وقد تم تدشين هذا المشروع بعد حديث الفتيات عن الاعتداء الذي تعرضن له. حسب موقع صحيفة "الجارديان".وقالت فياز أختار، التي تعمل في كيران بوصفها منسق المشروع، والتي مرت شخصيا بتجربة الإساءة إليها بسبب ارتداء الحجاب "لقد تعرضت إلى الإساءة مرتين أو ثلاث مرات على الأرجح. لقد كنت في سيارتي مع ابنتي وجاء رجل من ورائي وخرج من سيارته وبدأ في سبي والإساءة إلي قائلا "عودوا إلى بلادكم"، مضيفة "لقد أصابني الذهول بسبب الموقف".
وأضافت أختار "لقد أُلقي في وجهي سيجارة مشتعلة وتعرضت العديد من النساء إلى البصق والشتائم في الشارع, بل ووصل الحد إلى سحبهن من حجابهن لنزعه".
ووصفت أختار كيف تعرضت ابنتها البالغة من العمر 12 عاما, للسب في محل والتامسو بسبب ارتدائها للحجاب
هيئة علماء والدعاة في بيت المقدس :
الصهاينة يخططون للقضاء على الطابع الإسلامي للقدس
قال مكتب هيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس إن حكومة الاحتلال الصهيوني تسعى وعن طريق خطة مبرمجة للقضاء على الشكل الهندسي والطابع الإسلامي لمدينة القدس عبر تهويدها كاملة.
أفادت رحماء أن هيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس برئاسة الشيخ عكرمة صبري أوضحت أن قرار الاحتلال جعل الاستثمار في مدينة القدس أولوية على ما سواها من البلدات يعني وجود خطة مدعومة للقضاء على الشكل الهندسي للقدس وانتزاعه من التراث العربي الاسلامي تدريجيا.
وجاءت تصريحات صبري على خلفية توقيع ما يزيد عن 300 حاخام ورجل دين يهودي متطرفين على عريضة تؤيد الفتوى التي اصدرها مجموعة من الحاخامين قبل عدة اسابيع، والتي تحرّم تحريماً قطعياً يصل إلى حدّ التجريم على كل يهودي بيع عقار او ارض لاي انسان غير يهودي، وذلك من اجل تحويل الارض الفلسطينية كلها إلى ارض يهودي.
وحدد الحاخامات الصهاينة هذا المخطط عن طريق استخدام المال اليهودي أو العنف الممنهج ضد السكان العرب أصحاب البلاد الاصليين الذين قامت حكومات الاحتلال المتعاقبة بطردهم من اراضيهم وبيوتهم والاستيلاء على ممتلكاتهم ثم تدمير البيوت تدميراً كاملاً حتى لا يعود هؤلاء السكان إلى بيوتهم. وقال صبري إن هذه الخطوة من جانب الحاخامات ورجال الدين اليهودي تأتي متساوقة مع القوانين التي تسنها حكومة الاحتلال من اعتبار فلسطين كلها أرضاً يهودية لدولة يهودية لكل يهود العالم، ومن جعل القدس عاصمة للشعب اليهودي، وجعل الاستثمار فيها ذا أولوية على ما سواها من البلدات، مما يعني وجود خطة للقضاء على الشكل الهندسي للقدس، وانتزاعه من التراث العربي الإسلامي تدريجياً. واضاف صبري إن تحويل الطابع في مدينة القدس إلى شكل جديد يلغي الذاكرة التاريخية للمدينة كلها، كما ألغيت معالم مدن اللّد والرملة وعسقلان وصفد ويافا وكثير من المدن والقرى في فلسطين عام 1948م و1967م. وحذرت هيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس من أن التفرج على ما يقوم به الصهاينة عربياً وإسلامياً يعدّ تقصيراً في حق هذه الأرض المقدسة، داعية إلى هبّة عربية وإسلامية توقف هذا الخطر الحقيقي القادم الذي يستهدف الغاء الفلسطينيين دينياً وتاريخياً وعمرانياً وجغرافياً وثقافياً.

: مسلمو الغرب بتفريطهم لا يمثلون الإسلام بشكل جيد؟؟.

: مسلمو الغرب بتفريطهم لا يمثلون الإسلام بشكل جيد؟؟.
في أوربا اليوم ردة عن النصرانية؟؟.
الأمة الإسلامية شئ غير واقعى ومفهوم تجاوزه الزمن يجب أن ندرك أنه انتهى ولم يعد يبقى لاى مسلم سوى وطنه لذا لابد أن يتجاوز المسلمون عقدة الصدام بين انتمائهم لشيء (متوهم) وبين الولاء للاوطان التى يعيشون فيها بالفعل وفى النهاية ينبغى ان نكون يقظين لان القادم اسوا؟
تحليل ناجي هيكل
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (سـبأ:28). صدق الله العظيم في هذا الجزء من العالم سمات من ملامح الإسلام الفاتح، وبعداً آخر للامتداد الأرضي للإسلام، فلقد وصل إلى أقصى غربي الأرض، ليضيف بعداً آخر لعالم الإسلام الواسع، فلقد ضرب الإسلام بجذوره في الفلبين واليابان في أقصى الشرق، وزرع نبتة مزدهرة في بيرو وشيلي والمكسيك وكاليفورنيا في أقصى الغرب، فنشر ظلاله على المعمورة كافة، فما من دولة أو جزيرة كبر حجمها أو صغر إلا وبها مسلم يقيم عقيدة التوحيد الغراء، ففي الأريكتين أو العالم الجديد كما يسمى، أو نصف الكرة الغربي كما يطلق عليه أحياناً يوجد الإسلام ممثلاً في عدد يزيد على أربعة ملايين ونصف المليون من المسلمين، فلم تقف المسافات الشاسعة ولا المحيطات الواسعة عقبة في سبيل امتداد الإسلام، فله صلات بالعالم الجديد سبقت الأوربيين إلى اكتشاف نصف الكرة الغربي، فلقد أشار الدكتور ت.ب. ايرفنج في حوار ممتع نشر في سنة 1396هـ-1976م، أشار إلى وصول المسلمين إلى أمريكا اللاتينية قبل وصول الأسبان إلى العالم الجديد، وكان هذا الوصول المبكر من مسلمي شمال وغربي أفريقيا، ومن مسلمي الأندلس، ودعم رأيه بالعديد من الأدلة، منها التقاليد الموروثة عند الهنود بالأمريكتين، ومنها التأثير الأفريقي في الصناعة التقليدية لدى الهنود الأمريكيين، ومنها ما عثر عليه من آثار مكتوبة في الصخر في 90 موقعاً بأمريكا الجنوبية والوسطى كتبت بحروف من لغة الماندنج بغرب أفريقيا، ومن الأدلة تلكم البعثات الكشفية التي أرسلها ملوك دولة مالي الإسلامية في غربي أفريقيا في عهد مانس أبو بكر، وحكى قستها السلطان مانسي في حجه إلى البقاع المقدسة، حيث مر بالقاهرة، وقص هذا على سلطان مصر، وأشار إليها المؤرخ العمري. ولقد سبقت هذه الرحلات الكشفية الإسلامية وصول كولمبس بـ180 سنة، ومن الأدلة التي اعتمد عليها دكتور ايرفنج في إثبات وصول المسلمين إلى العالم الجديد قبل كولمبس، ما وجد من عملة معدنية عربية ضربت في سنة 800هـ، واكتشفها في سواحل أمريكا الجنوبية. وترجع إلى الأندلس، مما يثبت أن مسلمي قرطبة، وصلوا إلى العالم الجديد قبل كولمبس، ولقد أشار المسعودي في مروج الذهب (كتب سنة 339هـ-956م) إلى كتاب له (اكبار الزمان) أشار إلى رحلات مسلمي قرطبة عبر المحيط الأطلنطي (بحر الظلمات)، ولقد استفاد كولمبس من رحلات المسلمين عبر الأطلنطي إلى العالم الجديد : استفاد منها في رحلاته الكشفية، فلقد ذكر في سجلات رحلاته : أن الهنود الأمريكيين حدثوه عن علاقات تجارية سابقة مع الأفريقيين، ولقد شاهد امريجو فسبوشي في وسط الأطلنطي في عودته، زوارق الماندينج من غامبيا في غربي أفريقيا، وهكذا كان الوصول الأول للإسلام إلى العالم الجديد مبكراً، وتلى ذلك وصول آخر تمثل في المسلمين الذين قدموا مع الأسبان والبرتغاليين، أولئك الذين كانوا يكتمون إسلامهم خوفاً من بطش محاكم التفتيش الأسبانية والبرتغالية، وكذلك تمثل هذا الوصول فيما جلبه الأوربيون من رقيق إلى الأمريكتين. ولقد تناولت هذا في الجزء الثاني من الأقليات المسلمة (الأقليات المسلمة في أفريقيا)، ونقل الأوربيون الملايين من الزنوج الأفريقيين، وهذه الأعداد الهائلة من الأفريقيين بالأمريكتين هم أحفاد أولئك الأجداد، ففي الولايات المتحدة وحدها ما ينيف على 27 مليوناً من الأفارقة، فإذا أضفنا إليهم ما يوجد منهم بأمريكا الوسطى والبحر الكاريبي وأمريكا الجنوبية، تكون المحصلة قريبة من مائة مليون أفريقي، مما لاشك فيه أن المسلمين شكلوا قطاعاً كبيراً من بين تلك الأفواج من الأفارقة التي جلبها الغربيون إلى العالم الجديد، وحركة العودة إلى الإسلام بين الأفارقة بالعالم الجديد تعطي مؤشراً عجيباً، فإذا كانت الصفات الوراثية تورث في الأجنة، فنحن نقف أمام مثيل لها في هذا الدين العظيم، فلقد أخذ الأحفاد من الأفارقة بالعالم الجديد يعودون إلى دين الأجداد، أي معجزة تلك ! التي تحدث بين الأفارقة بالأمريكتين، فالأمر لا يقتضي أكثر من دفع الدعوة الإسلامية وتنشيطها بين هؤلاء، وهناك أمثلة حية ماثلة للعيان، لفقد زاد عدد المسلمين بين الأفارقة الأمريكيين على مليونين بعد تصحيح مسار الدعوة الإسلامية بين زنوج الولايات المتحدة، وكل يوم تحرز الدعوة الإسلامية تقدماً ومزيداً من الأفواج الداخلة في دين الله، وإذا كانت الأرقام تشير إلى أن عدد المسلمين في الأمريكتين اقترب منذ ثلاث سنوات من أربعة ملايين ونصف المليون، فلاشك أن العدد الآن اقترب من خمسة ملايين، وهذا ملمح له دلالته على نمو وازدهار الدعوة الإسلامية بالعالم الجديد. تشير الإحصاءات السكانية في سنة 1400-1401هـ / (1980-1981م) إلى أن سكان الأمريكتين والبحر الكاريبي قد تجاوزوا 614 مليون نسمة ومن هذا العدد 4.6 مليون مسلم، أي أن نسبتهم 0.7% من جملة السكان، وإن ظهرت هذه النسبة ضئيلة الحجم، إلا أنها نامية، تزيد مع مرور الزمن. وقد سرت في هذا البحث المتواضع وفق منهج إقليمي يهدف إلى التعرف على مواطن هذه الأقلية من أبناء الإسلام في تلكم المواطن البعيدة، وفي هذا الركن الغربي من العالم، والتعرف على مشاكلهم وأبرز التحديات التي تواجههم، وتلك إسهامة متواضعة لحصر تقريبي لهؤلاء الأخوة، ومحاولة تعريف أبناء العالم الإسلامي بأخوة لهم في الغرب القصي، لكي يمد العالم الإسلامي لهم يد العون ويشد من أزرهم، وليسمع أبناء الإسلام صوتاً منبثقاً من عقيدة التوحيد يأتي عبر المحيطات الشاسعة من النصف الغربي من الأرض، وصدق الحق سبحانه وتعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)(سـبأ: من الآية28).


جيد..وأوروبا ترتد عن النصرانية
| 1/2/1429 هـ
في أوربا اليوم ردة عن النصرانية
الملتزمون بدينهم من مسلمي الغرب لا يتجاوزون 25%
التضييق على المسلمين بالغرب زاد بصورة واضحة بعد 11 سبتمبر
مسلمو الغرب يفقدون الكثير من تعاليم الإسلام.. ودورهم "الديني" مفقود!
هذا حوار مع احد علماء الاسلام البارزين؟؟ أوضح الداعية الإسلامي الدكتور ياسين غضبان المشرف على المركز الإسلامي بمدينة كاستيون الأسبانية أن المسلمين الذين يعيشون في الدول غير الإسلامية والذين يقدرون بنحو 600 مليون مسلم، يعيشون كأقليات، يتعرضون للكثير من المضايقات في أعمالهم وفي أداء شعائر دينهم، مشيرا إلى أن هذا التضييق زاد بصورة واضحة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وقال الدكتور غضبان في حوار خاص: "فيما يخص تفاعل المسلمين المقيمين في الدول غير الإسلامية مع قضايا الأمة، فليس لديهم سوى الاحتجاج والدعاء، حيث منعتهم الحكومات الغربية من تقديم المساعدات المالية، وأغلقت الكثير من مؤسساتهم التي كانت تدعم هذه القضايا، بل وقامت بملاحقة القائمين بجمع التبرعات المالية لمساعدة المتضررين من أبناء الشعب الفلسطيني".
وكشف غضبان عن أن المسلمين بالغرب لم يتمكنوا حتى الآن من قراءة قوانين البلاد التي يعيشون بها، وفهم أبعادها ودراستها، بل إنهم للأسف لا يجيدون التعامل معها، أو الاستفادة مما فيها من نصوص تتعلق بالحرية الشخصية، وبممارسة المعتقدات، معتبرا أنه يمكن للمسلم الواعي أن يستفيد من هذه القوانين خاصة فيما يخص مساحة الحرية المتاحة بالغرب.
وأضاف الدكتور غضبان – خلال زيارته للقاهرة- : "تعداد المسلمين في العالم الآن حسب إحصائيات السي آي إيه (CIA) حوالي ألف وسبعمائة مليون ثلثهم يعيشون أقليات في بلاد غير مسلمة، أكثرهم في الصين ثم في الهند ثم في أوربا ثم في أمريكا واستراليا، غير أن هذا العدد الضخم الذي يعادل حوالي 600 مليون يعيشون أقليات لا يحكمهم الإسلام من أي جانب لا في الأحوال الشخصية ولا في القضايا العامة.
مزيد من التفاصيل في نص الحوار:
* نود في بداية اللقاء أن نعرف جمهورنا الكرام على فضيلتكم ؟
**اسمي دكتور ياسين محمد نجيب غضبان، سوري الجنسية، من مواليد عام 1936م بمدينة دمشق، بدأت تعليمي في المدرسة السورية، وتخرجت في جامعة دمشق عام 1964م، من كلية الآداب قسم التاريخ، ثم عملت مدرساً بسوريا للمواد الاجتماعية في المرحلة الثانوية حتى عام 1974م.
ثم سافرت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عملت مدرسا وإداريا بالمدارس الثانوية بالإمارات، ثم انتقلت إلى جامعة الإمارات وعملت بمجال الثقافة والإدارة في الجامعة، ثم بعد ذلك عملت سكرتيرا لمجلة الإصلاح بالإمارات، ومستشارا للمدرسة الإسلامية في دبي ومدرسا لمواد التاريخ والسيرة بكلية الدراسات الإسلامية في دبي.
ثم انتقلت إلى اليمن عام 1994م، فساهمت مساهمة فاعلة في تأسيس جامعة الإيمان بمساعدة أخوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمجيد الزنداني، والشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان، ودرست بالجامعة مواد التاريخ والسيرة وحاضر العالم الإسلامي، وظللت بها حتى عينت وكيلا للجامعة للشؤون التعليمية ونائبا لمدير الجامعة للتطبيقات العملية، ثم خرجت من اليمن عام 1998م.
وبعدها عملت في مجال الدعوة الإسلامية في أمريكا، وبعض الأقطار الأوروبية، واستقر بي المقام في الفترة الأخيرة منذ عام 2003 في أسبانيا، حيث أعمل هناك مديرًا للمركز الثقافي الإسلامي في مدينة كاستيون، ومساهما ومحاضرا في أكبر المساجد بمنطقة فالنسيا، وأيضا مساهما في تأسيس المساجد وإداراتها، فضلا عن تنقلي بين أسبانيا وغيرها من بلدان أوربا للدعوة والعمل الإسلامي.
صدر لي العديد من المؤلفات منها كتاب: "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، وكتاب "الدعوة في العشيرة الأقربين"، وكتاب "نساء في حياة الأنبياء"، وسيصدر لي قريبًا: كتاب "الخطاب الإسلامي.. تاريخ الأنصار السياسي"، و كتاب "محمد رسول الله في كتاب الله".
* وماذا عن أحوال الأقليات المسلمة في الدول الغربية؟
** الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية تقدر بنحو 600 مليون مسلم، يعيشون أقليات لا يحكمهم الإسلام من أي جانب؛ لا في الأحوال الشخصية، ولا في القضايا العامة، وقد أعطت لهم بعض البلدان شيئًا من الأحوال الشخصية، ولكنها منعت أشياءً أخرى مثل تعدد الزوجات، كما أنها لا تسمح بقضايا الميراث، ولا تعليم الأولاد الإسلام، ومع هذا فإن الذين يلتزمون بدينهم في بلاد الغرب من المقيمين فيها أو الذين تحصلوا على جنسيات تلك البلاد والذين يأتون إلى المساجد لا يتجاوزون 25% من مجموع المسلمين في البلاد.
وأمام هذه الظواهر نقول إن الذي يحتفظون بدينهم فئة قليلة جدا من المسلمين، فالأوربيون نتيجة الفجوة الكبيرة بين المسلمين الملتزمين وبين تلك الشعوب شبه مقطوعة، ولا يعرف الغرب من المسلمين إلا المنحرفين والذين يساورونهم في أماكن الحرام، وبذلك فإنهم يأخذون هذه الصورة ويقدمونها لنا مشوهة فيها الكثير من الكذب والتضليل والبعد عن الحقيقة.
* إذًا كيف تعيش الأقليات المسلمة في تلك الدول؟
** إن المسلمين الذين لم يتمكنوا حتى الآن من قراءة قوانين تلك البلاد وفهم أبعادها ودراستها يجهلون تماما حال تلك المجتمعات، ولا يجيدون التعامل معها، أو الاستفادة مما فيها من نصوص تتعلق بالحرية الشخصية، وبممارسة المعتقدات، وبما يمكن للمسلم أن يستفيد منه، خاصة في جو الحرية الذي يعتبر الأساس الأول في حياة تلك الشعوب، ولهذا نرى أن اليهود أول ما يدرسون، يدرسون قوانين وتاريخ تلك البلاد، كما يدرسون تاريخ الإسلام ليشوهونه ويقدمون صورة سيئة عنه.
* هلا أعطيتنا مثالا على ذلك لتتضح الصورة؟
** نعم.. لقد تابعت عددا من المقررات في أمريكا عن التاريخ الإسلامي، فوجدت أن هناك جهات مشبوهة وراء تأليفها، كما أنني لم أجد رجلا واحدا من المتخصصين في التاريخ الإسلامي ممن يعتنقون الإسلام، فغالبهم ممن ادعى الإسلام ودخل فيه من المستشرقين بهدف تشويهه.
ولاحظت أيضًا من خبرتي أن اليهود يعملون في مجال القانون بكثرة، وأن أكثر المحامين وأنجحهم هم من اليهود، أما المحامون المسلمون، فيتصدون للقضايا التافهة، مثل قضايا الإقامة، والتجنس، وقضايا الخلافات المالية البسيطة، وهذا كله مما يجعل تأثيرنا كمسلمين في الحياة العامة قليل جدًا.
وأستطيع أن ألخص كلامي بكلمة واحدة وهي أن القوانين الغربية مملوءة بالمنافذ والثغرات التي درسناها جيدا وأتقناها، لأمكن لنا أن نستفيد منها في تحسين أحوالنا.
* إلى أي مدى يؤثر أهل الكتاب على الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية؟
** الكنيسة لا تحكم في الغرب الآن، الذي يحكم في الدول غير الإسلامية القوانين الوضعية المغلفة بالديمقراطية، ولذلك فإن تعامل المسلمين يتم من هذا الباب، والآن في أوربا ردة عن النصرانية.
وكثيرا ما أسأل بعض الناس في أوربا: ما دينك فيقول لا دين لي، وعندما نريد أن نزوج نصرانية بمسلم، أول ما نسألها أن تؤمن بالله وأن تؤمن بعيسى فغالبا نجدها تجهل كل هذا، لأننا لا يمكن لنا أن نعقد عقدا بين مسلم ونصرانية إلا أن تكون محصنة ومؤمنة.
ولذلك فنحن لا نتعامل مع أهل الكتاب كما نتصورهم في أذهاننا، وعندما نلتقي مع أهل الكتاب في أية مناسبات، إما أن ندعوهم أو يدعوننا للتباحث في بعض القضايا الحياتية، التي ليس لها صلة بأمور المسلمين عامة، وإنما هي ذات صلة ببعض الخدمات الاجتماعية التي تقدم للمسلمين وغير المسلمين.
وأهل الكتاب المعنيين في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الذين يعيشون في أرضنا، وفي بلادنا، وفي الأماكن التي يحكم فيها الإسلام، وهؤلاء ما زالوا وسيبقون إلى قيام الساعة في رعاية وحماية ومحبة من المسلمين في كل مكان وجدوا فيه.
* وماذا عن دور مسلمي الغرب في نصرة قضايا الأمة المسلمة؟
** ليس لدى المسلمين في الدول غير الإسلامية إلا الاحتجاج والدعاء، فقد منعت عنهم الحكومات هناك تقديم المساعدات المالية، وأغلقت الكثير من مؤسساتهم التي كانت تدعم هذه القضايا، وأصبحت ملاحقة القائمين بجمع التبرعات المالية من الأنشطة الأساسية التي يقوم بها الأمن الأوربي عموما، باعتبارها عملا من أعمال تأييد الإرهاب، لكن المسلمين بواسطة الاتصال الشخصي ببعض الأوربيين المتنورين يظهرون عدالة قضاياهم وظلم الحكومات التي تقوم على مساندة إسرائيل ومساندة الحملة الصليبية الجديدة على العالم الإسلامي.
والمسلمون الآن قد يكونون في حالة من الضعف والفقر، مثل بقية الشعوب الإسلامية في أراضيها، غير أن هامش الحرية المتاح لهم يمكنهم بالتعاون مع بعض المتنورين من الأوربيين من القيام باحتجاجات ومظاهرات لتأييد هذه القضايا.
والمشكلة التي تحزننا في الغرب أن بعض الحكومات العربية خصوصا والإسلامية عموما قد لا يكون لها إلا صلة واهية جدًا مع الجاليات الإسلامية هناك إلا في فرض ضرائب أو استخراج بعض المستندات، ولم يحدث أن قامت سفارة دولة من هذه الدول بمساعدة أفرادها في أي مجال؛ لا في تعليم ولا في حفظ حقوق أو الدفاع عنها أمام القضاء الأوربي وإنما فقط يقولون ما لا يفعلون، وقد لا يعرف المسلم في الدول غير الإسلامية عن بلده إلا موظف السفارة الذي يتعامل معه من أجل استخراج بعض الوثائق.

* وماذا عن دوركم في أسبانيا وإشرافكم على مركز كاستيون؟
** مركز كاستيون باعتباري مشرفا عليه فإنه أولا يؤمن للمسلمين قضاء أوقات الصلاة، كما يعد ملتقى للمسلمين في كل أوقاتهم، لحل مشكلاتهم والتعاون لإزالة القضايا المخالفة للإسلام بينهم وبين معارفهم.
كما أن في المسجد مكتبة لا بأس بها تؤمن لمن أراد منهم المطالعة والاطلاع على قنوات فضائية والإنترنت وغيرها، وتأتي إليه النساء في بعض أوقات الصلاة، وخاصة في صلاة الجمعة، وفي شهر رمضان، ويسعى المركز لأن يتواصل مع المراكز الأخرى في القرى المحيطة لكاستون والتي يبلغ عددها حوالي عشرة مساجد.
كما أن المركز يؤمن دروس ومحاضرات على مدى الأيام، وفي المناسبات، ويستقبل الدعاة ويستفيد منهم، كما يلحق بالمركز مدرسة لتعليم القرآن والإسلام باللغة العربية، وهي عبارة عن يوم واحد في الأسبوع، ويبلغ تعداد الطلاب والطالبات هذا العام ما بين 70 و 80 دارسا يدرسون على أيدي بعض الإخوة والأخوات المتخصصين في التعليم.
ويقدم المركز في شهر رمضان وجبات إفطار يومية لحوالي 70 فأكثر من الشباب الذين يأتون للإفطار فيه، ويكون للمسجد نشاط واسع في رمضان، وفي العيدين.
* وهل هناك مؤسسات أخرى ملحقة بالمسجد؟
** يلحق بالمسجد مؤسستان:
الأولى: هي اللجنة التعاونية التي تقدم مساعدات في حدود طاقتها إلى المحتاجين والمحتاجات وعابري السبيل، وتقوم على الجمعية لجنة تدير شئونها، كما أن المسجد يتعاون مع الجمعيات الخيرية في إسبانيا، وكذلك مع الصليب الأحمر الذي يعطى أطنان من المواد الغذائية يوزعها على المحتاجين من الجالية المسلمة.
أما عن المؤسسة الثانية: فقد بدأ المسجد الآن بتشكيل (اتحاد للنساء المسلمات في أسبانيا)، وقد أنجز هذا العمل بوضع قانون ونظام لهذا الاتحاد، وكذلك اختيار المشرفات على هذا الاتحاد.
* وما الهدف من إنشاء هذا الاتحاد؟ وماذا أنجز منه؟
** هدف الاتحاد حماية ورعاية المرأة المسلمة والطفل المسلم، وأمام المركز الآن مهمة شراء قطعة أرض كبيرة تصلح لإقامة مركز إسلامي متكامل بالمسجد، للرجال والنساء، وقاعة محاضرات، ومواقع للمؤسسات المرتبطة به، وبيوت لسكن العاملين في المسجد.
وقد بدأنا في جمع التبرعات لهذه الغاية، ويتعاون معنا في إنجازها بلدية كاستيون، لإقامة هذا المركز الذي سيبدأ العمل به في أقرب وقت ممكن، ويتعاون المسجد تعاوننا كاملا مع مؤسسات الدولة، والموظفين الكبار للحصول على بعض المميزات للجالية المسلمة، وخاصة الحصول على أراض لإنشاء مقابر خاصة بالمسلمين، إذ أنه حتى الآن نقوم بنقل المتوفين إلى بلادهم الأصلية.
والمركز أمامه طموحات كبيرة، في فتح مجالات للدعوة الإسلامية سواء للمسلمين أو للأسبان، وأن يدير المسجد القضايا الشخصية للمسلمين من زواج وطلاق وإصلاح ذات بين، وكذلك حل المشكلات الناتجة عن الخلافات المادية.
ويعتبر المسجد من أهدأ المراكز في أسبانيا فليس فيه إشكالات وليس فيه تحزبات، ويعمل بشكل جيد على الاتصال مع بقية المواقع في فالنسيا، وأليكانتي، وهذه المواقع شكل مجموع محافظة فالنسيا، فهو عدا المشاركة في اللجان الدينية والفيدرالية، يقوم أيضا بالمساهمة بإدارة بعض المراكز لتقديم المساعدة لها بشكل جيد.هذا حوار اوضح لنا احوال المسلمين هناك اما
لأقليات المسلمة في الأمريكيتين والبحر الكاريبي اذ يقول الله تعالي في كتابه العزيز :
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (سـبأ:28). صدق الله العظيم في هذا الجزء من العالم سمات من ملامح الإسلام الفاتح، وبعداً آخر للامتداد الأرضي للإسلام، فلقد
وصل إلى أقصى غربي الأرض، ليضيف بعداً آخر لعالم الإسلام الواسع، فلقد ضرب الإسلام بجذوره في الفلبين واليابان في أقصى الشرق، وزرع نبتة مزدهرة في بيرو وشيلي والمكسيك وكاليفورنيا في أقصى الغرب، فنشر ظلاله على المعمورة كافة، فما من دولة أو جزيرة كبر حجمها أو صغر إلا وبها مسلم يقيم عقيدة التوحيد الغراء، ففي الأريكتين أو العالم الجديد كما يسمى، أو نصف الكرة الغربي كما يطلق عليه أحياناً يوجد الإسلام ممثلاً في عدد يزيد على أربعة ملايين ونصف المليون من المسلمين، فلم تقف المسافات الشاسعة ولا المحيطات الواسعة عقبة في سبيل امتداد الإسلام، فله صلات بالعالم الجديد سبقت الأوربيين إلى اكتشاف نصف الكرة الغربي، فلقد أشار الدكتور ت.ب. ايرفنج في حوار ممتع نشر في سنة 1396هـ-1976م، أشار إلى وصول المسلمين إلى أمريكا اللاتينية قبل وصول الأسبان إلى العالم الجديد، وكان هذا الوصول المبكر من مسلمي شمال وغربي أفريقيا، ومن مسلمي الأندلس، ودعم رأيه بالعديد من الأدلة، منها التقاليد الموروثة عند الهنود بالأمريكتين، ومنها التأثير الأفريقي في الصناعة التقليدية لدى الهنود الأمريكيين، ومنها ما عثر عليه من آثار مكتوبة في الصخر في 90 موقعاً بأمريكا الجنوبية والوسطى كتبت بحروف من لغة الماندنج بغرب أفريقيا، ومن الأدلة تلكم البعثات الكشفية التي أرسلها ملوك دولة مالي الإسلامية في غربي أفريقيا في عهد مانس أبو بكر، وحكى قستها السلطان مانسي في حجه إلى البقاع المقدسة، حيث مر بالقاهرة، وقص هذا على سلطان مصر، وأشار إليها المؤرخ العمري. ولقد سبقت هذه الرحلات الكشفية الإسلامية وصول كولمبس بـ180 سنة، ومن الأدلة التي اعتمد عليها دكتور ايرفنج في إثبات وصول المسلمين إلى العالم الجديد قبل كولمبس، ما وجد من عملة معدنية عربية ضربت في سنة 800هـ، واكتشفها في سواحل أمريكا الجنوبية. وترجع إلى الأندلس، مما يثبت أن مسلمي قرطبة، وصلوا إلى العالم الجديد قبل كولمبس، ولقد أشار المسعودي في مروج الذهب (كتب سنة 339هـ-956م) إلى كتاب له (اكبار الزمان) أشار إلى رحلات مسلمي قرطبة عبر المحيط الأطلنطي (بحر الظلمات)، ولقد استفاد كولمبس من رحلات المسلمين عبر الأطلنطي إلى العالم الجديد : استفاد منها في رحلاته الكشفية، فلقد ذكر في سجلات رحلاته : أن الهنود الأمريكيين حدثوه عن علاقات تجارية سابقة مع الأفريقيين، ولقد شاهد امريجو فسبوشي في وسط الأطلنطي في عودته، زوارق الماندينج من غامبيا في غربي أفريقيا، وهكذا كان الوصول الأول للإسلام إلى العالم الجديد مبكراً، وتلى ذلك وصول آخر تمثل في المسلمين الذين قدموا مع الأسبان والبرتغاليين، أولئك الذين كانوا يكتمون إسلامهم خوفاً من بطش محاكم التفتيش الأسبانية والبرتغالية، وكذلك تمثل هذا الوصول فيما جلبه الأوربيون من رقيق إلى الأمريكتين. ولقد تناولت هذا في الجزء الثاني من الأقليات المسلمة (الأقليات المسلمة في أفريقيا)، ونقل الأوربيون الملايين من الزنوج الأفريقيين، وهذه الأعداد الهائلة من الأفريقيين بالأمريكتين هم أحفاد أولئك الأجداد، ففي الولايات المتحدة وحدها ما ينيف على 27 مليوناً من الأفارقة، فإذا أضفنا إليهم ما يوجد منهم بأمريكا الوسطى والبحر الكاريبي وأمريكا الجنوبية، تكون المحصلة قريبة من مائة مليون أفريقي، مما لاشك فيه أن المسلمين شكلوا قطاعاً كبيراً من بين تلك الأفواج من الأفارقة التي جلبها الغربيون إلى العالم الجديد، وحركة العودة إلى الإسلام بين الأفارقة بالعالم الجديد تعطي مؤشراً عجيباً، فإذا كانت الصفات الوراثية تورث في الأجنة، فنحن نقف أمام مثيل لها في هذا الدين العظيم، فلقد أخذ الأحفاد من الأفارقة بالعالم الجديد يعودون إلى دين الأجداد، أي معجزة تلك ! التي تحدث بين الأفارقة بالأمريكتين، فالأمر لا يقتضي أكثر من دفع الدعوة الإسلامية وتنشيطها بين هؤلاء، وهناك أمثلة حية ماثلة للعيان، لفقد زاد عدد المسلمين بين الأفارقة الأمريكيين على مليونين بعد تصحيح مسار الدعوة الإسلامية بين زنوج الولايات المتحدة، وكل يوم تحرز الدعوة الإسلامية تقدماً ومزيداً من الأفواج الداخلة في دين الله، وإذا كانت الأرقام تشير إلى أن عدد المسلمين في الأمريكتين اقترب منذ ثلاث سنوات من أربعة ملايين ونصف المليون، فلاشك أن العدد الآن اقترب من خمسة ملايين، وهذا ملمح له دلالته على نمو وازدهار الدعوة الإسلامية بالعالم الجديد. تشير الإحصاءات السكانية في سنة 1400-1401هـ / (1980-1981م) إلى أن سكان الأمريكتين والبحر الكاريبي قد تجاوزوا 614 مليون نسمة ومن هذا العدد 4.6 مليون مسلم، أي أن نسبتهم 0.7% من جملة السكان، وإن ظهرت هذه النسبة ضئيلة الحجم، إلا أنها نامية، تزيد مع مرور الزمن. وقد سرت في هذا البحث المتواضع وفق منهج إقليمي يهدف إلى التعرف على مواطن هذه الأقلية من أبناء الإسلام في تلكم المواطن البعيدة، وفي هذا الركن الغربي من العالم، والتعرف على مشاكلهم وأبرز التحديات التي تواجههم، وتلك إسهامة متواضعة لحصر تقريبي لهؤلاء الأخوة، ومحاولة تعريف أبناء العالم الإسلامي بأخوة لهم في الغرب القصي، لكي يمد العالم الإسلامي لهم يد العون ويشد من أزرهم، وليسمع أبناء الإسلام صوتاً منبثقاً من عقيدة التوحيد يأتي عبر المحيطات الشاسعة من النصف الغربي من الأرض، وصدق الحق سبحانه وتعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)
(سـبأ: من الآية28)
. الدورة التاريخية الحرجة للأقلية المسلمة في أمريكا
تتعرض الأقليات المسلمة في الغرب عموما وفي الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص لهجمة شرسة غير مسبوقة منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر.
ويتجلى ذلك بوضوح من خلال نظرة سريعة إلى التقارير الصادرة حول أوضاع هذه الأقليات والتي تقدم تصورا عاما عن المشاكل والصعوبات التي تمر بها الأقليات المسلمة في الغرب.
من آخر هذه التقارير في الولايات المتحدة ما أصدره مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية (كير) بتاريخ 15/7/2003 حول حالات التمييز والاضطهاد ضد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد أشار التقرير إلى أن حالات التمييز والاضطهاد ارتفعت بنسبة خمسة عشر بالمئة مقارنة بالعام الماضي، وأشار أيضا إلى ثبوت 602 حالة مسجلة مقارنة بـ 525 حالة خلال العام الفائت.
وتنوعت طبيعة هذه الحالات من الاعتداء على الأنفس بالقتل والضرب والتهكم، أو الاعتداء على الممتلكات بالإتلاف والتدمير والتخريب، ناهيك عن مقالات ومقابلات التشهير والتشويه التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون والعرب بشكل شبه يومي في مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
إذا أردنا أن نفهم ما يجري للأقلية المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية في سياق تاريخ الأقليات المهاجرة إلى "العالم الجديد" فإننا لن نجد استثناءا إلا في درجة الاستعداء والكراهية وحسب.
فما جرى ويجري للأقلية المسلمة ليس بدعا في تاريخ الأقليات في الولايات المتحدة، فقد مرت الأقليات الدينية الأرثوذوكسية والمورمونية واليهودية، والأقليات العرقية الإيطالية والأيرلندية بمثل هذه المراحل حتى تم لها التمكين بعد الاضطهاد والتنكيل، ويبدو أنه جاء دور الأقلية المسلمة والعربية لتدخل دورة تاريخية مماثلة؛ هي دورة الاستعداء والاضطهاد التي لا بد وأن تستكمل دورتها وأن تبلغ مداها وأن تقدم ضحاياها، شأنها في ذلك شأن معظم الأقليات الدينية أو العرقية. ولا شك أن الشأن العربي والفلسطيني تحديدا له في ضمن هذه المحنة التاريخية للوجود الإسلامي والعربي خصوصة في المرحلة الراهنة لما في طبيعة الصراع العربي-الإسرائيلي من عمق على المستويين الداخلي والخارجي؛ حيث لا يخفى دور اللوبي الإسرائيلي الإعلامي في تعبئة الرأي العام ضد العرب والمسلمين، ودوره السياسي في الضغط والتأثير على صانعي القرار في الكونغرس والبيت الأبيض , وكذلك طبيعة التكوين السياسي للحكومة الأمريكية المحافظة التي تتقاطع رؤاها أيديولوجيا مع رؤى الصهيونية الإسرائيلية.
يضاف إلى ما سبق عنصر الأصولية المسيحية المتطرفة ذات الانتشار الواسع والتأثير البالغ ، هذا الثالوث غير المقدس ساهم بشكل بارز في تأجيج موجة العداء ضد العرب والمسلمين، وأخذ هذا العداء أشكالا مختلفة تمثلت بالدفع نحو استصدار حزمة من القوانين التي استهدفت -باسم حماية الأمن القومي- إلقاءَ القبض على أي شخص مشتبه دون إطلاعه على الأسباب القانونية الموجبة لذلك، ومن ثم وضعه تحت الحجز مدة غير محدودة، وعدم تمكينه من الاتصال بأي محام، والمحتجز معرض للترحيل خارج البلاد في أي لحظة مع تجريده من تابعيته الأمريكية، كما أباح القانون دهم المنازل واحتجاز الممتلكات الخاصة والتنصت على أي شخص من دون إذن قضائي. وانتشرت تعليمات وتوجيهات بين أفراد الشعب بأهمية الإبلاغ عن أي حالة اشتباه في محيطهم المجاور، وتم تشجيع العمال الذين يدخلون منازل الناس لتقديم الخدمات بإبلاغ السلطات عما رأوه وشاهدوه، وخاصة في بيوت الغرباء.
وكما هو متوقع فقد تم تكريس هذه القوانين والتعليمات ضد المسلمين والعرب تحديدا، وبدأت مظاهر التمييز والاعتداء والاضطهاد على المستوى الحكومي والشعبي تظهر في صفوف الأقلية المسلمة والعربية جماعات وأفرادا. ونتيجة لذلك برزت تحديات جديدة تحتم على الوجود الإسلامي والعربي التعامل معها في ضوء الظروف والمعطيات الجديدة.
ومن ضمن هذه التحديات يمكننا ذكر ما يلي:
• العمل على نقض أو تعديل قانون مكافحة الإرهاب المعروف بـ PATRIOT Act الذي تم إقراره عقب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وكان هدفه منح السلطة التنفيذية مساحة أوسع في سبيل مكافحة الإرهاب ومنع أي اعتداء محتمل ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وإذا كان لهذا القانون ما يبرره عندهم فإن المشكلة تكمن في إساءة استخدام السلطات الممنوحة، وتوظيفها في اضطهاد جهة معينة، والتجاوزات السافرة للحقوق المكفولة بالدستور على نحو ما ذكرنا سابقا؛ كل هذا يستدعي من الأقلية المسلمة والعربية محاربة هذا القانون بالطرق المشروعة بما في ذلك أساليب التأثير والضغط المتنوعة مثل تشكيل التحالفات فيما بين المنظمات الإسلامية والعربية وبين تنظيمات المجتمع المدني الأخرى التي تشاركنا الهمَ نفسه، وتدريب أبناء المسلمين والعرب على كيفية عرض المظالم النازلة بالشكل الأمثل عن طريق نشر الوعي بالحقوق والواجبات الدستورية وبيان تجاوزات القانون المذكور لمبادئ الدستور من حيث النص والممارسة العملية.
• محاربة الصورة النمطية التي تعرضها وسائل الإعلام المتنوعة عن الإسلام والمسلمين والعرب التي تم تكريسها في تأجيج العداء والتمييز ما أدى إلى إلصاق وإدخال بعض التعبيرات والمفاهيم المغلوطة بشكل متعمد في التكوين الإدراكي للوعي الشعبي الأمريكي. فقد دخلت مفردات جديدة مثل "مدرسة" و "وهابية" و "سلفية" و "فتوى" و "جهاد" و "دار الحرب والإسلام" و "الحوالة" في ضمن مفردات الثقافة العامة وارتبطت هذه المفردات وغيرها بالممارسات الشريرة التي تهدد البشرية.
ومن جهة أخرى، فقد تم الاعتداء على نصوص القرآن الكريم وشخص النبي صلى الله عليه وسلم وتعاليم الإسلام. هذا بدوره استلزم القيام بحملة تعليمية وتثقيفية تبين للناس حقيقة ما يدعو إليه الإسلام وما يسعى إليه المسلمون.
ومن أهم الوسائل الموصلة لتحقيق هذا الهدف هو دخول مجال الإعلام من أوسع أبوابه وعلى كافة مستوياته الوطنية والمحلية. ومن ذلك أيضا فتح قنوات الحوار والنقاش على المستوى الأكاديمي وعلى مستوى "بيوت الخبرة" أو ما يسمى بـ Think-tank
• مواصلة دعم المؤسسات الإسلامية والعربية القائمة وتنشيط أدائها، وتشكيل مؤسسات سياسية وحقوقية وإعلامية وثقافية أخرى تقوم على سد الثغور بحيث تكفي مؤونة الدفاع والبيان والبلاغ المبين. ولا يخفى في هذا الإطار مدى أهمية التنسيق بين هذه المؤسسات بحيث تشترك في الأهداف والخطوط العامة للعمل على مواجهة التحديات المتواصلة.
وجدير بالذكر أن سياسة تجفيف المنابع وتخويف الناس من المساهمة في دعم المؤسسات الإسلامية والعربية ماديا ومعنويا بدعوى الشك في مساندة هذه المنظمات للإرهاب أدى إلى نقص مؤقت في الموارد البشرية والمادية نتيجة الخوف، غير أن الواقع يشهد بأن التفاف المسلمين والعرب ودعمهم لمنظماتهم، وخاصة النشطة والجادة منها يعكس وعي الأقلية المسلمة والعربية على أهمية الدور الذي تقوم به هذه المنظمات في سبيل دفع الاضطهاد ورفع الظلم والمطالبة بالحقوق حسب ما نص عليه الدستور والقانون.
يبقى أن فرص الانفتاح السياسي والثقافي ومعرفة الواقع في الولايات المتحدة هي المعول -بعد عون الله تعالى- على تجاوز هذه المرحلة التاريخية الحرجة التي لا يدري أحد كم ستطول وإلى أي مدى ستبلغ.
تتعرض الأقليات المسلمة في الغرب عموما وفي الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص لهجمة شرسة غير مسبوقة منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. ويتجلى ذلك بوضوح من خلال نظرة سريعة إلى..

الأقليات المسلمة وإشكاليات الهوية بين الوطن والأمة الإسلامية : حوار مع الكاتب الهندى د / ظفر الإسلام وحيد الدين خان
الأمة الإسلامية شئ غير واقعى ومفهوم تجاوزه الزمن يجب أن ندرك أنه انتهى ولم يعد يبقى لاى مسلم سوى وطنه لذا لابد أن يتجاوز المسلمون عقدة الصدام بين انتمائهم لشيء (متوهم) وبين الولاء للاوطان التى يعيشون فيها بالفعل وفى النهاية ينبغى أن يكون انحيازهم لصالح ما هو حقيقى وواقعى ! .
هذا هو المضمون المفصلى للحوار مع الدكتور ظفر الإسلام خان
الفكرة ليست جديدة لو خرجت من مستشرق أو باحث أوربى ؛ ولكن جدَّتها وخطورتها أن صاحبها هو أحد الكتّاب المسلمين البارزين فى الهند يمكن تصنيفه باعتباره (اسلاميا) وهو انتماء يعطى لطرحه أهميته الخاصة والتى تزداد حين نعرف أنه ابن الأستاذ (وحيد الدين خان) أحد أشهر المفكرين المسلمين وأكثرهم إثارة للجدل ومترجم كتابه المعروف فى عالمنا العربى (الإسلام يتحدى) .
ولكى تكتمل الصورة فإن ظفر الإسلام (53 عاما) يعمل مديرا لمعهد الدراسات الإسلامية والعربية بالعاصمة دلهى ويرأس تحرير صحيفة (مللى جازيت) ومجلة (مسلم اند عرب) الإنجليزية ومجلة (التاريخ الإسلامى) الإنجليزية العربية . وكان قد حصل على الليسانس من جامعة (لاكنو) الهندية فى العلوم الشرقية ، والماجستير من (دار العلوم) المصرية فى التاريخ الإسلامى .
أما الدكتوراه فكانت عن (مفهوم الهجرة فى الإسلام) من جامعة (مانشستر) البريطانية وهى التى تلخص أطروحته فى هذا الحوار ، ومثلما تنوعت المدارس العلمية التى تحصل منها على شهاداته تنوعت أيضا موضوعات كتبه التى تجاوزت الثلاثين كتابا أصدر أولها فى مصر مثل أن يتجاوز العشرين ، فضمتها تخصصات وعلوم شتى : تاريخه وفلسفية وعقائدية لاهوتيه وفقهية وسياسية بثلاث لغات : الإنجليزية والعربية والأوردية قبل أن ابدأه بأسئلتي طلب 0ظفر الإسلام أن يستهل الحديث بعرض كامل غير مجتزى لأفكاره (الحساسة) حتى يمكن فهمها على النحو الذى يعينه ، لم يمهلنى الموافقة فقال :فكرة الأمة الإسلامية الواحدة أفرزها وضح تاريخى معين كانت فيه دول إسلامية واحدة تضم حدودها كل المسلمين هى دولة الرسول والخلفاء الراشدين وربما استمرت إلى فترات من الدولة الأموية ، لم يكن أثناءها المسلمون يخرجون إلى البلاد غير المسلمة إلا للتجارة أو للسفارة أو غيرها من الأغراض المؤقته ثم لا يلبثون العودة ثانية إلى الدولة الإسلامية .. ولان العلاقات بين الدول فى العصور الوسطى كانت قائمة على (التوسع) وسعى كل دولة للاستيلاء على اراضى غيرها ظهرت التقسيمات القديمة فى كتب السياسة الشرعية للعالم إلى دار إسلام (تضم كل أراضى تابعة للحكم الإسلامى) ودار كفر (هى كلما لا يسرى عليه قانون وحكم الإسلام ، ورفق ذلك) .
ظهرت تصنيفات فقهية للعلاقات بين الدولة الإسلامية (دار الإسلام) وغيرها من الدول غير الإسلامية والتى رأينا فيها مصطلحات مثل دار الحرب ، ودار الأمن ، ودار الموادعة .... الخ حسب العلاقات السياسية مع هذه البلاد .... .

ويضيف "كل ذلك ارتبط بالوضع السائد للمسلمين والذى كانوا فيه دائما أصحاب البلاد فلم يعيشوا كأقلية دائمة تحت حكم اسلامى حتى 1085 م التى تعد نقطة تحول هامة حيث سقطت (صقلية) ثم طليطلة وانتهى الحكم الإسلامى فيهما دون أن يخرج المسلمون من هذه البلاد لتصبح المرة الأولى التى يتسمر فيها المسلمون تحت حكم (الكفار) كأقليه ، ويمكن القول بانها أول صورة للأقليات المسلمة (كانت فى القرن الحادى عشر) ثم شاعت تدريجيا مع الحروب الصليبية وتزايدت مع سقوط الحكم الإسلامى بكامله فى الأندلس 1492 م (القرن الخامس عشر) إلى أن تأكدت فى القرن العشرين الذى شهد وجود أقليات مسلمة فى كل دول القرن العشرين الذى شهد أقليات مسلمة فى كل دول العالم تقريبا فغالبيتها حصل على حقوق المواطنة كاملة وصار المسلم ابنا لهذه البلاد تماما كأهلها الأصليين" .
ويشرح (ظفر الإسلام) موقف الفقه الإسلامى من فكرة وجود أقلية مسلمة فى بلد غير مسلم يحكمه الكفار فيقول : "انقسم الفقه فى هذه القضية إلى مدرستين الأولى يمثلها المالكية والثانية يمثلها الحنفية وهما على طرفى النقيض . "
المالكية الذين تركز وجودهم فى بلاد الغرب الإسلامى وتحديدا المغرب والأندلس رفضوا تماما فكرة الأقلية المسلمة فى بلاد الكفار وشنعوا على من يقبل بالعيش فيها وأمتعى فقاؤهم بحرمة ذلك بل وكفر بعضهم من يعيش من المسلمين برضاه فى بلاد الكفر وأهم الآثار التى تنقل هذا الراى كتاب (أسنى المتاجر فى بيان من غلب على وطنه النصارى فلم يهاجر) للفقيه المالكى الونسييشي المتوفى فى أوائل القرن السادس عشر . وقد أدى هذا الفقة الذى انتشر وساد فى غرب أفريقيا وغرب أوربا إلى انقراض الوجود الإسلامى فى كل البلاد غير الواقعة تحت الحكم الإسلامى خاصة فى أوربا بعد جلاء المسلمين منها مثلما حدث فى الأندلس وجنوب ايطاليا وصقلية وكل جزر البحر المتوسط بما فيها جزر الكنارى .
ويضيف :واستمر تأثير هذه الفقه إلى العصر الحديث أيضا وظهرت أثاره حتى احتلت فرنسا الجزائر فكتب التاريخ تتحدث عن هجرة العديد من القبائل المسلمة من المناطق الخاضعة للحكم الفرنسى إلى الجنوب وهى الهجرات التى استمرت فترات طويلة من الاحتلال وكان اشهرها هجرة أهالى تلمان فى أوائل القرن العشرين ... وكثيرا ما كان يوظف هذا الفقه سياسيا كما فعل الأمير عبد القادر الجزائرى حين نجح فى بسط سيطرته على المناطق التى استعادها من الاحتلال الفرنسى حيث كتب رسالته (الأعيان) دعا فيها الشعب الجزائرى للالتحاق به والعيش فى المناطق الخاضعة له بل وكفر فيها من يرفض ذلك وأباح دمه ........
ويضرب (ظفر الإسلام) مثالا على شيوع هذا الفقه برسالة عثمان بن فوديو (أو بن فوريو بعامية الهوسا) أشهر علماء مالكية غرب أفريقيا المعروفة باسم (بيان وجوب الهجرة) أما المدرسة الأخرى (الحنفية) فيقول عنها : (إن فقهاء الأحناف أجازوا بقاء المسلم فى بلاد غير المسلمين وتحت حكم الكفار طالما أمنوه على عقيدته واسمحوا له بأداء الشعائر والعبادات . )
وقد انتشرت فى الشرق الإسلامى وامتد تأثيرها إلى بلاد وسط وشرق آسيا وانحاء من شرق أوربا ايضا مما يمح بوجود اسلامى فى هذه البلاد طيلة أكثر من ألف سنة حتى فى ظل عدم وجود كل من أشكال الحكم الإسلامى منها ويضرب مثالا بدول مثل بولندا ولتيواتنا ورمانيا التى يعيش فيها المسلمون منذ ما يقرب من الف سنة وكذا روسيا التى استقرت فيها عرقيات مسلمة كثيرة أهمها التتار الذى يتمتعون الآن بحكم ذاتى (جمهورية تتاريسان) ويمثلون أقوى الجمهوريات التى تتكون فيها الفيدرالية الروسية .
ثم يحمل (ظفر الإسلام) طرحه قائلا : "ما سبق يكشف كيف أدى الفقة فى صورته المالكية إلى تفريغ دول ومناطق بأكملها من الوجود الإسلامى كما حدث فى غرب أوربا بزعم عدم جواز عيش المسلمين كأقلية تحت حكم غير اسلامى ، فى حين حافظ الفقه نفسه فى صورته الحنفية على الوجود الإسلامى فى شرق أوربا وشرق ووسط أسيا وهى بلاد لم تخضع غالبا للحكم الإسلامى بعد أن افتى الحنفاء بجواز عيش المسلم فى بلاد الكفر طالما كان آمنا على دينه ، وهو ما أريد تطويره وتطبيقه على وضع الأقليات المسلمة فى العصر الحديث 0
أنا أدعو إلى فقه جديد يتفاعل مع مفهوم (المواطنة) الذى أفرزه واقع الدولة الوطنية والذى أصبح يوجد معه مسلمون فى كل بلاد العالم (مواطنون) ضمن مواطنى هذه البلاد يتمتعون بكل حقوق (المواطنة) وعليهم أن يؤدوا كل واجباتها والتزموا بها كاملا ولا يخرجوا عليها بدعوى أنها تصطدم مع مفهوم الامة الإسلامية الواحدة لان الإصرار على هذا المفهوم يشكك فى ولائهم للاوطان التى منحتهم حقوق المواطنة ويجعلهم غير جديرين بها أو على الأقل محل اتهام أو شك دائم .
سالته : على أى منطق تستند فيما تقوله ؟
فأجاب : على منطق الواقع الذى يقول أنه لم تعد هناك دولة إسلامية تضم المسلمين ويتجسد فيها مفهوم (الأمة الواحدة) بينما هناك أوطان ينتمى إليها المسلمون فعلا وليس خيالا والواقع مقدم على الخيال .
لكن ما تقوله يصطدم مع المبدأ الذى يقره الحديث النبوى الصحيح (المسلمون أمه واحدة ، تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم ، وهو المستقر والمتعارف عليه بين المسلمين على مر تاريخهم ؟
مهمة مخالفة قوانين الأمبراطورية فعلل فتواه بخضوعه لأحكام الشريعة السماوية وهو ما أخذته المحكمة بعين الأعتبار وبراته بسببه !

لم أسمع بذلك .. ما سمعته أن هناك من أفتى بان الهند دار حرب لا يجوز القتال قى جيوشها بل يجوز البقاء فيها وذلك بسبب حروبها مع باكستان المسلمة ! والغريب أن من أفتوا بذلك ما زالوا يعيشون فيها ولم يرحلوا عنها بعد .
هذه كل فتاوى لا علاقة لها بالواقع ومن ثم يستحيل تنفيذها والشرع لا يكلفنا بم لا نطيق وانا أسال أصحابها مثلا أين سيذهب أكثر من 130 مليون هندى مسلم (وفق الاحصاءات الرسمية) لو تركوا الهند التى صارت دار حرب وكفر فى اعتبارهم ؟
وأين هى دار الإسلام التى يمكن أن تستقبلهم إذا رضيت باستقبالهم من الأصل ؟ ! ...
هذا كلام غير منطقى لذلك فليس له أى استجابة على الواقع الذى يقول أن المسلمين الهنود يشاركون طوال تاريخهم – فى معارك وطنهم – الهند – وينخرطون فى جيشه والاحصاءات تقول أنهم يمثلون أكثر من 3 % من تعداد الجيش الهندى .
هل من المقبول عندك أن يشارك مسلمو الهند فى القتال ضد مسلمى كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان ؟
ما استطيع قوله أن هناك مسلمين فى الجيش الهندى الوطنى ينبغى عليهم الالتزام بقوانينه ومنها طاعة قادتهم .ولكن وبشكل عام – هل يؤيد مسلموا الهند استقلال لكشمير المسلمة عن الهند ؟
لا .. ومن غير المقبول منطقيا أن نضحى بمصالح 131 مليون مسلم عندى حتى ولو كانوا أقلية من أجل رغبة 4 مليون مسلمكشميرى يريدون الانفصال حتى ولو كانوا أغلبيه الأقليم ولم يحدث أن شارك مسلم هندى فى المعارك الدائرة فى كشمير فى صفوف الثوار .
وما رأيك فى النزعات الاستقلالية التى غلبت على الأقليم المسلمة الخاضعة لحكم بلاد غير مسلمة مثل جنوب الفلبين ، وكشمير ، والشيشان ... إلخ ؟
برأيى أن ضررها محقق وأثمها أكبر من نفعها لو كان يرجى منها نفع والواقع يقول ذلك ... كل الأقليات المسلمة التى طالبت بالاستقلال وحاولت الانفصال عن الوطن الأم باءت محاولاتها بالفشل بل وأعطت لهذه البلداية التى تحكمها فى الغالب حكومات ديكتاريوية وقمعية ومتعصبة دينيا وعرفيا الفرصة والمبرر والغطاء اللازم للقمع والقتل وتصفية الوجود الإسلامى فى هذه الأقاليم مما جر المصائب على مسلميها .. ويكفى أن تعلم أن عدد القتلى فى اقليم كشمير فى أكثر من 80 الف مسلم من أصل 4 مليون فقط ! ولو طالب مسلموا الهند بالانفصال لأعطوا الفرصة للأحزاب الدينية المتطرفة لبدء حرب طائفية ضدهم سيقتل فيها الملايين .
اذن كيف تتصرف هذه الأقليات خاصة إذا كان مطالبها بالاستقلال مشروعة أو كانت تعانى من الاضطهاد والتمييز الدينى ؟
بمزيد من الاندماج فى الوطن الأم والتحول إلى النضال السياسي وحشد الضغوط الداخلية والخارجية من أجل الحصول على حقوقهم .
يجب أن نعرف أن العالم يتجه الآن للاندماج لا التفتت والانفصال .... وحتى فى حالة الانفصال هناك شروط وقواعد يجب أن تتم وفقها مثلا نمور التأصيل فى سرى لانكا هم أقوى قوة انفصالية فى العالم ويحكمون مناطق بأكملها لا توجد بها أدنى سيطرة للحكومة المركزية ورغم ذلك لم تعترف بها دولة واحدة فى العالم
... كذلك قبرص التركية التى أقامتها تركيا بقوتها العسكرية ولم تعترف بها دولة واحدة فرغم انها دولة إلا أنه لا يوجد خط طيران واحد أو اتصال تليفونى أو مراسلات بريدية من أى دولة فى العالم معها ... لا يكفى أن تكون لديك قوة للانفصال بل لابد من مراعاة موزاين وقواعد السياسة العالمية . وهذا ما لا يهتم به المسلمون .أعود لحديثنا الأول لأسالك :
أعجبتك فتوى الشيخ القرضاوى التى تجيز لمسلمى الجيش الأمريكى الحرب ضد أفغانستان ؟ !
بالتأكيد
لكن لماذا قوبلت برفض معظم الفقهاء ؟
لانهم لا يفهمون هذه القضايا جيدا ولا يحاولون ... هم ما زالوا عيال على كتب الفقة القديمة التى انفصل معظمها على الواقع .
لابد من إعادة النظر فى الفقه المتعلق بالسياسة الشرعية التى مازالت أضعف حلقات الفقه الاسلامى وتأسيس فقه جديد فى هذا المجال يكون أساسه الواقع وليس الكتب القديمة .
وإذا سألتك عن أول ما يحتاج لتجديد فى هذا الموضوع ؟
أجيب بأنه مفهوم الدولة الإسلامية والمعايير التى تتحدد وفقها إسلامية الدولة هل هى الأغلبية مثلا ؟ وستفاجأ بان لبنان ذات الأغلبية المسيحية منظموا المؤتمر الإسلامى وأن جيبوتى التى لا يزيد عدد مسلميها عن نصف المليون تعد دولة إسلامية والهند التى يصل مسلموها إلى 140 مليون يمثلون ثانى تجمع للمسلمين بعد اندونيسا لا تعد مسلمة ، فإن دولة مثل تركيا غالبية سكانها مسلمون لن تصبح دولة إسلامية أما إذا كان المعيار هو شعور المسلم بالأمن على نفسه ودينه وحرية ممارسته لعباداته فالمفارقة أن كثيرا من الدول المسلمة لا ينطبق عليها هذا المعيار الذى قد يتحقق فى دول أخرى غير مسلمه بالمرة مثلما هو الحال فى أوربا !
انتهى الحوار (الصدمة) الذى قد تختلف مع كثير من أفكاره (كما هو الحال بالنسبة لى مثلا) لكنها تبقى أفكارا مهمة وتحتاج لنقاش أكثر عمقا وصراحة لأنها تمس قضايا حقيقة وواقعية .

مطلوب تحرك أممي لمواجهة:العداء للإسلام ؟؟

مطلوب تحرك أممي لمواجهة:العداء للإسلام ؟؟
أمريكا أصل الإرهاب في العالم؟؟

تحليل ناجي هيكل
أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الوثيقة السياسية للحزب التي أقرَّها مؤتمرُه العامُّ 2010، وذلك في مؤتمر صحفي متلفز بحضور جمع من السياسيين والصحافيين ورجال الإعلام.
أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الوثيقة السياسية للحزب التي أقرَّها مؤتمرُه العامُّ منذُ أيام، وذلك في مؤتمر صحفي متلفز بحضور جمع من السياسيين والصحافيين ورجال الإعلام. ورئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم أمين السيد ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد.
وأفادت رحماء نقلا عن المنار أن الوثيقة تضمنت مجموعة من البنود المتعلقة بالمقاومة والسياسة وهموم الناس والمجتمع إضافة إلى نظرة حزب الله لعدد من القضايا اللبنانية الإقليمية والعالمية، وتحدد الوثيقة الخطوط العريضة التي ترسم سياسة حزب الله اتجاه العديد من القضايا لا سيما تحديد من هو العدو ومن هو الصديق.وفيما يلي نص الوثيقة السياسية كاملة:الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.قال الله تعالى في كتابه المجيد:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}. (العنكبوت: 69)وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. (المائدة: 35)تهدف هذه الوثيقة إلى تظهير الرؤية السياسية لحزب الله، حيث تنطوي على ما نراه من تصورات ومواقف وما نختزنه من آمال وطموحات وهواجس، وهي تأتي - قبل أي شيء آخر - نتاجاً لما خبرناه جيداً من أولوية الفعل وأسبقية التضحية.ففي مرحلة سياسية إستثنائية وحافلة بالتحولات لم يعد ممكناً مقاربة تلك التحولات من دون ملاحظة المكانة الخاصة التي باتت تشغلها مقاومتنا، أو تلك الرزمة من الإنجازات التي حققتها مسيرتنا.
وسيكون ضرورياً إدراج تلك التحولات في سياق المقارنة بين مسارين متناقضين وما بينهما من تناسب عكسي متنامٍ:1- مسار المقاومة والممانعة في طوره التصاعدي الذي يستند إلى انتصارات عسكرية ونجاحات سياسية وترسُّخ أنموذج المقاومة شعبياً وسياسياً والثبات في المواقع والمواقف السياسية رغم ضخامة الإستهداف وجسامة التحديات.. وصولاً إلى إمالة موازين القوى في المعادلة الإقليمية لصالح المقاومة وداعميها.2- مسار التسلط والإستكبار الأميركي - الإسرائيلي بأبعاده المختلفة وتحالفاته وامتداداته المباشرة وغير المباشرة والذي يشهد انكسارات أو انهزامات عسكرية وإخفاقات سياسية أظهرت فشلاً متلاحقاً للإستراتيجيات الأميركية ومشاريعها واحداً تلو الآخر، كل ذلك أفضى إلى حالة من التخبط والتراجع والعجز في القدرة على التحكم في مسار التطورات والأحداث في عالمنا العربي والإسلامي.تتكامل هذه المعطيات في إطار مشهد دُوليّ أوسع، يُسهم بدوره في كشف المأزق الأميركي وتراجع هيمنة القطب الواحد لصالح تعددية لم تستقر ملامحها بعد.وما يعمّق أزمة النظام الإستكباري العالمي الإنهيارات في الأسواق المالية الأميركية والعالمية ودخول الإقتصاد الأميركي في حالة تخبّط وعجز، والتي تعبِّر عن ذروة تفاقم المأزق البنيوي في الأنموذج الرأسمالي المتغطرس.لذا يمكن القول: إننا في سياق تحولات تاريخية تُنذر بتراجع الولايات المتحدة الأميركية كقوة مهيمنة، وتحلُّل نظام القطب الواحد المهيمن، وبداية تشكّل مسار الأفول التاريخي المتسارع للكيان الصهيوني.
تقف حركات المقاومة في صُلب هذه التحولات، وتَبرز كمعطى إستراتيجي أساسي في هذا المشهد الدُّولي بعد أن أدت دوراً مركزياً في إنتاج أو تحفيز ما يتصل من تلك التحولات بمنطقتنا.
لقد كانت المقاومة في لبنان ومن ضمنها مقاومتنا الإسلامية سبّاقةً إلى مواجهة الهيمنة والإحتلال قبل ما يزيد على عقدين ونصف من الزمن، وهي تمسكت بهذا الخيار في وقت بدا وكأنه تدشينٌ للعصر الأميركي الذي جرت محاولات تصويره وكأنه نهاية للتاريخ. وفي ظل موازين القوى والظروف السائدة آنذاك إعتبر البعض خيار المقاومة وكأنه ضربُ وهمٍ، أو تهورٌ سياسي أو جنوح مناقض لموجبات العقلانية والواقعية.
رغم ذلك مضت المقاومة في مسيرتها الجهادية وهي على يقين من أحقية قضيتها وقدرتها على صنع الإنتصار، من خلال الإيمان بالله تعالى والتوكل عليه والإنتماء للأمة جمعاء والإلتزام بالمصالح الوطنية اللبنانية والثقة بشعبها وإعلائها القيم الإنسانية في الحق والعدالة والحرية.
فعلى مدى مسارها الجهادي الطويل وعبر انتصاراتها الموصوفة، بدءاً من دحر الإحتلال الإسرائيلي في بيروت والجبل إلى هروبه من صيدا وصور والنبطية وعدوان تموز 1993 وعدوان نيسان 1996 والتحرير في أيار 2000، فحرب تموز 2006، أرست هذه المقاومة صدقيتها وأنموذجها قبل أن تصنع انتصاراتها، فراكمت حقبات تطوُّر مشروعِها من قوة تحرير إلى قوة توازن ومواجهة ومن ثَمّ إلى قوة ردعٍ ودفاع، مضافاً إلى دورها السياسي الداخلي كركن مؤثّر في بناء الدولة القادرة والعادلة.
بالتزامن مع ذلك، قُدِّر للمقاومة أن تطور مكانتها السياسية والإنسانية، فارتقت من كونها قيمةً وطنيةً لبنانيةً إلى كونها - أيضاً - قيمةً عربيةً وإسلاميةً متألقةً، وقد أصبحت اليوم قيمةً عالميةً وإنسانيةً يجري استلهام أنموذجها والبناء على إنجازاتها في تجارب وأدبيات كل الساعين إلى من أجل الحرية والإستقلال في شتى أنحاء المعمورة.
إنّ حزب الله رغم إدراكه لتلك التحولات الواعدة وما يراه من مراوحة العدو بين عجز استراتيجية الحرب لديه والعجز عن فرض التسويات بشروطه، فإنه لا يستهين بحجم التحديات والمخاطر التي لا تزال ماثلةً، ولا يُقَلِّل من وعورة مسار المواجهة وحجم التضحيات التي تستوجبها مسيرة المقاومة واسترداد الحقوق والمساهمة في استنهاض الأمة، إلاّ أنه - في قبال ذلك - قد بات أشد وضوحاً في خياراته وأمضى عزيمةً في إرادته وأكثر ثقةً بربّه ونفسه وشعبه.في هذا السياق، يحدِّد حزب الله الخطوط الأساسية التي تشكّل إطاراً فكرياً – سياسياً لرؤيته ومواقفه تجاه التحديات المطروحة. (الفصل الأول)الهيمنـة والإستنهـاض
أولاً : العالم والهيمنة الغربية والأميركية بعد الحرب العالمية الثانية باتت الولايات المتحدة صاحبة مشروع الهيمنة المركزي والأول، وعلى يديها شهد هذا المشروع تطوراً هائلاً في آليات التسلط والإخضاع غير المسبوقة تاريخياً، مستفيدةً في ذلك من حصيلة مركّبة من الإنجازات المتعددة الأوجه والمستويات العلمية والثقافية والمعرفية والتكنولوجية والإقتصادية والعسكرية، والمدعومة بمشروع سياسي إقتصادي لا ينظر إلى العالم إلاّ بوصفه أسواقاً مفتوحةً ومحكومةً لقوانينها الخاصة.
إنّ أخطر ما في منطق الهيمنة الغربي عموماً، والأميركي تحديداً، هو اعتباره منذ الأساس أنه يمتلك العالم وأنّ له حق الهيمنة من منطلق التفوق في أكثر من مجال، ولذا باتت الإستراتيجية التوسعية الغربية - وبخاصة الأميركية - ومع اقترانها بالمشروع الإقتصادي الرأسمالي إستراتيجيةً عالميةَ الطابع، لا حدود لأطماعها وجشعها.إنّ تحكّم قوى الرأسمالية المتوحشة، المتمثلة على نحوٍ رئيسٍ بشبكات الإحتكارات الدُّولية من شركات عابرة للقوميات بل وللقارات، والمؤسسات الدُّولية المتنوعة، وخصوصاً المالية منها والمدعومة بقوة فائقة عسكرياً، أدى الى المزيد من التناقضات والصراعات الجذرية، ليس أقلها اليوم: صراعات الهويات والثقافات وأنماط الحضارات، إلى جانب صراعات الغنى والفقر.
لقد حولت الرأسمالية المتوحشة العولمة إلى آلية لبث التفرقة وزرع الشقاق وتدمير الهويات وفرض أخطر أنواع الإستلاب الثقافي والحضاري والإقتصادي والإجتماعي.
وقد بلغت العولمة حدَّها الأخطر مع تحولها إلى عولمة عسكرية على أيدي حاملي مشروع الهيمنة الغربي، والتي شهدنا أكثر تعبيراتها في منطقة الشرق الأوسط بدءاً من أفغانستان إلى العراق وفلسطين فلبنان، الذي كان نصيبه منها عدواناً شاملاً في تموز العام 2006 وذلك باليد الإسرائيلية.
لم يبلغ مشروع الهيمنة والتسلط الأميركي مستويات خطرةً كما بلغها مؤخراً، لا سيما منذ العقد الأخير من القرن العشرين وحتى اليوم، وذلك في مسار تصاعدي إتخذ من سقوط الإتحاد السوفياتي وتفككه نقطة انطلاق، لما شكّله من فرصة تاريخية في الحسابات الأميركية للإستفراد بقيادة مشروع الهيمنة عالمياً، وذلك باسم المسؤولية التاريخية وبأنّ لا تمييز بين مصلحة العالم والمصلحة الأميركية، ما يعني تسويق الهيمنة كمصلحة لباقي الدول والشعوب لا بوصفها مصلحةً أميركيةً بحتةً.
لقد بلغ هذا المسار ذروته مع إمساك تيار المحافظين الجدد بمفاصل إدارة "بوش" الابن، هذا التيار الذي عبّر عن رؤاه الخاصة من خلال وثيقة "مشروع القرن الأميركي الجديد" التي كُتبت ما قبل إجراء الإنتخابات الأميركية عام 2000، ليجد المشروع طريقه إلى التنفيذ بُعيد استلام إدارة "بوش" الابن السلطة في الولايات المتحدة الأميركية.
لم يكن غريباً ولا مفاجئاً أن يكون أكثر ما أكدت عليه هذه الوثيقة - التي سرعان ما باتت دليل العمل لإدارة "بوش" - مسألة إعادة بناء القدرات الأميركية، والتي عكست رؤيةً استراتيجيةً جديدةً للأمن القومي الأميركي، بدا واضحاً تماماً أنها ترتكز على بناء قدرات عسكرية ليس باعتبارها قوة ردع فقط وإنما أيضاً باعتبارها قوة فعل وتدخّل، سواء للقيام بعمليات "وقائية" عن طريق توجيه ضربات إستباقية أم لأغراض علاجية من خلال التعامل مع الأزمات بعد وقوعها.وجدت إدارة "بوش" بُعيد أحداث 11 أيلول 2001، أنها أمام فرصة سانحة لممارسة أكبر قَدْر من النفوذ والتأثير، من خلال وضع رؤيتها الإستراتيجية للهيمنة المنفردة على العالم موضع التطبيق تحت شعار "الحرب الكونية على الإرهاب" وهكذا قامت هذه الإدارة بمحاولات إعتُبرت ناجحةً في بدايتها وفق التالي:1- عسكرة علاقاتها وسياساتها الخارجية إلى الحد الأقصى.
2- تجنّب الإعتماد على الأطر المتعددة الأطراف، والإنفراد باتخاذ القرارات الإستراتيجية، والتنسيق حيث هناك ضرورة، ومع حلفاء يمكن الركون إليهم.
3- حسم الحرب في أفغانستان بسرعة للتفرغ بعد ذلك للخطوة التالية والأهم في مشروع الهيمنة ألا وهي: السيطرة على العراق، الذي اعتُبر نقطة الإرتكاز الرئيسة لإقامة شرق أوسط جديد يتناسب مع متطلبات عالم ما بعد 11 أيلول. ولم تتورع هذه الإدارة عن اللجوء إلى كل أساليب التمويه والخداع والكذب الصريح لتبرير حروبها، لا سيما الحرب على العراق، وضد كل مَن يقاوم مشروعَها الإستعماري الجديد من دول وحركات وقوى وشخصيات. وفي هذا الإطار عمدت هذه الإدارة إلى إقامة تطابق بين "مقولة الإرهاب" و"مقولة المقاومة" لتنزع عن المقاومة شرعيتها الإنسانية والحقوقية، وتبرّر بالتالي خوض الحروب على أنواعها ضدها، في سياق إزالة آخر حصون دفاع الشعوب والدول عن حقها بالعيش بحرية وكرامة وعزة، وعن حقها بسيادة غير منقوصة وببناء تجاربها الخاصة وأخذ مواقعها وأدوارها في حركة التاريخ الإنساني حضارياً وثقافياً.
لقد تحوّل عنوان "الإرهاب" إلى ذريعة أميركية للهيمنة من خلال أدوات: الملاحقة/ الضبط والإعتقال التعسفي/ إفتقاد أبسط مقومات المحاكمات العادلة، كما نجدها في معتقلات "غوانتنامو"، ومن خلال التدخل المباشر في سيادة الدول وتحويلها إلى ماركة مسجلة للتجريم التعسفي واتخاذ إجراءات معاقَبة تطال شعوباً بأسرها، وصولاً إلى منح نفسها حقاً مطلقاً بشن حروب تدميرية وماحقة لا تميز بين البريء والمجرم، ولا بين الطفل والشيخ والمرأة والشاب.
لقد بلغت كلفة حروب الإرهاب الأميركية حتى الآن الملايين من البشر فضلاً عن مظاهر الدمار الشاملة، التي لم تُصِب الحجر والبنى التحتية فحسب وإنما بنية ومكونات المجتمعات نفسها، حيث جرى تفكيكها، وعَكْس مسار تطورها التاريخي، في عملية ارتكاس أعادت إنتاج صراعات أهلية ذات أبعاد مذهبية وطائفية وعرقية لا تنتهي. هذا من غير أن ننسى استهداف المخزون الثقافي والحضاري لهذه الشعوب.لا شك أنّ الإرهاب الأميركي هو أصل كل إرهاب في العالم، وقد حولت إدارة "بوش" الولايات المتحدة إلى خطر يتهدد العالم بأسره على كل الصعد والمستويات. ولو جرى اليوم استطلاع عالمي للرأي لظهرت الولايات المتحدة كأكثر دولة مكروهة في العالم.إنّ الإخفاق الذي مُنيت به الحرب على العراق وتطور حالة المقاومة فيه والإمتعاض الإقليمي والدُّولي من نتائج هذه الحرب، وفشل ما يسمى "الحرب على الإرهاب" خصوصاً في أفغانستان إلى تسجيل عودة قوية لحركة طالبان واعتراف بدورها والسعي لعقد تسويات معها، وكذلك الفشل الذريع للحرب الأميركية على المقاومة في لبنان وفلسطين بأدوات إسرائيلية، أدت إلى تآكل الهيبة الأميركية دُوليّاً وإلى تراجع استراتيجي في قدرة الولايات المتحدة على الفعل أو خوض المغامرات الجديدة.إلاّ أنّ ما تقدَّم لا يعني بأنّ الولايات المتحدة ستُخْلي الساحة بسهولة بل ستقوم بكل ما يلزم من أجل حماية ما تسمّيه "مصالحها الإستراتيجية"، ذلك لأنّ سياسات الهيمنة الأميركية تنهض على اعتبارات إيديولوجية ومشاريع فكرية تغذّيها اتجاهاتٌ متطرفةٌ متحالفةٌ مع مركّب صناعي – عسكري لا حدود لجشعه وأطماعه. ثانياً : منطقتنا والمشروع الأميركي إذا كان العالم المستضعَف بأسره يرزح تحت نير هذه الهيمنة الإستكبارية، فإنّ عالمنا العربي والإسلامي يناله منها القسط الأوفر والأثقل، لدواعي تاريخه وحضارته وموارده وموقعه الجغرافي.
إنّ عالمنا العربي والإسلامي هو منذ قرون عرضةً لحروب إستعمارية وحشية لا تنتهي، إلاّ أنّ مراحلها الأكثر تقدماً بدأت مع زرع الكيان الصهيوني في المنطقة، ومن ضمن مشروع تفتيتها إلى كيانات متصارعة ومتنابذة تحت عناوين شتى. ولقد بلغت ذروة هذه المرحلة الإستعمارية مع وراثة الولايات المتحدة للإستعمار القديم في المنطقة.
يتمثل الهدف المركزي الأبرز للإستكبار الأميركي بالسيطرة على الشعوب بكل أشكالها: السياسية والإقتصادية والثقافية ونهب ثرواتها ويأتي في الطليعة نهب الثروة النفطية بما هي أداة رئيسة للتحكم بروح الإقتصاد العالمي، وبكل الأساليب التي لا تلتزم أي ضوابط أو معايير أخلاقية أو إنسانية، بما فيها استخدام القوة العسكرية المفرِطة، مباشرة أو بالواسطة.
وقد اعتمدت أميركا لتحقيق هدفها سياسات عامةً واستراتيجيات عمل، أبرزها:1- توفير كل سبل ضمان الإستقرار للكيان الصهيوني، بما هو قاعدة متقدمة ونقطة ارتكاز للمشروع الأميركي الإستعماري والتفتيتي للمنطقة، ودعم هذا الكيان بكل عوامل القوة والإستمرار، وتوفير شبكة أمان لوجوده، ما يؤهله للعب دور الغدة السرطانية التي تستنزف قدرات الأمة وطاقاتها وتبعثر إمكاناتها وتشتت آمالَها وتطلعاتها.
2- تقويض الإمكانات الروحية والحضارية والثقافية لشعوبنا والعمل على إضعاف روحها المعنوية عبر بث حروب إعلامية ونفسية تطال قيمها ورموز جهادها ومقاومتها. 3- دعم أنظمة التبعية والإستبداد في المنطقة.
4- الإمساك بالمواقع الجغرافية الإستراتيجية للمنطقة، لما تشكّله من عقدة وَصْلٍ وفصل، براً وبحراً وجواً، ونشر القواعد العسكرية في مفاصلها الحيوية خدمةً لحروبها ودعماً لأدواتها.5- منع قيام أي نهضة في المنطقة تسمح بامتلاك أسباب القوة والتقدم أو تلعب دوراً تاريخياً على مستوى العالم.
6- زرع الفتن والإنقسامات على أنواعها، لا سيما الفتن المذهبية بين المسلمين، لإنتاج صراعات أهلية داخلية لا تنتهي. من الواضح أنه لا مجال اليوم لقراءة أي صراع في أي منطقة من مناطق العالم إلاّ من منظار إستراتيجي عالمي، فالخطر الأميركي ليس خطراً محلياً أو مختصاً بمنطقة دون أخرى، وبالتالي فإنّ جبهة المواجهة لهذا الخطر الأميركي يجب أن تكون عالميةً أيضاً.ولا شك بأنّ هذه المواجهة صعبةٌ ودقيقةٌ، وهي معركةٌ ذات مدًى تاريخي، وهي بالتالي معركة أجيال وتستلزم الإستفادة من كل قوة مفترَضة، ولقد علّمتنا تجربتنا في لبنان أنّ الصعوبة لا تعني الإستحالة بل بالعكس فإنّ شعوباً حيةً ومتفاعِلةً، وقيادةً حكيمةً وواعيةً ومستعدةً لكل الإحتمالات تراهن على تراكم الإنجازات، تصنع النصر تلو النصر. وبقدر ما يصح هذا الأمر عمودياً عبر التاريخ فهو يصـح أفقيـاً بالإمتـداد الجغـرافي والجيو-سياسي أيضاً.لم يترك الإستكبار الأميركي لأمتنا وشعوبها من خيار إلاّ خيار المقاومة، من أجل حياة أفضل، ومن أجل مستقبل بشري وإنساني أفضل، مستقبل محكوم بعلاقات من الأخوّة والتنوع والتكافل في آن، ويسوده السلام والوئام، تماماً كما رَسَمَت معالِمَه حركةُ الأنبياء والمصلحين العظام عبر التاريخ، وكما هو في تطلعات وأشواق الروح الإنسانية الحقة والمتسامية.

(الفصل الثاني )لبـــــــــنان أولاً : الوطــن إنّ لبنان هو وطننا ووطن الآباء والأجداد، كما هو وطن الأبناء والأحفاد وكل الأجيال الآتية، وهو الوطن الذي قدّمنا من أجل سيادته وعزته وكرامته وتحرير أرضه أغلى التضحيات وأعزّ الشهداء. هذا الوطن نريده لكل اللبنانيين على حد سواء، يحتضنهم ويتسع لهم ويشمخ بهم وبعطاءاتهم.ونريده واحداً موحَّداً، أرضاً وشعباً ودولةً ومؤسسات، ونرفض أي شكل من أشكال التقسيم أو "الفدرلة" الصريحة أو المقنَّعة. ونريده سيداً حراً مستقلاً عزيزاً كريماً منيعاً قوياً قادراً، حاضراً في معادلات المنطقة، ومساهماً أساسياً في صنع الحاضر والمستقبل كما كان حاضراً دائماً في صنع التاريخ.ومن أهم الشروط لقيام وطن من هذا النوع واستمراره أن تكون له دولةٌ عادلةٌ وقادرةٌ وقويةٌ، ونظامٌ سياسيٌ يمثّل بحق إرادة الشعب وتطلعاته الى العدالة والحرية والأمن والإستقرار والرفاه والكرامة، وهذا ما ينشده كل اللبنانيين ويعملون من أجل تحقيقه ونحن منهم. ثانياً : المقـاومـة تمثّل "إسرائيل" تهديداً دائماً للبنان - الدولة والكيان - وخطراً داهماً عليه لجهة أطماعها التاريخية في أرضه ومياهه، وبما هو أنموذج لتعايش أتباع الرسالات السماوية، في صيغة فريدة، ووطن نقيض لفكرة الدولة العنصرية التي تتمظهر في الكيان الصهيوني. فضلاً عن ذلك فإنّ وجود لبنان على حدود فلسطين المحتلة، وفي منطقة مضطربة جراء الصراع مع العدو الإسرائيلي، حتّم على هذا البلد تحمّل مسؤوليات وطنيةً وقوميةً.بدأ التهديد الإسرائيلي لهذا الوطن منذ أن زُرع الكيان الصهيوني في أرض فلسطين، وهو كيانٌ لم يتوانَ عن الإفصاح عن أطماعه بأرض لبنان لضم أجزاء منه، والإستيلاء على خيراته وثرواته وفي مقدمتها مياهه، وحاول تحقيق هذه الأطماع تدريجياً.
باشر هذا الكيان عدوانه منذ العام 1948، من الحدود إلى عمق الوطن، من مجزرة حولا عام 1949 إلى العدوان على مطار بيروت الدُّولي عام 1968، وما بينهما سنوات طويلة من الإعتداءات على مناطق الحدود، بأرضها وسكانها وثرواتها، كمقدمة للإستيلاء المباشر على الأرض عن طريق الإجتياحات المتكررة، وصولاً إلى اجتياح آذار 1978 واحتلال منطقة الحدود وإخضاعها لسلطته الأمنية والسياسية والإقتصادية في إطار مشروع متكامل، تمهيداً لإخضاع الوطن كلّه في اجتياح العام 1982.
كل ذلك كان يجري بدعم كامل من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية، وتجاهل إلى حدّ التواطؤ من قِبَل ما يُعرف بـ"المجتمع الدُّولي" ومؤسساته الدُّولية، وفي ظل صمت رسمي عربي مريب, وغياب للسلطة اللبنانية التي تركت أرضَها وشعَبها نهباً للمجازر والإحتلال الإسرائيلي من دون أن تتحمل مسؤلياتها وواجباتها الوطنية.
في ظل هذه المأساة الوطنية الكبرى، ومعاناة الشعب وغياب دولته وتخلّي العالم عنه، لم يجد اللبنانيون المخلصون لوطنهم سوى استخدام حقهم، والإنطلاق من واجبهم الوطني والأخلاقي والديني في الدفاع عن أرضهم، فكان خيارهم: إطلاق مقاومة شعبية مسلّحة لمواجهة الخطر الصهيوني والعدوان الدائم على حياتهم وأرزاقهم ومستقبلهم.
في تلك الظروف الصعبة، حيث افتقد اللبنانيون الدولة بدأت مسيرة استعادة الوطن من خلال المقاومة المسلّحة، وذلك بتحرير الأرض والقرار السياسي من يد الإحتلال الإسرائيلي كمقدمة لاستعادة الدولة وبناء مؤسساتها الدستورية، والأهم من ذلك كلّه إعادة تأسيس القيم الوطنية التي يُبنى عليها الوطن وفي طليعتها: السيادة والكرامة الوطنيتان، ما أعطى لقيمة الحرية بُعدَها الحقيقي، فلم تبقَ مجرد شعار معلَّق بل كرّستها المقاومة بفعل تحرير الأرض والإنسان وتحولت هذه القيم الوطنية إلى مدماك أساس لبناء لبنان الحديث، فحجزت موقعه على خارطة العالم وأعادت الإعتبار إليه كبلد يَفرِِض احترامَه ويفتخر أبناؤه بالإنتماء إليه بما هو وطن للحرية والثقافة والعلم والتنوع كما هو وطن العنفوان والكرامة والتضحية والبطولة. إنّ هذه الأبعاد مجتمعةً توّجتها المقاومة من خلال ما أنجزته من تحرير في العام 2000 ومن انتصار تاريخي في حرب تموز عام 2006، والذي قدّمت فيهما تجربةً حيةً للدفاع عن الوطن، تجربةً تحوّلت إلى مدرسة تستفيد منها الشعوب والدول في الدفاع عن أرضها وحماية استقلالها وصون سيادتها. تَحقَّقََ هذا الإنجاز الوطني للمقاومة بمؤازرة شعب وفيّ وجيش وطنيّ، وأَحبطَ أهدافَ العدو وأوقعَ به هزيمةً تاريخيةً، لِتَخْرج المقاومة بمجاهديها وشهدائها ومعها لبنان بشعبه وجيشه بانتصار عظيم أسّس لمرحلة جديدة في المنطقة عنوانها محورية المقاومة دوراً ووظيفةً في ردع العدو وتأمين الحماية لاستقلال الوطن وسيادته والدفاع عن شعبه واستكمال تحرير بقية الأرض المحتلة. إنّ هذا الدور وهذه الوظيفة ضرورةٌ وطنيةٌ دائمةٌ دوام التهديد الإسرائيلي ودوام أطماع العدو في أرضنا ومياهنا ودوام غياب الدولة القوية القادرة، وفي ظل الخلل في موازين القوى ما بين الدولة والعدو - الخلل الذي يدفع عادةً الدول الضعيفة والشعوب المستهدفة من أطماع وتهديدات الدول المتسلطة والقـوية، إلـى البحث عن صيغ تستفيد من القدرات والإمكانات المتاحة - فإنّ التهديد الإسرائيلي الدائم يفرض على لبنان تكريس صيغة دفاعية تقوم على المزاوجة بين وجود مقاومة شعبية تساهم في الدفاع عن الوطن في وجه أي غزو إسرائيلي، وجيش وطني يحمي الوطن ويثبّت أمنه واستقراره، في عملية تكامل أثبتت المرحلة الماضية نجاحها في إدارة الصراع مع العدو وحققت انتصارات للبنان ووفرت سبل الحماية له.
هذه الصيغة، التي توضع من ضمن استراتيجية دفاعية، تشكّل مظلّة الحماية للبنان، بعد فشل الرهانات على المظلات الأخرى، سواء أكانت دُوليّة أم عربية أم تفاوضية مع العدو، فانتهاج خيار المقاومة حقّق للبنان تحريراً للأرض واستعادةً لمؤسسات الدولة وحمايةً للسيادة وإنجازاً للإستقلال الحقيقي. في هذا الإطار فإنّ اللبنانيين بقواهم السياسية وشرائحِهم الإجتماعية ونُخَبِهم الثقافية وهيئاتِهم الإقتصادية، معنيون بالحفاظ على هذه الصيغة والإنخراط فيها، لأنّ الخطر الإسرائيلي يتهدّد لبنان بكل مكوناته ومقوماته، وهذا ما يتطلّب أوسع مشاركة لبنانية في تحمّل مسؤوليات الدفاع عن الوطن وتوفير سبل الحماية له.
إنّ نجاح تجربة المقاومة في التصدي للعدو، وفشل كل المخططات والحروب للقضاء عليها أو محاصرة خيارها ونزع سلاحها من جهة، واستمرار الخطر الإسرائيلي على لبنان وعدم زوال التهديد عنه من جهةٍ أخرى يَفرض على المقاومة السعي الدؤوب لامتلاك أسباب القوة وتعزيز قدراتها وإمكاناتها بما يساعد على تأدية واجبها والقيام بمسؤولياتها الوطنية، للمساهمة في استكمال مهمة تحرير ما تبقّى من أرضنا تحت الإحتلال في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر اللبنانية، واستنقاذ مَن بقي من أسرى ومفقودين وأجساد الشهداء، والمشاركة في وظيفة الدفاع والحماية للأرض والشعب. ثالثاً : الدولة والنظام السياسي
إنّ المشكلة الأساسية في النظام السياسي اللبناني، والتي تمنع إصلاحه وتطويره وتحديثه بشكل مستمر هي الطائفية السياسية. كما أنّ قيام النظام على أسس طائفية يشكّل عائقاً قوياً أمام تحقيق ديمقراطية صحيحة يمكن على ضوئها أن تحكم الأكثرية المنتخَبة وتعارض الأقلية المنتخَبة، ويُفتح فيها الباب لتداول سليم للسلطة بين الموالاة والمعارضة أو الإئتلافات السياسية المختلفة. ولذلك فإنّ الشرط الأساس لتطبيق ديمقراطية حقيقية من هذا النوع هو إلغاء الطائفية السياسية من النظام، وهو ما نص "اتفاق الطائف" على وجوب تشكيل هيئة وطنية عليا لإنجازه.
وإلى أن يتمكن اللبنانيون ومن خلال حوارهم الوطني من تحقيق هذا الإنجاز التاريخي والحساس - نعني إلغاء الطائفية السياسية - وطالما أنّ النظام السياسي يقوم على أسس طائفية فإنّ الديمقراطية التوافقية تبقى القاعدة الأساس للحكم في لبنان، لأنها التجسيد الفعلي لروح الدستور ولجوهر ميثاق العيش المشترك.
من هنا فإنّ أي مقاربة للمسائل الوطنية وفق معادلة الأكثرية والأقلية تبقى رهن تحقق الشروط التاريخية والإجتماعية لممارسة الديمقراطية الفعلية التي يصبح فيها المواطن قيمةً بحد ذاته.
إنّ إرادة اللبنانيين في العيش معاً موفوري الكرامة ومتساوي الحقوق والواجبات، تحتّم التعاون البنّاء من أجل تكريس المشاركة الحقيقية والتي تشكّل الصيغة الأنسب لحماية تنوعهم واستقرارهم الكامل بعد حقبة من اللاإستقرار سببتها السياسات المختلفة القائمة على النزوع نحو الإستئثار والإلغاء والإقصاء.
إنّ الديمقراطية التوافقية تشكّل صيغةً سياسيةً ملائمةً لمشاركة حقيقية من قِبَل الجميع، وعامل ثقة مطَمْئِن لمكونات الوطن، وهي تُسهم بشكل كبير في فتح الأبواب للدخول في مرحلة بناء الدولة المطَمْئِنة التي يشعر كل مواطنيها أنها قائمة من أجلهم.
إنّ الدولة التي نتطلع الى المشاركة في بنائها مع بقية اللبنانيين هي: 1- الدولة التي تصون الحريات العامة، وتوفر كل الأجواء الملائمة لممارستها.
2- الدولة التي تحرص على الوحدة الوطنية والتماسك الوطني.
3- الدولة القادرة التي تحمي الأرض والشعب والسيادة والإستقلال، ويكون لها جيش وطني قوي ومقتدر ومجهَّز، ومؤسساتٌ أمنيةٌ فاعلةٌ وحريصةٌ على أمن الناس ومصالحهم.
4- الدولة القائمة في بنيتها على قاعدة المؤسسات الحديثة والفاعلة والمتعاونة، والتي تستند الى صلاحيات ووظائف ومهام واضحة ومحددة.
5- الدولة التي تلتزم تطبيق القوانين على الجميع في إطار احترام الحريات العامة والعدالة في حقوق وواجبات المواطنين، على اختلاف مذاهبهم ومناطقهم واتجاهاتهم.
6- الدولة التي يتوافر فيها تمثيل نيابي سليم وصحيح لا يمكن تحقيقه إلاّ من خلال قانون انتخابات عصري يتيح للناخب اللبناني أن يختار ممثليه بعيداً عن سيطرة المال والعصبيات والضغوط المختلفة، ويحقق أوسع تمثيل ممكن لمختلف شرائح الشعب اللبناني.
7- الدولة التي تعتمد على أصحاب الكفاءات العلمية والمهارات العملية وأهل النزاهة بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية، والتي تضع آليات فاعلةً وقويةً لتطهير الإدارة من الفساد والفاسدين دون مساومة.
8- الدولة التي تتوافر فيها سلطة قضائية عليا ومستقلة وبعيدة عن تحكّم السياسيين، يمارس فيها قضاة كَفُؤون ونزيهون وأحرارٌ مسؤولياتِهم الخطيرة في إقامة العدل بين الناس.
9- الدولة التي تُقِيْم اقتصادها بشكل رئيس على قاعدة القطاعات المنتِجة، وتعمل على استنهاضها وتعزيزها، وخصوصاً قطاعات الزراعة والصناعة، وإعطائها الحيّز المناسب من الخطط والبرامج والدعم بما يؤدي الى تحسين الإنتاج وتصريفه، وما يوفر فرص العمل الكافية والمناسبة وخاصةً في الأرياف.
10- الدولة التي تعتمد وتطبق مبدأ الإنماء المتوازن بين المناطق، وتعمل على ردم الهوّة الإقتصادية والإجتماعية بينها.
11- الدولة التي تهتم بمواطنيها، وتعمل على توفير الخدمات المناسبة لهم من التعليم والطبابة والسكن الى تأمين الحياة الكريمة، ومعالجة مشكلة الفقر، وتوفير فرص العمل وغير ذلك..
12- الدولة التي تعتني بالأجيال الشابة والصاعدة، وتساعد على تنمية طاقاتِهم ومواهِبهم وتوجيههم نحو الغايات الإنسانية والوطنية، وحمايتهم من الإنحراف والرذيلة.
13- الدولة التي تعمل على تعزيز دور المرأة وتطوير مشاركتها في المجالات كافةً، في إطار الإستفادة من خصوصيتها وتأثيرها واحترام مكانتِها.
14- الدولة التي تُوْلي الوضع التربوي الأهمية المناسبة خصوصاً لجهة الإهتمام بالمدرسة الرسمية، وتعزيز الجامعة اللبنانية على كل صعيد، وتطبيق إلزامية التعليم الى جانب مجّانيته.
15- الدولة التي تعتمد نظاماً إدارياً لا مركزياً يعطي سلطات إداريةً واسعةً للوحدات الإدارية المختلفة (محافظة/ قضاء/ بلدية)، بهدف تعزيز فرص التنمية وتسهيل شؤون ومعاملات المواطنين، دون السماح بتحوّل هذه اللامركزية الإدارية الى نوع من "الفدرلة" لاحقاً.
16- الدولة التي تجهد لوقف الهجرة من الوطن، هجرة الشباب والعائلات وهجرة الكفاءات والأدمغة ضمن مخطط شامل وواقعي.
17- الدولة التي ترعى مواطنيها المغتربين في كل أصقاع العالم، وتدافع عنهم وتحميهم، وتستفيد من انتشارهم ومكانتهم ومواقعهم لخدمة القضايا الوطنية.
إنّ قيام دولة بهذه المواصفات والشروط هدف لنا ولكل لبناني صادق ومخلص، ونحن في حزب الله سنبذل كل جهودنا وبالتعاون مع القوى السياسية والشعبية المختلفة التي تشاركنا هذه الرؤية من أجل تحقيق هذا الهدف الوطني النبيل.
رابعاً : لبنان والعلاقات اللبنانية - الفلسطينية
كواحدة من النتائج المأساوية لنشوء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وتشريد أهلها منها، كانت مشكلةُ اللاجئين الفلسطينيين، الذين انتقلوا إلى لبنان ليعيشوا فيه مؤقتاً كضيوف لدى إخوانهم اللبنانيين ريثما يعودون إلى وطنهم وديارهم التي أُخرجوا منها.
وما عاناه الفلسطينيون واللبنانيون على حد سواء جراء هذا اللجوء، كان سببه الحقيقي والمباشر هو الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وما نتج عنه من مآسٍ وويلات أصابت شعوب المنطقة بأسرها ولم يقتصر ضررها على الفلسطينيين فقط.
كما أنّ معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لم تقتصر على آلام الهجرة القسرية واللجوء فقط إنما أضيفت إليها الإعتداءات والمجازر الوحشية الإسرائيلية، التي دمرت الحجر والبشر، كما حصل في مخيم النبطية الذي دُمّر بالكامل/ قساوة العيش في المخيمات في ظل ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم/ الحرمان من الحقوق المدنية والإجتماعية/ عدم قيام الحكومات اللبنانية المتعاقبة بواجبها تجاههم.
إنّ هذا الواقع غير الطبيعي بات يحتّم اليوم على السلطات اللبنانية المسؤولة ضرورة تحمّل مسؤوليتها، وبناء العلاقات اللبنانية - الفلسطينية على أُسس صحيحة ومتينة وقانونية تراعي موازين الحق والعدل والمصالح المشتركة لكلا الشعبين، وأن لا يبقى هذا الوجود وهذه العلاقات محكومةً للأمزجة والأهواء والحسابات السياسية والتجاذبات الداخلية والتدخلات الدُّولية.
إننا نرى أنّ النجاح في هذه المهمة يتحقق من خلال ما يلي:
1. الحوار اللبناني - الفلسطيني المباشر.
2. تمكين الفلسطينيين في لبنان من التوافق على اختيار مرجعية موحَّدة لهم تمثلهم في هذا الحوار، متجاوزين التباينات الحاصلة في الوضع الفلسطيني الأعم.
3. إعطاء الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية والإجتماعية، بما يليق بوضعهم الإنساني ويحفظ شخصيتهم وهويتهم وقضيتهم.
4. التمسك بحق العودة ورفض التوطين.
خامساً : لبنان والعلاقات العربية
إنّ لبنان العربي الهوية والإنتماء إنما يمارس هويته وانتماءه بوصفهما حالةً طبيعيةً أصيلةً في التكوين المجتمعي اللبناني.
كما أنّ المدى الحيوي والجغرافيا السياسية والعمق الإستراتيجي وسياسات التكامل الإقليمي والمصالح القومية، بوصفها محدِّدات إستراتيجية لموقع لبنان السياسي ومصالحه الكبرى، تحتّم عليه الإلتزام بالقضايا العربية العادلة، وفي طليعتها قضية فلسطين والصراع مع العدو الإسرائيلي.
كذلك، ثمة حاجةٌ أكيدةٌ إلى تضافر الجهود لتجاوز حالة الصراعات التي تشقّ الصف العربي، إذ أنّ تناقض الإستراتيجيات واختلاف التحالفات، رغم جِدّيتها وحِدَّتها، لا تبرّر الإنسياق في سياسات الإستهداف أو الإنخراط في المشاريع الخارجية القائمة على تعميق الفُرقة وإثارة النعرات الطائفية وتحريك عوامل التجزئة والتفتيت، بما يؤدي إلى إنهاك الأمة وخدمة العدو الصهيوني وتنفيذ المآرب الأميركية.إنّ تطوير الممارسة السياسية القائمة على حصر النزاعات أو تنظيمها والحؤول دون انفلاتها إلى مجال الصراعات المفتوحة، هو خيار جدير بالتبنّي لإنضاج مقاربةٍ نوعيةٍ ومسؤولةٍ في التعاطي مع القضايا القومية، وكذلك البحث عن المشتركات لتعزيزها وتوفير فرص التواصل البنّاء على مستوى الحكومات والشعوب، لتحقيق أوسع إطار تضامني يخدم قضايانا.
وهنا يشكّل خيار المقاومة حاجةً جوهريةً وعاملاً موضوعياً لتصليب الموقف العربي وإضعاف العدو، بمعزل عن طبيعة الإستراتيجيات أو الرهانات السياسية المتخذة.
بناءً على كل ما تقدّم لا تجد المقاومةُ غضاضةً في تعميم عوائد الإستفادة من خيار المقاومة بحيث يطال مختلفَ المواقع العربية، ما دامت النتائج تندرج في إطار معادلة إضعاف العدو وتقوية وتصليب الموقف العربي.
وفي هذا الإطار، سجلت سوريا موقفاً مميزاً وصامداً في الصراع مع العدو الإسرائيلي، ودعمت حركات المقاومة في المنطقة، ووقفت الى جانبها في أصعب الظروف، وسعت الى توحيد الجهود العربية لتأمين مصالح المنطقة ومواجهة التحديات.
إننا نؤكد على ضرورة التمسك بالعلاقات المميزة بين لبنان وسوريا بوصفها حاجةً سياسيةً وأمنيةً واقتصاديةً مشتركةً، تُمليها مصالح البلدين والشعبين وضرورات الجغرافيا السياسية وموجبات الإستقرار اللبناني ومواجهة التحديات المشتركة، كما ندعو الى إنهاء كل الأجواء السلبية التي شابت علاقات البلدين في السنوات القليلة الماضية والعودة بهذه العلاقات الى وضعها الطبيعي في أسرع وقت ممكن.
سادساً : لبنان والعلاقات الإسلامية
يواجه عالَمُنا العربي والإسلامي تحدياتٍ تطال مجتمعاتنا بمكوناتها المختلفة ما يقتضي عدم التهاون بخطورتها.
فالإحتقان الطائفي والتوترات المذهبية المفتعَلة، وعلى الأخص بين السنّة والشيعة، واختلاق التناقضات القومية بين كُرد وتركمان وعرب، وإيرانيين.. وتخويف الأقليات وترهيبها، والنزف المسيحي المستمر من المشرق العربي وخاصةً من فلسطين والعراق فضلاً عن لبنان، كل ذلك يهدد تماسك مجتمعاتنا، ويقلل من منعتها، ويفاقم من عوائق نهضتها وتطورها.
وبدل أن يمثِّلَ التنوعُ الديني والقومي مصدر غنًى وحيويةً إجتماعيةً فقد أسيء توظيفُه، وتم استخدامه كعامل تمزيق وفُرقة وتفتيت مجتمعي.
إنّ الحالة الناجمة عن هذا الإستخدام السيئ هي حصيلة تقاطع لسياسات غربية متعمدة، وأميركية تحديداً، مع ممارسات وتصورات داخلية عصبوية لا مسؤولة، بالإضافة إلى بيئة سياسية غير مستقرة.إنّ أخذ هذه الحقائق بعين الإعتبار يبدو ملحّاً، ومن الجدير والضروري إدراجها كأحد الإهتمامات الجوهرية في برامج القوى والإتجاهات الأساسية بما فيها الحركات الإسلامية التي تقع على كاهلها مسؤولية خاصة في التصدي لهذه التحديات ومعالجة تلك المشكلات.
يؤكد حزب الله على أهمية التعاون بين الدول الإسلامية في المجالات كافةً، وهو ما يمنحها قوة تضامن في وجه المخططات الإستكبارية، وحمايةً مجتمعيةً من الغزو الثقافي والإعلامي، ويحضّها على الإستفادة من خيراتها في تبادل المنافع المختلفة بين هذه الدول.
وفي هذا الإطار يَعتبر حزب الله إيران الإسلام دولةً مركزيةً مهمةً في العالم الإسلامي، فهي التي أسقطت بثورتها نظام الشاه ومشاريعه الصهيونية - الأميركية، ودعمت حركات المقاومة في منطقتنا، ووقفت بشجاعة وتصميم الى جانب القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
إنّ سياسة الجمهورية الإسلامية في إيران واضحةٌ وثابتةٌ في دعم القضية المركزية الأُولى والأهم للعرب والمسلمين وهي القضية الفلسطينية، منذ إعلان انتصار الثورة الإسلامية المباركة بقيادة الولي الفقيه الإمام الخميني (قده)، وفتح أول سفارة فلسطينية مكان السفارة الإسرائيلية، وقد استمر هذا الدعم بأشكاله كافةً الى يومنا هذا بقيادة الولي الفقيه الإمام الخامنئي (دام ظلّه)، ما أدى الى تحقيق انتصاراتٍ بارزةٍ لأول مرة في تاريخ الصراع مع الصهاينة الغزاة.
إنّ اختلاق التناقض مع الجمهورية الإسلامية في إيران من قِبَل بعض الجهات العربية يمثّل طعناً للذات وللقضايا العربية، ولا يخدم سوى "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية.
فإيران التي صاغت عقيدتها السياسية، وبَنَتْ مداها الحيوي على قاعدة "مركزية القضية الفلسطينية" والعداء لـ"إسرائيل" ومواجهة السياسات الأميركية والتكامل مع البيئة العربية والإسلامية، يجب أن تُقابَل بإرادة التعاون والأخوّة، والتعاطي معها كقاعدة استنهاض ومركز ثقل استراتيجي وأنموذج سيادي واستقلالي وتحرري داعم للمشروع العربي - الإسلامي الإستقلالي المعاصر، وقوةً تزيد دول وشعوب منطقتنا قوةً ومنعةً.
إنّ العالم الإسلامي يَقْوى بتحالفاته وتعاون دوله. ونؤكد على أهمية الإستفادة من عناصر القوة السياسية والإقتصادية والبشرية.. الموجودة في كل دولة من دول العالم الإسلامي، على قاعدة التكامل والنصرة وعدم التبعية للمستكبرين.
ونذكّر بأهمية الوحدة بين المسلمين، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، والحذر مما يسبب التفرقة بينهم كالإثارات المذهبية وخاصةً بين السنّة والشيعة، ونحن نراهن على وعي الشعوب الإسلامية في التصدي لما يحاك من مؤامرات وفتن على هذا الصعيد.
سابعاً : لبنان والعلاقات الدُّولية
إنّ معايير الإختلاف والنزاع والصراع في رؤية حزب الله ومنهجه إنما تقوم على أساس سياسي - أخلاقي بالدرجة الأولى، بين مستكبِر ومستضعَف، وبين متسلط ومقهور، وبين متجبّر محتل وطالب حرية واستقلال.
كما يَعتبر حزب الله أنّ الهيمنة الأُحادية تُطيح بالتوازن العالميَين وبالأمن والسلم الدُّوليَين.
والإستقرار إنّ دعم الإدارة الأميركية اللامحدود لـ"إسرائيل" ودفعها للعدوان وتغطية احتلالاتها للأراضي العربية، بالإضافة إلى هيمنة الإدارة الأميركية على المؤسسات الدُّولية، وازدواجية المعايير في إصدار وتنفيذ القرارات الدُّولية، وسياسة التدخل في شؤون المجتمعات الأخرى، وعسكرة العالم واعتماد منطق الحروب المتنقلة في النزاعات الدُّولية، وإثارة القلاقل والإضطرابات في كل أنحاء العالم، يضع الإدارة الأميركية في موقع المعادي لأمتنا وشعوبنا، كما يحمّلها مسؤوليةً أساسيةً وأُولى في إنتاج الإختلال والإضطراب في النظام الدُّولي.
أما السياسات الأوروبية فإنها تتأرجح بين العجز وقلة الفاعلية من ناحية والإلتحاق - غير المبرَّر - بالسياسات الأميركية من ناحية ثانية، ما يؤدي فعلياً إلى تجويف النزعة المتوسطية في أوروبا لصالح هيمنة النزعة الأطلسية، بخلفياتها الإستعمارية.
إنّ الإلتحاق بالسياسات الأميركية - وخاصةً في مرحلة إخفاقها التاريخي - يشكّل خطأً استراتيجياً لن يؤدي إلاّ إلى مزيد من المشكلات والتعثر والتعقيدات في العلاقات الأوروبية - العربية.
إنّ على أوروبا مسؤوليةً خاصةً بفعل الإرث الإستعماري الذي ألحق بمنطقتنا أضراراً فادحةً لا تزال شعوبنا تعاني من نتائجها وتأثيراتها.
ولأنّ شعوباً أوروبيةً لها تاريخ في مقاومة المحتل فإنّ واجب أوروبا الأخلاقي والإنساني - قبل السياسي - يفرض عليها الإعتراف بحق الشعوب في مقاومة المحتل، على قاعدة التمييز بين المقاومة والإرهاب.
وبحسب رأينا: إنّ مقتضيات الإستقرار والتعاون في العلاقات الأوروبية - العربية تستوجب بناء مقاربة أوروبية أكثر استقلاليةً وأكثر عدالةً وموضوعيةً. وسيكون متعذراً بناء المدى الحيوي المشترك، سياسياً وأمنياً، من دون هذا التحول الكفيل بمعالجة مَواطن الخلل المولِّدة للأزمات واللاإستقرار.
ومن ناحية أخرى ننظر بكثير من الإهتمام والتقدير للتجربة الإستقلالية والتحررية الرافضة للهيمنة في دول أميركا اللاتينية، ونرى مساحات واسعةً من التلاقي بين مشروعها ومشروع حركات المقاومة في منطقتنا، بما يُفضي إلى بناء نظام دُوليّ أكثر عدالةً وتوازناً.
إنّ ملاقاة تلك التجربة تشكّل باعثاً لآمال واعدة على المستوى العالمي، بالإستناد إلى هوية إنسانية جامعة وخلفية سياسية وأخلاقية مشتركة. وفي هذا السياق سيبقى شعار "وحدة المستضعفين" أحد مرتكزات فكرنا السياسي في بناء فهمنا وعلاقاتنا ومواقفنا تجاه القضايا الدُّولية.
(الفصل الثالث)
فلسطين ومفاوضات التسوية
أولاً : قضية فلسطين والكيان الصهيوني
شكّل الكيان الصهيوني منذ اغتصابه لفلسطين وتشريد أهلها منها في العام 1948، برعاية ودعم من قوى الهيمنة الدُّولية آنذاك، عدواناً مباشراً وخطراً جِدّياً طالا المنطقة العربية بأكملها، وتهديداً حقيقياً لأمنها واستقرارها ومصالحها، ولم يقتصر أذاه وضرره على الشعب الفلسطيني أو الدول والشعوب المجاورة لفلسطين فحسب، وما الإعتداءات والتوترات والحروب التي شهدتها المنطقة بفعل النزعة والممارسات العدوانية الإسرائيلية إلاّ الدليل والشاهد على مقدار الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني وبالعرب والمسلمين جراء الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبها الغرب عندما أقدم على زرع هذا الكيان الغريب في قلب العالم العربي والإسلامي، ليكون اختراقاً معادياً وموقعاً متقدماً للمشروع الإستكباري الغربي عامةً، وقاعدةً للسيطرة والهيمنة على المنطقة خاصةً.
إنّ الحركة الصهيونية هي حركة عنصرية فكراً وممارسةً، وهي نتاج عقلية إستكبارية إستبدادية تسلطية، ومشروعها في أصله وأساسه هو مشروع إستيطاني تهويدي توسعي. كما أنّ الكيان الذي انبثق عنها قام وتمكّن واستمر عبر الإحتلال والعدوان والمجازر والإرهاب، بدعم ورعاية واحتضان من الدول الإستعمارية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، التي ترتبط معه بتحالف إستراتيجي جعلها شريكاً حقيقياً له في كل حروبه ومجازره وممارساته الإرهابية.
إنّ الصراع الذي نخوضه وتخوضه أمتنا ضد المشروع الصهيوني - الإستعماري في فلسطين إنما هو قيامٌ بواجب الدفاع عن النفس ضد الإحتلال والعدوان والظلم الإسرائيلي - الإستكباري الذي يتهدد وجودنا ويستهدف حقوقنا ومستقبلنا، وهو ليس قائماً على المواجهة الدينية أو العنصرية أو العرقية من جانبنا، وإنْ كان أصحاب هذا المشروع الصهيوني - الإستعماري لم يتورعوا يوماً عن استخدام الدين وتوظيف المشاعر الدينية وسيلةً لتحقيق أهدافهم وغاياتهم.
وليس ما ذهب إليه الرئيس الأميركي "بوش" وخَلَفُه "أوباما" وقادة الكيان الصهيوني معهما، من مطالبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين بالإعتراف بيهودية "دولة إسرائيل" إلاّ أوضح دليل على ذلك.
إنّ النتيجة الطبيعية والحتمية أن يعيش هذا الكيان الغاصب المفتعَل مأزقاً وجودياً يؤرِّق قادتَه وداعميه، لكونه مولوداً غير طبيعي وكِياناً غير قابل للحياة والإستمرار ومعرَّضاً للزوال. وهنا تقع المسؤولية التاريخية على عاتق الأمة وشعوبها أن لا تعترف بهذا الكيان مهما كانت الضغوطات والتحديات، وأن تواصل العمل من أجل تحرير كل الأرض المغتصبة واستعادة كل الحقوق المسلوبة مهما طال الزمن وعظمت التضحيات.

ثانياً : القدس والمسجد الأقصى

يدرك العالم بأسره مكانة وقداسة مدينة القدس والمسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى هو أُولى القِبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله (صلّى الله عليه وعلى آله وسلَّم)، وملتقى الأنبياء والرسل (عليهم صلوات الله أجمعين)، ولا يُنكِر أحدٌ عظيمَ مكانته لدى المسلمين كمَعْلَمٍ من أكثر المعالم قدسيةً عندهم، وعمقَ علاقته بالإسلام كواحد من أهم الرموز الإسلامية على وجه الأرض.
ومدينة القدس بما تحتضن من مقدسات إسلامية ومسيحية، تتمتع بمكانة رفيعة لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
إنّ استمرار الإحتلال الإسرائيلي لهذه المدينة المقدسة مع ما يرافق ذلك من خطط ومشاريع تهويدية وطرد أبنائها ومصادرة بيوتهم وممتلكاتهم وإحاطتها بأحياء يهودية وأحزمة وكتل إستيطانية وخنقها بجدار الفصل العنصري، بالإضافة إلى المساعي الأميركية - الإسرائيلية المتواصلة لتكريسها عاصمةً أبديةً للكيان الصهيوني باعتراف دُوليّ، كلها إجراءات عدوانية مرفوضة ومدانة.
كما أنّ الإعتداءات الخطيرة المتواصلة والمتكررة على المسجد الأقصى المبارك وما ينفَّذ في نطاقه من حفريات وما يُعَدّ من خطط لتدميره، تشكّل خطراً جدياً وحقيقياً يهدد وجودَه وبقاءه ويُنذر بتداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها.
إنّ واجب نُصرة القدس وتحريرها والدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته، هو واجبٌ ديني ومسؤوليةٌ إنسانية وأخلاقية في عنق كل حرّ وشريف من أبناء أمتنا العربية والإسلامية وكل أحرار وشرفاء العالم.إننا ندعو ونطالب العرب والمسلمين على الصعيدين الرسمي والشعبي، وجميع الدول الحريصة على السلام والإستقرار في العالم، لبذل الجهود والإمكانيات لتحرير القدس من نير الإحتلال الصهيوني، وللمحافظة على هويتها الحقيقية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
ثالثاً : المقاومة الفلسطينية
إنّ الشعب الفلسطيني وهو يخوض معركة الدفاع عن النفس ويكافح لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة في فلسطين بمعناها التاريخي وواقعها الجغرافي إنما يمارس حقاً مشروعاً تُقِرّه وتُوجِبه الرسالات السماوية والقوانين الدُّولية والقيم والأعراف الإنسانية.
وهذا الحق يشمل المقاومة بكل أشكالها - وفي مقدمتها الكفاح المسلح - وبكل الوسائل التي تتمكن فصائل المقاومة الفلسطينية من استخدامها، خاصةً في ظل اختلال موازين القوى لمصلحة العدو الصهيوني المتسلح بأحدث أسلحة الفتك والدمار والقتل.
ولقد أثبتت التجارب - التي شكلت دليلاً قطعياً لا يدع مجالاً للشك والإرتياب على امتداد مسيرة الصراع والمواجهة بين أمتنا وبين الكيان الصهيوني منذ اغتصابه لفلسطين وحتى يومنا هذا - أهمية وجدوى خيار المقاومة الجهادية والكفاح المسلح في مواجهة العدوان وتحرير الأرض واستعادة الحقوق وتحقيق توازن الرعب وسد فجوة التفوق الإستراتيجي عبر المعادلات التي فرضتها المقاومة بإمكانياتها المتاحة وإرادتها وعزيمتها في ميدان المواجهة، وخير شاهد ودليل على ذلك ما حققته المقاومة في لبنان من انتصارات متتالية، وما راكمته من إنجازات ميدانية وعسكرية ومعنوية على امتداد تجربتها الجهادية، لا سيما عبر إرغام الصهاينة على الإنسحاب الإسرائيلي الكبير في أيار العام 2000 من معظم الأراضي اللبنانية المحتلة، أو عبر الفشل المدوي للجيش الصهيوني في عدوان تموز العام 2006، والذي حققت فيه المقاومة انتصاراً إلهياً وتاريخياً واستراتيجياً غيّر معادلة الصراع بشكل جذري، وألحق أول هزيمة بهذا المستوى بالعدو الإسرائيلي، وأسقط أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.
والدليل الآخر على ذلك هو ما حققته المقاومة في فلسطين من إنجازات متواصلة عبر تجربة الثورة الفلسطينية وخيار الكفاح المسلح الذي انتهجته، وعبر انتفاضة الحجارة الأولى وانتفاضة الأقصى الثانية، وصولاً إلى الإندحار القهري للجيش الإسرائيلي عبر الإنسحاب الكامل من قطاع غزة في العام 2005 بلا قيد أو شرط وبلا تفاوض أو اتفاق، ومن دون تحقيق أي مكسب سياسي أو أمني أو جغرافي، ليكون ذلك أول انتصار ميداني - جغرافي - نوعي بهذا الحجم وهذا المستوى وهذه الدلالة لخيار المقاومة في فلسطين، كونه أولَ انسحاب إسرائيلي إضطراري بفعل المقاومة، ضمن حدود فلسطين التاريخية، والدلالات التي يحملها هذا الأمر بالغة الأهمية في مجرى الصراع بيننا وبين الكيان الصهيوني على الصعيد الإستراتيجي. كما أنّ الصمود الرائع للشعب الفلسطيني المجاهد ومقاومته في غزة في مواجهة العدوان الصهيوني سنة 2008 درس للأجيال وعبرة للغزاة والمعتدين.
فإذا كانت هذه هي جدوى المقاومة في لبنان وفي فلسطين، فماذا كانت جدوى الخيار التفاوضي التسووي؟ وما هي النتائج والمصالح والمكاسب التي حققتها المفاوضات في كل مراحلها وعبر كل الإتفاقات التي أنتجتها؟ أليس المزيد من الغطرسة والتسلط والتعنت الإسرائيلي والمزيد من المكاسب والمصالح والشروط الإسرائيلية؟
إننا إذ نؤكد وقوفنا الدائم والثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، بثوابتها التاريخية والجغرافية والسياسية، نؤكد بشكل قاطع وجازم مساندتنا وتأييدنا ودعمنا لهذا الشعب وحركات المقاومة الفلسطينية ونضالها في مواجهة المشروع الإسرائيلي.
رابعاً : مفاوضات التسويـة
كان موقفنا ولا يزال وسيبقى تجاه عملية التسوية وتجاه الإتفاقات التي أنتجها مسار مدريد التفاوضي عبر "اتفاق وادي عربة" وملحقاته و"اتفاق أوسلو" وملحقاته ومن قبلهما "اتفاق كامب ديفيد" وملحقاته، موقفَ الرفض المطلق لأصل ومبدأ خيار التسوية مع الكيان الصهيوني، القائم على أساس الإعتراف بشرعية وجوده، والتنازل له عما اغتصبه من أرض فلسطين العربية والإسلامية.
هذا الموقف هو موقف ثابت ودائم ونهائي، غير خاضع للتراجع أو المساومة، حتى لو اعترف العالم كله بـ"إسرائيل".
ومن هذا المنطلق ومن موقع الأخوّة والمسؤولية والحرص، فإننا ندعو المسؤولين العرب إلى أن يلتزموا خيارات شعوبهم عبر إعادة النظر بالخيار التفاوضي وإجراء مراجعة لنتائج الإتفاقات الموقَّعة مع العدو الصهيوني، والتخلي الحاسم والنهائي عن عملية التسوية الوهمية الظالمة المسمّاة زوراً وبهتاناً "عملية السلام"، لا سيما وأنّ مَن راهنوا على دور للإدارة الأميركية المتعاقبة كشريك ووسيط نزيه وعادل في هذه العملية، قد عاينوا بما لا يقبل الشك أنها خذلتهم، ومارست عليهم الضغط والإبتزاز، وأظهرت العداء لشعوبهم وقضاياهم ومصالحهم، وانحازت بشكل كامل وسافر إلى جانب حليفها الإستراتيجي الكيان الصهيوني.
أما الكيان الصهيوني، الذي يتوهمون إمكانية إقامة سلام معه، فقد أظهر لهم في كل مراحل المفاوضات أنه لا يطلب السلام ولا يسعى إليه، وأنه يستخدم المفاوضات لفرض شروطه وتعزيز موقعه وتحقيق مصالحه وكسر حدّة العداء والحاجز النفسي لدى شعوبهم تجاهه، عبر حصوله على تطبيع رسمي وشعبي مجاني ومفتوح، يحقق له التعايش الطبيعي والإندماج في النظام الإقليمي وفرض نفسه كأمر واقعي في المنطقة والقبول به والإعتراف بشرعية وجوده، بعد التخلي له عن الأرض الفلسطينية التي اغتصبها.
من هنا فإننا ندعو ونتوقع ونأمل من كل العرب والمسلمين على الصعيدين الرسمي والشعبي العودةَ إلى فلسطين والقدس كقضية مركزية لهم جميعاً، يتوحدون حولها ويلتزمون تحريرها من رجس الإحتلال الصهيوني الغاشم، والقيامَ بما يمليه عليهم واجبُهم الديني والأخوي والإنساني تجاه مقدساتهم في فلسطين وتجاه شعبها المظلوم، وتوفيرَ كل مستلزمات الدعم لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتمكينه من مواصلة مقاومته، ورفضَ كل مشاريع التطبيع مع العدو الصهيوني وإسقاطها، والتمسكَ بحق عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وديارهم التي أُخرجوا منها، والرفضَ القاطع لكل البدائل المطروحة من توطين أو تعويض أو تهجير، والعملَ الفوري على فك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني لا سيما الحصار الشامل لقطاع غزة، وتبنّي قضية أكثر من أحد عشر ألف أسير ومعتقل في السجون الإسرائيلية، ووضعَ الخطط والبرامج العملية لتحريرهم من الأسر.
الخــاتمــة
هذه هي رؤيتنا وتصوراتنا، حَرِصْنا في البحث عنها أن نكون طلاب حق وحقيقة. وهذه هي مواقفنا والتزاماتنا، سعينا أن نكون فيها أهلَ صدق ووفاء، نؤمن بالحق وننطق به وندافع عنه ونضحي من أجله حتى الشهادة، لا نبغي في ذلك سوى رضا خالقنا وإلهنا رب السماوات والأرض، ولا نرجو من ذلك سوى صلاح أهلنا وشعبنا وأمتنا وخيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسةً في سلطان ولا ابتغاءً لشيء من الحُطام، وإنما كان إحياءً للحق وإماتةً للباطل ودفاعاً عن مظلومي عبادك وإقامةً للعدل في أرضك وطلباً لرضاك والقرب منك، على هذا قضى شهداؤنا، وعلى هذا نمضي ونواصل العمل والجهاد، وقد وعدتنا إحدى الحُسنيين إما النصر أو التشرّف بلقائك مخضّبين بدمائنا.
ووَعْدُنا لك يا رب، ولكل عبادك المظلومين، أن نبقى الرجالَ والنساء الصادقين في العهد، والمنتظرين للوعد، والثابتين الذين ما بدّلوا تبديلاً.
وهنا نص حوار أمين عام حزب الله مع الصحافيين بعد تلاوته الوثيقة السياسية للحزب :

- سؤال: في الشق اللبناني لاحظت غياب أي كلمة عن الهوية العربية، والتي أتت في الشق الثاني، لكني إستغربت أن يخلو كل المقطع اللبناني من التأكيد على الهوية العربية، ليس فقط في الوطن اللبناني والكيان السياسي اللبناني وإنما أيضاً بالتصور السياسي أو المنظور السياسي لحزب الله. أما الملاحظة السياسية الثانية وبنفس المنطق هناك نقص في البرنامج الاقتصادي الاجتماعي الذي يُفترض بكثير من اللبنانيين أن يتوقعون من حزب الله أن يكون متقدماً إت لم بكن رائداً في هذا المجال، يعني أن واضح أن حزب الله في جمهوره الأساسي، في القطاعات الأساسية المنتسبة إليه، أي قطاعات من الفقراء والفلاحين وصغار الكسبة والعمال ، الذين يالكاد أن يصلوا إلى متوسطي الدخل، كنا نفترض ولا زلنا أن حزب الله هو حزب قائد مناضل بالمعنى الطبقي، بمعنى إنصاف المظلومين، في حال ترجمناه بالمعنى العصري، يعني العمال والكادحين والفقراء والفلاحين وأبناء الطبقة الوسطى، بأن يكون هناك نوع من برنامج سياسي متكامل لهذا القطاع؟
*جواب: أولاً نحن ليس لدينا أي عقدة أو مشكلة نسميه هذا الإصرار تطور وتحول وهذا أمر طبيعي لأن الناس تطور وأيضاً العالم كله في الأربع وعشرين سنة تغير ، هناك النظام الدولي تغير والنظام الإقليمي تغير وكذلك الوضع في لبنان تغير وهذا أمر طبيعي، وبالنسبة لنقطة الهوية العربية، يلاحظ الإستاذ طلال(سلمان)) أن هذا كله تحت عنوان لبنان، فتحت عنوان لبنان جعلنا وضعنا الوطن المقاومة الدولة العلاقات العربية والإسلامية كله تحت عنوان لبنان وبالتالي نجد أن بشكل طبيعي عندما تكلمنا عن العلاقات العربية فهذه ليست خارج مقطع لبنان. النقطة الثالثة فمن طبيعة الحال أننا نقدم اليوم وثيقة وليس برامج، وفيها نعبر عن رؤية وتصورات وخطوط عريضة ومواقف عامة، أما البرامج فنلاحظ أنه حتى في المنظومة العامة لقانون الإنتخاب نحن لم نتكلم عن قانون الإنتخاب بالتفصيل، تكلمنا عن مواصفاته، فالوثيقة تراعي الخطوط العريضة أما البرامج يعلن عنها بشكل مستقل كما ورد في البرنامج الإنتخابي الذي أعلنا عنه في الإنتخابات الماضية، أعتقد كان يوجد في البرنامج الإقتصادي فسحة واسعة من الآراء والأفكار لحزب الله، كل الذي تكلمنا عنه حتى تحت عنوان الدولة إذا أردنا الدولة تكون بهذه المواصفات وبهذه الشروط ، هذا بحاجة لبرنامج، لا يقوم علينا لوحدنا، بل برنامج نتفاهم عليه وشركاؤنا في الوطن لنقدر أن نحققه إن شاء الله. - سؤال: إشارة الوثيقة إلى حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تبدو بصورة عامة وكأنها تشبه إشارة أي خطاب سياسي لأي قوة لبنانية تتحدث عن الحقوق المدنية لللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبعد سبعة عشرة سنة من تجربة الحزب في المجلس النيابي ووجوده في الحكومة ووجوده داخل ، بشكل أو بآخر في دائرة القرار، كيف لنا أن نتصور أن الحزب سوف يبادر إلى خطوة ما من أجل تحويل شعار منح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية إلى خطوة عملية؟
*جواب: هذا الموضوع ورد في البيان الوزاري للحكومة السابقة، لكن للأسف أجواء التوتر السياسي للبلد منعت أن يقدر الإنسان أن يحقق شيء على هذا الصعيد وعلى أكثر الصعد، لأن البلد بقي يعيش في حالة توتر وكل الأولوية منصبة على الخروج من هذا التوتر، الحكومة الحالية التي تعبر لنقل عن حكومة إئتلاف وطني وتعاون وطني ووحدة وطنية، هذا البند مذكور بشكل واضح فيها، أعتقد أن هناك جدية لهذا الموضوع، وقد لمسنا عند رئيس الحكومة وعدد من القوى السياسية، ونحن سنبذل جهداً، بالنهاية هذا الموضوع يتوقف على متابعة وبذل الجهد في إطار مؤسسات الدولة، بالحكومة وهناك ما له علاقة أيضاً بمجلس النواب، نحن إن شاء الله سنبذل جهد وذلك مع القوى السياسية التي نلتقي معها على هذا الهدف، وذلك ضمن القيود التي ذكرناها لنعمل طمأنة لما بخدم ولما يحافظ قضيتهم وهويتهم، حنى أن هناك محظور دائم يُطرح وهو أن إعطاء الحقوق المدنية والإجتماعية قد يؤدي للتوطين، يعني نحن ليس لدينا خيارين، إما نعطيهم حقوقهم الإجتماعية والمدنية تؤذي إلى التوطين وإما نُبقيهم في الوضع المعيشي المأساوي الذين يعيشون فيه، كلا يوجد هنالك حل وسط وهو أن نعطيهم الحقوق المدنية والإجتماعية التي لا تؤدي إلى التوطين والتي تحفظ هويتهم وقضيتهم، وهذا الموضوع بالتأكيد بحاجة إلى متابعة وجهد وهو ليس بحاجة إلى كلام أكثر من الفعل.
- سؤال: عن التباين بين الديموقراطية التوافقية والديموقراطية الصحيحة التي تعتمد على إلغاء الطائفية السياسية، في هذا الموضوع ما هو السبيل برأيكم لإلغاء الطائفية السياسية من دون أي مشاكل في لبنان، خصوصاً أن عدداً كبيراً من اللبنانيين بُعشش فيهم مبدأ الطائفية وإعتادوا على هذا المبدأ، فكم هذا الموضوع لن يُسبب مشاكل من جديد في لبنان؟
*جواب: لنكن واقعيين، إلغاء الطائفية السياسية في لبنان من أصعب الأُمور، وللأسف الشديد أن كثيراً ممن نادوا ويُنادوا بإلغاء الطائفية السياسية هو ليس جاداً في هذا الأمر، يعتي هذا شعار سياسي لكي يقول أننا مدنيين ومنفتحين وحضاريين وما شاكل، باعتبار أن النظام الطائفي هو نظام قبلي يعود إلى القرون القديمة الموغلة في التاريخ، لا يعنيني ما يقال عن الموضوع،في واقع الحال هذا الموضوع صعب ولذلك الآن لا أحد يستطيع أن بقول بجملة أو جملتين كيف نستطيع إلغاء الطائفية السياسية دون الوقوع في هذا المحظور، في كل الأحوال الدعوة التي وجهها دولة الرئيس نبيه بري لتشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية السياسية إستفزت البعض ، ولا داعي لأن تستفز هذا البعض، لأننا عندما نقول تشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية السياسية، يعني تشكيل هيئة وطنية وليس إلغاء للطائفية ، يمكن يظل هذا الحوار خمس سنين أو عشر سنين أو عشرين سنة أو ثلاثين سنة الله أعلم، بالنهاية لا أحد يقدر يجلس ويقول كيف يمكن إلغاء الطائفية السياسية، يجب أن نجلس مع بعض ونتكلم بصراحة عن مخاوفنا وهواجسنا والتطمينات والضمانات وكيف نقوم بالإلغاء، ممكن بعد نقاش طويل وعريض بين ممثلي القوى الشعبية اللبنانية والقوى السياسية والقوى المتنوعة الطائفية والمذهبية وغيرها وقوى المجتمع المدني وما شاكل أن نوصل إلى نتاج مفاده أن لا نجلس ونضحك عل بعضنا، هذا بلد لايمكن إلغاء الطائفية السياسية فيه، حيث ترتاح وسائل الإعلام ونرتاح من المواقف السياسية والإستهلاك والشعارات المستهلكة التي لا فائدة منها، ونأتي لنقول أن ما إتفق عليه في الطائف في هذه النقطة لا يمكن تحقيقه، فلا يمكن إلغاء الطائفية السياسية، إذاً لنحافظ على النظام الطائفي لكن لنحاول نصلح أو نعدل أو نطور أو نحدث حتى لا نظل حيث نحن، لذلك أعتقد أن الخطوة الطبيعية بإتجاه هذا الهدف هو تشكيل هيئة وطنية عليا تجلس وتحاور وتناقش بهدوء ودون ضغط ودون عجلة، هذا الأمر هو الأساسي والحيوي.
- سؤال: الكلام عن المقاومة اللبنانية ودورها ودعمها والإلتفاف حولها وإعتمادها خياراً إستراتيجياً يقابله خلافُ في الداخل اللبناني لدى بعض الأطراف والجهات حول هذه المقاومة مما يحول دون أن بيكون دورها فاعلاً بالشكل المطلوب بالشكل الذي جاء في الوثيقة السياسية، كيف السبيل للخروج من ذلك؟
*جواب: صحيح هناك نقطة خلاف ونحن نتفهم هذا الخلاف، بمعزل عن دوافعه وحقيقة دوافعه لنتفهمه، وأنا دائماً كنت أقول نحن لا ندعي ولم ندعي يوماً أن المقاومة في لبنان حظيت بإجماع وطني، بل إدعيت في بعض المناسبات أنه لا توجد مقاومة في التاريخ حظيت بإجماع وطني، على طول في موضوع المقاومة هناك ناس مع وناس ضد وناس حياديين يعني لا مبالين، وعلى طول في تاريخ الإحتلالات يوجد مقاومين ويوجد ناس تعاونوا مع الإحتلال ويوجد ناس جلسوا يتفرجون، وحتى الذين رفضوا الإحتلال يوجد ناس أخذوا المنحى السياسي في المعارضة والمقاومة ويوجد ناس لجأوا إلى العمل المسلح، فهذا أمر طبيعي فلماذا نحن في لبنان،فما هو العجيب أن هذا هو نقطة خلاف، فعلى طول التاريخ كانت نقطة خلاف وبقيت نقطة خلاف فليس هناك مشكلة طالما أننا نتفهم بعضنا ونتكلم مع بعضنا. ثانياً أنا أقول لكم بكل صراحة أن الإجماع الوطني على المقاومة كان شرط كمال ولم يكن شرط وجود، يعني أنه طوال التاريخ كان لدى الشعوب خلاف حول مسألة المقاومة، فلو أتت شريحة من الشعب لتأخذ خيار لمقاتلة المحتلين، نستطيع أن تقوم لمقاتلة المحتلين وتعمل مقاومة دون أن تحصل على إجماع، نعم لو حصلت الإجماع فهذا أفضل وأقوى وأسرع لتحقيق النصر، هذا أقل الإلتباسات والإشكالات الوطنية، لكن نحن لسنا زاهدين في الحصول على إجماع وطني على المقاومة بل بالعكس نحن حريصون وساعون لأن يكون هناك إجماع وطني لأن هذا شرط كمالٍ كما قلت، أعتقد أن اللقاءات والحوار وحتى في البيان الوزاري وباللجنة المكلفة وغداً عندما نعمل سوياً في الحكومة وعلى طاولة الحوار والتلاقي والنقاش، التعاون بين القوى السياسية المختلفة، نحن ليس لدينا عدو في الساحة اللبنانية الداخلية ومستعدون للتعاون مع الكل ونتساعد مع الكل لإنجاح هذه الحكومة وإنجاز أولوياتها بمعزل عن تحفظ البعض أو موقفهم من بند المقاومة، هذا لا يعني أن نعود إلى إصطفافات، إذاً هذه النقطة مختلفين حولها لكن هناك الكثير من النقاط متفقين حولها، لنتعاون فيما نحن متفقون عليه ونستمر في الحوار فيما نحن مختلفين فيه.
ـ سؤال: هل بتحديدكم لمحورية دور المقاومة ولوظيفتها, ولأسس إستراتيجيتها الدفاعية تكونوا فعلا حسمتم الإستراتيجية الدفاعية ولم يعد هناك من جدوى لطاولة الحوار, وهل هذا يعني أيضا بأنه حصرية القرار بالسلم والحرب تبقى بيد المقاومة؟
ـ جواب: نعم الذي أنا قلته اليوم هو ليس جديد بموضوع المقاومة , بموضوع إيجاد صيغة تعاون ما, الآن هذه صيغة تعاون تتطلب تأكيد وتفصيل ونقاش بين الجيش الوطني اللبناني وبين المقاومة الشعبية, هذا الأمر أنا طرحته أصلا على طاولة الحوار قبل حرب تموز في الجلستين الأخيرتين التي سبقت الحرب, وهذه رؤيتنا المعروفة ونحن لا نكشف سراً, واليوم على طاولة الحوار القوى السياسية تطرح رؤاها حول الإستراتيجية الدفاعية حتى نصل الى الخاتمة ويلم البحث حتى يصاغ, طبعا نحن ممكن, هذا الموضوع طلبوا منا ان نقدمه بشكل خطي لأنه يوم ذاك أنا قدمته بشكل شفهي, وليس لدينا مشكلة, وأنا أقول نحن سوف نقدم مطالعة خطية حول الإستراتيجية الدفاعية لكن بعد انتهاء كل القوى من عرض أفكارها وهكذا نكون قد سمعنا للكل وقرأنا الكل ونقاشنا الكل وممكن هذا أن يحدث تطوير ما في موقفنا أو في فكرتنا, لكن حتى هذه اللحظة في موضوع التجربة التي عشناها هي تجربة تعاون بين المقاومة والجيش محكومة بمجموعة جيدة من الضوابط هذه التجربة أثبتت نجاحها , ونحن نقول بان هذه التجربة فينا نستفيد منها حتى نحمي البلد ونصيغها بإستراتيجية دفاعية ويتطلب الموضوع نقاش وتفصيل أكثر, لا أقول اليوم لم يحسم هذا الأمر, هذا قول قلناه قبل حرب تموز.
أما موضوع النقاش حول حصرية قرار السلم والحرب بيد الدولة فنحن أصلا مسلمين ان الدولة هي المسؤولة عن اتخاذ القرار السياسي العام في كل الشأن العام وهذا الموضوع ليس عنا نقاش فيه, والبعض يقول بأنه لازم أن تقولوا, وأنا حاضر بان أقوله وان اشهد عليه شاهدين عادلين, (وأنا اشهد عليه الدنيا كلها), ما في مشكلة, المشكلة هي في غياب الدولة وتحملها المسؤولية ولا يكفي أن أضع هذه المسؤولية وهذا الامتياز في "جيبة" الدولة وهي غائبة, أنا أقول للدولة أن تكون حاضرة وقوية وقادرة وأنت اتخذي القرار, بالعكس انأ حاضر لأكثر من هذا وإذا بتذكروا خطابي 22 أيلول بعد حرب تموز نحن كنا واضحين انه عندما تصبح في دولة قوية وقادرة وعادلة ومطمئنة تحمي البلد وتحرر الأرض , ساعة إذن ما في داعي أن نناقش إستراتيجية دفاعية فالدولة هي التي تحمي البلد وما هو الداعي لوجود مقاومة شعبية أساسا.
نحن هنا نقول هذا النقاش مسلمين فيه وان كان أنا اعتبر هذا النقاش نقاش نظري لان قرار السلم والحرب في المنطقة هو في يد إسرائيل لا في الدولة اللبنانية ولا في يد المقاومة ولا في يد العرب ولا في يد المسلمين للأسف الشديد, الذي يأخذ قرار الحرب والسلم في المنطقة هي أميركا وإسرائيل فقط.
ـ سؤال : في العام 1985 تحدثتم عن قيادة واحدة وحكيمة هي الولي الفقيه والتزامكم في هذه القيادة , اليوم تتحدثون عن تطور وتحول في موضوع الحزب , كيف ستوفقون بين بناء الدولة والالتزام بهذه القيادة وهل أصبح حزب الله حزبا لبنانيا بالكامل؟ وتحدثتم عن بناء دولة المؤسسات , هل يعني ذلك تخلي حزب الله عن اللجوء إلى السلاح ونظرية السلاح وللدفاع عن السلاح في أي ظرف كان؟
ـ جواب: أولا: نحنا قدمنا وثيقة سياسية ما عالجنا الجوانب العقائدية او الايديولوجية أو الفكرية, أحب أن أكون صريح وواضح نحن موقفنا من مسالة ولاية الفقيه هو موقف فكري وعقائدي وديني وليس موقف سياسي خاضع للمراجعة.
ثانيا: بالنسبة لنا كيف نجمع بين إيماننا بولاية الفقيه وانخراطنا بالحياة السياسية اللبنانية وبناء مؤسسات الدولة الجواب عليه دليل الإمكان الوقوع, دليل انه جمعنا, فنحن انخرطنا في المجلس النيابي وكان لنا كتلة نيابية فاعلة وشاركنا في الانتخابات النيابية في الأعوام 1992 – 1996 -2000 – 2005 والانتخابات الأخيرة أيضا ودخلنا إلى الحكومة اللبنانية من العام 2005 وشاركنا في الحكومات المتعاقبة التي تشكلت وكان وزراءنا موجودين وفاعلين ولكن الظروف السياسية والتوتر السياسي كان قائم بالبلد وعلى كل حال لم يمنعنا نحن بل منع كل القوى السياسية التي شاركت بالحكومة أنها تعمل انجازات حقيقية فعلية, إذن لا يوجد أي تناقض برأينا بين إيماننا والتزامنا بولاية الفقيه بالمعنى الذي نفهمه وبين انخراطنا في الحياة السياسية ومشاركتنا كشريحة لبنانية وازنة في بناء مؤسسات الدولة كما نظرنا إليها وتحدثنا عنها قبل قليل.
أما الشق الثاني من السؤال أجاب سماحته قائلا :( أنت عما ترجع تفتح مشكل من أول وجديد) على كل حال, نحن في هذا الموضوع وكما يقال على هامش المفاوضات حول تشكيل حكومة الوطنية اعتقد إننا تناقشنا فيه مطولا مع عدد من القوى السياسية وفي مقدمها رئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري واعتقد انه كلنا بات مطمئنا بما يكفي وليس هناك أي حاجة لطرح مسائل أو أسئلة أو مخاوف من هذا النوع.
ـ سؤال: هل يمكن القول بأنه في هذه المرحلة الجديدة بعد أن استطاع حزب الله ان يكون حاميا للبنان وبعد ان صنع قوة ردع ضد إسرائيل , وبما أنكم لم تذكروا بان سلاح حزب الله سيستخدم لمساعدة الفلسطينيين لتحرير فلسطين , طبعا صنعتم قوة ردع للرد على إسرائيل من خلال المعادلة التي فرضها حزب الله : هل أصبحت المقاومة المسلحة أو صيغة الدفاع رغم أهميتها ثانوية بعد بناء الدولة المطمئنة ؟ وفي هذا السياق وتحديدا بتقوية ودعم الجيش اللبناني نرى مساعدة الولايات المتحدة للجيش اللبناني وقد شهدنا للرئيس سليمان عدة زيارات بهذا الغرض ,هل يمكن ان يكون هناك تكتل ضمن الحكومة اللبنانية الجديدة للتشجيع على المساعدات من غير الولايات المتحدة بما في ذلك الجمهورية الإسلامية في إيران وقد سمعنا من بعض الرؤساء هذا ولاسيما من الوزير وليد جنبلاط؟
ـ جواب: لا, بالذي تحدثت عنه واضح بان المقاومة ما زالت مهمة أساسية, ولا اعتقد بأننا عملناها بالمرتبة الثانية, بالمرتبة الأولى المقاومة ما زالت موجودة وفينا ان نقول رفعنا موضوع المشروع الوطني بالمساهمة في بناء الدولة الى المرتبة الأولى, ما ردينا المقاومة للمرتبة الثانية ولأنه بالحقيقة بناء دولة وبناء مؤسسات دولة وتثبيت السلم والاستقرار والأمن في لبنان من أهم شروطه ان يكون وطننا آمنا وقويا ومنيعا في مواجهة التهديدات والأطماع الإسرائيلية الدائمة, ولذلك أنا اعتقد أكثر من هذا بان وجود المقاومة الفعلي والحقيقي هو من أهم الشروط الضرورية لتمكين اللبنانيين من بناء دولتهم التي يتطلعون إليها.
أما موضوع تسليح الجيش, على كل حال أي مسعى لتسليح الجيش هو مسعى جيد ونحن ما عنا "فيتو" ولا مشكلة , ونحن موقفنا واضح من الإدارة الأميركية نتيجة سلوكها وأداءها وما عنا عداء ذاتي, عنا عداء موضوعي بهذا الموضوع, لكن إذا أرادوا أن يسلحوا الجيش اللبناني بما يمكنه من الدفاع نحن ليس لدينا أي مشكلة بهذا الموضوع , لكن أنا اعتقد بان الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في العالم ما سلحوا ولن يسلحوا الجيش اللبناني للدفاع عن لبنان. لكن لا يمنع من بذل الجهد.
والآن في الحكومة هل نسعى للطلب من دول أخرى أن تسلح الجيش اللبناني نحن ليس لدينا مانع, نحن في الانتخابات في ناس اعتبروا ان هذا الكلام يطعن فيه , في الوقت الذي هو ليس موضع طعن لما قلنا إننا حاضرين أن نساعد وحتى الجمهورية الإسلامية في إيران تساعد في تسليح الجيش اللبناني, اعتقد إيران فيها تساعد, وسوريا في الماضي ساعدت وفيها تساعد, وهناك دول عربية أخرى تستطيع أن تساعد, وحتى ما هو مطلوب في تسليح الجيش اللبناني وهو ليس على حد المعجزات العسكرية لان الرهان بشكل أساسي هو على الفكر والعقل والإرادة والعزم والعقيدة القتالية ومدرسة القتال عموما التي نعتبرها نحن عموما كلبنانيين والإستراتيجية الدفاعية التي نعتمدها وبالتالي إمكانية تسليح الجيش اللبناني بما يساعده على الدفاع عن الوطن برأي هذا ممكن إلا إذا بقينا مصرين ألا نطلب ذلك إلا من عدونا الذي لم يسمح لنا أن نصبح أقوياء.
- سؤال: اسبوع وتنال الحكومة اللبنانية الثقة , نتحدث عن حكومة فيها موالاة ومعارضة , حتى اللحظة من يلعب دور المعارضة داخل الحكومة لم يكن حزب الله وحلفاءه بل فريق اساسي من مسيحيي 14 آذار يعني فريق الموالاة, هل هناك انقلاب وتبدل في الادوار وهل ستشهد الساحة اللبنانية تحالفات سياسية جديدة مستقبلا؟
جواب: اعتقد انه يمكن ان يكون من المبكر الجزم بان الامور تسير في هذا الاتجاه, في كل الاحوال نحن في المعارضة او القوى السياسية المؤتلفة في اطار المعارضة والممثلة حاليا في الحكومة من خلال وزراءنا, اعلنا ان وجودنا في الحكومة لن يكون على قاعدة معارضة وموالاة وانما على ان يكون وزراءنا وزراء لكل اللبنانيين ووزاراتهم في خدمة كل الشعب اللبناني, واعلنا ايضا اننا حريصون على الانتهاء من المتاريس والعمل كفريق واحد, ونحن مصرون على هذا التوجه, لذلك انا اتصور خارج الحكومة يمكن ان تبقى الائتلافات والأطر السياسية , فهذا امر طبيعي, وحرص كل فريق على حلفاءه, لكن في داخل الحكومة نعم هناك موضوع واحد قد تختلف الآراء وتتفاوت الافكار والمواقف والتصويت ايضا, فقد نشهد في موقف ما بعض قوى الموالاة وبعض قوى المعارضة يتفقان وبعض قوى الموالاة وبعض قوى المعارضة ترفض ما يتفق على او ما يراه الطرف الآخر , يعني كما يقال في العامية تصبح القصة على الحبّة, على الموضوع, على الملف, سيصبح النقاش على هذا الاساس مع حرص الجميع على ان نكون محكومين لروح وفاقية ترعى المصلحة الوطنية العليا وليس مصالح ائتلافاتنا السياسية او احزابنا وطوائفنا وهذا ما اعتقده منطقيا خلال الفترة المقبلة.

سؤال: قيل انكم عبرتم عن رضاكم عن موقف الرئيس سعد الحريري ولكن ما رأيكم بتصريحات نواب من كتلته ضد المقاومة والحديث عن ذكرها في البيان الوزاري انه يتعارض مع القرار 1701 , والسؤال الثاني الى اين يذهب حزب الله في علاقته مع الحزب الاشتراكي وتيار المستقبل, ايضا هناك من يتحدث عن ان الحزب فقد شرعيته الشعبية, حضرتك تحدثت عن الاجماع الوطني , وهناك من يتحدث ان الحزب فقد شرعيته الشعبية بعد الانتخابات النيابية رغم وجوده في البيان الوزاري, فماذا تقول لهؤلاء الذين تحدثوا عن افتقاد المقاومة لشرعيتها الشعبية؟
جواب: بالنسبة لتصريحات بعض الاخوان نواب كتلة المستقبل فهم يقدرون ان يعبروا عن آرائهم ونحن نحترم أي رأي سواء اكان موافقا ام مخالفا ونحيل هذا الامر الى موقف رئيس الكتلة الذي هو نفسه رئيس الحكومة والذي ستحصل حكومته برئاسته على الثقة بناء على هذا البيان الوزاري, لذلك اعتقد ان هذا الموضوع لا يؤسس الى مشكلة لدينا , طبعا من المفترض ان يكون موقف النواب في الكتلة منسجما مع بعضهم البعض ويتكلمون بلغة واحدة, هذه المشكلة عندهم وهم انشاء الله يحلّونها. العلاقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي ومع تيار المستقبل , لا يوجد فيها حدود الى اين تذهب, ونحن في علاقتنا مع كل القوى السياسية اللبنانية حريصون ان نذهب الى ابعد مدى ممكن طالما ان هذه العلاقات تخدم تماسكنا الوطني واستقرارنا وسلمنا الاهلي وعيشنا الواحد وليس فقط المشترك, وتخدم الاهداف التي قرأتها في الوثيقة اغلبها في الاحد الادنى نجمع عليه كلبنانيين, فطالما نحن نلتقى على اهداف ونتواصل ونتحاور فنحن لا نضع خطوطا حمرا للعلاقة , اعتقد ان هذه العلاقة تتطور مع الوقت, طبعا هذا لا يعني على الاطلاق الخروج من علاقاتنا وتحالفاتنا وصداقاتنا مع كل القوى والتيارات السياسية التي كانت معها وكنا معها, لان ما يجمعنا الان هو الذي كان سببا لتفرقنا في الماضي, فطالما ان ما اختلفنا عليه انتهى وعدنا والتقينا من جديد على ما نرى فيه هذه المصلحة الوطنية الكبرى سنستمر سويا بلا مشكلة, اما الكلام عن المقاومة فقدت شرعيتها الشعبية فهذا لا اساس له على الاطلاق, واذا كان المقصود هو نتائج الانتخابات فالجميع في لبنان وفي خارجه يعرف ان الانتخابات النيابية محكومة لقانون انتخابات طائفي ومذهبي ومناطقي , وليس شرطا ان تعبّر دائما الاغلبية النيابية عن أغلبية شعبية, قد تعبّر عنها وقد لا تعبّر, ونحن قلنا بعد الانتخابات ان مجموع الآراء التي حصلت عليها المعارضة على المستوى الشعبي كانت اكبر من الآراء الاخرى, على الرغم من انني اعتقد ان هناك شرائح شعبية كبيرة صوّتت للوائح الموالاة في بعض المناطق نتيجة لبعض المناخات السياسية وليس لها موقف سلبي من المقاومة بل هي مؤيدة للمقاومة وبالتالي ان لا اعتقد اننا يمكن ان نحاكم شعبية المقاومة على قاعدة نتائج الانتخابات النيابية التي لها قانونها ولها ظروفها.
- سؤال: فيما يتعلّق بالوثيقة اولا الدستور اللبناني يتحدث بوضوح عن لبنان كوطن نهائي لجميع ابناءه, الوثيقة التي قرأتها قبل قليل تشير الى رفض الحزب لتقسيم لبنان وفدرلته وما شابه ولكنها لا تشير الى موقف الحزب بشكل واضح من أي طرح عقائدي او فكري يمكن ان يكون مستقبلا يتعلق بضم لبنان او دمجه بمحيطه العربي او الاسلامي علما ان هذه المسألة هي هاجس عند كثير من الافرقاء اللبنانيين منذ استقلال لبنان, فهل هناك موقف واضح للحزب في هذه النقطة؟
المسالة الثانية تتعلق بموضوع الاستراتيجية الدفاعية , فقد ذكرتم في الوثيقة التي قرأتها ان الاستراتيجية الدفاعية يجب ان تقوم على المزاوجة بين مقاومة شعبية وجيش يحمي لبنان, الا يعد هذا تراجعا عن موقف الحزب السابق من ان المقاومة باقية الى حين قيام دولة قوية قادرة وعادلة, يعني ان هذا الموقف يوحي بان المقاومة باقية حتى ولو صار لدينا جيش قوي يستطيع ان يحمي لبنان؟
السؤال الاخير يتعلق بموقفك الاخير منمسألة تجار المخدرات , فسابقا الحزب كان دعا الدولة الى اعادة النظر في القضايا المرفوعة على تجار المخدرات والمروجين وما شابه على اعتبار ان هناك وضع انساني متراكم في مناطق محددة ادى الى هذا الوضع, في المرة الاخيرة كان هناك موقف متشدد للحزب دعا فيه الى عقوبات وما شابه بحق التجار, فلماذا تبدل الموقف بهذا الشان؟
جواب: في النقطة الاولى , نحن كنا واضحين باننا نعتبر لبنان وطننا , الجدل حول انه وطن نهائي او لا, احب ان اقول لك بالدرجة الاولى انه نحن ممن يشعر بان هذا الوطن هو نعمة, ليس فقط رسالة بل هو نعمة, فهذا التركيب في الجغرافيا, في التنوع والتعدد, بما وصلنا اليه, امكن في تحقيق انجازات كبيرة جدا وتاريخية, الان اذا جئنا لنقول انه نهائي ام لا , احيانا يقول البعض انه يجب ان تقولوا انه نهائي لتبعثوا الاطمئنان, سماحة الامام موسى الصدر كان واضحا جدا وهو كان يتكلم باسم كل هذا الخط وهذا الطريق عندما اعتبر ان لبنان وطن نهائي, لكن ممكن ان يقول احدنا انه نهائي وفي لحظة ما يخرج من اعتباره نهائيا, لذلك اعتقد بان الشعار ليس سببا للطمأنة بل توافقنا جميعا بان هذا الامر كغيره من الامور الاخرى التي تحكم وجود البلد هي يجب ان تكون ميثاقية وخاضعة لارادة اللبنانيين واجماعهم, وحتى انا لا اقول 50 او 60 او 70 بالمائة, بل اقول لاجماع لبناني او شبه اجماع لبناني في القضايا التي تعني وجود هذا البلد, ما نحتاجه هو تكريس وتعزيز هذه الارادة, بالمناسبة صحيح ان كل الحركات الوطنية والقومية والاسلامية لها نظرة حول الوطن العربي والوطن الاسلامي وموضوع اتفاقية "سايكس بيكو" وتقسيم العالم العربي والاسلامي الى كيانات والى اقطار, حسنا هذا امر حصل, اليوم نحن امام حقيقة واقعة, اسمها ان هناك دولا وكيانات واقاليم , بالمناسبة ما ندعو اليه نحن ليس وحدة اندماجية لا في العالم العربي ولا في العالم الاسلامي, وانما ندعو الى اتحاد بين الدول العربية والاسلامية يحفظ لهذه الدول ولهذه الاقاليم ولهذه الاوطان خصوصياتها وشخصياتها وسياداتها ويمكن هذا الاتحاد من اضافة قوة بعضها الى بعض, نعتقد ان هذا الطرح هو الطرح الواقعي الممكن, في الموضوع الفكري والعقائدي يبقى الانسان يتكلم ليس عن وطن عربي او اسلامي فقط بل عن الكرة الارضية كوطن واحد, واذا اخذنا الوقائع بعين الاعتبار فنحن نعتقد ان هذه الصيغة هي الصيغة الامثل, طبعا هناك حركات اسلامية اخرى لها رأي حاد في هذه المسألة, لا مشكل تبقى هذه من النقاط التي يمكن ان تكون خلافية.
في موضوع المزاوجة بين المقاومة والجيش , انا قلت انه طالما هناك خلل بموازين القوى, طالما ان هناك غياب للدولة القوية والقادرة فالمطلوب المزاوجة, لكن لو توفرت الدولة القوية والقادرة فلا داعي حتى لهذه المزاوجة, الدولة هي التي تحمل المسؤولية وتدافع عن البلد.
وفي موضوع مذكرات التوقيف الذي ذكرته في مناسبة الانتخابات , تكلمت عندها عن عموم مذكرات التوقيف في البقاع, لم اكن اتكلم عن خصوص مذكرات التوقيف التي لها علاقة بالمخدرات, اريد ان الفت الى انه هناك اكثر من ثلاثين الف مذكرة توقيف بحق ناس في البقاع, فيها جزء ان هناك مذكرات بحق من بنى دون ترخيص, وجزء منها بسبب بعض المخالفات للقانون الفلاني , اذا الثلاثون الف مذكرة ليست كلها لها علاقة بالمخدرات وزارعتها وتجارتها, هناك الكثير من العناوين رغم ان هناك مشاكل في المنطقة لها علاقة بالضم والفرز وبأمور اخرى, ما تكلمنا عنه نحن في مرحلة الانتخابات لم نطلب عفوا بل قلنا ان المطلوب تأليف لجنة قانونية برلمانية , وزارية وحقوقية , او قضائية تجتمع وتضع هذه الثلاثين الف مذكرة توقيف, هناك مذكرات توقيف صادرة قبل عشرين او ثلاثين سنة , حسنا هذا الشخص او المواطن اصبح صالحا ولم يرتكب مخالفة منذ ثلاثين عاما وبقيت بحقه مذكرة التوقيف, لذلك نحن جئنا ودعونا الى اعادة النظر بمذكرات التوقيف وتصنيفها, وبالتالي هناك جزء كبير من مذكرات التوقيف يمكن ان نتجاوزها نتيجة مرور الوقت او نتيجة تواضعها او تفاهتها, نعم هناك مذكرات توقيف لها علاقة بجرائم القتل , حتى من الناحية الدينية هل استطيع ان اسامح القاتل؟ هناك جهتان معنيتان بان يسامحا القاتل هما الحق العام والحق الخاص أي عائلة القتيل, اما موضوع تجارة المخدرات, في نظرنا هو موضوع حساس, يجب ان ينظر فيه ايضا, فاذا وجد في ما له علاقة بملفات قديمة جدا فهو قابل للدرس, لكن في الوضع الحالي فلا, كل من يقوم بتجارة مخدرات في رأينا هو ما اعلناه بالمناسبة قبل ايام, انا اعتقد ان هؤلاء مجرمون لانهم يقتلون روح الشباب ويدمرون مجتمعا بكامله, فالرصاصة تقتل واحدا اما هؤلاء فيقتلون مجتمعا باكمله بثقافته وروحه واخلاقه وامنه وسلامته الروحية والنفسية والعقلية وبالتالي سلمه واستقراره, في هذا الموضوع انا اعود واجدد الدعوة الى التشدد مع جميع مروجي وتجار المخدرات دون هوادة.
ـ سؤال: فيما يتعلق بالوثيقة، خصوصاً عندما تتحدثون عن العلاقات العربية – العربية أو اللبنانية العربية أو المقاومة العربية كيف يمكن الاستفادة من واقع المقاومة وما تمثله المقاومة من مقبولية في حل بعض الخلافات العربية – العربية أو العربية الداخلية، وهنا أسأل : كنتم قد توجهتم بنداء إلى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بخصوص الحرب الداخلية، إلى أين وصلت جهودكم وكيف تعلقون على التدخل السعودي في حرب اليمن واستهداف المدنيين؟
ـ جواب: ليس لدينا أي مانع، وأنا ذكرت في قلب الوثيقة أنه يهمنا أن تستفيد الأمة العربية، الحكومات، الشعوب، قوى المقاومة الأخرى، القوى السياسية الأخرى، من ناتج المقاومة، من انجاز المقاومة، من انتصارات المقاومة، هذا الموضوع ليس لدينا مشكلة فيه. من جملة الإيجابيات أن المقاومة بدأت تتمتع بمكانة، وفي أي مكان نستطيع أن نوظف هذه المكانة لمصلحة التوحيد والجمع نحن نفعل ذلك، وأحياناً نفعل ذلك بعيداً عن الإعلام نتيجة الإحراجات الرسمية والسياسية والإعلامية، هذا في الخط العريض.. ففيما يتناسب مع ظروفنا وإمكاناتنا نحن حاضرون لتوظيف هذه المكانة لأي مصلحة عامة. في موضوع اليمن، كان لدينا موقف وكانت لدينا مناشدة في أكثر من مناسبة، لكن في الحقيقة نحن لم نعرض وساطة بسبب التعقيد القائم في موضوع اليمن وتقديرنا بأن وساطتنا لن تؤدي إلى نتيجة بسبب هذا التعقيد، بل قد تعقد الأمور. وإذا لاحظتم هناك بعض التيارات السياسية، التيار الصدري على سبيل المثال بقيادة الأخ سماحة السيد مقتدى الصدر، اتصلوا بالسفارة اليمنية وعرضوا وساطة بأن يذهب وفد من التيار الصدري إلى اليمن ويعمل على إيجاد تسوية لهذا الأمر، فكان التعليق من السيد الرئيس علي عبد الله صالح أن الدليل على أن التيار الصدري له علاقة بالحوثيين هو أنه عرض وساطة، مع أن هذا لا يشكل أي دليل، يعني عندما تأتي جهة وتعرض وساطة فهذا لا يعني أنها داعمة لهذه الجماعة أو تلك المجموعة، فكيف إذا جاء حزب الله ليعرض وساطته، بكل صراحة أنا أعرض الأمور كما هي، في الوقت الذي نقرأ كل يوم في الصحف وخصوصاً بعض الصحف العربية التي تقول أن حزب الله يمول ويدرب ويسلح ، وهذا كله غير صحيح، بل وصل الأمر إلى أن حزب الله يقاتل في اليمن وأنه يقود المعارك وأن هناك نقلاً عن إحدى الصحف العربية التي قرأت فيها قبل أيام خبراً مضحكاً مفاده أن خمسين شهيداً لحزب الله استشهدوا في اليمن وأن حزب الله يحاول إخفاء الأمر وهو مربك في كيفية دفنهم! نحن نقدر أن نخبئ شهداء! لعلنا نحن من أهم حركات المقاومة في الدنيا التي تعلن شهداءها وتفتخر بشهدائها، وشفافة في موضوع شهداءها ومعنية أن تأتي لعائلة الشهيد وتقدم لها تقريراً تفصيلياً عن مكان استشهاد ابنها، لأنه لهذا الانسان حرمة وكرامة. عندما نصل إلى مستوى نحن متهمين فيه بالدعم والتأييد والتسليح والتدريب وقيادة العمليات إلى حد المشاركة وسقوط شهداء من الحزب، فالذي يتهمنا بهذه الطريقة هل تتوقع مني أن أذهب وأعرض وساطة في اليمن! هناك أناس لأنهم لا يملكون أي دليل ويريدون أن يزجوا بحزب الله في الموضوع يأتون ويقولون لك أن المقاتلين الحوثيين يستفيدون من تكتيكات حزب الله في القتال، هذا ليس ذنبنا، لأن المقاومة في لبنان قدمت مدرسة في القتال، يمكن أن يستفيدوا منها باليمن، ويمكن أن يستفيدوا منها بأمريكا اللاتينية، ويمكن أن يتعلمها الإسرائيلي ويستفيد منها أيضاً، لكن هذا ليس إدانة لنا، هذا إدانة لكل الذين لا يستفيدون من مدرستنا في القتال لتحرير أرضهم واستعادة المقدسات على سبيل المثال.
ما يجري في اليمن نحن دعونا إلى وقف القتال، والآن أنا أجدد دعوة لوقف القتال، وتحدثنا في الوثيقة عن المدرسة التي سوف تقلل الخلافات وتزيد التواصل وتحاصر النزاع، فنحن لسنا من دعاة توسيع النزاع، نحن من دعاة وقف القتال سواءً داخل اليمن أو بين السعودية والحوثيين في اليمن وأن يبادر الجميع إلى التعاون وإلى بذل الجهود من أجل وقف هذا النزف الذي يخسر الناس فيه جميعاً، وليس المطلوب أن نصب الزيت على النار، هذا هو موقفنا، ومع ذلك أحب أن أعلن وأقول: إذا أحد ما يعتقد أننا نستطيع أن نفعل شيئاً في اليمن سنعتبر أن هذا من واجباتنا وسنباشر العمل على هذا الصعيد، ولكن المقدمات والمعطيات وظروف الموضوع وتعقيداته لم توصلنا نحن كحزب الله إلى هذا النتيجة.هذا مااكده زعيم حزب الله في شرح مستفيض لسياسة امريكا العنصرية تجاة العالم وخصوصا الشرق الاوسط الكبير ؟؟؟؟: