الأحد، 7 أغسطس 2011

مشاكل من مطاريدالحكام العرب فى اوروبا ؟

هم سبب الكارثة بعد 11سبتمبر2001 وأصبح احوال المسلمين فى الغرب بلا قيمة؟
وانظروا إلى علماء المسلمين ونظرتهم للغرب بعد شرح وتفسير للاحداث المؤسفة هناك؟؟
متابعة ناجى هيكل
وعندما نتحدث عن مشكلة الإسلام فى الغرب لابد وان يكون فيه شاهد عيان وهذه قصة من الواقع المرير يقول فيهاكان من حظى أن أصل إلى أوروبا بعد ساعات قليلة من انفجارات واشنطن ونيوشيورك فى 11سبتمبر2001، وكانت أوروبا ساعتها وقبل أن تتضح الصورة، تبدو - للوهلة الأولى- وكأنها مقبلة على حرب كونية ثالثة ولكنها هذه المرة ضد مجهول!. ولأن فصلاً جديداً من تاريخ العالم كان على وشك البداية فضلت أن أشهد مراسم تدشينه كاملة، فطالت إقامتى متجولاً فى أوروبا أربعين يوماً كاملة أرصد توابع "الزلزال" العظيم. وقبل العودة بقليل، وفى أحد المطاعم "المصرية" المنتشرة فى "امستردام" تلك المدينة الكوزموبوليتانية التى يعيش فيما مواطنون من كل جنسيات العالم تقريباً، اجتمعنا وصديقى المغربى الذى يحمل إحدى الجنسيات الأوروبية على الغداء، وبعد نقاش طويل حول تأثير هذه الأحداث على أوضاع الجاليات المسلمة فى أوروبا والغرب بصفة عامة وهو الموضوع الذى طالت إقامتى من أجله، أراد صديقى أن يحمل لى رؤيته عما حدث وفداحة هذا التأثير فقال بالعامية المصرية التى يتقنها كأهلها:
الموضوع باختصار أن ما أكلته الجاليات المسلمة من أوروبا "بط بط" قبل 11سبتمبر، ستدفعه "وز وز" بعدها"!!. وبعد ثلاثة أعوام من أحداث 11سبتمبر ومتابعة دقيقة لوقائع ما حدث ويحدث للأقليات المسلمة فى أوروبا، وزيارات سابقة ولاحقة للأحداث، لم أجد عبارة بليغة وكاشفة تلخص بعمق نتائج ما جرى أفضل من عبارة الصديق المغربي، وهو -بالمناسبة- باحث وأكاديمى رفيع المستوي، لكنه ربما استوحى عبارته "العامية" من مشهد الغداء الفخم على الرغم من أنه كان يخلو -تماماً- من الوز والبط، كليهما!!. ومثل كل شيء فى العالم -تقريباً- تأثر الوجود الإسلامى فى الغرب بوقائع ما جرى فى 11سبتمبر وتداعياته، وكان الأثر سلبياً بما يشبه الاجماع، غير أن أسباب ذلك وحدوده ومستقبله لا يمكن معرفتها إلا بالاقتراب من "المشهد" ومعرفة أوضاع الأقليات المسلمة فى أوروبا والغرب قبل لأحداث يمكن الحديث عما بعدها. أما قبل! يؤرخ بنهاية الحرب العالمية الثانية كبداية حقيقية لتكوين الجاليات المسلمة فى أوروبا وامتدادها فى الغرب حيث شهدت حركة إعمار أوروبا هجرة الجيل الأول من المهاجرين المسلمين إلى القارة الأوروبية التى كانت بحاجة ماسة إلى أيد عاملة رخيصة، وكانت تركيا وبلاد المغرب العربى ودول شبه القارة الهندية "باكستان وبنجلاديش والهند" هى المصدر الأول للمهاجرين المسلمين الأوائل إضافة إلى عدد قليل من الدول الأفريقية والعربية الأخري. وبشكل عام يمكن القول بأن تركيبة الجاليات المسلمة اختلت لمصلحة طوائف العمال والمزارعين والحرفيين والمهنيين وغيرهم من الذين يمثلون المصدر الأساسى للأيدى العاملة الرخيصة على حساب الأكاديميين والمثقفين وأصحاب المستويات العلمية العليا وإن تفاوت الحال من دولة لأخرى فجذبت دول مثل بريطانيا وفرنسا ثم الولايات المتحدة لاحقاً أعداداً كبيرة من الطبقات العليا المسلمة مقارنة بغيرها من الدول الغربية الأخري، وإن ظلت التركيبة مختلة وغلبت عليها الطبقات الدنيا والمتوسطة وهو ما انعكس بدوره على وضع الجاليات المسلمة فى المجتمعات الغربية التى تعيش بها فأدى إلى تدنيه وتواضعه ومن ثم أفقدها الكثير من الفاعلية وحجب عنها القدرة على انتزاع حقوق ومكاسب سياسية واجتماعية تستحقها. كما تشكل التكوين الأساسى للجاليات المسلمة فى الغرب وفق تقسيمات عرقية ولغوية وطائفية ومذهبية ناتجة عن الانقسامات والاختلافات التى تعيشها أوطانها الأصلية "أتراك، وعرب وبنغال وأفارقة"، "سنة وشيعة".. وهكذا، وهو ما أفقدها القدرة على الاجتماع على حد أدنى مشترك فيما بينها وكرس لديها سياسة العزلة والانغلاق وأدى إلى تقوقعها على نفسها فيما يشبه "الجيتو" المغلق على أهله. و لم تكن هذه وحدها المادة الخام أو "خميرة" الجاليات المسلمة فى أوروبا -وهى على كل حال لا تسر- وإنما أضيف إليها تركيبة أو خلطة أخرى غريبة زادت من الأمر سوءاً فلحق بها على فترات متتالية وباختلاف من بلد لآخر طوائف من مطاريد الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية على اختلافها وبكل ألوان الطيف السياسى من الليبراليين والماركسيين والقوميين والإسلاميين المغضوب عليهم والضالين فى نظر حكوماتهم، ومعظم هؤلاء المطاريد إذا فتشت عنهم تجد أنهم لا معارضة ولا يحزنون وأقرب - فى كثير من الأحوال- إلى المنحرفين والمنبوذين سياسياً فى بلادهم من الذين احترفوا تجارة النضال وبيزنس السياسية، بل إن بعضهم أدركته السياسية "على كبر" ولم يكن له فيها ناقة ولا جمل غير أنه لم يجد طريقاً للشهرة والحصول على تأشيرة الدخول والإقامة فى الغرب سوى اللحاق بقطار السياسة من عربة "المضطهدين سياسياً" وقد كان أبعد الناس عن السياسة لولا أوروبا وفلوس أوروبا وربما نساء أوروبا أيضاً! وإن لم يمنع ذلك من وجود معارضين حقيقيين ضاقت عليهم بلادهم بما رحبت فلم يعد لهم ملجأ ـ بعد الله ـ إلا بلاد الغرب الواسعة حيث الحرية بلا حساب أو هكذا ظنوا قبل أن تقع الواقعة فى 11سبتمبر ويحاسب كل مهاجر على ما قدمته يداه. وإذا توغلنا أكثر فى تحليل "خميرة" الجالية المسلمة فى الغرب فعلينا أن نشير إلى الدبلوماسيين العرب والمسلمين الذين ابتعثتهم بلادهم "المحترمة" سفراء لها فى الغرب، فالقطاع الأكبر منهم كان إرساله إلى الغرب شكلاً من أشكال التصفية السياسية أو النفى المهذب الذى اعتادت الأنظمة فى بلادنا اللجوء إليه كلما اختلف الممسكون بزمام السلطة فيما بينهم، ومن ثم فقد كانت فترة بقاء هؤلاء فى أوروبا والغرب عقوبة أو عكننة وشكلاً من تصفية الحسابات فذهبوا بعقدهم النفسية والسياسية ليفرغوها فى مهاجرى بلادهم الذين يصر القدر على ألا تفارقهم رائحة أنظمة بلادهم حتى ولو تركوا هذه البلاد وطفشوا بحثاً عن لقمة العيش. وعلى كل كان هؤلاء أفضل بكثير من غيرهم من السفراء الذين أرسلوا لمهام تصفية خصومهم السياسيين أو كاذرع لأجهزة بلادهم الأمنية والاستخباراتية التى لم تكفها أرض بلادها فراحت توزع عملياتها وكراماتها إلى أوروبا والعالم الآخر فقضت الشطر الأكبر من قوتها وبذلت من المال والنفس فى عمليات الاغتيال والخطف وتفجير السفارات والطائرات، وكان هذا مجال إنجازها الأكبر والوحيد، قبل أن ينقلب السحر على الساحر وتدفع ثمن "نضالها" بتعويضات كلفتها المليارات من الدولارات دية للضحايا ورشوة للحكومات الغربية كما يحدث الآن مع الجماهيرية الشقيقة، أما سفراء الدول "المعتدلة" من العالم الإسلامى فكانت لهم مهام غير ذلك تناسب "اعتدال" أنظمتهم و"استنارة" حكامهم، فقد كانت سفارات هذه الدول فى حالة طوارئ دائمة لاستقبال كبار الزوار والمسئولين من بلادهم الذين لا تنقطع رحلاتهم "المكوكية" للسياحة والترفيه وأحياناً للعلاج والاستشفاء، وكان السفراء "المعتدلون" يجوبون أوروبا ذهاباً وإياباً من منتزه إلى فندق إلى ناد ليلى سهراً على أداء مهام أنظمتهم المعتدلة!، هل انتهينا من تحليل مربى خرز البقر أو خميرة الجالية المسلمة فى أوروبا والغرب؟
إذن لابد أنه بإمكاننا الآن أن نجيب على التساؤل: ما نتائج نصف قرن من الوجود العربى والإسلامى فى الغرب؟. وبدون أى محاولة للتجمل أو قدر -ولو ضئيل- من المبالغة يمكن أن نقول إن النتيجة صفر وأن المسئول عنها والذى سيتحمل نتائجها هى الشعوب والحكومات وأنها فى الأولى والآخرة لن تجد من يذرف من أجلها دمعة واحدة وربما لا تستحق.. ولأنه وببساطة إذا أردنا تلخيص ما حدث فى نصف قرن من الوجود العربى الإسلامى فى الغرب يمكن أن نقول إنه وجود الفرص الضائعة والإمكانات المهدرة، فقد حمل المهاجرون العرب والمسلمون وصدرت معهم حكوماتهم وأنظمتهم أسوأ ما فى بلادهم فى الوقت الذى لم يستفيدوا منه شيئاً من الفترة الذهبية فى تاريخ أوروبا والغرب المعاصر، فكان الحصاد هشيماً على كل المستويات سياسياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً. فجرثومة الانقسام والتفرق والتشرذم طاردت هذه الجاليات التى انقسمت فى البلد الواحد بل والمدينة الواحدة عرقياً ولغوياً وطائفياً ومذهبياً وجيلياً حتى يظن الزائر أنه لا شيء يجمعهم سوى أنهم فى الهم والتخلف عرب ومسلمون! ولا اتحدث عنها عن اختلافات وخروقات طبيعية تفرضها العادة أو الانتماء الدينى والسياسى، بل عما هو أشد وأنكي، فتوقيتات الصلاة تختلف من مسجد لآخر ليس فى البلد الواحد بل والمدينة الواحدة وربما صليت المغرب فى مسجد بامستردام وأردت أن تصلى العشاء فى مسجد آخر -فى نفس المدينة- فتذهب لتجد أنهم قد جمعوا المغرب والعشاء معاً آخذاً برأى فقهى يخالف ما أخذ به أهل المسجد المجاور والذى يقع فى الحى نفسه، والشيء نفسه يتكرر منذ نصف قرن فى هلال رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى حتى تجد فى المدينة الواحدة من أفطر وأقام صلاة العيد ومن أتم!، وتقوم المعارك الفقهية ولا تنتهى حول بعض المسائل التى لا تهم الجالية من قريب أو بعيد وتهدر الأوقات وتطبع الكتب وتوزع النشرات حول قضايا إما قتلت بحثاً أو لا علاقة لها باهتمامات أبناء الجالية.
ومن أمهات المعارك التى حضرت بعض فصولها فى هولندا حكم الوضوء من ماء البئر، وحكم الأخذ بالفلك فى رؤية هلال الشهر رغم أنه لا توجد آبار فى هولندا وأن رؤية الهلال مستحيلة فيها معظم شهور السنة لأنها بلاد الضباب التى لا تزور الشمس سماءها إلاَّ فى مناسبات قليلة!. هذه نوعية من موضوعات الخلاف فى قضايا بسيطة ولنا أن نتصور حجم وحدود الخلاف فى قضايا مثل الزواج من غير المسلمين والتعامل مع البنوك التى يستحيل الاستغناء عنها أو الالتحاق بالجيش أو حتى التجنس بجنسية هذه البلاد. وأزعم أن غالبية المشايخ والدعاة الذين زاروا هذه البلاد أو استقروا فيها للدعوة إلى الله لم يفعلوا سوى بذر الفتنة والاختلافات بين عباد الله من الجاليات المسلمة فهم إما صدروا إليهم خلافاتهم الفقهية والمذهبية بل والسياسية أو شغلوهم بقضايا سطحية لا علاقة لهم بها وفى الغالب كان إثم ما يقولون أكبر من نفعه. عرفت شيخاً كبيراً من أعلام المحدثين استضافة الشباب المسلم فى هولندا فمكث فيها غير قليل يفتى بحرمة التجنس بجنسية بلاد الكفر- يقصد هولندا طبعاً- وبحرمة البقاء فيها لغير ضرورة قاهرة، وقد استقر فيها رحمة اللهـ فترة ليست قليلة كأنما لتطفيش المسلمين منها. أما مطاريد الجماعات الإسلامية اللاجئون فى أوروبا فحدث عنهم ولا حرج خاصة إذا كان حديثك عن "أبوحمزة المصرى" و"عمر بكري" وإخوانهم، فأهم ما يبحث المؤتمر السنوى لجماعة المهاجرين التى يرأسها "عمر بكرى" هو وضع الأسرة المالكة حين تقوم الدولة المسلمة وتعلن الخلافة فى بريطانيا وفى نهاية كل مؤتمر يتوجه الشيخ عمر برسالة إلى الملكة إليزابيث ينذرها: اسلمى تسلمي! ويشفعها بدراسة فقهية عن وضعها وأفراد أسرتها فى الدولة الإسلامية وكيف أنه سيتحسن كثيراً لو بادرت بإعلان إسلامها، وفى المؤتمر الأخير -الذى انتهى أواخر أغسطس- أكدت الجماعة أن الانتماء إلى بريطانيا والتجنس بجنسيتها كفر لأنها دولة كافرة..
يقول هذا الشيخ بكرى وإخوانه رغم أنه لاجيء سياسى مازال يحصل هو وأسرته على إعانة اجتماعية شهرية لأنه عاطل عن العمل!!، ولم يكن أداء "الإخوة" المثقفين بأفضل حال من المشايخ، فرغم أنهم كانوا أكثر الفئات نعياً لتخلف المجتمعات العربية ودعوة إلى الاقتباس من الاستنارة الغربية والتأسى برموز الفكر والحضارة الغربية، إلاَّ أنهم عند الممارسة الواقعية "طلقوا" كل تلك الإكليشهات والرطانات الثقافية، فمعظمهم كان وجوده رهناً بالطعن فى تراثه العربى والإسلامى وتشويهه وتحقيره، وكثيراً ما انتقلوا إلى الطعن فى الدين الإسلامى نفسه ارضاء لماكينة الإعلام الغربى، وكما كانوا فى بلادهم الأصلية رفع كل فصيل ثقافى "إيريال" البث على تردد أنظمة وحكومات على حساب أخرى وحولوا التجمعات العربية إلى فناء خلفى لمعارك "الرجعية" مع "التقدمية" و"الإسلامية" مع "العلمانية"..
وأشلعوا أمهات المعارك الثقافية فى أوروبا استعادوا فيها كل مفردات خطاب السقوط والعقم والتفاهة العربية، وتفرغ الجميع لتصفية خصوماته والتنفيس عن كتبه وعقده الثقافية وإطلاق رطاناته وشقشقاته التى كانت فى الغالب ضجيجاً بلا طحن، وبدلاً من أن يستغل المثقف العربى المهاجر أوقات الفراغ والدعة وأجواء الحرية وإمكانات البحث قضى وقته فى إشعال نيران الفتن الثقافية أو كتابة التقارير عن زملائه ومواطنى بلاده خاصة المغضوب عليهم والضالين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق