الأحد، 30 أكتوبر 2011

محاولة لفهم وحشية الليبيين! (2)

طبرق أو بنغازي!
فرحتى بنصر قريب تعادل خوفى على سرقة ثورة فرسان ليبيا وأبطالها، فلصوص الثورات يتربصون عند كل مدخل، ويمكنك أن تعثر عليهم بسهولة على ناصية أو فى مكتب أو فى صحيفة أو حزب أو عضوية جماعة، وقد يرتدون أقنعة تقنعهم أنهم من أتباع النظام الجديد.
فالطغاة يقومون بتربية كلاب تظل وفية لأسيادها زمناً طويلا حتى لو هزّت ذيولها لأسياد العهد الجديد، لذا ينبغى أن يأخذ الثوار المنتصرون بفضل الله حذرهم من الحرباء التى تغير لونها لخداع بصر خصومها.
نصيحتى لأبطال الثورة أن يعيدوا ما خرّبه المهرج فى أربعين عاما أو يزيد، وأن يتسلحوا بكل صور التسامح والحرية والديمقراطية، وأن يبتعدوا عن التطرف والمزايدة والتحالفات التى تصنعها جماعات متشددة لو سقطت ليبيا الحرة فى براثنها لترحم الليبيون على عهد أعفن طغاة الصحراء.
ما أجمل أول عيد فطر بدون مبارك وبن على والقذافى والأسد الشبل وكذاب اليمن المستبد!
من يدرى فقد نحتفل بعيد الأضحى بدون عمر حسن البشير وعبد العزيز بوتفليقة وعسكره..
أحلم بعيد جديد بعدما يتخلص الفلسطينيون من كل زعمائهم وقياداتهم، يمينا أو يساراً أو إسلاميا أو علمانيا، فى رام الله أو غزة أو المنفى أو الشتات أو مخيمات خارج الوطن المحتل، فكل القيادات الفلسطينية ترفع شعار النصر وقلوبها فى تل أبيب.
معذرة، فلو استرسلت فى أحلامى لوصلت إلى عراقنا الحبيب، وقد تخلـَّص من الاحتلال، وحاكـَمَ كل لصوص المنطقة الخضراء، وأنهى عصر الطائفية، ونزع من هويات مواطنيه أى كلمة تشير إلى المذهب والطائفة والجماعة، فالعراق باق وهم زائلون.
ما أكثر أحلامى التى أرهقت قلمى على مدى أربعة عقود!
الآن دعونى أستعد لإرسال تهنئة عاجلة بسقوط طاغية، لكننى لم أكتب العنوان بَعْدُ علىَ الرسالة!

عودة مواطن مصرى من الجبهة

الوطنُ من الخارج صورةٌ يتم رسمُ الجزءِ الأكبرِ منها بريشةِ الحنين، وألوانِ الغـُربة، وظلالِ حُلمِ العودةِ، ورتوشِ الحيرةِ بين مكانيّن: الوطن الأم و .. الوطن المضيف!
فى الغربةِ نعيدُ قراءةَ مشهدِ الماضي، ونضيفُ إليه، ونحذف منه، لكنه سيظل، كما قال شاتوبريان، مجموعةً لا متناهية من الأشياء الصغيرة التى لا تتوقف عند قطعة موسيقية أو أغنية كان الوالد يحب الاستماعَ إليها أو رائحة الطعام التى تختلط بضوضاء المطبخ قبل أن تنادى ربةُ البيت على الجميع ليلتفوا حول مائدة متواضعة أو طبلية مستديرة يتزاحمون حولها، ثم تختار ست الحبايب الخبزَ الجاف الذى يزيحه جانباً كل فرد من الأسرة!
فى الغربةِ تترعرع المشاعر القومية، ويكبر الوطن، ونكتشف صورا جديدة من التسامح ، ونعرف أن عدوَّنا واحد، وحتى لو لم نكن غادرنا مِصرَنا بسببه، فوجودُه كان مانعاً للعودة.
الدكتور أسامة رشدى واحدٌ من وجوه الثورة المجيدة وله باعٌ طويل فى النضال، وكان من أهم خُصوم الطاغية السفاح حسنى مبارك.
هل هناك كاره للطاغية لم تمر عيناه على موقع جبهة انقاذ مصر فازدادت كراهيته لكل صنوف الظلم التى مارسها أعتى طغاة وطننا العربى الكبير؟
ثلاثة وعشرون عاماً والمناضل الكبير محرومٌ من الاقتراب من أرض الوطن، فكلابُ القصر لا تُفـَرّق إذا افترستْ بين قريب و .. وبعيد، ومبارك كان يعلم أن قلمَ الدكتور أسامة رشدى كحنجرتِه تماماً، إذا قرأتَ له أو استمعت إليه يختصر لك عذابات مصر تحت حُكم الديكتاتور بصورة دقيقة، ومعلومات تفصيلية موثقة، ولغة عربية سليمة، ومعرفة بالقانون فيبدو كأنه يترافع فى محكمة الشعب عن أمة بأكملها.
لا ينكر إلا مكابر فضل جبهة إنقاذ مصر على دفع ثورة 25 يناير إلى الأمام، واعطاء شبابها جرعات من الشجاعة، ولم يتنازل المناضل العبقرى قيد شعرة، ولم يقدم ولو مرة واحدة اقتراحا على استحياء يسمح للمجرم أن يغادر مكان الجريمة دون عقاب.
تاريخ طويل من النضال صبغ حياة الدكتور أسامة رشدى واختلطت الغربة بالخوف على الوطن الأم، ورصدت أجهزة أمن الطاغية تحركاته، وآذته فى اقامته الهولندية، وتربصت به فى اقامته اللندنية، لكنه كان يُطل على المهمومين بعشق مصر فى قناة الحوار، ويستضيفه خالد الشامى فى أوراق مصرية فتتحول بين يديه إلى مستندات تدين النظام البائد، ثم يُطل مرات أخرى فى فضائيات مختلفة ، فيُزيد حماسَ الكارهين للطاغية، ويتضاعف مَقْتُ النظام عليه.
وأخيرا يطوى الدكتور أسامة رشدى صفحةَ الغـُربة بالعودة إلى مصر التى كانت معه فى يقظته ومنامه، فى قلمه ولسانه، فى فرحه وحزنه، حتى سقط الطاغية، وانفتحت الأبواب، وتنفس الأحرار، وبدأنا رحلة العودة لاحتضان وطن لم يغب عنا لحظة واحدة.
فى الساعة الواحدة وأربعين دقيقة ظهر الخامس عشر من يونيو تهبط طائرة الخطوط السويسرية فى رحلتها القادمة من زيوريخ، وعندما تلمس عجلاتها مدرج مطار القاهرة الدولى يلمس قلب أحد ركابها تراب الوطن ويتخضب به، فالمناضل يحصد أفراح الثورة، ولكن عاشقى كتاباته، والذين تابعوا رحلة النضال عبر جبهة انقاذ مصر أمام امتحان الوفاء، واختبار الاخلاص، فاستقبال الدكتور أسامة رشدى ينبغى أن يكون يوما من أيام ثورة 25 يناير، ومهمة مُحبيه الأوفياء قد لا تستغرق ساعتين أو أكثر فى مشهد خروجه من مطار القاهرة الدولي، والساعتان فى عمر الزمن تعادلان ثلاثاً وعشرين سنة فى عمر الغربة الطويلة الأكثر إيلاماً من مطاردة طاغية لأحد أهم رموز المقاومة المصرية فى الخارج.
القرار الآن بين أيدى الأوفياء المصريين بغض النظر عن انتماءاتهم، وأحزابهم، وأطيافهم، فكل قوى المعارضة وشباب الثورة وائتلافها وكل من حمل ذرة بغضاء للصوص الوطن مطلوب منهم أن يحملوا رسالة الوفاء، ويستقبلوا الدكتور أسامة رشدى ، فهذا أقل واجب يمكن أن يقدمه مصرى لهذا المناضل الرائع!
أيها المصريون الأوفياء،
إن استقبال الدكتور أسامة رشدى تعادل، معنوياً وأدبياً ووطنياً، محاكمة الطاغية مبارك!
هل أنتم قادرون على القيام بمظاهرة حب فى الخامس عشر من يونيو فى مطار القاهرة الدولى للتعبير عن عِرفان بالجميل للمناضل الغائب .. العائد؟

يا شباب مصر .. لا تصدقوهم

أحيانا تسقط التواريخ، أو تتوارى خلف أحداثٍ جِسام فيشير المرء للحدث حتى لو لم يعرف تاريخَه!
فأنت تقول: قبل الحرب العالمية الثانية، أو بعد الثورة الفرنسية، أو عندما وصل كريستوفر كولمبس للعالم الجديد، أو قبل الثورة البلشفية، وسيأتى اليوم الذى يؤرخ فيه من يصف حدثا مصرياً بأنه قبل أو بعد ثورة 25 يناير الشبابية.
بعد عدة أشهر ستضيف شركات السفر فى الدليل السياحى أثراً جديدا من معالم مصر ، فيطلب الفوج السياحى زيارة الأهرام، ووادى الملوك، والمتحف المصري، وميدان التحرير الذى سيطلق عليه ميدان 25 يناير حتى لو لم يعترف به زاهى حواس فهو وزير فى حكومة قام بتعيينها طاغية أفقده شبابُ التحرير شرعيتـَه!
لأول مرة فى ثلاثين عاما يسير المصرى فى كل مكان فى العالم مرفوع الرأس، فهو ليس سليلَ الفراعنة، وليس بطل أفريقيا فى كرة القدم، وليس صاحب مسلسلات رمضان التلفزيونية، لكنه شقيق لشاب ينام تحت دبابة فى ميدان التحرير، وابن خالة فتاة تتحدى بقوة إرادة فولاذية أعتى طواغيت العصر.
يريدون سرقتكم فى وضح النهار، ويجلسون باعتزاز زائف وفخرٍ هَشٍّ عن يمين وعن يسار نائب رئيسٍ لم يَعُدْ رئيساً إلا فى مُخَيّلة خُصوم الشعب المصري.
يتحدثون فى كل شيء إلا مطالبكم العادلة، ويبتسمون، ويتضاحكون تحت صورة الطاغية، ويكاد رفعت السعيد وخصومه الإخوان المسلمون يرقصون فرحاً فوق المنضدة الدائرية، فالسيد البدوى أقنعهم أن حُمُصَّ المولد انتقل من ساحة المسجد فى طنطا إلى قاعة فاخرةٍ تتصدرها صورة سفاح استأجر لبلطجيته الخيل والبغال والحمير والجمال ليركبوها، فإذا بها تـُشهد العالم أن مصر تحكمها عصابة، وأن مغارة على بابا لا تزال تمنح الأربعين ألف حرامى ما لم تنشره الجارديان عن ثروة زعيمهم حسنى مبارك التى بلغت خمسمئة مليار جنيه!
وجاءكم عمرو موسى فى اليوم الثانى عشر نازعا ربطة عنقه مثلما فعل أحمد شفيق، وحاول التهدئة، واقناعَكم بعدم اهانة السيد الرئيس!
لكنه اكتشف فى عيونكم المصرية الواسعة والجميلة أنكم أنضج منه، وأكبر من جامعته العربية، وأن هتافاتكم لن يتخللها مقطع لشعبولا باحب عمرو موسى .. ، ولم يتمكن من تلميع قاتل مئات من زملائكم الذين كانت أرواحهم الطاهرة تحلق فوقكم، فتنصرف غاضبة عندما تستقبلون منافقا من قوىَ المعارضة، وتعود بعدما ينصرف.
جاء أحمد زويل من بلاد العم سام، وقدّم لحكومة غير شرعية اقتراحات عن حقوق المواطنين، والافراج عن المعتقلين السياسيين، وغيرها..
لكنه أسقط العنوانَ الرئيسَ لمطالبـِكم العادلة.. الشعب يريد اسقاط النظام!
يراهنون على أن أجسادكم الغضّة سيرهقها الجوع، ويـُتعبها العطش، ويبطئها النـَصَبُ والتعب وليالى الميدان الطويلة، لكنكم كنت تتفننون فى الصمود مع اشراقة صباح مصرى جميل لأربعة عشر يوما ستجعل أى مؤرخ فى قادم الزمان يبدأ الكتابة من تاريخ غضبتكم المباركة.
يراقبكم سبعة ملايين مصرى فى الخارج، وعشرات الملايين فى الداخل، وتستقبل السماوات العُلا أدعية تصعد فلا تدرى الملائكة إن كانت مرّت على هلال أو صليب.
هل وصلتكم الرسالة الخاصة بثروات كبير اللصوص؟
لقد نقلتها كل وكالات الأنباء، وجعلت أثرياء الدنيا يحسدون طاغية مصر على نصيبه من أفواه جائعى بلده، وكان من المفترض أن يتغير شعار ثورتكم فورا ويصبح الشعب يريد محاكمة النظام ، فالمطلوب مذكرة استدعاء لكل أركان الحُكم ورجال الأعمال وعائلة مبارك، فرحيلُه الذى كان أضعف الإيمان أصبح جريمة غض الطرف عن أخطر لصوص العصر.
يشاهد مبارك وعائلته وكلابه وأزنابه وحيتانه ومنافقوه شريط الفيديو، مرة تِلْوَ الأخرى، فهذه سيارة تدهس المصريين، وهؤلاء قناصة تصطادهم، وتلك أوامر عُليا باخلاء مصر من مليون رجل أمن حتى لا يبقى من الوطن شيء آمن، وهؤلاء بلطجية بأسلحة بيضاء وقلوب سوداء ووجوه صفراء يمارسون ضدكم فِعل الشياطين.
اللغة الخادعة لم تخدعكم، وتهشّمت حروفها تحت قوة صلابتكم، فهذا يقول تهدئة، وذاك يؤكد على أهمية كرامة الرئيس لأنها من كرامة الجيش، وثالث يطلب منكم العودة لبيوتكم بعدما انتصرتم، ورابع يتهمكم بالاخوانية، وخامس يؤكد أن هزيمتكم قادمة لا محالة، وسادس يـُرجع سبب الفوضى لاحتلالكم ميدان التحرير، وسابع يتعلل بالموضوعية والعقل، وثامن يـُقسم أنه سيعيد إليكم حقوقكم وليس شهداءكم من أنياب الطاغية ونائبه و .. رئيس وزرائه.
لا تصدّقوهم فهم تلامذة القنوات التلفزيونية المصرية، والنظام القاتل لا يزال يحكم، واللصوص يتمتعون بخيراتكم، والسفاح يقوم بِسَنّ سكينته، وضباط الأمن الذين تراجعوا عن مواقعهم مخالفين قـَسـَم الشرف وحماية المواطنين لصالح بلطجية مبارك سيعودون لصناعة شهور الجحيم حتى سبتمبر القادم.
لا تصدقوا من يتحدث باسمكم ولو كان أكثر الكبار تقوىَ، ومصداقية ظاهرية، وحكيم زمانه.
لم تعودوا مدافعين فقط عن مصر، ولكنكم خط الدفاع الأول عن الوطن العربى الممتد من المحيط إلى الخليج، وأنتم أمل كل عربى يدوس فوق رأسه طاغية، وفوق ظهره ضابط أمن، وتنتظره زنزانة ليقبع فيها ما بقى له من عمر.
لو كان الأمر بيدى لحجزت مكاناً على أول طائرة، وهرولت إلى ميدان التحرير، وقبـَّلت رأسَ كل واحد فيكم لأتطهر، وتعود إلىَ عقلى حِكْمَةُ الشباب، وإلىَ قلمى حماسة الفرسان.
قدّاس الأحد فى الميدان كان أطهر من أى قداس آخر فى كنيسة ولو أقامه البابا بنفسه، وصلاة الغائب التى أداها المسلمون فى حماية الأقباط كانت عند الله أقرب من كل صلوات شيخ الأزهر التى دعا فيها الله أن يحفظ ولاة أمورنا.
استمروا، واعتصموا بالميدان فهو حبلُ الله، وارفضوا كل صور الحوار فالثورة المنتصرة يأتيها المنهزمون من السلطة راكعين، وطالبين الصفح والنسيان.
المنتصر لا يتفاوض، ولا يرسل وسطاء، ولا يناقش، ولا يتنازل، لكنه يُملى شروطه، ويحدد ساعة الصفر لاستسلام المنهزم.
لا تبحثوا عن فارس نبيل فى جيش مصر فأربعة عشر يوما والذئب ينهش فى أجسادكم لم تـُحرك نخوة، وشهامة، ورجولة، وكرامة أبناء أبطال العبور.
العسكر الثلاثة الكبار وسفاح مصر يخاف كل واحد منهم أن يغدر به الآخرون، وقوىَ المعارضة تتسابق على نصيبها من الكعكة كما فعلت إبان الانتخابات البرلمانية المزورة، ومبارك ونائبه ورئيس الوزراء يرفضون عودة عشرات الآلاف من ضباط الأمن، فورقة تدمير مصر تبدأ من التلويح بعدم الأمان، وسيطرة المجرمين ومرتزقة النظام تشترط انسحاب ضباط الأمن حتى يتم تأديب الشعب الذى ثار بثورة شبابه.
يراهنون على فُرقتكم، ولا يعرفون أنكم أسرة واحدة بملايين الأفراد من السويس والاسماعية إلى القاهرة وبورسعيد، ومن بنها والمحلة إلى أسوان وسيناء.
ألم يأن الوقت للدعوة لاحتلال مركز الفساد والكذب والزيف والخداع، فيكون هناك يوم البيان رقم واحد ، ويتوجه مليون أو أكثر إلى ماسبيرو، وهنا فقط سيتهاوى النظام، وتعلنون أسماء المطلوبين للعدالة، وتقومون بطرد كل قوى التخلف الإعلامي.
اجعلوا أحد أيام اعتصاماتكم المليونية لــ البيان رقم واحد، واستأصلوا رأس الأفعى من إعلامه، وليكن لكم إعلام الثورة الشبابية، وباحتلال ماسبيرو ترفع ثورة الشباب راية النصر.
احفظوا أسماء من يتحدث باسمكم، وحاسبوهم بعد سقوط النظام فقد أرادوا، عن سوء نية أو حُسْنـِها، اغتيال ثورتكم الطاهرة.
فتاوى الأغبياء فى تمييزهم عن الأسوياء
رأيت فيما يرى النائم أننى أُصبت بلوثة عقلية فى الوقت الذى تلقيت طلباً للعمل فى صفحة الفتاوى بواحدة من المطبوعات التى ينتظرها فى نهاية كل أسبوع الحمقى والمغفلون والمعاقون ذهنيا.
حاولت أن أشرح لرئيس التحرير، لكنه ما إن رآنى ملتحياً، ومرتديا خفين تفصل بينهما وبين ذيل الجلباب مسافةٌ شرعية حتى تهلل وجهه، وأصَرَّ أننى الأكثر صلاحية لهذا القسم، ثم دفع إلىَّ بورقة بها بعض الأسئلة لمسلمين حائرين ينتظرون بصبر نافد جواهر الكلام فيما يظنه البلهاء من الإسلام!
قرأت الأسئلة ولم أفهم منها شيئاً، ووضعت أجوبة لن يفهم أحد منها شيئاً، فكانت كالآتي:
س: فضيلة الشيخ، أنا شاب ملتزم، وجاءتنى فرصة للسفرعلى متن طائرة تحلق فوق بلاد الكفار، وتحتها بيوت يشرب أهلها الخمر ويمارسون الفحشاء، فهل أنا فى هذه الحلة مذنب؟
ج: عليك يابنى أن تتحدث مع الكابتن طيار وتطلب منه أن يتجنب الطيران فوق بلاد الكفار، وإذا كان مُضطرا فعليه أن يحاول الطيران فوق تجمعات المسلمين وهذه طريقة سهلة، فمآذن المساجد مرتفعة، ويمكن أن تكون دليلا للطيران الشرعى الحلال.
س: أنا مسلم تقي، وأحب السباحة لكننى أخشى أن أسبح فى مكان تكون قد سبحت فيه من قبل فتيات يرتدين المايوهات، فهل المياه التى أسبح فيها تكون نجسة لأنها اختلطت بعورات الفتيات؟
ج: عليك يا ولدى أن تكون متفهما للظروف، فإذا كانت المياه جارية فالسباحة فيها حلال، أما المياه الراكده التى تظن أن أجسادا عارية وبضّة وناعمة سبحت فيها من قبل، فالاقتراب منها حرام.
س: صديق لى يبلغ الثلاثين من عمره وقد أراد الزواج من فتاة قيل له بأنها فى العشرين، فلما تزوجها اكتشف أنها فى السابعة من عمرها، فهل يطلقها، أم يحتفظ بها حتى تحيض؟
ج: إذا كان قد رآها رؤى العين وظن أنها فى العشرين ثم اكتشف أنها فى السابعة من عمرها فالاثم يقع على ولى أمرها لأنه لم يجعلها ترتدى ملابس الأطفال، وإذا كانت منقبة، ودخل عليها فعليه أن يسأل أهل العلم.
س: أنا أعمل فى رقابة المطبوعات، وأحيانا أقرأ رواية فيها حديث عن امرأة سافرت دون محرم، فهل أنا آثم وينبغى على ترك العمل؟
ج: عليك أن تتصل بكاتب الرواية، وتطلب منه تغيير الجملة إلى امرأة سافرت ومعها محرم، أو يضيف كلمة آثمة وتلعنها الملائكة، وإذا لم يستجب الكاتب فعليك أن تستقيل لأن أجرك حرام من هذا العمل المخالف للشرع!
س: لى زميل فى الجامعة غير مسلم، وقد استعرت منه كراسة المحاضرات وسقطت فوق سجادة الصلاة، فماذا أفعل لكى لا يغضب الله علىًّ ويدخلنى نار جهنم؟
ج: لا إثم عليك إن شاء الله إذا سقطت كراسة محاضرات زميلك الكافر فوق الطرف الأيسر للسجادة، أما إذا سقطت فى وسطها أو أيمنها فينبغى أن تغسلها سبع مرات، وإذا كانت صينية الصُنع فغسلها عشر مرات واجب، أما السجاد المصنوع بأيدى فتيات لا يرتدين القفاز فينبغى احراقه.
س: أنا فتاة ملتزمة وقد رأيت فى منامى أن شابا وسيما احتضننى بقوة وابتسمت له، فكيف أقوم بالكفّارة عن ذنبي؟
ج: الذى احتضنك فى المنام هو الشيطان نفسه، أما ابتسامتك فتعنى رضاك عما حدث، لذا يجب التوقف تماما عن النوم لئلا يظهر الشيطان مرة أخرى، وتتطور الأحضان والقبلات إلى ما لا تحمد عقباه، وقد سمعت أحد مشايخنا الأفاضل يقول بأن الزنا فى المنام قد يؤدى إلى حمل المرأة سفاحاً خاصة إذا كان نومها عميقاً!
س: الموسيقى هى مزامير الشيطان، وأنا كنت أطل من نافذة بيتنا فرأيت عرسا أمام المنزل تنبعث منه الأغانى والموسيقى والمعزوفات، فهل يجب أن أتوضأ مرة أخرى؟
ج: إذا كانت مزامير الشيطان كماناً وعوداً وجيتاراً فمن الأفضل إعادة الوضوء، أما لو كانت الطبلة تشبه الدف، والعرس على مسافة خمسين مترا فلا حرج فى الصلاة بنفس الوضوء السابق!
س: هل هناك جان يجيدون التعامل على الكمبيوتر، ولهم مواقع على الانترنيت، ويدخلون المنتديات باسماء خفية؟
ج: الجان يعرفون كل ما يعرفه الإنس، وهناك عفاريت أكثر مهارة من بنى البشر فى التعامل مع الإنترنيت، وقد سمعت أن عفريتا قام ببرمجة الخطة الخمسية للحكومة، وبعض العفاريت يفضلون أجهزة الماكنتوش، لذا فعليك التأكد من بريدك الالكترونى لمعرفة إن كان المرسل جنا أم إنساً!
س: هل يستطيع زعيم طاغية أن يعتقل الشياطين ويضعهم فى سجونه ومعتقلاته؟ وهل يكون سجانوهم من نار أم من طين؟
ج: بنو البشر فقط هم المسحوقون تحت أحذية الطاغية، أما الشياطين فتعيش فى القصر وتأكل مع القائد المهيب.
س: شقيقى الأصغر التحق بكلية العلوم، وبدأ يتعلم أشياء غريبة عن الانفجار العظيم والمجرات وملايين النجوم، وفجأة قال لنا بأن الأرض التى نعيش عليها صغيرة جدا وأنها ذرة متناهية تحلق فى الكون وتدور حول نفسها وحول الشمس، فماذا نفعل معه؟
ج: يجب اخراج شقيقك فورا من الكلية والحاقه بكلية الشريعة قبل أن يتورط فى مزيد من الخرافات، فالأرض هى مركز الكون، وهى أكبر من كل الكواكب والنجوم، وتقف على قرنى ثور، وتهتز عندما تعطس الشياطين، أما الشمس فتنزل فى المساء إلى قاع البحر فتبتل، وعندما تشرق من الناحية الأخرى تبدأ ضعيفة حتى يجف البلل عنها.
س: أعرف شخصا يعيش فى النرويج ويتحدث عن بلاد شمس منتصف الليل، ويقول بأنها لا تختفى فى الصيف، ولا تظهر فى الشتاء، فما حكم الشرع فى هذا المجنون؟
ج: على المسلم أن يكون حذرا من هؤلاء الجهلة، فكيف تصدق أن الشمس تظهر فى منتصف الليل، ثم أين تختفى فى فصل الشتاء إلا إذا انتقلت إلى كواكب أخرى تنير لأهلها، ثم تعود بعد انتهاء مهمتها!
س: أعرف شيخا يقول بأن المرأة التى تجلس قبالة التلفاز آثمة لأن المذيع يستطيع أن يراها وهى بملابس البيت، فهل هناك طريقة لتجنب الحرام فى هذه الخلوة غير الشرعية؟
ج: عليها أن تتدثر جيدا، وأن تجلس بزاوية 45 درجة حتى لا يلمحها المذيع أو أى ذكر عبر التلفاز، ومن الأفضل شراء جهاز تلفاز بغير صورة تجنبا للوقوع فى شرك الكفر البواح.
س: أنا امرأة صالحة، أقرأ كثيرا لكل الشيوخ، ولا تبتعد عيناى عن شيوخ الفضائيات، لكن لم يجب أحد عن سؤالى الذى أرقنى كثيرا: هل يستطيع عفريت ذكر أن يجامعنى فى حضور زوجى دون أن يلفت انتباهه؟
ثم إننى واقعة فى مشكلة محرجة وهى أن ابنى الصغير يشبه العفاريت، ويجرى مثلهم، ويختفى من غرفة إلى أخرى، ويصرخ كأنه منهم، فهل تظن، سيدنا الشيخ، أن عفريتا انزلق فى فراشي، وحملت منه هذا الولد الشقي، خاصة أن جارة عجوزا تقول لى دائما: ابنك عفريت؟
ج: إذا كان زوجك يغط فى النوم ويصدر شخيرا ولا يشعر بأى حركة حوله فأغلب الظن أن ابنك من الجن وهو يحتاج إلى معاملة خاصة، ويجب أن لا تغضبيه حتى لا يستعين بأقرانه، ويسببون لك المتاعب.
أما إذا كان والده صالحا وطيبا فلا شك بأن ابنك العفريت من صلبه.
س: ما هو رأى الشرع فى شرب الشاى فى فناجين عليها رسومات؟
ج: إذا كانت ذات روح ولو كانت رسوما كاريكاتيرية، فالشاى هنا بكل أنواعه حرام باستثناء الشاى الأخضر لأنه يقاوم الروح الشريرة فى الرسوم، ويجب عدم وضع الفناجين فى غسالة الأطباق حتى لا تؤذى الأرواح فتنتشر فى الدار وتزعج أهلها.
س: قال لى صديق متابع جيد للشأن المصرى فى سبعة وعشرين عاما بأن الرئيس حسنى مبارك لا ينتمى إلى الجنس البشرى فليس فى قلبه مثقال ذرة من رحمة، ولا ينتمى للشياطين فهو أكثر منها قسوة وكراهية وعنفا، فهل هذا الكلام صحيح؟
ج: هذا السؤال لا استطيع الاجابة عليه لأن المسلم العاقل فقط هو الذى يطرحه وأنت مجنون، وهو يحتاج إلى شيخ عاقل يجيب عليه، وأنا مجنون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق