السبت، 27 أغسطس 2011

الرائد متقاعد صفوت الشريف في 'ماسبيرو' و'من فات قديمه تاه' ووداعاً توفيق رباحي خيم شبح الرائد متقاعد صفوت الشريف على مبنى التلفزيون المصري (ماسبير

الرائد متقاعد صفوت الشريف في 'ماسبيرو' و'من فات قديمه تاه' ووداعاً توفيق رباحي فرافوا سليم عزوز؟؟؟
خيم شبح الرائد متقاعد صفوت الشريف على مبنى التلفزيون المصري (ماسبيرو) في الأسبوع الماضي، فقد ذكرنا الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة به، ولم أكن مهتماً بأمره منذ أن قامت الثورة ودخل السجن بتهمة التحريض على قتل الثوار.شرف وفي عز الأزمة المحتدمة بسبب مقتل عدد من الجنود المصريين برصاص القوات الإسرائيلية، وجد لديه وقت فراغ يقضيه في 'تسلية صيامه' فأصدر قراراً بإعادة تشكيل مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ويبدو ان اختيار الوقت كان له دلالة خاصة، فهو يعلم ان قراره هذا في تفصيلاته هو امتداد لقرارات للنظام البائد، فقرر ان يصدره والناس مشغولة بما جرى في سيناء، وقد ورد في الأثر: إن الإثم هو ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس، فلم تكن القيامة ستقوم لو تم تأجيل إصدار القرار بضعة أيام الى أن تهدأ الأحوال!.
لا بأس فشرف يؤمن بان اليد العاطلة نجسة لهذا فقد أصدر هذا القرار، فالرجل لا عمل له في القضايا الكبرى، وقد كان أداء حكومته مرتبكاً على نحو فاضح إزاء العدوان الإسرائيلي، وحتى الآن لا اعرف ما هو الموقف الذي اتخذته الحكومة المصرية بالضبط، لأنها كانت تصدر القرار في الصباح وتقوم بلحسه ظهرا، وفي المساء تقرر أمراً وفي الصباح تتراجع عنه، فقد قالت إنها استدعت السفير المصري في تل أبيب كموقف احتجاجي، ثم قالت ان الاستدعاء للتشاور، وبعد هذا قالت انها لم تستدعه أصلا وان بيان الاستدعاء وصل الى الصحافيين عن طريق الخطأ، فالحمام الزاجل الذي يحمل الرسائل كان مصاباً بأنفلونزا الخنازير!.وقالت الحكومة الباسلة انه تم استدعاء السفير الإسرائيلي ليسمع صوتنا المحتج ثم قيل ان من تم استدعاؤه هو القائم بالأعمال لوجود السفير بالخارج، وان الاستدعاء سيتم بعد ساعات وكان هذا في اليوم التالي لوقوع الأحداث!.ولأن عادة الحكومة ألا تشغل نفسها بقضايا الوطن الكبرى، فقد كان قرار تشكيل مجلس الأمناء الذي ضم ممثلين بحكم مواقعهم مثل أمين عام المجلس القومي للمرأة، وأمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة وهما يتبعان سوزان ثابت حرم الرئيس المخلوع، ويبدو ان شرف اختارهما وفاء للعمل المشترك وباعتباره كان عضواً في لجنة السياسات بالحزب الحاكم 'المنحل' والتي كان يترأسها المسجون جمال مبارك.. أصيل عصام شرف هذا فقد 'تمر فيه العيش والملح'.فإذا انتقلنا الى من تم اختيارهم تحت بند شخصيات عامة لوقفنا على انه لولا وجود حمدي قنديل بينهم لقلنا ان صفوت الشريف هو من أصدر القرار من محبسه.. وقد استقال قنديل وحسنا انه استقال.وقد راعني ان مجلس الأمناء برئاسة من سبق له ان تولي رئاسة قطاع الأخبار، وعندما قام أهل الحكم بوقف برنامج حمدي قنديل 'رئيس التحرير'، تعامل على طريقة 'صبيان المعلم' في قضايا المخدرات وقال انه هو من منع برنامج حمدي قنديل.. ومن يريد ان يهاجم فليهاجمه هو.تجار المخدرات الكبار يحرصون على الزج بصبيانهم في القضايا التي يتم اتهامهم فيها، فهم يعلنون أمام جهات التحقيق ان 'البضاعة' تخصهم هم.وإذا كانت هذا هي الأسماء التي تشكل منها مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، وهذا هو من يرأس المجلس، ويرأس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، فلا نلام إذا قلنا أن حكومة شرف لا تعبر عن الثورة المصرية وإنما هي امتداد لمرحلة صفوت الشريف في الحكم.المذبحةسقط التلفزيون ولم تسقط الإذاعة المصرية، فقد ظلت قابضة على شرف الكلمة في زمن السقوط الكبير، ولهذا فقد تملكتني الدهشة عندما قام وزير الإعلام بوقف أكثر من ثلاثمائة برنامج لجيل الرواد وأبقى على عدد قليل من البرامج التي يقدمها هؤلاء، وتطبيقاً لسياسة التعامل مع 'خيل الحكومة'.
