الاثنين، 17 أكتوبر 2011

إلى أين يا مصر؟

الأقباط ثاروا ضد الجيش والسلفيين واستفزوا القوات المتواجدة
التصويـــر موجــــه مباشـــر للبيــت الأبيـــض..
واستغاثـــات بالهواتـــف: إلحقونــــا.. قتلونـــا!!
شهادة للتاريخ يرويها من موقع الأحداث: ناجــى هيكــل
كنت بصحبة زميل فى الطريق إلى عملى بمجلة الإذاعة والتليفزيون وما أن اقتربنا من فندق رمسيس هيلتون المجاور لمبنى التليفزيون المصري حتى هالنا روع المنظر.. آلاف يجوبون الشووارع جرياً منهم من يحمل العصي وآخرون يحملون الصليب وهذا يعتدى على سيارات واقفة فى الشوارع وسيدات يعولن ويصرخن بصوت مرتفع، على الفور أدركت أن مظاهرة ما قامت أو أن الثورة عادت من جديد وهناك جرحى وقتلى ونواح ونحيب وهتافات هنا وهناك تارة ضد السلفيين وأخرى ضد الجيش.. وآخرون يهتفون "مسيحى ومسلم إيد واحدة" وهناك من يطالبهم بالكف عن هذه الشعارات.. وتحولت الساحة حول مبنى التليفزيون ورمسيس هيلتون إلى موقع تبادل إطلاق النار وتحول المكان إلى موقعة فلسطينية حيث تمكن الأخوة الأقباط من "خلع" بلاط الأرضيات وتكسيره وألقوه على جنود الجيش والشرطة التى تحمى المكان وتؤمنه.
وعلى أعلى الكوبرى المواجه لمبنى الهيلتون وجدت أناس يجوبون الشارع بسرعة رهيبة ونداءات تحثهم على التقدم تجاه مبنى التليفزيون فانضممت إليهم "كراً وفراً" لأجد سيلاً من الحجارة فوق رأسى على رجال الشرطة المتواجدين عند مدخل الكوبرى من جهة ماسبيرو حتى سقط أحد الجنود قتيلاً مما جعل الجيش يصعد الكوبري لتفرقتهم ولكنهم ظلوا يرشقون رجال الأمن بالحجارة حتى أطلق أحدهم رصاصة تجاه رجل الأمن من مسدسه فأرداه صريعاً ورجع الجيش للوراء قليلاً فتقدم أحد الأخوة والتقط سلاحه "مدفع رشاش" فما كان من الجيش إلاَّ وبادلهم إطلاق الرصاص وهنا تعالى الصراخ فهنا قتيل وهناك آخر.. واشتدت الوطأة.
اقتربت من بعض الوقوف وقلت له لماذا كل هذا؟
أجابنى: ايه اللى وقفك هنا.. مش آنت مسلم؟
قلت له: احنا مصريين مفيش مسلم ومسيحى.. كلنا أهل.
رد بعصبية غريبة: إحنا مش أهل ولا حاجة.. من النهار ده بيننا وبينكم عداوة .. انتوا بتقتلونا؟؟
قلت له: يا عم نا جنبك أهه ولما مسيحى بيقع بيتهيأ لى إنى بأتألم عنك.
قال لى: لو عايز تساعدنا قول زينا: الشعب يريد إسقاط المشير.
قلت له: طيب عايزين البديل.. كيَّل السباب لمصر واللى فيها.. جيشها وشعبها وناسها وأهلها.. وقال لى: كفاية انكم بتاخدوا فلوسنا "من أمريكا" وبتخزوقونا بيها .. هذا بالنص؟
قلت له إهدى شوية؟
قال: وأهدى ليه.. انتوا خليتوا فينا عقل؟
قلت له مين دول؟
أجاب بلهجة حادة: انتوا والجيش والسلفيين.
قلت له وما دخلنا بالأمر.. قال تطالب بإسقاط المشير.
قلت له يعنى لو انا طالبته بالرحيل عن السلطة حتستريح وابقى عملت اللى عليَ؟
قال: أيوه وتبقى مصرى بجد.
ناديت وحدى فى فضاء القاهرة: يا مشير امشى.
وسيبته أنا كمان ومشيت إلى أسفل الكوبرى بجوار الهيلتون لأجد إحدى الفتيات تحمل "اللاب توب" وتكتب فى عجلة رسائل، فتقربت منها، وسألتها: بعتى لأمريكا؟
ظنت أنى شريكها فى الدين وأجابت بلهجة حادة: طبعاً.
انتظرت حتى انتهت من الكتابة و النت فصل بعد دقائق.. وتبادلنا أطراف الحديث وعرفت بأنى مسلم فقالت اعتبر نفسك مكاننا.. قلت لها ايه سبب البلاوى دى كلها؟
قالت فى هدوء تام: ينفع الحكومة تهد لكم مسجد؟
قلت لها: مش نهاية العالم وحصل والحكومة أزالت العديد من المساجد بحجة أنها مبنية على أراض زراعية، ولم يتحرك ساكن.. ومنعت ترخيص بناء المساجد فى المناطق الغير آهله بشكل كبير بالسكان.. ولم يتكلم أحد.
قالت: محصلش.
قلت لها والله حصل.. وبعدين ايه اللى حصل لكل ده يعنى؟
قالت: محافظ أسوان مضى ورق لبناء كنيسة وبعدين قال محصلش ورفض بنائها.
قلت لها: وإيه يعنى.. متستاهلش واحد يموت ممكن تعبروا عن مشاكلكم بصورة أفضل.. ممكن وقفات احتجاجية فى ميدان التحرير وبيننا وبينه خطوة ومن غير ضرب ولا بهدلة.
قالت: جنب مبنى التليفزيون أفضل لوصول صوتنا لكل العالم.
قلت لها: ولو فى ميدان التحرير العالم كله حيشوفكم ويسمعكم.
قالت: احنا اختارنا المكان ده بالتوجيه؟
قلت لها: من وجهكم؟.. فلم ترد.
قلت لها يا أختى: بصى التعدى على مبنى التليفزيون تعدى على هيبة الدولةولن يسمح أحد من الجيش أو الشرطة بهذا وحتدافع بكل وسيلة عن هذا المبنى الذى يعد رمزاً للبلد وإسقاطه يعنى إسقاط الدولة.
قالت: يلعن أبو الدولة واللى فيها.
ثم جاءت موجة أخرى من البشر تلهث فى سرعة كبيرة.. فأخذتنا فى طريقها حتى مبنى مؤسسة أخبار اليوم لنجد القتلى والجرحى نتيجة إطلاق النار وتبادل الضرب بين الأقباط والجيش.. تم نقلى القتلى والجرحى إلى مبنى رمسيس هيلتون.
وقفت قليلاً أتابع الموقف فوجدت الجيش يضع موتوسيكلات بعرض الطريق قبل الحاجز الشائك ثم خلفه الحواجز الحديدية.. فعدت مرة أخرى إلى مبنى هيلتون لأجد الشباب وقد خرج بعضهم عن شعوره ليعتدى على كل ما فى الشارع فيحملون العصي وينهالون تكسيراً على كل ما يقابلهم من فتارين المحلات والسيارات "المركونة" بجوار الهيلتون.. فناديت عليهم: يا شباب حرام دى أملاك ناس ملهاش ذنب.
رد أحد الشباب: دى حاجات مسلمين؟
الرد صدمنى.. فقلت له: يا أخى أنا مسلم وواقف جنبك أهه.. وكل صحابنا مسيحيين.. مينفعش كده.. واستمروا فى طريقهم ليحطموا كل ما يقابلهم من سيارات ومحلات.
فى لحظات وجدنا علب المولوتوف يرميها الشباب على الجنود المتمركزين تجاه التليفزيون عند مدخل الكوبرى المجاور للهيلتون حتى تقدمت إحدى المدرعات التى نشبت فيها النيران فقفز منها السائق فالتقطته أيدى المتظاهرين فانهال كل الحضور عليه ضرباً حتى أردوه صريعاً.. والتهمت النار السيارة المدرعة تماماً، فتقدم الجيش مرة أخرى لإبعاد المتظاهرين فتلقوا وابلاً من الحجارة والمولوتوف مرة أخرى.
شاهد من أهلها..
اقتربت من شخص حوله ناس كثيرون فتبين لى أنه يدعى أسعد منصور فاقتربت منه وسألته: هل ما تراه الآن يصح؟
فرأيته حزيناً من انفلات الأمور.
قلت له ما الذى أشعل الأمر هكذا؟
فقال: القمص متياس نصر -كاهن كنيسة العذراء بعزبة النخل- ورئيس تحرير الكتيبة الطبية "منه لله" واقفاً فوق سيارته يحرض الأقباط فى منازلهم وشرفاتها بالنزول إلى الشارع والانضمام إلى المسيرات والمظاهرات..
وعندما وصلنا إلى ماسبيرو فوجئنا منا من يقومون بإشعال النيران فى سيارات مدرعة للقوات المسلحة وما اتبع ذلك من سقوط ضحايا بين صفوف القوات المسلحة التى اضطرت للرد بإطلاق نيران في الهواء والتحرك بالمدرعات تجاه المتظاهرين مما تسبب فى إصابة بعضهم.
شهيد تحت الطلب
المثير للدهشة أن لافتات الاستغاثة إلى العالم وأن الأقباط تهاجمهم القوات المسلحة المصرية كانت معدة مسبقاً قبل اندلاع أي أحداث أو مشاكل وحتى قبل وصول المسيرة إلى مبنى ماسبيرو وهذا ما تأكدت منه من بعض الشباب الذى كان يشارك المظاهرات أعلى كوبرى 6أكتوبر المواجه للأحداث.
الغريب أننى شاهدتُ عشرات من شباب الأقباط يرتدون أكفاناً معنونة: "شهيد تحت الطلب" ويتقدمون المسيرات قبل اندلاع الأحداث وقبل وصول المسيرة إلى ماسبيرو مما يؤكد أن هناك نية لوقوع مشاكل وتيقن بأن الأمر لن يمر بسلام وأن هناك هدف مسبق بإشعال الأمر
إنه لمنظر مؤسف يندى له الجبين حسرة وألماً.. الأخوة الأقباط يكرون ويفرون هتافاً ضد الجيش والمسلمين وكأن الأمور مقصودة، ويبدو أن مشعلى نار الفتنة الطائفية هذه المرة تمكنوا من نزع فتيل قنبلة التشرذم واستطاعوا أن يزكموا أنوف الوطن وينم عن حقد دفين للمسلمين واصفين بأن الجيش لهم.. فإلى متى ستستمر هذه الأمور التى تعطل منافذ التنمية فى البلاد وتغلق كل أبواب ما كان يحلم به المصريون من تقدم وازدهار نتاج ثورة يناير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق