الخميس، 19 نوفمبر 2015

» تقرير تقنيات التعذيب ينزع ثوب القدسية والعدالة عن أمريكا ويفضح تورط النظام ؟؟؟؟ وأنظمة عربية أخرى في التعذيب بالوكالة



 » الأخبار الإقليمة » تقرير تقنيات التعذيب ينزع ثوب القدسية والعدالة عن أمريكا ويفضح تورط النظام ؟؟؟؟ وأنظمة عربية أخرى في التعذيب بالوكالة

تقرير تقنيات التعذيب ينزع ثوب القدسية والعدالة عن أمريكا ويفضح تورط النظام المصري وأنظمة عربية أخرى في التعذيب بالوكالة

الإقليمة, الأخبار الدولية, الأخبار العربية, حقوق الانسان, عاجل التعليقات على تقرير تقنيات التعذيب ينزع ثوب القدسية والعدالة عن أمريكا ويفضح تورط النظام المصري وأنظمة عربية أخرى في التعذيب بالوكالة مغلقة

التعذيب عبر الايهام بالغرق

التعذيب ينزع ثوب القدسية والعدالة عن أمريكا

تقرير تقنيات التعذيب ينزع ثوب القدسية والعدالة عن أمريكا ويفضح تورط النظام المصري وأنظمة عربية أخرى في التعذيب بالوكالة

مساعدة 13 دولة عربية لـ “سي آي أيه” في تعذيب المعتقلين وانتهاك حقوق الإنسان

الرجل الوحيد الذي قهر تقنيات الاستجواب لدى CIA: خالد شيخ محمد عُذّب 183 مرة دون جدوى

دول أوروبية متورطة في السجون السرية لـ”سي آي ايه

شبكة المرصد الإخبارية

أثار تقرير نشرته وكالة الاستخبارات الأمريكية “سي أي إيه” حول أساليب التعذيب التي اعتمدتها الوكالة لسنوات في استجواب مشبوهين في قضايا إرهابية اعتقلتهم في سجون سرية سخطا عالميا، لما أظهره من كذب ادعاءات الولايات المتحدة راعية الديمقراطية والعدالة النزاهة في العالم.

وتعليقاً على التقرير قال موريس دايفيس، المدعي العام السابق بسجن خليج غوانتانامو، إن التقنيات والوسائل التي استخدمتها وكالة الاستخبارات الأمريكية والمذكورة في تقرير مجلس النواب الأمريكي تعتبر جرائم حرب.

وتابع قائلا : “هذه جرائم بحق المجتمع الدولي، فنحن لا يمكننا وليس لنا السلطة لارتكاب مثل هذه الجرائم خارج حدودنا.. هذه تعتبر خرقا للاتفاق الدولي حول التعذيب”.

وأضاف دايفيس: “لم أكن مصدوما بتفصيلات هذه الأساليب المستخدمة، كلنا سمعنا عن تقنيات الإغراق الوهمي إلى جانب وسائل أخرى تم استخدامها مع المحتجزين، ولكن أعتقد أن ما كان صدمة للشارع هو الأعداد التي خضعت لهذا البرنامج ومدى انتشاره”.

وأردف قائلا: “إن هذا بالفعل فصل حزين في تاريخ أمتنا”.

وأنشأ مسئولون سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أمس الثلاثاء، موقعا إلكترونيا للرد على حملة الانتقادات العنيفة التي طالتهم إثر نشر مجلس الشيوخ تقرير التعذيب.

والموقع اسمه “سي آي ايه سيفد لايفز دوت كوم”، ومعناه السي آي إيه أنقذت أرواحا، يمثل خطوة في مجال العلاقات العامة غير معهودة من جانب عملاء في الاستخبارات، وهو لا يرمي إلى التشكيك في لجوء الوكالة إلى تقنيات استجواب قاسية، بل على العكس من ذلك يهدف إلى إثبات فعالية هذه التقنيات ودحض ما خلص إليه تقرير مجلس الشيوخ من أنها لم تنقذ أرواحا ولم تكن وسيلة فعالة للحصول على معلومات أو تعاون من قبل المعتقلين بل لطخت سمعة الولايات المتحدة في العالم.

وأكد مؤسسو الموقع أن برنامج استجواب المشبوهين بالإرهاب الذي طبقته السي آي ايه بعد اعتداءات الـ11 من سبتمبر 2001 “سمح به بالكامل مسؤولون كبار في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووزارة العدل“.

تقنيات استجواب وحشية

وخلص التقرير الذي وضعته لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس الشيوخ والواقع في 40 صفحة والذي اعترضت عليه فورا السي آي ايه، إلى أن استخدام تقنيات الاستجواب “المشددة” التي اعتمدتها الوكالة بعد 11 سبتمبر2001 لم يسمح بإحباط تهديدات وشيكة بتنفيذ اعتداءات.

واتهم التقرير، في 20 خلاصة، السي اي ايه، بأنها أخضعت 39 معتقلا لتقنيات وحشية طيلة سنوات عدة، وبينها تقنيات لم تسمح بها الحكومة الأمريكية، وتم تعدادها بالتفصيل في التقرير الذي يتألف من 525 صفحة قامت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الديمقراطيون باختصاره ونشره.

ويتهم التقرير السي آي ايه أيضا بأنها كذبت، ليس على الجمهور الواسع وحسب، وإنما أيضا على الكونجرس والبيت الأبيض، بشأن فعالية البرنامج، وخصوصا عندما أكدت أن هذه التقنيات سمحت بـ”إنقاذ أرواح“.

ولكن المدير السابق للسي آي ايه جورج تينيت دحض هذه الخلاصة، مؤكدا عبر الموقع أن “الوثائق تظهر أنه في وقت كانت هناك تهديدات خطيرة ضد الولايات المتحدة، كان البرنامج فعالا في إنقاذ أرواح أمريكيين وحلفاء وفي منع وقوع اعتداء آخر واسع النطاق على الأراضي الأمريكية“.

وكتب 6 مسؤولين سابقين في السي آي ايه مقالا في صحيفة “وول ستريت جورنال” أن برنامج الاستجواب هذا سمح باعتقال مسؤولين كبار في القاعدة وبإحباط هجمات وبمعرفة “كم هائل” من الأمور عن التنظيم المتطرف.

أبرز نقاط التقرير

أفاد تقرير الكونجرس الأمريكي حول استخدام وكالة الاستخبارات المركزية “سي أي إيه” التعذيب خلال الاستجواب بعد 11 سبتمبر أنه “لم يكن وسيلة فعالة للحصول على معلومات أو تعاون المعتقلين“.

وشمل التقرير نقاطا كثيرة تدل على سوء استخدام “الـسي آي إيه” وسائل الاستجواب، ومن أبرز نقاط التقرير، أن استخدام سي أي إيه تقنيات مشددة خلال الاستجواب لم يكن وسيلة فعالة للحصول على معلومات أو تعاون من قبل المعتقلين.

وتبرير الوكالة استخدام تقنيات مشددة خلال الاستجواب يستند إلى تأكيدات غير دقيقة بالنسبة لفاعليتها. وأن التحقيقات مع المعتقلين كانت قاسية وأسوأ مما أقرت به الوكالة للمشرعين.

وكذلك ظروف اعتقال المحتجزين كانت أقسى مما أقرت به الوكالة للمشرعين. وعرقلت الوكالة عملية اتخاذ القرار في البيت الأبيض ومراقبته للأمور.

ولم تكن الوكالة مستعدة عندما باشرت برنامج الاعتقال والاستجواب، أكثر من 6 أشهر بعد السماح لها باحتجاز أشخاص.

وتم تطبيق برنامج الاعتقال والاستجواب بشكل سيئ، كما أن إدارته كانت مرتبكة وخصوصا خلال 2002 ومطلع 2003.

ولم تحص الوكالة بشكل تام أو محدد، المحتجزين لديها وأبقت في السجون أشخاصا لا تنطبق عليهم المعايير، وأن تأكيدات الوكالة بخصوص إعداد المعتقلين وأولئك الذين خضعوا لتقنيات الاستجواب المشددة كانت غير دقيقة.

وكذلك لم تنجح الوكالة في إجراء تقييم صحيح لفاعلية تقنيات الاستجواب المشددة. ولم تحاسب الـ”سي أي إيه” موظفيها المسؤولين عن انتهاكات خطيرة ومهمة والقيام وتجاهلت الوكالة انتقادات عدة داخلية واعتراضات بخصوص تطبيق وإدارة برنامجها للاعتقال والاستجواب.

وساهم برنامج الوكالة في تلطيخ سمعة الولايات المتحدة في العالم وأسفر عن أكلاف إضافية مهمة، مالية وغير مالية.

أوباما يتعهد

وتعهد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بعدم تكرار استخدام وسائل التحقيق القاسية خلال وجوده كرئيس للولايات المتحدة، وذلك في رد فعل له على تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الذي وجه انتقادات لعمل وكالة الاستخبارات المركزية “CIA”.

وقال أوباما، في بيان بثه راديو سوا اليوم الأربعاء، إن تلك الأساليب أحدثت أضرارا بالغة بالمصالح الأمريكية في الخارج ولم تخدم الجهود العامة لمحاربة الإرهاب. مضيفا، “بدلا من أن يكون التقرير سببا آخر في محاربة الأفكار القديمة، آمل أن يساعدنا التقرير في ترك الأساليب في مكانها في الماضي“.

وقال مدير الـ”سي أي إيه”، جورج برينان، من جانبه، إن الوكالة ارتكبت أخطاء باستخدامها التعذيب وسيلة للاستجوابات، لكنه شدد على أن هذا الأمر منع وقوع اعتداءات أخرى بعد 11 سبتمبر. موضحا أن تحقيقا داخليا أجرته الوكالة كشف أن الاستجوابات المتشددة مع مشتبه بهم بالإرهاب “سمحت بالحصول على معلومات أتاحت منع وقوع اعتداءات واعتقال إرهابيين وإنقاذ أرواح بشرية“.

بوش المغيب

ومن جهة أخرى، كشف تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي، أمس الثلاثاء، أن الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، لم يعلم بأمر تقنيات التعذيب التي اعتمدتها وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي ايه”، في استجواب موقوفين في قضايا إرهابية إلا في أبريل 2006، أي بعد 4 سنوات من بدئها.

وأظهر التقرير الذي وضعته لجنة شؤون الاستخبارات في المجلس، أن الرئيس السابق الجمهوري “أبدى انزعاجه” لدى اطلاعه على “صورة معتقل معلقا إلى السقف بسلاسل ولابسا حفاضا وقد أجبر على التغوط على نفسه“.

وبحسب الوثيقة، فإن وكالة الاستخبارات المركزية لم تبلغ الرئيس جورج بوش إلا في 8 أبريل 2006، بأمر هذا البرنامج السري الذي طبقته الوكالة على 119 مشبوها بالإرهاب اعتقلتهم في “مواقع سوداء”، وهي سجون سرية أقيمت في دول أخرى لم يتم تحديدها، ولكنها تشمل على ما يبدو تايلاند وأفغانستان ورومانيا وبولندا وليتوانيا.

وقد فضح التقرير عدة دول تورطت في القيام بعمليات تعذيب بالوكالة من بينها مصر ووسط 525 صفحة، أفرجت عنها اللجنة، من التقرير الذي يحتوي على نحو 6 آلاف صفحة، اثبتت اللجنة تورط مصادر خارجية في “تعذيب بالوكالة” عن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في مراكز احتجاز سرية.

وذكر التقرير أسماء دول عربية عديدة، بعضها كان حليفا لأمريكا في ذلك الوقت، وبعضها كان يجاهره العداء، حيث وجدنا أسماء كل من “سوريا”، و”مصر”، و”الأردن”، و”المغرب“، و”ليبيا“.

وأدرج التقرير تلك الدول تحت ما أسماه دول تلقت ما يطلق عليه “التسليم الاستثنائي” للسجناء من قبل الولايات المتحدة، ضمن برنامج الاحتجاز والاستجواب، ليتم انتزاع اعترافات منهم في أماكن احتجاز سرية تابعة لتلك الدول، التي تشرف على عملية انتزاع المعلومات القسرية منهم.

قواعد صارمة

تعمدت “سي آي أيه” إرسال السجناء إلى الدول المذكورة، بسبب قواعدها الصارمة في معاملة السجناء، ومعرفة بأساليب التعذيب الأكثر إيلاما للسجناء، الذي قد ينتمي بعض منهم لتلك الدول، وهو ما أسماه التقرير “الاستعانة بمصادر خارجية من الأساس للتعذيب“.

استشهد التقرير بعدة أمثلة، على رأسها “ماهر عرار”، وهو مواطن كندي من أصل سوري، واعتقلته السلطات الأمريكية في نيويورك عام 2002، وأرسلته إلى سوريا، بسبب الاشتباه في صلاته بتنظيم القاعدة، وتعرض هناك لنحو 10 أشهر للضرب والجلد والصعق بالأسلاك الكهربائية بصورة منتظمة.

وقال عرار إن الأسئلة التي طرحت عليه في دمشق، هي ذاتها التي كانت تطرح عليه في نيويورك، وهو ما يعني أن هناك اتفاقا بين وكالة الاستخبارات والسلطات في دمشق، والتي كانت السياسة في العلن تفرقهما، ولكن التعذيب على ما يبدو والحسابات الخاصة والسرية جمعتهما.

يذكر أنه تعرض كتاب ومحللون أمريكيون كثر إلى مبدأ “الاستعانة بمصادر خارجية للتعذيب”، حيث سبق ونشر “جين ماير” تقريرا في 2005 بمجلة “نيويوركر” الأمريكية تطرّق فيه لعمليات الترحيل السري القسري للسجناء، وأكد أنها تتم دوما إلى مصر والمغرب والأردن وسوريا.

وبالعودة إلى التقرير، فتطرق أيضا إلى مثال آخر على “التعذيب بالوكالة”، وكان في تلك المرة بمصر، في الوقت الذي كان يحكم فيه البلاد حسني مبارك، وكان على علاقة قوية بأمريكا، ويسعى ألا تحاول زعزعة حكمه، الذي كان قد تخطى العشرين عاما في تلك الفترة.

الدفن الوهمي

وأشارت إلى أن أحد أبرز الذين تم ترحيلهم إلى مصر للتعذيب، هو من يطلق عليه “ابن الشيخ الليبي” أو “علي محمد عبد العزيز الفاخري”، الذي ألقي القبض عليه في أفغانستان عام 2001، وتم ترحيل الليبي من قِبل وكالة الاستخبارات المركزية إلى مصر، حيث عكف المحققون على تعذيبه، بعمليات “الدفن الوهمي” وغيرها من تقنيات وأساليب التعذيب المبتكرة، حتى قدم لهم اعترافا زائفا بأن العراق والرئيس صدام حسين منح تنظيم القاعدة تدريبا على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

والطريف أن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، استخدم هذا الادعاء الزائف في خطابه أمام الأمم المتحدة فبراير عام 2003، لتبرير غزو الولايات المتحدة للعراق.

توفي الليبي في سجن ليبي عام 2009، بعدما تم نقله إلى هناك، وبعد وقت قصير من مقابلة أجراها معه فريق من منظمة هيومن رايتس ووتش هناك.

لم تتوقف الأمثلة التي طرحها التقرير عند هذا الحد، بل امتدت إلى قضية اختطاف المصري “حسن مصطفى أسامة نصر” من شارع في مدينة ميلانو الإيطالية عام 2003، ثم أرسل إلى سجن في مصر، وتم تعذيبه هناك.

بعد الإفراج عن نصر، لعدم تورطه في أي نشاط إرهابي، رفع قضية على عملاء “سي آي أيه” وحكم قاض إيطالي على 22 من عملاء الوكالة غيابيا عام 2009 بالسجن ما بين سبع وتسع سنوات، ولكن الحكومة الإيطالية رفضت السعي قدما تجاه تسليم أولئك المطلوبين بسبب علاقاتها القوية مع الولايات المتحدة.

يكشف التقرير ما هو أبعد من ذلك، أيضا، حيث يؤكد أن الولايات المتحدة بدأت في إرسال المشتبه بهم في ضلوعهم بالإرهاب إلى مصر منذ عام 1995 في عهد الرئيس بيل كلينتون، ومصر قبلت ذلك، لأنه بالنسبة لها جزء لا يتجزأ من برنامجها للوصول إلى المشتبه في ارتباطهم بتنظيم القاعدة خوفا من استهداف القاهرة بأي عمليات إرهابية جديدة.

في أعقاب 11 سبتمبر

ولكن تم توسيع نطاق تلك العمليات في أعقاب استهداف برجي التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001، واعترف رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف في عام 2005 أن هناك ما بين 60 إلى 70 شخصا تم إرسالهم إلى مصر، من أصل ما يقدر بـ100 أو 150 معتقلا، بعثت بهم وكالة الاستخبارات المركزية إلى ليبيا، حيث العقيد معمر القذافي، وسوريا والأردن والمغرب.

وقالت مجلة “التايم” الأمريكية، إن تقرير الكونجرس يسير على نفس درب تقرير سابق أصدرته مؤسسة “المجتمع المفتوح the Open Society Foundations” عام 2013، والذي رصد حالات مشابهة للتي ذكرت في التقرير.

ومن ضمن تلك الحالات، كانت لمواطن أسترالي يدعى “ممدوح حبيب” تم إلقاء القبض عليه في باكستان، وأرسل إلى مصر ليتم استجوابه وتعذيبه وانتزاع الاعترافات منه.

أما حبيب فقال أمس لصحيفة “سيدني مورنينج هيرال” الأسترالية، إن “هذا التقرير يكشف أني شخص صادق وما أقوله هو الحق وتعرضت للظلم الكبير عند القبض علي وتعذيبي“.

وأكد حبيب أنه يجاهد من أجل مقاضاة الحكومتين المصرية والأمريكية والباكستانية أيضا؛ لأنها وافقته على ترحيله والقبض عليه، قبل أن يتم ترحيله إلى مصر، حيث تم تعذيبه، ومن ثم رحل إلى معتقل جوانتانامو قبل أن يفرج عنه عام 2005.

لكن حبيب قال إنه بعد التقرير الجديد الصادر، فإن لديه فرصة بأن يرفع قضية ضد حكومة الولايات المتحدة، ويتمنى أن تقف حكومة أستراليا إلى جانبه في هذا الأمر.

تعذيب قسري

كما أن هناك حالتين أخرتين، كشف عنهما تقرير الكونجرس، لاثنين من المصريين طلبا اللجوء إلى السويد، ولكن عملاء “سي آي أيه” أعادوهما إلى مصر “جوا”، رغم أن الحكومة المصرية أكدت أنها لن تعرض أي منهما للتعذيب، لكنها استخدمت معهما الصدمات الكهربائية حتى لا تترك آثارا مادية.

وبعد فتح تحقيق في هذا الأمر بالسويد حصل المصريين الاثنين من الولايات المتحدة على تعويض لكل منهما بقيمة نصف مليون دولار عام 2008 بسبب ترحيل عملاء “سي آي أيه” لهما قسرا إلى مصر بعدما قاما بتنويمهما عن طريق المخدر، حيث تم تعذيبهما خلال خضوعهما للتحقيق في تلك الفترة دون أن يثبت عليهما أي جرم.

وبالعودة مجددا لتقرير لجنة الشيوخ، تجد عددا من المعلومات التي تم محوها بصورة متعمدة، وكتب عليها معلومات سرية قد تمس الأمن القومي، والتي كان من بينها حادثة وقعت في عام 2004، حينما أمر وزير الخارجية الأمريكي سفير دولة (تم محو اسمها) حث البلد على فتح سجونها للجان الصليب الأحمر الدولية، وفي الوقت ذاته، كان هناك سجناء تابعين لوكالة الاستخبارات المركزية في تلك السجون، وهو ما دفع مسؤولو تلك الدولة إلى إحراج السفير والخارجية الأمريكية، التي تكتمت على الأمر حتى لا تحدث فضيحة دبلوماسية كبرى.

تطرق التقرير إلى ما أسماه “انتزاع معلومات قسرية غير منطقية من المتهمين”، وأشارت إلى ما قاله “خالد شيخ محمد” أحد أبرز أفراد تنظيم القاعدة، والمتهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر، والتي انتزع فيها المحققين منه اعترافات بأن التنظيم ينوي استهداف سفارة إسرائيلية في الشرق الأوسط، وتوقعت تل أبيب أن المستهدف إما سفارتها في القاهرة أو عمان، لأن ليس لها سفارات في المنطقة إلا بمصر والأردن، ولكنه قال، إن هناك “مؤامرة إرهابية في السعودية ضد إسرائيل”، وتل أبيب ليس لها أي علاقات دبلوماسية مع المملكة السعودية، ما جعل لجنة الكونجرس تدرك أن تلك المعلومات غير دقيقة وغير حقيقة وكان يسعى منها خالد تضليل محققو “سي آي أيه”، أو مجرد إرضائهم لإيقاف التعذيب نسبيا.

خالد شيخ محمد

من جهة أخرى كشف التقرير عن أن خالد شيخ محمد الذي تعتبره أمريكا أنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، أُخضع لعمليات الإيهام بالإغراق 183 مرة، وتمكن من تجاوزها بنجاح ليكون السجين الوحيد الذي تمكن من “إفشال نظام الاستجواب” بخلاف ما كان وكالة الاستخبارات المركزية CIA قد أعلنته في السابق.

الايهام بالغرق يتمثل في تقييد المعتقل وتثبيته على الأرض بحيث لا يستطيع الحركة مع وضع قطعة قماش أو ما شابه في فمه وتغطية وجهه بما يشبه كيسا بلاستيكيا،ثم سكب الماء على وجهه بحيث يتخيل انه يغرق.

التقارير المقدمة من CIA إلى المسؤولين كانت تشير إلى أن تقنيات “الاستجواب المشدد” التي تتضمن عمليات إيهام بالإغراق نجحت في انتزاع معلومات من شيخ محمد، ولكن المقابلة التي أجراها المفتش العام لـCIA مع المحققين المشرفين على الاستجواب أعطت صورة مغايرة تماما.

وورد في نص المقابلة مع المحققين أن شيخ محمد “كان يكره كثيرا تقنية الإيهام بالإغراق، ولكنه تمكن من إيجاد وسيلة للتغلب عليها والتعامل معها”.

وتنقل المقابلة عن أحد المحققين قوله إن شيخ محمد “تغلب على نظام الاستجواب وقهره” مضيفا أن القيادي المتشدد في تنظيم القاعدة كان يتفاعل بشكل أفضل مع أساليب الاستجواب غير العدائية.

وعلى غرار سواه من السجناء، كان شيخ محمد يدلي بمعلومات عند تعذيبه، ولكنه سرعان ما يتراجع عنها بعد توقف التعذيب، كما كان يقدم معلومات مغلوطة، كتلك التي أدلى بها في إحدى المرات حول مخطط لاغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، والتي قالت CIA عنها إنها “مفبركة”.

على صعيد آخر كشفت الدعاوى التي رفعت إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ تورط عدة دول أوروبية في قضية السجون السرية التي استخدمت للتحقيق تحت التعذيب مع مشتبه بهم بعد أحداث 11 سبتمبر.

ورصد التقرير طرق تعذيب أخرى استخدمتها الوكالة مثل استخدام الماء المثلج، والإيهام بالغرق، والضرب والتهديد، وإجبار المعتقلين على أوضاع مجهدة كإجبار المحققين للمعتقلين على الوقوف بشكل عمودي وتكبيل أرجلهم بالسقف لمدة تبدأ بثلاثة أيام وتصللثلاثة أشهر، بالإضافة إلى طريقة الحرمان من النوم فيذكر التقرير أن أقصى مدة كانت 96 ساعة وخضع لها ثلاثة معتقلين، وطرق تعذيب أخرى مثل الإجبار على التعري والتي وصفها قسم العدالة في الاستخبارات المركزية في مذكرة له عام 2005 أنها وسيلة “إحراج المعتقل” ولم يصفها بـ”الاعتداء الجنسي” أو “التهديد بالاعتداء الجنسي”.

إلا أن الـ500 صفحة وإن عُرض بهم طرق التعذيبوالدول التي بها مراكز اعتقال تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية والدول التي تعذب نيابة عن الأمريكان “تعذيب بالوكالة”، فإنه لم يُذكر فيه أي تفاصيل تتعلق بأسماء أبرز المعتقلين أو طبيعة وتفاصيل التعاون في عمليات التعذيب تلك بين الدول العربية وأمريكا، ولذلك كان الاعتماد في جزء كبير من تقريرنا على تقرير منظمة  Open Society Foundations الأمريكية بخصوص الدول العربية الشريكة في جرائم “سي آي إيه”.

وفي ما يلي عرض لطبيعة مشاركة 13 حكومة عربية في عمليات الاعتقال السرية والتسليم الاستثنائي لحساب “سي آي أيه”، والتي لم يذكر التقرير الصادر التفاصيل الكاملة لتلك المشاركات العربية والعالمية –البالغ عددها 54 حكومة- في عمليات التسليم والاعتقال لحساب الوكالة، نظرًا لأن معظم التفاصيل ظلت في منطقة “سرية جدًّا”.

الجزائر

من المرجح أن الجزائر استقبلت على الأقل ضحية تسليم استثنائي واحدة من محبس CIA، فيؤكد التقرير أن حكومة الجزائر سمحت باستخدام مجالها الجوي ومطاراتها في عمليات تسليم استثنائية لصالح “سي آي أيه”.

فقد تسلمت الجزائر في يناير 2004 المقاتل الجزائري جمالدي بو درة والذي كان متعاطفًا مع القضية الشيشانية، وكان قد اعتقل بواسطة “سي آي أيه” في وقت سابق، ومن المرجح أن الجزائر استقبلت أيضًا محمد بو الغيطي المعروف بـ”أبو ياسر الجزائري” والذي اعتقلته الوكالة وسلمته للحكومة الجزائرية في عملية تسليم سرية في يوليو 2006.

ويذكر أنه إلى الآن لم ترفع قضايا أو تم تحقيق من خلال البرلمان الجزائري في مشاركة الجزائر بعمليات الاعتقال والتسليم الاستثنائية لحساب “سي آي أيه”.

جيبوتي

سمحت حكومة جيبوتي باستخدام مجالها الجوي ومطاراتها في عمليات تسليم واعتقال استثنائية تمت بواسطة “سي آي أيه” وبعض ضباط الجيش الأمريكي، حيث من المعروف أن جيبوتي سمحت بإقامة قاعدة عسكرية أمريكية على أراضيها تحمل اسم ” ليمونير”.

فتذكر التقارير أن جيبوتي فتحت أراضيها لـ”عزل محمد الأسد” (يمني الجنسية) واعتقاله والاعتداء عليه لمدة أسبوعين تقريبًا قبل أن تنقله “سي آي أيه” إلى أفغانستان ليستمر اعتقاله، وفي عام 2004 نقلت “سي آي أيه” محمد علي إيسي (صومالي الجنسية) من سفينة بحرية أمريكية إلى كامب ليمونير، بالإضافة إلى اعتقال المواطن التنزاني سليمان عبدالله سالم، لمدة يوم في مبنى بقرب مطار جيبوتي؛ حيث تم الاعتداء عليه قبل إرساله جوًّا بواسطة “سي آي أيه” إلى أفغانستان.

بالإضافة إلى قضيتي محمد عبدالمالك وإسماعيل محمود محمد اللذين نقلا وحبسا في جيبوتي بمشاركة أمريكية، ويذكر أنه حتى الآن لم يتضح تورط سي آي أيه في هاتين العمليتين لأن التقارير ذكرت أن احتجاز الشخصين كان بواسطة ضباط من الجيش الأمريكي، وكان عبدالملك الذي يحمل الجنسية الكينية قد نقل بواسطة الضباط من كينيا إلى جيبوتي، وتم حبسه في حاوية شحن على قاعدة عسكرية أمريكية، وتم إرساله بعدها إلى أفغانستان، أما إسماعيل محمود محمد (صومالي الجنسية) يذكر أن السلطات في جيبوتي قبضت عليه بتوصية أمريكية لمدة ثلاثة أيام وسلموه بعدها إلى مسؤولي السجن الأمريكي في كامب ليمونير، ونقل بعدها إلى جوانتنامو في يونيو 2007 وتم إطلاق سراحه في ديسمبر 2009.

وقد سجل التقرير أرقام عدة رحلات طيران تابعة لشركة طيران ريكمور والتي كانت تنفذ عمليات نقل السجناء لصالح “سي آي أيه”، ورصد التقرير جميع رحلات الطيران التي هبطت على أرض جيبوتي في الفترة بين 2003 و2004 لتنفيذ عمليات لصالح الوكالة.

مصر

وصف التقرير جمهورية مصر العربية بـ”الدولة التي استقبلت أكبر عدد من المعتقلين الذين أرسلتهم الولايات المتحدة”، حتى أن رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف اعترف في 2005 أن الولايات المتحدة منذ 2001 أرسلت حوالي من 60-70 فردًا إلى مصر بدعوى “الحرب على الإرهاب”، وأكد التقرير أنه تكاد تكون الـ14 عملية نقل معتقلين المرصودة خلال ولاية كلينتون– قبل جورج بوش الابن- اتجهت جميعها لمصر.

وقد حاول عملاء الاستخبارات الأمريكية في أوائل عام 1995 ضم مصر كشريك أساسي في برنامج التسليم الاستثنائي والاعتقال، ويذكر أن مصر رحبت بالفكرة بسبب أن السلطات المصرية كانت تريد المساعدة في ملاحقة واعتقال المصريين المنتمين إلى تنظيم القاعدة،الذي يتشكل معظمه من مصريين.

ومنذ 11 سبتمبر 2001 سلمت الولايات المتحدة بشكل استثنائي إلى مصر العديد من المعتقلين أشهرهم محمد عمر عبدالرحمن، وأحمد عجيزة، وعلي محمد عبدالعزيز الفخيري (ابن الشيخ الليبي)، وممدوح حبيب، وعبدالسلام الحلة، ومحمد سعد إقبال مدني، وسيف الإسلام المصري، وأبو عمر (حسن مصطفى أسامة نصر)، وياسر تيناوي، ومحمد الزيري.

ويقدم التقرير رصدًا للسجون المصرية ومرافقها التي استخدمت في احتجاز واستجواب وتعذيب المعتقلين، حيث تضمنت العمليات سجون طرة، واستقبال طرة، ومزرعة طرة وملحق المزرعة، وليمان طرة ومستشفاه، وسجن العقرب المشدد.

ويضيف التقرير أن مصر سمحت باستخدام مطاراتها ومجالها الجوي لرحلات طيران مرتبطة ببرنامج الاستخبارات الأمريكية للاعتقال، حيث سمحت مصر لرحلات طيران تديرها شركة جيبسين داتبلان باستخدام مطاراتها ومجالها الجوي، بالإضافة إلى رصد خمس رحلات على الأقل تديرها شركة ريكمورللطيران، سمحت مصر بدخولها إلى مطاراتها من ضمنهم مطارات القاهرة وشرم الشيخ لنفس الغرض.

ويذكر أن ممدوح حبيب منذ إطلاق سراحه رفع دعوى قضائية ضد نائب الرئيس السابق عمر سليمان بوصفه مسؤولاً عن اعتقاله وتعذيبه في مصر قبل تسليمه استثنائيًّا إلى باكستان.

الأردن

سمحت الأردن مثل كافة الدول السابقة باستخدام مجالها الجوي ومطاراتها في عمليات تسليم المعتقلين، وبحسب تقرير الأمم المتحدة الصادر في 2001 فإن 15 سجينًا على الأقل قبض على معظمهم في كراتشي وباكستان وجورجيا بواسطة “سي آي أيه”قد تم تسليمهم لمسؤولي قسم المخابرات العامة الأردنية في عمّان، وذلك في الفترة بين 2001 و 2004.

ويذكر تقرير صادر عن منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن المعتقلين قبعوا داخل سجون المخابرات العامة الأردنية في وادي سير، ويؤكد التقرير أنهم تعرضوا للعنف والتعذيب بطلب مباشر من وكالة الاستخبارات الأمريكية.

وقد تضمنت عمليات التسليم والاعتقال من “سي آي أيه” إلى المخابرات العامة الأردنية العديد من الأفراد أشهرهم ماهر عرار، وحسن بن عطاش، وسامر حلمي البرق، ومسعد عمر بحيري، ومروان جبور، وأبو يوسف الجزائري، وخير الدين الجزائري، وإبراهيم أبو معاذ الجداوي، وجمال المرعي، وجميل قاسم سعيد محمد، وصلاح ناصر سالم علي قارو، وأبو بكر صديقي، وأبو علي الحاج الشرقاوي، وأبو حسن السوري، وأبو حمزة التبوكي.

وتذكر التقارير أنه في 31 أكتوبر 2003 اعتقلت المخابرات العامة الأردنية محمد فرج أحمد بشميله، واستجوبته، وهددته بالتعذيب ثم أجرت له صدمات كهربائية واغتصبت أفراد عائلته، ثم في 26 أكتوبر 2003 تم نقله إلى عملاء في الاستخبارات الأردنية قاموا بضربه وركله والاعتداء عليه جنسيًّا ثم تكبيله، ثم نقلوه بعد ذلك بطلب من “سي آي أيه” إلى قاعدة باجرام الأمريكية في أفغانستان.

 

ليبيا

كان سقوط نظام القذافي في ليبيا سببًا في ظهور وثائق وتقارير ومراسلات في سبتمبر 2011 يظهر فيها اقتراح النظام الليبي بتسليم الولايات المتحدة 11 معتقلاً على الأقل إلى السلطات الليبية، وبحسب التقارير فإن تلك العمليات تمت في الفترة التي أعلنت ليبيا تخليها عن برنامج الأسلحة غير التقليدية في عام 2004.

ووصفت تلك الوثائق الليبية في تقرير هيومن رايتس ووتش عام 2012 بأنها “وثائق تظهر بشكل تقريبي درجة التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحكومات غربية أخرى في ملاحقة معارضي القذافي وإعادتهم قسريًّا إلى ليبيا في مقابل التخلي عن برنامج الأسلحة غير التقليدية”.

وبرغم ما تؤكده الوثائق في طرابلس بأن الولايات المتحدة وضعت تأكيدات دبلوماسية مع ليبيا لضمان محافظتها على الحقوق الأساسية للمعتقلين لديها إلا أن هؤلاء المحتجزين تعرضوا للتعذيب والاعتداءات والعزل عن العالم الخارجي.

وتضمنت إحدى تلك الوثائق خطابًا من عملاء في “سي آي أيه” إلى ليبيا يخبرون السلطات الليبية فيه أنهم في وضع يمكّنهم من توصيل شيخ موسى إلى إحدى سجون ليبيا مثلما فعلوا مع زعيم الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة، والتي قادت فيما بعد عملية الإطاحة بالعقيد القذافي.

كما تشير الوثائق إلى تعاون “سي آي أيه” مع ليبيا لتسليم “أبو عبدالله الصادق” (عبدالحكيم بلحاج)، وذلك عام 2004 عندما كان الصادق عضوًا بارزًا من المنشقين عن الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة، وأصبح فيما بعد قائد عسكري متمرد ثم بعد سقوط نظام القذافي أصبح القائد الجديد للأمن في طرابلس، ويذكر الصادق أنه قبض عليه في بانكوك وتم تعذيبه بواسطة ضابطين في “سي آي أيه”، ثم تم تسليمه إلى ليبيا واستجوابه هناك على يد جاسوسيْن بريطانييْن، وتم الاعتداء عليه وتعذيبه.

بالإضافة إلى احتواء الوثائق على معلومات تفيد بتعاون تم بين ليبيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتسليم سامي السعدي الذي تم القبض عليه هو وعائلته في مطار هونج كونج عام 2004، وأعيد إلى ليبيا وظل قابعًا في السجن حتى أطلق سراحه بعد ستة أعوام.

 موريتانيا

قامت موريتانيا برصد واعتقال واستجواب أفراد تعرضوا للاعتقال السري والتسليم الاستثنائي من قبل “سي آي أيه”، وكان هؤلاء الأفراد قد اعتقلوا في الأساس في موريتانيا ثم نقلوا بعدها إلى سجن الولايات المتحدة، ومن ضمن هؤلاء المعتقلين صالح هدية أبو عبدالله الدعيكي، ومصطفى سالم علي المداغي، ومحمدوه ولد صلاحي (أبو مصعب).

وكانت السلطات الموريتانية قد ألقت القبض على الدعيكي (ليبي الجنسية) في 12 أكتوبر 2003 واعتقلته وحققت معه، وبعد أسبوعين من الاعتقال أخبرته السلطات الموريتانية أنها غير مستفيدة من اعتقاله، ولكن الولايات المتحدة تريد استمرار حبسه، وتم نقله إلى المغرب بواسطة “سي آي أيه” بعد استمرار اعتقاله لأسبوعين آخرين.

أيضًا اعتقلت السلطات الموريتانية المداغي (ليبي الجنسية) في فبراير 2004، وتم استجوابه بواسطة محققين أجانب وضباط في المخبارات الموريتانية، وفي مارس 2004 تم نقله إلى المغرب واحتجازه في منشأة اتضح فيما بعد أنها أنشئت بواسطة الأمريكيين.

وسلم صلاحي (أبو مصعب) –موريتاني الجنسية- نفسه للعرض على المحققين الموريتانيين عام 2001، وبعد ذلك تم نقله إلى سجن تابع لـ “سي آي أيه” في أميركا، وفي نوفمبر 2001 تم نقله استثنائيًّا إلى الأردن، وذكر أنه تعرض للتعذيب هناك لمدة ثمانية أشهر، ثم في يوليو 2002 تم نقل (أبو مصعب) إلى القاعدة الجوية الأمريكيةباجرام في أفغانستان واحتجز هناك لمدة ثلاثة أسابيع، وأخيرًا تم نقله إلى جوانتنامو في أغسطس 2002 وهو قابع هناك حتى الآن.

المغرب

تعتبر هيوالعراق الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين استضفن سجون تابعة لـ “سي آي أيه” على أراضيهما، وتتضمن قائمة الأفراد الذين أرسلتهم “سي آي أيه” إلى سجون المغرب أبو القاسم بريطل، ونور الدين، وبنيام محمد، وكانت الوكالة قد نقلت أبو بريطل إلى المغرب في مايو 2002 حيث تعرض للتعذيب لأكثر من ثمانية أشهر في سجن تمارة، كما نقلت “سي آي أيه” في يوليو 2002 بنيام محمد إلى المغرب حيث كسرت عظامه من قبل المحققين أثناء ضربه، كما تعرض للتهديد بالصعق الكهربائي والاغتصاب والموت، حتى قام معذبوه بقطع أعضائه التناسلية وسكب الماء الساخن عليها أثناء تقطيعها.

بالإضافة إلى الدعيكي الذي نقل إلى المغرب من موريتانيا وظل محتجزا فيها لمدة شهر، والمداغي الذي نقل إلى المغرب أيضًا وحبس في منشأة أمريكية، بالإضافة إلى المعتقل حسن غول، وعمار البلوشي، وجوليد حسن دوراد، ورضوان إسلام الدين (حنبلي)، وعبدالرحيم النشيري، ورامز بن الشيبة، وأبو زبيدة.

وذكر التقرير أن المغرب استقبلت على أراضيها منشأتين تابعتين لـ “سي آي أيه” لتضما المعتقلين السريين، أولاهما مركز معتقل تمارة في جنوب الرباط، والذي أنشأته خدمات الأمن الداخلي المغربية، والمنشأة الثانية تم بناؤها في عين العودة بالقرب من الرباط بواسطة المغرب وبمساعدات أمريكية، ويقبع في هذا المعتقل بالتحديد المشتبه فيهم من أعضاء القاعدة.

ويؤكد التقرير تورط شركة جيبسن داتبلان في هبوط طائرات تابعة لها على أراضي الرباط لتنفيذ عمليات تسليم معتقلين سريًّا، بالإضافة إلى تورط شركة طيران ريكمور في هبوط سبع طائرات تابعة لها على أرض المغرب في عام 2004.

المملكة العربية السعودية

قامت السعودية باحتجاز أفراد قبل وبعد تعرضهم للاعتقال السري في سجون تابعة لـ “سي آي أيه” في أميركا، حيث اعتقلت السعودية في يونيو 2003 المواطن السعودي علي عبدالرحمن الفقاسي الغامدي، وذلك قبل اختفائه بعد إرساله إلى أميركا ليقبع في سجون “سي آي أيه”، وأشار تقرير لجنة 11 سبتمبر عن الغامدي بأنه الخاطف المشتبه به في هجمات 2001، إلا أنه في يوليو 2006 أدرج اسمه في قائمة “الإرهابيين غير الخطرين”.

أما المواطن السعودي الآخر وهو إبراهيم أبو معاذ الجداوي كان قد سجن في المملكة بعد تسليمه إلى الأردن واحتجازه فترة هناك.

الصومال

منذ 2002 وحتى الآن تبذل الولايات المتحدة جهودًا في محاربة الإرهاب في الصومال،ومن أجل عودة تعاون قادة الفصائل وضباط سابقين في الشرطة والجيش، فيذكر التقرير أن “سي آي أيه” عينت أمراء حرب سابقين لخطف المشتبه فيهم من الميليشيات، وبحسب أحد قادة الميليشيات الصومالية والذي يعمل بالتعاون مع الولايات المتحدة أنه تم القبض على 17 مشتبهًا بهم في مقديشو فقط، واتضح فيما بعد براءة ثلاثة منهم.

وفي عام 2003 قام محمد ديري أحد قادة الحرب ومعه فريقه الذين يعملون بالوكالة لصالح “سي آي أيه” بخطف وضرب سليمان عبدالله سالم في مقديشو وكسروا أصابعه وأسنانه، وتم نقله بعدها إلى نيروبي عبر المطار، واحتجز هناك في سجن تابع لكينيا لمدة ثمانية أيام، ونقل بعدها إلى سجن تابع لـ “سي آي أيه”، ثم إلى الصومال مرة أخرى ثم إلى جيبوتي، ومنها إلى سجن سري تابع لـ “سي آي أيه” في أفغانستان.

بالإضافة إلى عمليات اختطاف واحتجاز وتسليم استثنائي قام بها قائد الحرب الصومالي السابق محمد أفراح قنايري بمساعدة ميليشاته بأمر من “سي آي أيه”.

سوريا

وصف التقرير سوريا باحتوائها لأكثر المعتقلات شيوعًا لاحتجاز المشتبه فيهم، وسلمت “سي آي أيه” استثنائيًّا حوالي تسعة أفراد لسوريا فقط في الفترة بين ديسمبر 2001 وأكتوبر 2002، وتعتبر قضية تسليم واعتقال المواطن السوري الكندي ماهر عرار الأكثر شهرة، والذي تم القبض عليه في نيوورك بواسطة “سي آي أيه” عام 2002 وتم تسليمه إلى سوريا لاحتجازه.

وتضمنت عمليات التسليم والاعتقال السرية عرار، وعبدالحليم دلك، ونور الدين، وعمر غرامش، وبهاء مصطفى جاغل، وبراء عبداللطيف، ومصطفى ست مريم نصار (أبو مصعب السوري)، وياسر تيناوي، ومحمد حيدر زمار.

ويعتبر سجن “فرع فلسطين” في غربي دمشق من أشهر السجون التي تضم معتقلي الخلايا الطائفية، وأيضًا كان يتم الاحتجاز في منطقة أخرى تسمى “القبر”، والتي تنقسم إلى عنابر فردية بالكاد يضم الواحد منه تابوتًا، وذكر المعتقلون أن وسائل التعذيب ضمت “الكرسي الألماني” وهو عبارة عن إطار كرسي يتم تمديد العمود الفقري عليه ومن ثم ضربه والضغط عليه.

الإمارات العربية المتحدة

رصدت دولة الإمارات واعتقلت عددًا من الأفراد الذين تعرضوا لعمليات تسليم واعتقالات سرية بأوامر من “سي آي أيه”، وتتضمن القائمة الباكستاني قاري سيف الله أخطر (أمير حركة الأنصار) والذي نقل من دولة الإمارات إلى باكستان في أغسطس 2004، ومن المرجح أنه قبع في سجن سري تابع لـ “سي آي أيه”.

بالإضافة إلى قيام دولة الإمارات بالقبض على اليمني سند الكاظمي في يناير 2003، وذلك قبل نقله في أغسطس 2003 إلى سجن “سي آي أيه”، وذكر الكاظمي أنه تم تعذيبه في معتقل منعزل لمدة ثمانية أشهر في أحد سجون الدولة.

وبنفس الطريقة فإن وكلاء لـ “سي آي أيه” في دبي تمكنوا من رصد عبدالرحيم النشيري (سعودي الجنسية) وقبضوا عليه في دبي في نوفمبر 2002، ونقل بعدها إلى معتقل سري تابع لـ “سي آي أيه”.

 

اليمن

اعتقل ضباط أمريكيون محمد الأسد واعتدوا عليه في سجون سرية تابعة لـ “سي آي أيه” قبل إرساله سريًّا إلى اليمن، وكان الأسد قد حاول السفر بوثائق مزورة أدين على إثرها، وقضى مدة عقوبة داخل اليمن وخارجها.

أما اليمني اليمني خالد عبدو أحمد صالح المختري فقد قضى فترة احتجاز في منشأة أمريكية في أفغانستان، وبعدها نقل إلى سجن الأمن السياسي في صنعاء ليقضي فيه 16 يومًا فقط، لينقل بعدها إلى سجن في مدينة الحديدة اليمنية، ويطلق سراحه في النهاية في مايو 2007.

ونقل محمد فرج أحمد بشميله من أفغانستان إلى معتقل في عدن،بالإضافة إلى صلاح ناصر علي الذي أرسل جوًّا إلى اليمن في مايو 2005، وأطلق سراحه في مارس 2006.

وتبين تقارير منظمة العفو الدولية أن الضباط اليمنيين يأخذون أوامر مباشرة وصريحة من الحكومة الأمريكية لاستمرار اعتقال الرجال الثلاثة (محمد الأسد، ومحمد فرج أحمد بشميله، وصلاح ناصر سليم علي قاري).

العراق

تعتبر العراق من الدول التي سمحت بإنشاء سجون تابعة لـ “سي آي أيه” على أراضيها مثل سجن “أبو غريب”، ويذكر التقرير أيضًاعمليات اعتقال لبعض العراقيين.

أحد أبرز العراقيين التي أوصت “سي آي أيه” باعتقاله هو نشوان عبدالرزاق عبدالباقي (عبدالهادي العراقي)، والذي كان زعيم مخططي عمليات القاعدة في أفغانستان، والذي رصدته السلطات التركية في 2006 وأرسلته إلى الولايات المتحدة، وقبع داخل سجون “سي آي أيه” حتى أواخر 2006، ونقل بعدها إلى جوانتنامو عام 2007.

بالإضافة إلى المواطن العراقي عمر الفاروق الذي قبض عليه في بوجور في إندونيسيا عام 2002، وقبع في النهاية في سجن قاعدة باجرام حتى استطاع الهرب عام 2005، وقتل على يد القوات البريطانية في البصرة عام 2006.

العفو تدين

ومن جهتها، دعت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاسبة المخطئين الذين كشف عنهم تقرير التعذيب، الذي قدمه رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ديان فينستين.

وقالت مديرة مكتب المنظمة في الأمريكتين، إريكا جويفارا روزاس، في تصريح لها، “إن هذا التقرير يقدم تفاصيل لانتهاكات لحقوق الإنسان صرحت بها أعلى سلطات في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر“.

وأضافت روزاس أن هذا التقرير يعد رسالة تحذير للولايات المتحدة التي ينبغي أن تكشف الحقيقة الكاملة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان وأن تحاسب المخطئين وتضمن العدالة للضحايا وهذا ما يتطلبه القانون الدولي. مؤكدة أن المعلومات التي كشف عنها تقرير التعذيب تذكرة بفشل الولايات المتحدة الكامل لإنهاء الإفلات من العقاب وتمتع بذلك هؤلاء الذين صرحوا واستخدموا التعذيب وسوء المعاملة.

كما رصد التقرير طرق التعذيب التي اتبعها مسئولي الوكالة أثناء استجوابهم للمتهمين الذين تم اعتقال أغليهم من أفغانستان وباكستان ومنطقة الشرق الأوسط.

ووصف موقع “USA Today” الأمريكي هذه العمليات بأفلام الرعب الغارقة في الدماء، مشيرا إلى أن طرق التعذيب تعكس الوحشية الطائشة للاستخبارات الأمريكية المركزية. ونشر الموقع قائمة بأنواع التعذيب التي رصدها التقرير واستخدمتها الوكالة الأمريكية مع تقديم بعض الأمثلة، واصفا عمليات التعذيب لا تتناسب مع ضعاف القلوب.

الحرمان من النوم

تم حرمان أبو جعفر العراقي 102 ساعة من النوم بوضعه واقفا خلال هذه المدة

ووفقا للتقرير، فإن الاستخبارات الأمريكية، قامت بتعرية أبو جعفر العراقي، وأجرت تلاعبا بنوعية طعامه، كما تعرض لصفعات وإهانات وضربات في البطن، وأوضاع مجهدة، علاوة على وضعه في مياه بدرجة 44 فهرنهايت لمدة 18 دقيقة. كما تم تقييده في وضع الوقوف 54 ساعة للحرمان من النوم وإحداث أورام في أسفل قدميه، وكذلك تجلط الدم في رجليه، ثم نقله إلى وضع الجلوس لتمديد الحرمان من النوم إلى 78 ساعة. وبعد تراجع الورم تم إعادته مجددا إلى وضع الوقوف.

استمر حرمان أبو جعفر من النوم إلى 102 ساعة، لكن بعد 4 ساعات فقط من النوم تم تعريضه من جديد إلى 52 ساعة إضافية من الحرمان من النوم، وبعد ذلك أقر مسؤولي الاستخبارات المركزية له 8 ساعات نوم فقط بين كل 48 ساعة بدون نوم.

كان يتم وضع غلال شديدة في يد المعتقلين وسماعات كبيرة على أذانهم تدمر قدراتهم السمعية خلال نقلهم على متن طائرة إلى السجون

جاء في التقرير “معتقلو الاستخبارات الأمريكية ينقلون بواسطة طائرات ويتم وضع قناع على وجههم وتقييدهم بالأغلال بشدة في أيديهم ورجولهم، كما تقوم الوكالة بوضع سماعات كبيرة على أذانهم للقضاء على قدرتهم على الاستماع، وعادة ما كان يتم لصق هذه السماعات في رأس المعتقل مع شريط لاصق حول رأسه حتى لا يتمكن من اسقاطها”.

وتابع: “وضعت سي أي أيه لمعتقليها حفاضات ولم يتم السماح لهم باستخدام المراحيض على متن الطائرة، كما أن المعتقلون يربطون في أحد مقاعد الطائرة خلال عملية النقل أو ربطه على أرضية الطائرة أفقيا مثل البضائع”.

أوضاع مؤلمة

تضمن التقرير: “تحدث مكتب المفتش العام عن تقنيات غير مصرح بها تم استخدامها ضد عبد الرحيم النشبري، بواسطة ضابط بالاستخبارات الأمريكية ومحققين آخرين، منها صفعه عدة مرات على مؤخرة رأسه أثناء الاستجواب وتهديده  باحضار والدته واغتصابها أمامه ونفث دخان السجائر في وجهه، وكذلك اعطاءه حمام قصري وفرشة استحمام قاسية، إضافة إلى استخدام أوضاع مجهدة بدائية والتي تسببت في جروح وكدمات استدعت تدخل طبيب الذي عبر عن قلقه من خلع أكتاف الناشري خلال عمليات التعذيب”.

وفي نوفمبر 2002، أمر ضابط تابع للاستخبارات المركزية بتقييد جول رحمن إلى جدار زنزانته في وضع يتطلب النوم عاريا على أرضية خرسانية، وقد كان رحمن يرتدي قميص فقط وقد أمر الضابط إزالة ملابسه بعد الحكم عليه بانه غير متعاوم خلال الاستجوابات الأولى. وفي اليوم التالي، وجد الحراس جول رحمن ميتا، وبعد تقرير داخلي للسي أي أيه وتشريح الجثة تبين أن رحمن مات من انخفاض حرارة الجسم وذلك بعد ان تم اجباره على الجولس على أرضية خراسانية عاريا”.

تعرض خالد شيخ محمد لـ 183 مرة إيهام بالغرق عن طريق سكب المياه في أنفه وفمه

أحد الأساليب الشنيعة التي استخدمتها السي أي أيه ضد المعتقلين، فوفقا للتقرير: ” فقد تم إيهام خالد شيخ محمد –المتهم غالبا بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر- بالغرق 183 مرة. أنها نوع يحاكي الغرق، حيث يتم ربط المعتقل على لوح ويتم سكب المياه في فمه وأنفه”.

 

واستطرد: “خلال هذه الجلسات، تناول خالد شيخ محمد كمية كبيرة من المياة، وتفيد سجلات السي أي أيه أنه تعرض لانتفاخ في البطن وكان يتقيأ المياه بمجرد الضغط على بطنه، ونتج عن ذلك أضرار منها تخفيف حمض المعدة بسبب المياه الزائد، ومع ذلك لم يعبر الضابط الطبيب عن قلقه من الأضرار التي تحدث في منطقة المريء نتيجة تخفيف حمض المعدة، ولكنه خشى من حدوث تسمم لجسمه وانخفاض أملاحه”، مضيفا: “نصح الضابط باستخدام مياه مالحة أثناء عمليات الايهام بالغرق ضد خالد شيخ محمد”.

من يرفض تناول الطعام أو المياه كان يجبر على التغذية المستقيمية

يتم اجبار المعتقلين الذين يرفضون الطعام أو المياة على تناول الاكل والشراب عن طريق المستقيم، فبحسب التقرير: “قدم ضابط تايع للسي أي أيه وصف لهذه العملية موضحا: تعليق أنبوب المستقيم في فتحة IV يتم إجراءاها في جسم المعتقل، ومن ثم يتدفق الغذاء ويصل إلى الأمعاء الكبرى”.

تغذية عبر المستقيم

واستكمل التقرير: “بمراجعة العملية التي تعرض لها خالد شيخ محمد بعد رفضه شرب المياه بإجراء تسقية عن طريق المستقيم، حيث كتب الضابط: وضع أنبوب يصل بقدر ما يستطيع عن طريق إجراء فتحة IV واسعة”.

ورصد التقرير تعرض حالة أخرى لعملية تغذية مستقيمية، حيث تم إيصال أنبوب تغذية تضم وجبة مهروسة من الحمص والمكرونة وصلصة وزبيب، بجسمه عبر المستقيم.



علامات الظهور  خلاصة الاحداث التي تقع قبيل الظهور وبعده

مع أن القرآن الكريم بنفسه معجزة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم الخالدة في كل عصر ، فإن من معجزاته المتجددة أيضاً ما أخبر به صلى الله عليه وآله وسلم عن مستقبل البشرية ومسيرة الإسلام فيها ، إلى أن يجئ عصر الإسلام الموعود ، فيظهره الله على الدين كله.

وعصر ظهور الإسلام هو موضوع هذا الكتاب. وهو نفسه عصر ظهور الإمام المهدي الموعود عليه السلام ، لا فرق بينهما في أحاديث البشارة النبوية التي تبلغ مئات الأحاديث ، والتي رواها الصحابة والتابعون ، وأصحاب الصحاح والمجاميع ، على اختلاف مذاهبهم.

بل نراها تبلغ مئات الأحاديث إذا أضفنا إليها أحاديث الأئمة من اهل البيت عليهم السلام لأن ما يحدثون به إنما عن جدهم خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم.

والصورة التي ترسمها هذه الأحاديث لوضع العالم في عصر الظهور وخاصة لوضع منطقة الظهور ، التي تشمل اليمن والحجاز وإيران والعراق وبلاد الشام وفلسطين ومصر والمغرب ، صورة شاملة ، فيها الكثير من الأحداث الكبرى ، والعديد من التفاصيل ، وأسماء الأمكنة ، والأشخاص.

وقد سعيت أن أستخلصها من النصوص بأكثر ما يمكن من الوضوح والتسلسل والدقة ، لتكون في متناول جماهيرنا المسلمة المباركة.

وفي هذا الفصل أعرض خلاصة عامة لعصر الظهور ، قبل تفاصيله :

تذكر الأحاديث الشريفة أن حركة ظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه تبدأ في مكة المكرمة بعد تمهيدات عالمية وإقليمية.

فعلى صعيد المنطقة تقوم دولتان مواليتان للمهدي عليه السلام في إيران واليمن.

أما أنصاره الإيرانيون فتقوم دولتهم قبله بمدة ، ويخوضون حرباً طويلة وينتصرون فيها ، ثم يظهر فيهم قبيل ظهوره عليه السلام شخصيتان هما السيد الخراساني القائد السياسى ، وشعيب بن صالح القائد العسكرى ، ويكون للإيرانيين بقيادتهما دور هام في حركة ظهوره عليه السلام.

وأما أنصاره اليمانيون فتكون ثورتهم قبل ظهوره عليه السلام ببضعة أشهر. ويبدو أنهم يساعدون في ملء الفراغ السياسي الذي يحدث في الحجاز ، كما يمهدون لحركة ظهوره عليه السلام.

وسبب هذا الفراغ السياسي في الحجاز أنه يقتل ملك من آل فلان اسمه ( عبد الله ) فيكون آخر ملوك الحجاز ، ويختلفون بعده على خليفته ، ويستمر اختلافهم إلى ظهور المهدي عليه السلام :

( أما إنه إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله ، ويذهب ملك السنين ويكون ملك الشهور والأيام. قال أبو بصير فقلت : يطول ذلك؟ قال : كلا ).

ويتحول الخلاف بعد مقتل هذا الملك إلى صراع بين قبائل الحجاز :

( إن من علامات الفرج حدثاً يكون بين الحرمين. قلت وأي شيء يكون الحدث؟ فقال : عصبية تكون بين الحرمين ، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً ).

أي يقتل شخص خمسة عشر زعيماً أو شخصية ، من القبيلة المعادية له ، أو من أبناء زعيم معروف معادين له.

وفي الإمامة والتبصرة ص١٣۰ : ( عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم؟ يتبرأ بعضكم من بعض؟! فعند ذلك تميزون وتمحصون وتغربلون ، وعند ذلك اختلاف السيفين وإمارة من أول النهار ، وقتل وخلع من آخر النهار ).

في هذه الأثناء تبدأ آيات ظهور المهدي عليه السلام ، ولعل أعظمها النداء من السماء باسمه في الثالث والعشرين من شهر رمضان :

( قال سيف بن عميرة : كنت عند أبي جعفر المنصور فقال ابتداء : يا سيف بن عميرة لا بد من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب.

فقلت : جعلت فداك يا أمير المؤمنين ، تروي هذا؟

قال : إي والدي نفسي بيده ، لسماع أذني له.

فقلت له : يا أمير المؤمنين إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا!

قال يا سيف ، إنه لحق ، فإذا كان ذلك فنحن أول من يجيب ، أما إنه نداء إلى رجل من بني عمنا.

فقلت : رجل من ولد فاطمة؟

قال : نعم يا سيف ، لولا أني سمعته من أبي جعفر محمد بن علي ولو يحدثني به أهل الأرض كلهم ما قبلته منهم ، ولكنه محمد بن على! ).

بعد هذا النداء السماوي يبدأ المهدي عليه السلام بالإتصال ببعض أنصاره ويكثر الحديث عنه في العالم ويلهج الناس بذكره ( ويُشربون حبه ) كما تذكر الأحاديث ، ويتخوف أعداؤه من ظهوره ، فينشطون في البحث عنه.

ويشيع عند الناس أنه يسكن المدينة المنورة ، فتستدعي حكومة الحجاز أو القوى الخارجية جيش السفياني من سورية ، من أجل ضبط الوضع الداخلي في الحجاز ، وإنهاء صراع القبائل فيه على السلطة.

ويدخل هذا الجيش إلى المدينة المنورة فيلقي القبض على كل هاشمي يظن فيه ، ويقتل الكثير منهم ومن شيعتهم ، ويحبس الباقين.

ويبعث السفياني بعثاً أي جيشاً إلى المدينة فيقتل بها رجلاً ، ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم لا يترك منهم أحد إلا أخذ وحبس. كما تقول رواية ابن حماد

ويخرج الجيش في طلب الرجلين ، ويخرج المهدي منها على سنة موسى عليه السلام خائفاً يترقب ، حتى يقدم مكة.

وفي مكة يواصل المهدي عليه السلام اتصالاته ببعض أنصاره ، حتى يبدأ حركته المقدسة من الحرم الشريف في ليلة العاشر من محرم بعد صلاة العشاء ، حيث يلقي بيانه الأول على أهل مكة ، فيحاول أعداؤه قتله ، ولكن أنصاره يحيطون به ويدفعونهم عنه ، ويسيطرون على المسجد ومكة.

وفي صبيحة اليوم العاشر من محرم يوجه الإمام المهدي عليه السلام بيانه إلى شعوب العالم بلغاتهم المختلفة ، ويدعوهم إلى نصرته.

ويعلن أنه سيبقى في مكة حتى تحدث المعجزة التي وعد بها جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي الخسف بالجيش الذي يتوجه إلى مكة للقضاء على حركته. وبالفعل تقع المعجزة الموعودة بعد فترة قصيرة حيث يتوجه جيش السفياني إلى مكة

( حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به. وذلك قول الله عز وجل : ( وَلَوْ تَرَ‌ىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِ‌يبٍ ).

( حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ، فيرجع من كان أمامهم لينظر مافعل القوم فيصيبهم ما أصابهم. ويلحق بهم من خلفهم لينظر ما فعلوه فيصيبهم ما أصابهم ).

وبعد معجزة الخسف هذه ، يتوجه الإمام المهدي عليه السلام من مكة بجيشه المكون من بضعة عشر ألفاً إلى المدينة المنورة ، فيحررها بعد معركة صغيرة مع القوات المعادية التي تكون فيها.

وبتحرير الحرمين يتم له فتح الحجاز والسيطرة عليه.

وفي طريقه من الحجاز الى العراق يلتحق به جيش الإيرانيين وجمهورهم بقيادة الخراساني وشعيب بن صالح فيبايعونه ، ويدخل الإمام بعد ذلك إلى العراق ويصفي أوضاعه الداخلية ، فيقاتل بقايا قوات السفياني ويهزمها ، ويقاتل فئات الخوارج المتعددة ويقتلهم ، ويتخذ العراق مركزاً لدولته ، والكوفة عاصمة له.

ويكون بذلك قد وحد اليمن والحجاز وإيران والعراق وبلاد الخليج تحت حكمه.

وتذكر بعض الروايات أن أول حرب يخوضها الإمام المهدي عليه السلام بعد فتحه العراق تكون مع الترك : ( أول لواء يعقده يبعثه إلى الترك فيهزمهم ).

وقد يكون المقصود بهم الأتراك ، أو الروس لأنه ورد التعبير عن كل الأمم الشرقية بأمم الترك!

ثم يُعدُّ الإمام المهدي عليه السلام جيشه الكبير ويزحف به نحو القدس ، فيتراجع أمامه السفياني حتى ينزل جيش المهدي عليه السلام في ( مرج عذراء ) قرب دمشق ، وتجري مفاوضات بينه وبين السفياني فيكون موقف السفياني أمامه ضعيفاً ، خاصة وأن التيار الشعبي العام يكون إلى جانب الإمام المهدي عليه السلام ، ويكاد السفياني أن يسلم الأمر إليه كما تذكر بعض الروايات ، ولكن الذين وراءه من اليهود والروم ووزرائه يوبخونه ، ويعبئون قواتهم ويخوضون معركة كبرى مع الإمام المهدي عليه السلام وجيشه تمتد محاورها من عكا في فلسطين إلى أنطاكية في تركيا ساحلياً ، ومن طبرية إلى دمشق والقدس داخلياً. وينزل فيها الغضب الإلهي على قوات السفياني واليهود والروم فيقتلهم المسلمون ، حتى لو اختبأ أحدهم وراء حجر لقال الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله. وينزل النصر الإلهي على الإمام المهدي عليه السلام فيدخل القدس فاتحاً.

ويتفاجأ الغرب المسيحي بهزيمة اليهود والقوات المساعدة لهم ، على يد المهدي عليه السلام فيستشيط غضباً ويعلن الحرب على الإمام المهدي والمسلمين ولكنه يتفاجأ بنزول المسيح عليه السلام من السماء ، ويكون نزوله آية للعالم يفرح بها المسلمون والشعوب المسيحية.

ويبدو أن المسيح عليه السلام هو الذي يقوم بالوساطة بين المهدي عليه السلام والغربيين ، فيتفقون على عقد هدنة سلام مدتها سبع سنوات :

( بينكم وبين الروم أربع هدن ، تتم الرابعة على يد رجل من أهل ( آل ) هرقل ، تدوم سبع سنن. فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستور بن غيلان : يا رسول الله ، من إمام الناس يومئذ؟ قال : المهدي من ولدى ، ابن أربعين سنة ، كأن وجهه كوكب درى ، في خده الأيمن خال ، عليه عباءتان قطوانيتان ، كأنه من رجال بني إسرائيل. يستخرج الكنوز ، ويفتح مدائن الشرك ).

ولعل السبب في أن الغربيين ينقضون هذه الهدنة بعد سنتين أو ثلاث كما تذكر الروايات ، أنهم يتخوفون من التيار الذي يحدثه المسيح عليه السلام في شعوبهم فيدخل كثير منهم في الإسلام ، ويؤيدون الإمام المهدي عليه السلام. لذلك ينقض الروم الهدنة ويقومون بهجوم مباغت على منطقة بلاد الشام وفلسطين بنحو مليون جندى : ( ثم يغدرونكم فيأتونكم تحت ثمانين راية كل راية اثنا عشر ألفاً ).

ويعلن المسيح موقفه إلى جانب الإمام المهدي عليه السلام ، ويصلي خلفه في القدس. وتدور المعركة معهم على نفس محاور معركة فتح القدس تقريباً ، من عكا إلى أنطاكية ، ومن دمشق إلى القدس ومرج دابق ، وتكون الهزيمة الساحقة على الروم ، والنصر المبين للمسلمين.

وبعد هذه المعركة ينفتح الباب أمام المهدي عليه السلام لفتح أوروبا والغرب المسيحى.

ويبدو أن كثيراً من بلادها تفتحها شعوبها التي تقوم بإسقاط حكوماتها المعادية للمسيح والمهدي عليه السلام ، وتقيم فيها حكومات موالية لهما عليهما السلام.

وبعد فتح المهدي الغرب ودخوله تحت حكمه وإسلام أكثر أهله ، يتوفى المسيح عليه السلام فيصلي عليه الإمام المهدي عليه السلام والمسلمون ، ويقيم مراسم دفنه دفنه والصلاة عليه على مرأى من الناس ومسمع ، كما تذكر الرواية ، حتى لا يقول الناس فيه ما قالوا أول مرة ، ويكفنه بثوب من نسج أمه الصديقة مريم عليها السلام ، ويدفنه إلى جانب قبرها الشريف في القدس.

وبعد فتحه العالم وتوحيده في دولة واحدة. يعمل الإمام المهدي عليه السلام في تحقيق الأهداف الإلهية في شعوب الأرض ، في المجالات المختلفة. فيقوم بتطوير الحياة المادية وتحقيق الغنى والرفاهية لجميع الناس ، وتعميم الثقافة ، ورفع مستوى الوعي الديني والدنيوى.

 

وتذكر بعض الأحاديث أن نسبة ما يضيفه إلى معلومات الناس في العلوم نسبة خمس وعشرين إلى اثنين ، حيث يضيف الخمس وعشرين جزءا من العلم ويضمها إلى الاثنين ويبثها في الناس سبعاً وعشرين.

كما يتحقق في عصره عليه السلام انفتاح سكان الأرض على سكان الكواكب الأخرى ، بل تبدأ مرحلة انفتاح عالم الغيب على عالم الشهادة ، فيأتي أناس من الجنة إلى الأرض ويكونون آية للناس ، ويرجع عدد من الأنبياء والائمة عليهم السلام إلى الأرض في زمن المهدي عليه السلام وبعده ، ويحكمون إلى ما شاء الله من الزمان.

ويبدو أن حركة الدجال الملعون وفتنته ، تكون حركة استغلال منحرفة لحالة الرفاهية وتطور العلوم الذي يصل إليه المجتمع البشري في عصر الإمام المهدي عليه السلام ، فيستعمل الدجال أساليب الشعوذة لإغراء الناس ، ويتبعه اليهود والنواصب والشاذون والشاذات ، ويستعمل الحيل والمخاريق والألاعيب فيصدقه بعض الناس أو يشاركونه في شيطنته فيحدث في العالم فتنة. لكن الإمام المهدي عليه السلام يكشف زيفه ، ويقضي عليه وعلى أتباعه.

هذه صورة عامة عن حركة المهدي الموعود عليه السلام وثورته العالمية.

أما العصر الذي تحدث فيه ، فهذه أبرز معالمه وأحداثه :

من ذلك الفتنة التي تذكر الأحاديث أنها تحدث على الأمة الإسلامية وتصفها بأنها تكون آخر الفتن التي تمر عليها وأصعبها ، حتى تنجلي بظهور المهدي المنتظر عليه السلام.

ومن الملفت حقاً أن الأوصاف الكلية والتفصيلية لهذه الفتنة تنطبق على فتنة الغربيين وسيطرتهم على بلاد المسلمين في مطلع هذا القرن ، وعلى حلفائهم الشرقيين أيضاً. فهي فتنة تشمل كل بلاد المسلمين وكل عائلة فيها : ( حتى لا يبقى بيتٌ إلا دخلته ولا مسلمٌ إلا صكته )!

وتتداعى فيها الأمم الكافرة على بلاد المسلمين كما يتزاحم الجائعون النهمون على مائدة دسمة : ( وعندها يأتي قوم من المغرب وقوم من المشرق فيلون أمر أمتي )! أي يحكمون بلاد المسلمين.

وهي فتنة تبدأ من بلاد الشام ، التي بدأ أعداؤنا منها مدهم الإستعماري المظلم ، وسموها مركز الإشعاع الحضارى.

وتنتج عنها فتنة تسميها الأحاديث الشريفة باسمها ( فتنة فلسطين ) وتصفها بأنها تمخض بلاد الشام مخض الماء في القربة :

( إذا ثارت فتنة فلسطين تردد في بلاد الشام تردد الماء في القربة ، ثم تنجلي حين تنجلي وأنتم قليل نادمون )!

أي قليلون لكثرة ما يقتل منكم ، بيد أعدائكم وبيد أنفسكم.

وتصف الأحاديث أجيال أبناء المسلمين الذين ينشؤون على ثقافة هذه الفتنة حتى لا يكادون يعرفون غيرها.

وتصف الحكام الجبابرة الذين يحكمون شعوب المسلمين بأحكام الكفر والأهواء ، ويسومونهم سوء العذاب.

وتسمي الروم أصحاب هذه الفتنة ، وإخوان الترك الذين يرجح أن يكون المقصود بهم الروس ، وأنهم عندما تتفاقم الأحداث في سنة ظهور المهدي عليه السلام ، ينزلون قواتهم في الرملة بفلسطين وفي أنطاكية على الساحل التركي السورى ، وفي الجزيرة عند الحدود السورية العراقية التركية :

( فإذا استثارت عليكم الروم والترك. ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الأرض... ستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة ، وستقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة ).

وتذكر الأحاديث الشريفة أن بداية ظهور المهدي عليه السلام يكون من المشرق : ( يكون مبدؤه من قبل المشرق ، وإذا كان ذلك خرج السفياني ).

أي مبدأ التمهيد له عليه السلام على يد قوم سلمان أصحاب الرايات السود ، وأن حركتهم تكون على يد ( رجل من قم يدعو الناس إلى الحق. يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد ، لا تزلهم الرياح العواصف ، لا يملون من الحرب ولا يجبنون ، وعلى الله يتوكلون. والعاقبة للمتقين ).

وأنهم بعد خروجهم وثورتهم يطلبون من أعدائهم ( الدول الكبرى ) أن يتركوهم وشأنهم فلا يتركونهم :

( يطلبون الحق فلا يعطونه ، ثم يطلبونه فلا يعطونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فيعطون ماسألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا. ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم ( أي المهدي عليه السلام ). قتلاهم شهداء ).

وتذكر الأحاديث أنهم تظهر فيهم شخصيتان موعودتان يسمى أحدهما الخراساني وهو فقيه مرجع أو قائد سياسى ، والثاني شعيب بن صالح وهو قائد عسكرى ، شاب أسمر خفيف اللحية ورد أنه من أهل الرى ، وأنهما يسلمان الراية إلى الإمام المهدي عليه السلام ويشاركان مع جيشهما في حركة ظهوره ويكون شعيب بن صالح القائد العام لقواته عليه السلام.

وتصف الأحاديث حركة في سوريا يقوم بها ( عثمان السفياني ) الموالي للروم والمتحالف مع اليهود ، وأنه يوحد سوريا والأردن تحت حكمه : ( السفياني من المحتوم ، وخروجه من أوله إلى آخره خمسة عشر شهرا. ستة أشهر يقاتل فيها ، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً )!

والكور الخمس تشمل بالإضافة إلى سوريا ، الأردن كما تدل الأحاديث ، ويحتمل أن تشمل لبنان. ولكن هذه الوحدة التي يحققها السفياني لبلاد الشام تكون وحدة غير مباركة ، لأن الغرض منها أن تكون خط دفاع ( عربي ) عن إسرائيل ، وقاعدة مواجهة للإيرانيين الممهدين للمهدي عليه السلام.

ولذلك يقوم السفياني باحتلال العراق فتدخله قواته :

( ويبعث مئة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة ، وينزلون الروحاء والفاروق ، فيسير منها ستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة ، موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة...

كأني بالسفياني ( أو بصاحب السفياني ) قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة ، فنادى مناديه : من جاء برأس ( من ) شيعة علي فله ألف درهم. فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم ).

ثم يكلفونه أن يملأ الفراغ السياسي الذي يحدث في الحجاز ، ويساعد حكومته الضعيفة للقضاء على حركة المهدي عليه السلام التي يلهج الناس بها ، ويتوقعون بدايتها في مكة ، فيرسل السفياني جيشه إلى الحجاز ، ويدخل المدينة المنورة ويعيث فيها فساداً ، ثم يقصد مكة المكرمة حيث يكون الإمام المهدي عليه السلام قد بدأ حركته ، فتقع المعجزة الموعودة على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جيش السفياني فيخسف به قبل وصوله إلى مكة : ( يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه جيش ، حتى إذا كانوا بالبيداء بيداء المدينة خسف بهم )!

ثم يتراجع السفياني بعد هزيمته في العراق على يد الإيرانيين واليمانيين ، وهزيمته في الحجاز بالمعجزة على يد المهدي عليه السلام ، ويجمع قواته داخل بلاد الشام لمواجهة زحف الإمام المهدي عليه السلام بجيشه نحو دمشق والقدس.

وتصف الروايات هذه المعركة بأنها ملحمة كبرى ، تمتد من عكا إلى صور إلى أنطاكية في الساحل ، ومن دمشق إلى طبرية والقدس في الداخل ، وأن الغضب الإلهي ينزل على السفياني وحلفائه اليهود والروم فيهزمون هزيمة ساحقة ويؤخذ السفياني أسيراً ويقتل.

ويدخل الإمام المهدي عليه السلام والمسلمون القدس.

كما تذكر الأحاديث حركة أخرى ممهدة للمهدي عليه السلام تحدث في اليمن. وتمدح قائدها ( اليماني ) وتوجب على المسلمين نصرته :

( وليس في الرايات أهدى من راية اليمانى ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس. وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فإن رايته راية هدى. ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم )!

وتذكر بعض الروايات دخول القوات اليمانية إلى العراق لمساعدة الإيرانيين في مواجهة قوات السفيانى. كما يبدو أن لهذا اليماني وقواته دوراً هاماً في الحجاز ، في نصرة الإمام المهدي عليه السلام.

وفي مصر تذكر الروايات دخول قوات غربية أو مغربية إلى مصر ، وأنه على أثرها يكون خروج السفياني في بلاد الشام.

وتذكر أن الإمام المهدي عليه السلام يجعل لمصر مكانة إعلامية خاصة في العالم ، ويتخذها منبراً له. وتصف دخوله مع أصحابه إلى مصر : ( ثم يسيرون إلى مصر فيصعد منبره فيخطب الناس ، فتستبشر الأرض بالعدل. وتعطي السماء قطرها ، والشجر ثمارها ، والأرض نباتها ، وتتزين لأهلها ، وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرق الأرض كالأنعام. ويقذف في قلوب المؤمنين العلم فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم. فيومئذ تأويل هذه الآية : يغني الله كلاً من سعته ).

وتذكر أحاديث عصر الظهور أن اليهود في آخر الزمان يفسدون في الأرض ويعلون علواً كبيراً ، كما أخبر الله تعالى في كتابه ، وأن تدمير علوهم يكون على يد رايات تخرج : ( من خراسان فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء ). أي في القدس ، وأن الإيرانيين والشيعة هم القوم الذين سيبعثهم الله تعالى هذه المرة على اليهود : ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) ، وقد يكون المقصود أن عمدة جيش الإمام المهدي عليه السلام الذي يفتح القدس يكون منهم.

ولا تحدد الأحاديث هل يكون هذا التدمير الموعود مرحلة واحدة ، أم على مراحل قبل ظهور المهدي عليه السلام وبعده. لكنها تصف المرحلة النهائية ، وأنها تكون على يد المهدي عليه السلام وجيشه ، وذلك في معركة كبرى يكون فيها عثمان السفياني حاكم بلاد الشام واجهة اليهود الروم ، وخطهم الدفاعي المباشر.

وتذكر أن الإمام المهدي عليه السلام يستخرج أسفار التوراة الأصلية من غار بأنطاكية ، ومن جبل بفلسطين ، ومن بحيرة طبرية ، ويحتج بها على اليهود ، ويظهر لهم الآيات والمعجزات ، فيسلم له بعض من بقي منهم بعد معركة فتح القدس. ثم يخرج من لم يسلم منهم من بلاد العرب.

كما تصف الأحاديث الشريفة حرباً عالمية تكون قبيل ظهور المهدي عليه السلام ، يكون سببها من المشرق ، ويفهم من بعض أحاديثها أنها تكون في سنة الظهور على شكل حروب إقليمية ( وتكثر الحروب في الأرض ) ، وأن خسائرها تتركز على أمريكا وأوروبا : ( وتشب نار في الحطب الجزل في غربي الأرض ).

( يختلف أهل الشرق وأهل الغرب نعم وأهل القبلة ، ويلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف ).

وتذكر أن خسائرها مع الطاعون الذي يكون قبلها وبعدها تبلغ ثلثي سكان العالم ، ولاتصل إلى المسلمين إلا بشكل ثانوى :

( لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس. فقلنا : إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ قال : أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي ).


وتشير بعض الرويات إلى أن هذه الحرب تكون على مراحل ، وأن آخر مراحلها تكون بعد ظهور المهدي عليه السلام وتحريره الحجاز ودخوله العراق. وأن سببها يكون له ارتباط بالفراغ السياسي وأزمة الحكم في الحجاز.