الشرطة على أيامنا كانت هي الحكومة، وبعد سن معينة فان هذه الحكومة تقوم بالتخلص من خيلها بإطلاق الرصاص عليه، وقد عرض التلفزيون المصري مسلسلاً يجسد هذه السياسة عندما هرب رجل شرطة بحصانه الذي صدر قرار بالتخلص منه، ورأى انه لا يجوز بعد سنوات من العمل 'والعشرة الحسنة' ان تكون هذه نهاية 'عنتر' وهو الاسم الذي أطلقه على هذا الحصان!.وزير الإعلام الجديد في مصر قرر التخلص من جيل الرواد في الإذاعة المصرية، بحجة أنهم وصلوا الى سن الإحالة للتقاعد، وقد أذاني أن تكون 'هدى العجيمي' واحدة من هؤلاء، وسيادته يقول انه يسعى لسد العجز في ميزانية التلفزيون، ولو فكر وقدر لوقف على أن إغلاق التلفزيون 'بالضبة والمفتاح' سيوفر أموالاً طائلة على الدولة، بعد أن أصبح هذا التلفزيون 'كعبد كل على مولاه' أينما يوجهه لا يأتي بخير.
ومؤكد أن إلغاء منصب وزير الإعلام سيوفر على الدولة المصرية ما يمكن أن يوفره قرار الاستغناء عن خدمات جيل الرواد بأكمله، والذين حفظت آذاننا أصواتهم فصاروا جزءاً من تراثنا، وكما يشدنا صوت ' آبلة فضيلة'، وصفية المهندس في برنامج 'ربات البيوت' الى زمن الطفولة، فان صوت هدي العجيمي ومصطفى لبيب وغيرهما يشدنا الى الزمن الجميل.وما أقدم عليه وزير الإعلام هو مذبحة بكل المقاييس، وهو يأتي تنفيذاً لسياسة حكومية قديمة في التخلص من الخيل برميه بالرصاص فلا حساب للعشرة، ولا احترام للتاريخ.ومن عجب أن تواجه المذبحة بالصمت، لأن هناك من يجد حرجاً في الدفاع عن استمرار من أحيلوا للتقاعد، تماماً كما يتم تبني سياسة ' ابن التلفزيون' و'الوافدين' من الخارج في التميز بين من لهم الحق في الاستمرار، ومن ينبغي طردهم شر طرده. واستعانة الإدارة السابقة في مبنى التلفزيون بأهل الثقة من الخارج لا ينبغي ان يجعلنا نخلط بين الأشياء فنقيم قواعد لا تجوز للتمييز، مع أن التلفزيون في مسيس الحاجة للاستعانة بالخبرات المهمة من الخارج، فالمناخ الفاسد في ظل العهد البائد في الاختيار والتعيين، لا يجعل هناك ميزة لمن كان من حظهم أن يعينوا في المبني!.ضد السفارة
ذكرنا تلفزيون الريادة الإعلامية بالذي مضى، فقد احتشد مئات الألوف من المصريين أمام سفارة إسرائيل بالقاهرة يطالبون بطرد السفير الإسرائيلي وعودة السفير المصري من تل أبيب، وتوجوا هذا بقيام الشاب أحمد شحاتة بمغافلة رجال الأمن وتسلقه البناية التي توجد بها السفارة والمكونة من اثني عشر طابقاً وانتزع العلم الإسرائيلي ووضع مكانه العلم المصري، احتجاجا على قيام القوات الإسرائيلية بقتل ضابط مصري وعدد من الجنود في سيناء.لمدة يومين كان الارتباك هو المسيطر على أداء تلفزيون الريادة، وهو هو الخالق الناطق أداء أهل الحكم الذين غرقوا في شبر ماء، ولم يعرفوا كيف يتصرفوا حيال هذه الجريمة.وعلى الرغم من ان الوجود أمام السفارة كان يعد حشد قتال من حيث العدد، الا ان المذيع الباسل بالتلفزيون قال ان عددهم لا يتجاوز 'المئات'!.الذي مضى كان في أيام الثورة وعندما كان يحرص تلفزيون البلاد على التأكيد بان الحضور في ميدان التحرير لا يتجاوز العشرات.. وفي أول دعوة لمليونية وصل عدد الحاضرين خمسة ملايين مصري، كان التلفزيون الرسمي حريصا على القول إنهم لا يتجاوزن 'المئات'.إنها مشكلة الذين تعودوا على العمل وفق التعليمات.. وما دام لا يوجد من يصدرها الآن فان شعارهم يكون 'من فات قديمه تاه'.في وداع توفيق رباحيلم أكن ألتق بزميلي في هذه الزاوية 'فضائيات وأرضيات' كل يوم، فأنا أقيم في القاهرة، وهو يعيش في مدينة الضباب.. وقد التقيت به مرتين 'أول عن آخر' مرة عندما زرت بريطانيا العظمى وفي مكتبه بـ'القدس العربي'، وتواعدنا على اللقاء ولم نلتق ثانية، والأولى عندما جاء الى القاهرة ووعد بتكرار الزيارة وقال انه في المرة القادمة ستأتي معه زوجته، فلم يكن قد تزوج بعد، وعندما فعلها أيقنت انه لن يف بما وعد، لإيماني بأن من تزوج فقد قامت قيامته.وقبل هذا اللقاء كنت أتابع توفيق رباحي هنا، وأقرأ له فيستقر في يقيني أنني اقرأ لنفسي، وذات مرة قال لي عمرو عبد الحميد بالـ 'بي بي سي' وصديقنا المشترك الآن، أن روح توفيق مصرية خالصة، وقد غضب توفيق على كل ما هو مصري عقب الفتنة التي أشعلها النظام البائد بسبب مباريات كأس العالم، وفتح إعلامه لهجوم متطاول ومسف، ودخل علاء مبارك على الخط معلقاً في برامج السب حتى قلنا ان عطاء التوريث سيرسي عليه.. تطرف توفيق في خصومته، ودعا الى مقاطعة كل ما هو مصري، وطالب بعدم زواج الجزائريين من المصريات والعكس، كان يتألم لما نال بلاده من جراء تصرفات شرذمة لم يضعوا الأمور في نصابها الصحيح، لكن وكما أن الثورة شفت غليلنا فقد شفت صدور الإخوة الجزائريين وتوفيق رباحي، فأصبحنا بفضلها إخوانا، لا نتذكر الفتنة ولا نسعى لتذكرها.
قبل ساعات من كتابتي لهذه السطور تلقيت رسالة من توفيق عنوانها 'الوداع' فقد قدم استقالته من 'القدس العربي' وسيلتحق بقناة ' الجزيرة'، ولا أدري لماذا لفني الحزن، ووجوده في 'القدس' لا يعني أنني سألتقيه كل صباح، فإذا كان الحزن لأنني سأحرم من قلمه، فالزملاء في 'الجزيرة' يكتبون أيضاً، فيصل القاسم يكتب في 'الشرق القطرية'، وأحمد منصور فيما تيسر من الصحف، ومحمد كريشان يكتب هنا في 'القدس'، ولا أعرف أين تكتب جمانة نمور؟!.لقد ظننت أن حزني لوداع توفيق رباحي هو أمر عارض، وإذا بي أجد درجة الحزن بعد ساعات لم ينخفض منسوبها، ومع ذلك فأنا اتمنى لزميلي ولأخي توفيق رباحي التوفيق في عمله الجديد، وقد اغفر له هذا الانصراف الذي لم تسبقه مقدمات، تجعل وقعه على نفسي سهلا، شريطة ان يرابط لجميل عازر حتى يلتقط له صورة وهو في الوضع مبتسماً، لأنه قال لي انه يبتسم عندما يقرأ لي، ويقهقه أحياناً وأنا لا أصدقه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق