السبت، 27 أغسطس 2011

الاختبار المر؟؟؟؟ جريمة إسرائيل الاخيرة في سيناء ..إختبار مهم لمصر الثورة ؟

الاختبار المر؟؟؟؟ جريمة إسرائيل الاخيرة في سيناء ..إختبار مهم لمصر الثورة ؟؟
رغم ما أثارته الجريمة الاسرائيلية الأخيرة في سيناء والتي أستشهد خلالها عدد من الجنود المصريين على الحدود المصرية في سيناء ، من وجع في قلوب المصريين فان هذه الجريمة كانت في ظني هدية من السماء للمصريين وثورتهم التي تمر حاليا بمفترق طرق بالغ الحساسية والأهمية . نعم كانت هذه الحادثة هدية عظيمة للمصريين لكي يعدلوا البوصلة مرة اخرى ويوحدوا صفوفهم مجددا صوب عدو واحد وحيد معروف منذ زمن لا سيما بعد أن اخذت منهم المعارك الوهمية تارة والمفتعلة تارة أخرى، كل مأخذ فاجهدتم وأجهدت ثورتهم . وبالقدر نفسه كانت هذه الجريمة أختبارا حقيقيا لمصر الثورة من جانب الكيان الإسرائيلي لمص الجديدة التي تتكون من رحم ثورة 25 يناير ، وفي ظني أنها نجحت فيه نجاحا باهرا ، فلم تذهب دماء هولاء الشهداء الأبرار الذين قضوا برصاص الغدر والخسة هدرا، بل كانت مدادا نبيلا طاهرا يكتب به المصريون صفحات جديدة ومجيدة من تاريخهم الراهن بعد نجاح ثورتـهـم الـعـظيمة في الاطاحة بمبارك ونظامه الفـاسد الـذي رهن مصر وإرادتها لدى الامريكان والغرب وجعل من هذه الدولة الكبرى العملاقة قزما لا يخشاه أحد ولا يهابه عدو.هذا النجاح يمكن رصده في مجموعة الرسائل التي حملتها التداعيات التي إفرزتها هذه الجريمة الإسرائيلية ، وهي رسائل بالغة الأهمية والعمق وجهها المصريون حكومة وشعبا لكل من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج. أهم هذه الرسائل كانت لاسرائيل ومن يقف خلفها وهي أن مصر ما بعد ثورة 25 يناير ليست هي قبلها ، وان مبارك ذلك الكنز الاستراتيجي لاسرائيل كما يصفه قادة الكيان الاسرائيلي، ذهب بلا رجعة، وان مصر الثورة لن تسمح باي مساس بسيادتها وترابها وكرامتها ولن تتهاون في حق او دم أبنائها مهما كان الثمن .ومن هنا كان رد الفعل الرسمي هذه المرة، رغم أنه لم يكن بالمستوى اللائق بالثورة، مختلفا وواضحا، ولاول مرة منذ سنوات طويلة يسمع حكام إسرائيل لغة جديدة وخطابا مغايرا لما كان يسمعونه من كنزهم الاستراتيجي المفقود الذي لم يكن يحرك ساكنا إزاء العديد من الحوادث المماثلة التي سقط خلالها شهداء مصريون برصاص العدو الاسرائيلي. لكن الأكثر بلاغة في هذه الرسالة كان رد فعل الشعب المصري الذي كان الأكثر حضورا وتعبيرا عن الموقف الحقيقي لمصر الثورة التي تضع كرامة هذا الوطن وشعبه وترابه فوق كل إعتبار ومخاطر .وكان مشهد المصريين الغاضبين امام مقر سفارة اسرائيل ومشهد ذلك الشاب الرائع أحمد الشحات، على رمزيته، وهو يتسلق البناية الشاهقة المكونة من 22 طابقا معرضا نفسه للموت من أجل ان يسقط علم اسرائيل ويرفع مكانه علم مصر، هو أبلغ رد على الجريمة الاسرائيلية الاخيرة والتي رأى العديد من الخبراء العسكريين أنها محاولة لاختبار رد فعل مصر الثورة ، وقد جاء هذا الرد قويا ومجلجلا ومؤكدا بأن الأيام التي كان فيها المصريون يقتلون بلا ثمن قد ولت إلى الأبد .أما فيما يتعلق بمعالجة الحكومة المصرية لتداعيات هذه الجريمة الغادرة فانه يمكن التوقف عند مسألتين بالغتي الدلالة : الاولى حالة الارتباك الرسمي الظاهر والذي تمثل في تضارب واضح في بيان مجلس الوزراء خصوصا ما يتعلق بمسألة إستدعاء السفير المصري في تل أبيب احتجاجا على هذه الجريمة ، فبينما خلا البيان الحكومي الذي تلاه وزير الاعلام من أي اشارة لاستدعاء السفير ، كان البيان المنشور على موقع مجلس الوزرا ء يتحدث عن ذلك وهو ما أوقع وسائل الاعلام والمراقبين في قدر من الحيرة والبلبلة . هذا الارتباك مرده في ظني وجود أكثر من جناح داخل الادارة التي تحكم مصر الان ، جناح يبدو أقرب الى نبض الشارع المصري واكثر انحيازا لمصر الثورة ، وأخر أكثر حذرا في التعامل مع مثل هذه الازمات وأكثر استعدادا للاستجابة للضغوط الخارجية وهو في ذلك أقرب لمنطق النظام السابق منه إلى روح الثورة .أما المسألة الثانية فهي أن رد الفعل الشعبي كان الاكثر قوة ووضوحا في المطالبة بالثأر لدماء شهدائنا في سيناء ، وهو هنا يبدو متسقا مع إختلاف الايقاع حيال قضايا اخرى كثيرة ابين الشارع الثائر ومن يحكمون مصر الان.
أما الرسـالة المهمة الأخرى التي بدت محل إجماع بين المصريين، فكانت إلى الاشقاء في فلسطين المحتلة وخصوصا في غزة بأن مـصـر الثورة تقف في خندق واحد معهم في نضالهم في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وان ما كان يحدث في عهد مبارك ولي بلا رجعة ، وبالتالي فان الظرف الذي تمر به مصر الان يتطلب قدرا كبيرا من التنسيق والتواصل مع مختلف الفصائل الفلسطينية للحيلولة دون أن تتحول الحدود مع قطاع غزة إلى جرح نازف في جسد مصر الجديدة يمكن ينهكها ويمنعها من إستعادة عافيتها ، سواء من خلال بعض الاعمال غير المحسوبة او من خلال السماح لبعض القوى ذات الفكرالفاسد بالتسلل لسيناء وإرتكاب اعمال أبعد ما تكون عن تحقيق مصلحة مصر أوالفلسطينيين ولن تصب إلا في صالح إسرائيل في النهاية.فالفلسطينيون في حاجة إلى مصر عفية قوية قادرة وليس لمصر ضعيفة منهكة .وفضلا هذه الرسائل فان الجريمة الإسرائيلية حملت في طياتها خيرا كثيرا ، فقد شكلت فرصة لتأكيد أن المصريين مهما فرقتهم سبل السياسة ودروبها فإن ما يجمعهم على قلب رجل واحد هو أن إسرائيل كانت وتبقى وستظل مصدر الخطر الأكبر على مصر ومستقبلها وأمنها ومصالحها .وهنا تجاوز المصريون خلافاتهم وسجالاتهم الساخنة حول قضايا المرحلة الانتقالية وتوحدوا خلف شعار الدفاع عن مصر وشرفها وكرامتها. وأعاد مشهد الالاف الذين تجمعوا أمام مقر السفارة الاسرائيلية من مختلف الطبقات والتيارات السياسية ،روح ميدان التحريرو روح ثورة يناير وهو يطالبون بصوت واحد هادر بطرد السفير وإنزال العلم الاسرائيلي وإستدعاء سفير مصر في تل أبيب.أما النقطة الايجابية الاخرى لتلك الجريمة التي تزامنت مع أحداث شمال سيناء والهجوم على بعض المنشآت الحيوية والحكومية ، فكانت عودة سيناء مرة أخرى لقلب الاهتمام الرسمي والشعبي المصري وهو ما نأمل أن يشكل البداية الحقيقية لوضع استراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا الجزء العزيز من مصر والذي ضحى المصريون من أجله بدماء غزيرة ذكية لالاف الشهداء . فطوال حقبة مبارك البائسة إقيمت حدود وحواجز بين سيناء وأهلها وبين باقي ربوع الوطن ، واختزلت سيناء كلها في بعض المنتجعات السياحية في شرم الشيخ التي إختارها الديكتاتورالسابق مقرا للحكم . وتحالفت جملة من العوامل الخطيرة التي جعلت سيناء التي تمثل البوابة الشرقية للوطن في حالة إنكشاف شبه كامل في وجه الاختراق ، وهو إنكشاف تمثلت أضلاعه في القيود التي فرضتها إتفاقية كامب ديفيد على الوجود العسكري والامني المصري في مناطق من سيناء ، وفاقم من خطورة ذلك غياب أي رؤية لتنمية هذه المنطقة وإعمارها وتوطين الاف البشر فيها يمكن ان يشكلوا سدا منيعا في وجه أي محاولة لاجتياحها حال أي مواجهة محتملة مع الكيان الاسرائيلي .وأكتملت أضلاع مثلث الانكشاف الامني بترك سيناء وسكانها ، رهينة رؤية أمنية ضيقة وغبية تحولت معها غالبية سكان سيناء إلى متهمين ومطاردين ما خلق حالة من الثأر ورغبة في الانتقام ليس من الأمن وحده وإنما من الوطن كله الذي رأوا أنه تنكر لهم ويعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية .وأضيف الى ذلك كله الموقف الرسمي المتخاذل لنظام مبارك من الوضع في المأساوي في غزة والذي خلف مشاعر كراهية لدى أبناء سيناء وهم يرون اشقائهم في غزة والذين يشكلون امتدادا قبليا وعائليا لهم يعاملون بهذه الطريقة ، ولعل كل هذه الاسباب مجتعمة دفعت البعض ليكن خنجرا في ظهر الوطن .ومن هنا تبدو أحداث سيناء الاخيرة فرصة ذهبية لاعادة هموم ومشاكل هذه البقعة الغالية في بؤرة الاهتمام .ولعل النقطة الاهم في هذا الصدد هي أن الاحداث الاخيرة كشفت بوضوح الحاجة الملحة لمراجعة بنود إتفاقية تفاقية كامب ديفيد وإعادة النظر فيها لا سيما فيما يتعلق بانتشار القوات المسلحة المصرية في سيناء بما يضمن لمصر السيطرة على حدودها وتأمين أراضيها .. فلم يعد مقبولا أن يبقى هذا الجزء الغالي من مصر مكشوفا بهذا الشكل أمام بعض الجماعات المتطرفة المغامرة تارة أو الانتهاكات الاسرائيلية تارة اخرى بما يجعل من سيناء بؤرة توتر خطيرة يمكن أن تشكل عقبة كبرى في طريق مصر الثورة لاستكمال مسيرتها نحو بناء نظامها الديمقراطي الحقيقي الذي يمكن أن يشكل نموذجا لكل دول المنطقة. لكن علينا أن نحذر أن يكون ثمن عودة الجيش المصري لبسط سيادته على ربوع سيناء هو أن يكون حــارسا لامن إسرائيل او سجانا للفلسطينيين في غزة، فلا أظن أن إسرائيل سيسعدها أن ترى الجنود والاليات العسكرية المصرية قرب حدودها، ومن هنا فإن على الجميع وفي مقدمتهم إسرائيل أن يدركوا أن إنتشار الجيش المصري في كل ربوع سيناء مطلب شعبي لكل المصريين بهدف تأمين الوطن وأستعادة السيادة كاملة غير منقوصة على كل حبة رمل فيه وليس لحماية حدود إسرائيل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق