السبت، 21 يناير 2012

وداعا للاستبداد والتسلط

وداعا للاستبداد والتسلط
ناجي هيكل
من المعروف أن تكون الأحداث التي شاهدها العالم بدات شرارتها الاولي من تونس واصبحت المحرك والباعث الأساس لانتشارها في الوطن العربي برمته بحثا عن الديمقراطية، التي لاتطبق عند الحكام العرب لانها فكرة وممارسة، هي وليدة أنظمة لمجتمعات غير عربية ولا إسلامية. فالعرب لم يمارسوها سابقا. ارتبط الحكم العربي على مر التاريخ بالإسلام الذي لا يرى غير مفهوم الخلافة وإن الحاكم هو عبارة عن خليفة الله ورسوله على الأرض، هذا المجال، إذ اتسم حكمهم بالتوريث بغض النظر عن توفر الصفات المطلوبة سواءا توفر شروط للخلافة وصفات للخليفة ام: معرفة الأحكام الشرعية والقدرة على حماية الحدود ومقاومة العدو، وإقامة الأحكام . فمازال الحاكم العربي يعتبر البلاد: شعبا وأرضا وسماء ملكا له. حينما سيطر المستعمرون على البلدان العربية سلطوا عليها من يحفظ لهم مصالحهم بعد رحيلهم الشكلي، ورغم "تبعيتهم" التي ينتقدون عليها إلا أنهم كانوا أكثر رحمة وتحضرا ممن أتوا . بعدهم، جاءت مرحلة استلام السلطة من قبل العسكر أو أفراد وقوى عن طريق الانقلابات والمؤامرات، وتم تدريجيا تحويل الأحزاب التي ينتمون إليها إلى مؤسسة سياسية متسلطة وحيدة، بحيث أصبحت خانعة وخاضعة لمشيئة الفرد الواحد، والعائلة الواحدة. وبهدف تلطيف سمعة الحاكم الفرد وهيمنة الحزب الواحد، تم فسح المجال صوريا لممارسة برلمانية علي طريقة الحزب الوطني ؟ فيجرون انتخابات تكون نتائجها محسومة سلفا لصالح الرئيس وحزبه الوحيد؟! وإلا بماذا نفسر سرّ بقاء وجوه فاشلة ممجوجة ومكروهة من قبل مواطنيهم، وجوه سياستها القمع والفساد والبطالة وتدهور الحياة المعيشية لغالبية الناس، مقرونة باحتقار المواطنين والقوانين المدنية والشرعية وحقوق الإنسان، إضافة إلى بقاء دور الرقيب الفاشل بكل أشكاله؟! تؤكد لنا تجارب الشعوب على شتى أصنافها: كل سلطة، مهما كانت طبيعتها ولونها، تمارس كبت الحريات والتضييق على الناس، تحت أية حجج وذرائع كانت مقدسة أو وضعية، يكون مصيرها الاستهجان .
الغريب في الأمر، أن التقدم الهائل الحاصل في العالم، علميا وثقافيا وتكنولوجيا وانفتاحا على كل ما يدعم ويعزز دور المجتمع المدني في حياة الناس، لم يترك أثرا في المجتمعات العربية وحكامها، بحيث ظلت العلاقات التقليدية هي المتحكمة طالما أنها تخدم الحاكم الفرد وبطانته ومشرّعه التقليدي. إذن "هناك علاقة وثيقة بين النظام الاجتماعي الأبوي والنظام السياسي الاستبدادي. يتصرف الحاكم كأب وينظر إلى المواطنين كأبناء قاصرين لايفقهون في امور الحياة شيئا وهذا من وجهه نظر الحاكم فقط ؟ ثم يتركون الشباب لفقهاء الظلام ولايقدمون لهم دعما مماتسبب في انصراف هؤلاء عن كل ماهو خاضع للسلطان ؟واصبح الشباب مسؤل عن نفسه بعيدا عن دور الدولة ؟لان الحاكم لايحب الامصلحته طالما انه؟ مدعوم بأجهزة أمنية وقمعية صنعها لنفسه، وبما أن هذا الحاكم لا يخضع للمعايير الديمقراطية المتبعة في العالم ، فإن بقاءه لفترة طويلة في الحكم- اعتبرها منحة ربانية له لا لغيره والأمثلة كثيرة على ذلك- يجعل من تلك الأجهزة أدوات سلطوية تسلطية خاضعة له ولحاشيته، وبدلا من أن تكون مؤسسات مستقلة تابعة للدولة تستفيد منها كل تشكيلة حكومية لاحقة منبثقة عن طريق الا نتخابات المزورة التي يصعد من خلالها الي سلم الاستبدادوقهر العباد فان آلية الحاكم العربي تستند على تحويل نفسه "الحاكم بأمر الله" وجعل الحزب الذي ينتمي إليه بمثابة مؤسسة تابعة لإرادته فتنخلق بذلك معادلة أخطبوطية أساسها الفرد المتسلط وحزبه الوحيد الحاكم وأجهزته القمعية التي تضمن له البقاء في الحكم التابعة له، كما يسعى هذا الحاكم إلى خلق تقليد جديد يستند على توريث الأبناء!! وهنا ياتي دور التسلط والاستحواذ علي الحكم فان المفارقة المثيرة للسخرية هي أن يتحول هذا الحاكم الفرد بمرور الوقت إلى أداة ورمز لجماعته الذين يقومون علنا وفي السر بقيادة عملية سلب ونهب منظمة ومنتظمة، لأموال العباد والبلاد، حتى بدون استشارته أو إعلامه بذلك، محصنين أنفسهم بتجاوز القوانين والحرمات، واتباع أساليب الابتزاز والترويع بحق المطالبين بحقوقهم من أبناء الشعب، كما حصل أخيرا لمصر ولشعبها الباسل. الذي قام بدور مشرف يهدف الي تغيير الخريطة واعادة كتابة التاريخ من جديد ؟وعليه، فكلما طال عمر سلطة في الحكم ازداد كره وبغض الناس له، وأصبحت إمكانية الاقتصاص من الحاكم والمقربين منه وأعوانه حينما تحين الفرصة المواتية أمرا مفروغا منه. لذلك، فعقب أي تغيير للسلطة ترى مثل هؤلاء الحكام يهرعون بسرعة إلى الهرب خارج البلاد، حتى لو تعرضت بلدانهم إلى المخاطر الجسام. وإلاّ، فهل سمعتم بحاكم عربي قد ترك السلطة بالطرق الأصولية؟ وهل سمعتم بحاكم عربي استطاع بعد تغيير سلطته أن يبقى في بلاده ويموت في بلاده، شأنه شأن أي حاكم في العالم المتحضر؟ هل هرب هذا الحاكم بدون إراقة الدماء وبدون أن تقوم أجهزته السرية بالتخريب والتدمير بغية تشويه الخصوم، دون الاكتراث بمصير البلادكما حدث الان في ليبيا ؟
لقد وصلت الأمور في السنوات الأخيرة إلى حد تنصل قسم من أسيادهم في الغرب منهم ومعاملتهم بازدراء واضح حتى في اللحظات المصيرية لهؤلاء الحكام. لقد خسر الغرب كثيرا بمواقفه المساندة لأنظمة القمع والحزب الواحد والفرد الواحد الذي يلصق بكرسيه إلى الأبد! إذن لم يعد الغرب بمستطاعه أن يتجاهل وإلى النهاية إرادة الشعوب العربية والشارع العربي كالسابق. كما وأنه لا يستطيع تقديم الدعم المباشر والمفضوح للأنظمة العربية التقليدية المقترنة بالفساد والتشبث بالسلطة بكل الوسائل، لأن دعمه المعهود أدى إلى خلق حالة عداء مبرر للآخر الأجنبي في الأوساط الشعبية العربية التي لم تعدْ تكترث أو تخاف من مثل هذا الدعم. وإلا فكيف نفسر التفهم العلني الأميريكي – الحليف التقليدي للنظام المصري القديم ورئيسه المخلوع، وتأكيدهم على: تفهم تطلعات الشعب وكفاحه من أجل الحرية وضد القمع والفساد ونهب المليارات وملايين الافدنه ؟! وفتح المعتقلات للمفكرين والمعارضه والشباب اليائس البائس من تكميم الافواه ؟
هل كان نظام (مبارك) فعلا أكثر قسوة وفسادا من بقية الحكام العرب التقليديين الفاسدين الخانعين القمعيين الذين يتربعون على الكراسي منذ سنوات وسنوات وبقوة الحديد والنار والسجون والرقابة وقمع الحريات الفردية والعامة، الرافعين شعارات ديماغوجية فارغة مستهلكة(من قبيل: مواجهة التحديات ومقارعة الصهيونية، ومن أجل تطلعات الجماهير في الوحدة، ومحاربة الفساد والفقر والبطالة وأعداء الإسلام) وحجج أخرى واهية ومفضوحة؟ ثم، ألمْ يشترك الإرهابيون المسلمون ومغتصبو السلطة العرب في خلق حالة التداعي في المنطقة، وجعل الأجانب يهاجمون ويسخرون في السر والعلن من تخلف وهمجية العرب والمسلمين؟ والدليل ما يحدث في ليبيا التي امر زعيمها بضرب شعبه بالطائرات؟
بعد ذلك كله، ألمْ نصلْ حقا إلى حالة من الغثيان واليأس واحتقار الذات، من تكرار مشاهدة نفس الوجوه المقرفة- يوميا -لحكامنا الفاسدين؟ هل ثمة هناك حق إلهي لا نعرفه من حقوق الحاكم العربي الفرد، يوجب علينا تبجيله ومباركة ولادته وموته وهو على كرسي الحكم؟ وان لم تنافق اوتسجد له تروح وراء الشمس؟؟
إن مؤشرات واقع الحال ومجريات الأمور في الشارع المصري تدل على حالة جديدة من التداعي والترنح وفقدان الثقة بالنفس التي بلغها واستنفد كل مبرراتها(بما في ذلك غير الأخلاقية)نظام الحاكم الفرد وحزبه الأوحد وعائلته أو حاشيته الذين قادوا المنطقة إلى الاستبداد والخنوع والتخلف والفساد وسلب الحريات والتفريط بأموال الشعب والدولة، وجعل العرب مسخرة يتندر بها الآخرون. أقول: هذه المؤشرات تدل على ولادة جيل جديد رافض لسياسات عف عليها الزمن ؟
لقد وصل المواطن العربي والمصري إلى حالة الطلاق التام مع حكامه الفاسدين المتشبثين بالكراسي، حالة اغتراب حقيقية عن الواقع والحاكم، وراح يثق أكثر بنتائج التغيير عن طريق الخروج إلى الشارع للتعبير عن غضبه بعدما تأكد له أن هذا الحاكم الفرد وزبانيته قد ضمنوا لأنفسهم مسبقا نتائج صناديق الاقتراع،

في ظل المعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة، التي يعيشها العرب في كل مكان، مع تفاوت في ارتفاع درجات البؤس واليأس، فإن الأمل بالتغير وفق السنة التي اقترحها القذافي على التونسيين، وهو يتلقى أخبارا غير سارة عن جاره وحليفه الهارب إلى منفى كل طغاة العالم بأرض الحجاز، سيكون كمن ينتظر موته بسرطان قاتل، من دون أن يمتلك القدرة على منعه أو الشفاء منه. أحاول هذه المرة أيضا أن أترجم حجم الإحباط لدى النخب الحرة والشعوب العربية، التي تبدو أكثر إدراكا لواقعها ومستقبلها، أن أترجمه أرقاما عن حاضر العرب الاقتصادي والاجتماعي، ومستقبلهم أو مصيرهم في ظل استمرار الأوضاع السياسية القائمة على النحو الذي نعيشه منذ 30 عاما إن لم يكن منذ قرون.ونحن نعاني من فقر وجهل ومرض هذا الثالوث القاتل رغم الدخل القومي المعروف ؟ تفيد الإحصاءات بأن سكان الوطن العربي اليوم يتجاوزون 360 مليون نسمة، يعيشون على مساحة جغرافية متصلة تبلغ أزيد من 14 مليون كلم مربع، تمتد من الشرق إلى الغرب على طول 6 آلاف كلم، ومن الشمال إلى الجنوب على طول أربعة آلاف كلم. وسيتجاوز عدد السكان العرب في آفاق 2020 عتبة 450 مليون نسمة، استنادا إلى نسبة النمو الحالية. سيكون نصيب مصر من هذا الرقم 94 مليون نسمة، تليها الجزائر والعراق بنحو 40 مليونا لكل منهما، ولن يكون تعداد أقل الدول العربية سكانا عن المليون نسمة (البحرين، قطر، جزر القمر، جيبوتي).
وإلى جانب العاملين البشري والجغرافي المعتبرين، يتمتع الوطن العربي بثروات طبيعية هائلة مدفونة تحت رمال الصحراء، وأكتفي هنا بالحديث عن ثروتين هما النفط والغاز. إذ يملك العرب حاليا أكثر من 68 بالمئة من احتياطي النفط العالمي، فمجموع احتياطي ست دول فقط، وهي السعودية والعراق والكويت والجزائر وليبيا والإمارات يمثل 59’ من الاحتياطي العالمي. تتصدر هذه الدول المملكة السعودية التي تمتلك احتياطيا من النفط لا يقل عن 266 مليار برميل، يليها العراق بنحو 118 مليار برميل، ثم الكويت بأكثر من 1010 مليار برميل. وأقل الدول العربية تمتلك نحوسته مليارات برميل من احتياطي النفط.
أما بالنسبة إلى الغاز، فإن احتياطي البلاد العربية يمثل نحو 30’ من الاحتياطي العالمي، يوجد معظمه (13’ من الاحتياطي العالمي) بقطر. فيما تملك باقي الدول نسبا تتراوح بين 1 و4 بالمئة. وتشكل هاتان المادتان المورد الرئيسي للدخل من العملة الصعبة، أو الثروة القومية، وهي أرقام ضخمة وتكاد تكون خيالية مقارنة بعدد السكان المتواضع. ويمكن أن نضيف إلى هذه الثروات ثروة بشرية هائلة، فالقوة العاملة (المواطنون في سن الخامسة عشرة فما فوق) تشكل نصف التعداد السكاني، فهي تتجاوز في مصر مثلا 27 مليونا، وفي الجزائر 14 مليونا، وفي السودان 13 مليونا وفي السعودية تسعة ملايين.اين حقوق المجتمعات العربية عند الحكام لقد نجحت ثورة 25 يتاير 2011 في القضاء علي الفساد والاستبداد ولم يعد لنا سوي العمل الجاد والتطلع الي حياة كريمة مثل باقي الشعوب المتحضرة ومن هنا اقول هبا للعمل والكفاح لبناء وطن افضل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق