الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

الخطاب الدينى سيمفونية اللحن الحزين!!

التناحر على أرض ماسبيرو فجرته أصابع العبث بإشعال فتيل الأزمة
تحقيق: ناجى هيكل
لاشك أن الاحتقان الدائر بين نسيج الوطن المصرى الواحد يؤلم وجدان كل مصرى ومصرية بكافة أطيافهم ومللهم ومعتقداتهم وميولهم العقائدية وكل العناصر..
إن الأحداث الدامية التى شهدتها ساحة ماسبيرو بين الأقباط ورجال الشرطة العسكرية وقوات العمليات الخاصة والتى راح ضحيتها ما يربو على 25شهيداً من الجانبين معظمهم من الأقباط يعيد الكرة من جديد لما يسمونه بالاحتقان الطائفى فى مصر.
الحقيقة أن مصر لا تعرف طريقاً لهذا الاحتقان حتى جاء حبيب العادلى على رأس وزارة الداخلية وقيل أنه كان يحرق الكنائس ويضرب السياح ويجرى التحقيقات ويخرج على الشاشات ليدين الحوادث فى مسرحية هزلية أمتعت الشعب المصرى كثيراً ظناً أن حبيب العادلى هو "حامى الحمَى" وأنه الرجل القادم لتطهير البلد من الإرهاب وأنه لا غنى عنه فى هذه الوزارة المسئولة عن أمن البلاد، وبعد حين تكشفت الأمور وسقطت الورقة الأخيرة التى كانت تغطى سوأة الحكم فى مصر بأن العادلى هو الذى كان يأمر بهذا ليظهر على الشاشات ليتوعد الجناة وملاحقتهم وتكررت الأحداث ليثبت وجوده، لكن العقال كان قد ترك رقبة البعير وفر يهزو بما لا يحمد عقباه لأن الأخوة الأقباط بتكرار الأحداث لم يخيل عليهم أن الحكومة تعمل كل ما فى وسعها لتأمينهم بقدر ما أيقنوا أنهم مستهدفون وممقوتون ومكروهون من مسلمى البلاد لأن خروج المسئول على الشاشة يؤكد للجميع أن هذا نتاج طبيعي للنفخ فى كير الفتنة الطائفية فى مصر..
حث القائمون على الحكم فى البلاد كل المشايخ ورجال الأوقاف والأزهر على تطوير الخطاب الدينى والتأكيد على الوحدة الوطنية بين أقباط مصر ومسيحييها ولكن الأمر لم يغير شيئاً لأنه لا توجد فتنة أصلاً، كلها كانت أفعال مفتعلة لكن الحقيقة أن المسلم جار بار بجواره من المسيحيين وهم يبادلون الملمين نفس الشعور، والكل يعيش فى صداقة وحب وزمالة عمل وزمالة سهر ولعب وممارسات الرياضة تضم ملاعبها الشقيقين ولم يسبق وسمعنا عن لاعب مسلم ضرب لاعب مسيحي ولا موظف ضرب زميلاً له من ملة أخرى.. هذا لم يحدث قط، ولكن المشاكل التى تحدث بين المسلمين والأقباط كما هى المشاكل التى تحث بين المسلمين وبعضهم البعض والأقباط بعضهم البعض وقد تكون مشاكل بسبب الجيرة كأي مشاكل تحدث بين الجيران سواء فى الحقل أو فى البيت.. ولكن نفير الإعلام الموجه والمسلط على الساحة المصرية يأخذ الأمور بعيداً ليشعل نار الفتنة ليحرق الأخضر واليابسة ليجر البلد إلى ضياع ودمار وحروب داخلية حتى لا تتقدم ولا تزدهر.
ولا شك أن بعد الثورة تلاطمت أمواج الحكومة فلا تستطيع أن تأخذ قراراً حتى أن ضمن ما فعلته من الكوارث تكريم رئيس الوزراء عصام شرف للشاب الذى أسقط علم إسرائيل من أعلى سفارتها بالجيزة، وهذا الموقف من مسئول كارثة كبرى لأن هذا التكريم قد يكون شعبياً وليس على مستوى المسئولين حتى مهما كان المسئول سعيداً بهذا الأمر ولكن يتوجب عليه أن يكظم فرحته فى داخله.
ومما لا شك فيه أن موقف محافظ أسوان "مشعل الموقف المتأجج حالياً بين الجيش والأقباط" لا يقبله عقل فماذا لو وافق على بناء الكنيسة وكان بهذا القرار قد أنهى الاحتقان وأوقف الحرب ولم يشعر المسيحي بالحقد الطائفي ويفقد مجموعة من شبابه أمام نيران الجيش.
فى البداية أكد د. أحمد الطيب –شيخ الأزهر- فيقول: سبق وقلت أن أرض مصر هى بيت العائلة الكبير الذى يضم كل أبنائها فى حب وتواد وتراحم والكل له حقوق فى هذا البيت وعليه واجبات تجاهه فلو أعطى كل منا الواجبات وحصل على حقوقه ما وصلنا إلى هذا الأمر وأرى أنه لابد من اتخاذ قرار فورى على المستوى القيادى للبت فى الأمر بأقصى سرعة حتى لا ينفجر الموقف أكثر وأكثر ويكون ما لا يحمد عقباه.
وأضاف: أحث الأخوة الأقباط على الاعتصام فى سلم بعيداً عن التخريب والتدمير لأن ما يتم تدميره هى أملاك للشعب وأملاك لأفراد منه ويكلف البلد الكثير فى وقت يحتاج فيه لكل يد تزرع شجرة حب فى بستان الوطن وتقتلع أشجار الشوك التى تعرقل سعى الوطن نحو التقدم وتدمى أرجله لتجعله مكبلاً عاجزاً عن تطلعاته للمستقبل الواعد.
يقول المفكر والمؤرخ ميلاد حنا: أولاً كل الأقباط مصر يعيشون فى سلام وأمن ولا نطالب بما هو مستحيل لتكون هذه نتيجة لمطلب شرعي ببناء دار عبادة سواء أكان مسجد أو كنيسة أو حتى معبد لأن ممارسة الطقوس الدينية حق مشروع لكل الأطياف على مختلف مللهم وعقائدهم، فلم تكن جريمة أن نطالب ببناء كنيسة وهذا الأمر لا يغضب محافظ ولا يغضب شعب بل يسعده ن الناس تبحث عن دور العبادة لتكون قريبة من الله وتبعد عن سبل الشياطين.
وأضاف: نحن لا نقبل بأي شكل التدخل الخارجي لحمايتنا وما يحدث الآن لم يكن زوبعة فى فنجان ولكن كانت هذه المرة كدوامة فى بحر تكاد تلقف كل ما هو جميل على أرض الوطن وصورتنا للعالم كله على أننا دولة عنصرية وتدخل الغرب يعرض حمايته لنا بما لا نقبله نحن لأننا على أرض ذات سيادة ونتقاسم الشعب خيرات البلد ونعيش على أرضه فى سلام ومحبة وأمان.
وأعتقد أن الغد القريب سنجد القبطى ممثلاً فى البرلمان بانتخابات حرة نزيهة وسنجده عضواً بالمجلس المحلى منتخباً ليخدم المسلم والقبطى، وأيضاً ربما نجده مرشحاً على رئاسة الدولة وهذا حق لنا كأبناء البلد ولكن أعتقد أن مروجى الفتنة ومشعليها لهم مآرب أدعو الرب أن يجعل كيدهم فى نحرهم.
وأكد الأستاذ منتصر الزيات –المرشح لنقيب المحامين فى مصر، وأحد المفكرين بقوله: أولاً كنت أرى فى أحداث كنيسة القديسين أن الأمر لن يمر بسلام وكان ما كان فلم يمر سوى أكثر من أسبوعين واندلعت الثورة وتغير نظام الحكم فى مصر بخلع مبارك ورجاله وتسليم السلطة للجيش، وها هى الأحداث تشتعل من جديد بسبب عدم الموافقة على بناء كنيسة بأسوان، هذه أمور لابد من وقفة وتقنينها ومحاسبة المقصر فى الأمر لأنه نما إلى علمى أن المحافظ وافق على بناء الكنيسة ثم تنصل من الأمر فلماذا غير رأيه؟
وتساءل: ونحن مقدمون على انتخابات برلمانية لنأخذ الدولة إلى عالم الديمقراطية الحقة.. هل ما يحدث حول مبنى ماسبيرو مقصود.. أم أنها صدفة، وهل هناك ما جعل المحافظ يرجع فى قراره.. أرى أنه لابد من التحقيق فى الأمر ومعاقبة المقصر أشد العقاب حتى يكون عبرة لمن يتلاعب بمثل هذه الأمور الخطيرة فالإنسان قد يسمح لك بكل شيء ما عدا المساس بعقيدته.
ويرى الإعلامي خيرى الكومى -الخبير فى حقوق الإنسان- أن الأحداث الأخيرة والتى وقعت أمام عينيه على ساحة ماسبيرو أن الأمر لابد من وقفة سريعة لاحتوائه لأن هناك شباب مسيحى لا يهمه سوى التدمير والتخريب وعجز العقلاء عن إيقافهم عند حدهم رغم النداءات والتوسلات من بعض رجال الدين والقساوسة حتى وشباب متزن فكرياً.. رأيت السيارات المركونة بالشورع تحطم، وبلاط الأرضيات حول مبنى رمسيس هيلتون قام الشباب بـ "خلعه" وتكسيره على الأرض وأمطروا به رجال الشرطة العسكرية وقوات الحماية لمبنى التليفزيون المصرى وأمطرهم رجال الجيش بوابل من الذخيرة الحية وكنت أجرى مع المحتجين فوق كوبرى أكتوبر عندما يهرولون لرشق الجيش بالحجارة لإرجاعه وأرى الجيش يرد بالرصاص لإبعادهم.. الحقيقة كان منظراً مأساوياً لا يمكن أن كنت حتى أتخيله.. رأيت ممتلكات الشعب من سيارات ومدرعات الجيش تحرق وشباب من أبناء مصر ولا أقول أقباط يتساقطون على الأرض قتلى ومنهم من غادر الحياة من كثرة الفر والكر من أمام القوات المتمركزة حول مبنى التليفزيون مصاباً بأزمة قلبية أو بسبب ضيق فى التنفس.
وأضاف: لابد من تقنين الأوضاع ووضع قانون فوراً ينظم بناء دور العبادة كما نظم الله من فوق سماوات سبع أصول وطرق وقواعد العقائد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق