الاثنين، 24 أكتوبر 2011

التحالف المقدس بين امريكا واسرائيل

المقاومة أولاً وثانياً واخيراً
يجمع العرب والمسلمون الذين يجاوز عددهم المليّار على أنّ الكيان الصهيوني يصرّ على إذلالهم وتحطيم كرامتهم والدوس على مقدساتهم و ذبح رجالهم ونسائهم وأطفالهم و إحراق قراهم وإستئصال زيتونهم وأسر قبلتهم الأولى و تهويد هويتها و سرقة مياههم وأرضهم .وأمام هذه الغطرسة الصهيوينة يتوزّع المنطق السياسي العربي والإسلامي في كيفية التعاطي مع الكيان الصهيوني الغاصب على محورين , فالمحور الأولى وتمثلّه الأقلية السلطوية التغريبيّة والتطبيعية فترى أنّ خيار الحل السياسي هو الأمثل في التعامل مع الحالة الصهيوينة ورغم إنفتاح هذا المحور على الكيان الصهيوني تطبيعا وتعاونا سياسيّا وتجاريّا وإقامته لأعراس السلام الوهميّة مع الكيان الصهيوني إلاّ أنّ أصحاب هذا المحور لم يوقفوا الحركة الصهيونية المتجسدّة في مؤسسات الدولة العبرية المدنية والعسكريّة من الإيغال في دمويتها وتجبرّها وتطرفها الأعمى وسياسة حصاد الرؤوس والأجساد التي تنتهجها, ويتمتّع أصحاب هذا المحور بنفوذ واسع وبولاءات عميقة للإرادات الدوليّة ويسعون لفرض هذا التوجّه على المستضعفين في خطّ طنجة – جاكرتا .والمحور الثاني يتبنى خيّار المقاومة و الجهاد والنضال ضدّ الكيان الصهيوني حتى يمحى بشكل كامل من أرض العرب والمسلمين ومثلما كان معدوما في الماضي القريب يجب أن يستمر معدوما في راهن الإيّام وقابلها , ويتكتّل حول هذا المحور الأغلبية الساحقة المستضعفة في العالم العربي والإسلامي و المحرومة من صناعة أي فعل جهادي ومقاوم ضدّ الكيان الصهيوني بسبب حالات الطوارئ السائدة في العالمين العربي والإسلامي , وبسبب مواثيق السلام المزيفّة مع كيّان الدم الصهيوني وبسبب الخوف الرهيب من الولايات المتحدّة الأمريكية التي تعتبر المساس بأمن الكيّان الصهيوني مساس بأمنها .وعلى رغم إيمان المليار مسلم بأنّ أرض فلسطين السليبة لن تسترجع إلاّ بالجهاد والنضال إلاّ أنّ هذا المليار لم يتمكن من تحويل القول إلى فعل , و النيّة إلى مصداق . ولو تحققّ ذلك لزالت إسرائيل نهائيا من الوجود , وهنا لا داعي لإعادة التأكيد بأنّ خيار المقاومة و الجهاد ضدّ الكيان الصهيوني هو الموصل فعليّا إلى النتائج السياسية و الميدانية التي تحقق الهدف المركزي للعرب والمسلمين و هو تحرير فلسطين .
و إذا كان الأمر كذلك فلابدّ من إعادة ترتيب الأولويّات في الساحات العربية والإسلامية بحيث يتمّ التأكيد على أنّ الهدف الأساس والمركزي للعرب والمسلمين هو تحرير فلسطين و على كل تيّار وفصيل أن يضع إستراتيجية لتحقيق هذا الهدف وفي أسرع وقت حتى لا يسترسل الكيان الصهيوني في إنتاج التصدّع والإحباط في واقعنا العربي والإسلامي . وقبل إطلاق هذه الإستراتيجيات وتفعيل مصاديق المقاومة على الأرض لابدّ من تحديد المعوّقات الفعلية للفعل المقاوم و الذي أثبت تاريخنا العربي والإسلامي أنّه به لا بغيره تتحررّ بلادنا من محتليها وغاصبيها بالحديد والنار , و يمكن حصر معوقات الفعل المقاوم في أربع عوامل أساسيّة و هي الكيّان الصهيوني والذي تقوم إستراتيجيته على نسف وقتل وإحراق وتهشيم رأس كل من يفكّر في إزالة هذه الآفة السرطانية الإسرائيلية من أهمّ منطقة حيوية في الجغرافيا العربية و الإسلامية , وثانيا الولايات المتحدة الأمريكية التي تمدّ الكيان الصهيوني بكل أسباب القوة العسكرية والسياسية و الإقتصادية والأمنية وتوفّر له الغطاء الشرعي في المحافل الدوليّة , وثالثا النظام الرسمي العربي الذي يجرّم الفعل المقاوم ويعتبره وسيلة بدائية والذي أغلق الحدود ومنع تدفق المقاومين عبر الحدود الجغرافية المختلفة وحرص على الأمن الإسرائيلي والأمريكي أكثر منه على سلامة الشعب الفلسطيني و أرضه المحتلة , ورابعا النخب الحداثية والتطبيعيّة في العالم العربي والإسلامي والتي تعتبر أنّ المنطق الصائب يكمن في معانقة الصهاينة وطيّ صفحات الماضي وعقد مصالحة بين العرب واليهود لأنّ المرحلة تقتضي ذلك ولأنّ موازين القوة الدولية ليست في إتجاهنا بل في إتجّاه الكيان الصهيوني .و لن يتطور الفعل المقاوم للكيان الصهيوني إلاّ إذا رسمت إستراتيجيات في كيفية التعامل مع هذه المعوقات وإلحاق الهزيمة بها إن أمكن وإضعافها قدر المستطاع لأنّ ضعفها سيؤدّي إلى رجحان الكفّة للفعل المقاوم الذي لا ولن تتحررّ فلسطين إلاّ به , ومهما كثرت الأقوال والتنظيرات بشأن جدوى الحلّ السياسي و ضرورة مواصلة الإجتماعات الأمنية في الغرف المغلقة فإنّ كل ذلك يتداعى بصاروخ واحد تطلقه طائرة الأباشي الأمريكية الصهيونية على جمجمة من جماجم أطفالنا ورجالنا وشيوخنا في فلسطين المحتلة , ثمّ لم نسمع يوما أنّ الكيان الصهيوني بكل مؤسساته الأمنية تأثرّ لخطاب سياسي غاضب أو إعتصام سياسي عربي حاشد لكنّه يقيم الدنيا ولا يقعدها إذا أصيب في أمنه القومي بفعل ضربات المجاهدين و أحرار الرجال في فلسطين المحتلّة . ولن يكتب لفلسطين أن تعود إلى أبنائها وإلى جغرافيتها العربية و الإسلامية إلاّ إذا أصبحت المقاومة عنوانا و شعارا ومنهجا وإستراتيجية للفلسطينيين والعرب والمسلمين , وبدون ذلك ستظلّ فلسطين في الأسر الصهيوأمريكي !! لعبت وتلعب أمريكا والكيّان الصهيوني أكبر الأدوار في تحطيم العالم العربي والإسلامي وعرقلته عن الإنطلاق الحضاري , و قد باتت الولايات المتحدة الأمريكية متداخلة بواقعنا السياسي إلى درجة أنّها أصبحت تصيغ دقائق الأمور في بلادنا , فلم تكتف أمريكا بتعيين الحكّام الطغاة الذين أشبعونا ذلّة وتبعية و إنكسارا و تركيعا لصالح أمريكا بل راحت ترسم السياسات التي يجب إتباعها و الخطوط الحمراء التي يجب التوقّف عندها , فالقمة العربية تنعقد بإذنها , و هذا المنتوج يصنّع بموافقتها , و هذا المنهج التربوي يرخّص برضاها , و لم تكتف بهذا التداخل الكبير بواقعنا كل واقعنا بل راحت تغزو بلادنا إنطلاقا من قواعد عربية أمريكية منتشرة من المحيط وإلى الخليج وعلى الأراضي العربية التي حررّها سابقا ملايين الشهداء ودحروا بدمائهم وأرواحهم الحركات الإستعمارية في بلادنا . ولا يمكن لأي رئيس عربي وقبل أن يخطو أي خطوة حتى من قبيل الذهاب إلى المرحاض قبل أن يستمزج رأي أمريكا من خلال سفيرها في هذه العاصمة العربية وتلك , بل إنّ أمريكا تحددّ للحاكم العربي متى يذهب إلى مخدع زوجته أو عشيقاته , ولأنّ رؤساءنا يعرفون جيدا الفقه الأمريكي وحلال أمريكا وحرامها أكثر من معرفتهم بحلال الإسلام وحرامه فإنّهم يحسبون ألف حساب لغضب أمريكا , فأمريكا تحرّم الوحدة العربية ولذلك يزحف حكامنا بإتجاه الخصام والتهاجي و سبّ بعضهم البعض , و أمريكا تحرّم إقامة منشئات تقنية و تكنولوجية عالية المستوى ولذلك يحرص حكامنا على عدم التفكير في أي صناعة نهضوية مادامت المصانع الأمريكية تلبّي حاجيات الأسواق العربية , وأمريكا تحرّم العزّة ولذلك أشبعنا حكامنا ذلة وخنوعا وأنوثة و خنثوا الذكور فينا . وأمريكا تحرّم الشجاعة والإقدام والمواقف الرجولية ولذلك يلوذ حكامنا بغرس رؤوسهم في الرمال و عجزوا حتى عن التلاقي لكرع الخمرة بشكل جماعي حتى لا نقول أنّهم يلتقون من أجل قضايا الأمة . وقد أدّى التحالف الإستراتيجي و الكبير بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدّة الأمريكية إلى تركيع العرب والمسلمين خصوصا وأنّ الإستراتيجية الصهيونية كما الأمريكية تنص على ضرورة تحطيم بلاد العرب والمسلمين وسلب كل الخيرات التي منحت لأشخاص لا يعرفون قيمتها كما يدعّي العقل الصهيوني والعقل الأمريكي . وأنعكس هذا التعاون الإستراتيجي على كسر عظام العرب و المسلمين و توافق الشيطانان على قطف رؤوس كل الأحرار الذين يريدون الخير والعزّة للأمة العربية و الإسلامية , فأمريكا تقتل بدم بارد في أفغانستان والعراق و الصومال وغيرها من المناطق العربية والإسلامية وإسرائيل تقتل بدم بارد في فلسطين المغتصبة وآخر الإغتيالات طاولت الشيخ المقعد أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي رحمهما الله وأسكنهما فسيح جنّاته. وقد تعززّ هذا التعاون الإستراتيجي بين فراعنة العصر في أمريكا وتل أبيب في اللقاء الذي جمع بين جورج بوش الإبن وآرييل شارون في واشنطن حيث تمّ التصديق على إستراتيجية كسر عظام المسلمين و تحطيم رقابهم وأذرعم من خلال وأد القضية الفلسطينية و القضاء على شموعها وباعثي الديناميكية فيها و من خلال إبقاء الإحتلال الأمريكي على العراق والذي سيكون المنطلق بإتجاه بسط السيطرة الأمريكيّة الإسرائيلية على العالم العربي والإسلامي . وبات واضحا للمرّة المليون أنّ أمريكا هي إسرائيل الكبرى وأنّ إسرائيل هي أمريكا الصغرى فهما وجهان لعملة واحدة , وبناء عليه على كل القوى الحيّة السياسية والفكرية والإعلامية و النقابية و المهنية و قوى المجتمع المدني أن تحددّ إستراتيجيتها في إستجماع الطاقات في تحطيم المارد الأمريكي الصهيوني الذي يعمل على تركيع وإستضعاف وإحتقار و ظلم العرب والمسلمين والذين ستظلّ أمريكا وإسرائيل جاثمتين على صدورهم مانعة إياهم من إلتقاط الأنفاس من خلال الحكام الطغاة الذين يسيروننا وفق المشروع الأمريكوصهيوني و من خلال خروج المارد الأمريكي الصهيوني من قمقمه و شروعه في سياسة الأرض المحروقة , حيث يعمل الثنائي الشيطان على قتل جغرافياتنا من خلال سرقتها وإحتلالها ومن خلال قتل الإنسان القادر على صناعة الرؤية لشعوب سببّ لها حكامها داء العمش وعمى الألوان . وبقاء الشيطانين على تحالفهما وهجمتهما الشرسة على العالم العربي والإسلامي معناه بقاء أغلال التخلف في أيدينا وعقولنا و إلى أجل غير مسمى , و قيّام الجميع بتحديد أولويّة الأوليات في تدمير شارون والحركة الصهيوينة و كسر ذراع الأمركة المتصهينة هو المدخل الصحيح بإتجّاه العزّة المرتقبة , وبدون ذلك سنخبط خبط عشواء..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق