الأحد، 20 أكتوبر 2013

محفوظ عبدالرحمن: الحكومة الحالية ضعيفة.. و«30 يونيو» أنقذت جائزة النيل (حوار)

اعده  ونقله









ناجي هيكل
محفوظ عبدالرحمن: الحكومة الحالية ضعيفة.. و«30 يونيو» أنقذت جائزة النيل (حوار)
قال السيناريست الكبير محفوظ عبدالرحمن إن 30 يونيو أنقذت جائزة النيل فى الفنون من بطش الإخوان الذين كانوا ينوون إلغاءها، معبراً عن قلقه مما سماه «ضعف الحكومة الحالية»، واصفاً الأحزاب الموجودة على الساحة بـ«الورقية»، وحركة «تمرد» بأنها جزء مهم من الحركة الوطنية.وإلى نص الحوار..■ كيف ترى المشهد السياسى فى مصر؟- رغم فرحى وتفاؤلى بما حدث فإننى أشعر بالقلق لأن الحكومة ضعيفة والأحزاب الموجودة ورقية وكرتونية، فلا يوجد أى محاولات لإنشاء حزب، أو حزبين قويين لهما دور حقيقى. لكننا الآن مع كل أزمة يهرع السياسيون للفضائيات، وتكون الحلول مجرد كلام وهمى، ويقلقنى أيضا عدم الحزم فى اتخاذ القرارات تجاه المؤامرات الخارجية والداخلية، خاصة ما يحدث فى سوريا والذى يقصد به ضرب مصر وسوريا. وأتمنى أن نبدأ مرحلة الشغل والإنتاج، لأن فكرة أن نعيش على المعونات الخارجية كأننا عالة مخجلة، ومصر مليئة بالأكفاء فى الداخل والخارج الذين يمتلكون عبقرية الإدارة، والذين لابد أن نستقطبهم، وأن نتفادى خطأ «تطفيشهم» للخارج، لأن «مفيش حد بيقدم حاجة ببلاش». ■ ما مواصفات الرئيس القادم؟- أن يكون وطنياً بمعنى الكلمة، ويدرك مهمته الأساسية وهى تحقيق العدالة الاجتماعية، وأنه لن يقوم ببيع مصر تحت أى ظرف، وألا يتجاهل حقوق الناس بكل مستوياتهم وانتماءاتهم لأن الإنسان لا يستطيع أن يكون سوياً ومنتجاً لمجتمعه دون إحساسه بالعدل، وقلق الإنسان يبدأ من إحساسه بالظلم، فالعدالة الاجتماعية مهمة «مش واحد يبقى دخله فى اليوم جنيه وواحد مليون»، وهذا ليس دور الرئيس وحده ولكن تشاركه فيه الحكومة، فالعدل أساس الملك وأساس بناء أى مجتمع سليم من القبيلة إلى الدولة المدنية الحديثة. ■ وماذا عن المطالبات بترشح الفريق السيسى؟- من حق كل إنسان تتوافر فيه شروط منصب رئيس الجمهورية أن يترشح، وبداية الحياة السياسية السليمة أن يشارك الناس بالرأى ويطالبوا بترشيح السيسى أو غيره، لكن ليس معنى ذلك أن يترشح السيسى أو أى شخص دون إجراء انتخابات، ومن الجيد أنه فى الفترة القادمة أن الذين ينتوون الترشح للرئاسة سيحاولون أن يكسبوا جموع المواطنين عبر تقديم برنامج جيد مفيد للبلد، ولن نستبعد أى شخص إلا لأسباب قانونية ولن نقبله للأبد، لأنه مع مرور الوقت ينكشف الأشخاص ونحن حالياً فى فترة غليان، ومن الممكن أن نغير فيها آراءنا أو أن نتحمس لشخص موجود أو شخص جديد وقد حان الوقت لكى «نلعب سياسة صح». ■ ما النقاط التى تجب إضافتها للدستور لضمان حرية الإبداع؟- أثق فى المبدعين الموجودين فى لجنة الخمسين مثل محمد سلماوى وسيد حجاب وغيرهما، وأعتقد أنهم يدركون جيداً القضايا التى يعانى منها المبدعون، وهناك قضيتان شديدتان فى الأهمية، الأولى هى حرية التعبير والمشاكل التى يقابلها المبدع عندما تتعارض أفكاره مع أى رأى مختلف، مع أنه لا يوجد إبداع أو حتى فكر صحيح إلا فى وجود الاختلاف الذى يفتح الآفاق لمعرفة المحيطين بك فى المجتمع وإفراز الصالح وإبعاد الطالح، ولذلك لابد من وجود تشريع يحمى المبدع فى أن يقول رأيه بحرية، والثانية هى حماية حقوق الكاتب نفسه، ففى أغلب دول العالم ومنها إنجلترا لو كتب المؤلف فيلماً أو مسلسلاً وعرض فى بلد آخر يكون له الحق فى أن يتقاضى أجراً، وهذا حدث معى منذ زمن بعيد عندما كتبت مسلسلاً لقناة الـ«بى. بى. سى» وبعدها ظل يعرض لعدة مرات ففوجئت بالقناة ترسل لى شيكات لأنه طالما يستخدمك فمن حقك أن تأخذ أجرك، وأنا متأكد من أن المجموعة القائمة على وضع الدستور ستنتج دستوراً من أفضل الدساتير التى وضعت فى مصر لأنهم فى رأيى أفضل من المجموعة التى جاءت فى دستور 23 ولكن لابد لهم من الوقفة الجادة، وألا يلينوا لأى ضغوط من الأحزاب الدينية التى خلطت الدين بالسياسة وأفسدت الحياة بأكملها وليس السياسة فقط. ■ صرحت من قبل بأن الإخوان لن يتركوا الحكم إلا بعد 30 ألف سنة؟
اقرأ أيضًا
§                                  
محفوظ عبد الرحمن: استهداف وزير الداخلية دليل على أن «الإخوان» تلفظ آخر أنفاسها
- هناك فرق بين التمنى والتوقع، فأنا قرأت أمنيتهم فى البقاء على كرسى الحكم للأبد، وقصدت لفت أنظار الشعب والمثقفين والسياسيين لهذا الخطر عندما يعتلى الإخوان كراسى السلطة، وأعتقد أن مثل هذه الآراء لمن يعى هى التى دعت إلى قيام ثورة 30 يونيو، ولم يكن هناك حل لإبعاد الإخوان عن الحكم إلا ما حدث فى 30 يونيو من ثورة شعب وتفويض للسيسى، لأن الإخوان جاءوا بشكل من الأشكال الديمقراطية المزورة والتى كانت ستُغتال مع الوقت، بمعنى أن «دى كانت هتبقى أول وآخر انتخابات هنشوفها طول فترة وجودهم فى الحكم»، لأن مخططهم كان «حكم للأبد»، وهم الذين قالوا ذلك عندما انكشف الستار وسقطت الأقنعة فى جملتهم الشهيرة «يا احنا يا نحرق مصر»، فهم من الأنظمة التى تستخدم الديمقراطية مرة واحدة مثل موسيلينى الذى صنع الحزب الفاشى وبقى فى الحكم سنوات طويلة حتى قتل، وأنا كنت أشعر بالقلق وأحيانا كنت أصاب بالتشاؤم، ولكن عموماً كنت أعرف أنه لابد من حدوث شىء ولكن التوقيت كان مبهماً، ممكن يتأخر وتكون الخسائر كبيرة أو يأتى مبكراً برعاية الله. ■ ما سبب انهيار المشروع الإخوانى من وجهة نظرك؟- نحن نحتاج إلى عالم من علماء النفس للإجابة عن هذا السؤال، وأعتقد أن العزلة تصنع عقلية مختلفة سواء كانت عزلة فى السجون أو فى العلاقات الإنسانية، فهى تجعل الإنسان يعتقد أن رأيه هو الحقيقة الكاملة، ولا يتقبل أى رأى آخر، وحتى لو صفق لهذا الرأى المعارض إلا أنه من داخله غير مقتنع به، كما أن الإحساس الذى يسيطر عليهم طوال الوقت هو الاحتياج إلى الجماعة فقط لأن الآخرين هم «الأغيار» الذين يجوز قتلهم وحرقهم، وهذا يأتى من فكرة العزلة التى يتربى عليها الفرد منذ دخوله جماعة الإخوان والتى تجعله لا يهتم ولا يسمع إلا رأى زعيمه أو شيخه، وقد جمعتنى الصدفة بأحدهم وسألته عن رأيه فى كتاب قرأته عن السيرة النبوية فرد علىَّ «أعوذ بالله، أنا لا أقرأ هذا الكفر»، واتهم الكاتب بأنه شوه صورة النبى، وعندما ناقشته اتضح لى أنه لم يقرأ الكتاب ولكن بنى رأيه على كلام الإخوة، وهو ما يجعلهم يصلون إلى الذاتية فى المجموعة، ولكن هذا لا ينفى أنه لو حدث خلاف فيما بينهم من الممكن أن يقتل أخاه فى الله، وبناء على هذه التركيبة فهى تريد أن تحكم بأى شكل، ومن المكن أن تقتل أو تحرق أو تكذب باسم تحقيق العدل، ولذلك عندما انفضح أمرهم كسبوا كراهية الشعب بنجاح كبير، خاصة بعد أن انكشف ضعفهم فى الإدارة والأداء وتحولهم إلى كوارث يومية أوضحت أنهم غير قادرين بل ويستبعدون القادرين، فهم جاءوا إلى الحكم ليس لأنهم الأصلح ولكن لأنهم الأكثر تنظيماً وتمويلاً من الداخل والخارج، ولكن المال والتنظيم لا يجعلان الإدارة الفاشلة والكاذبة تستمر. ■ ومن يتحمل مسؤولية فشل الإخوان: مرسى أم مكتب الإرشاد؟- العقلية التى تحدثنا عنها هى التى تتحمل المسؤولية، وبالصدفة فإن مكتب الإرشاد الموجود أسوأ مكتب إرشاد على الإطلاق فى تاريخ الجماعة، لأن أعضاءه كلهم قطبيون، وهم الذين يتميزون بتكفير الناس والعنف والشدة، كما أنهم الأساس فى تنظيم القاعدة والتكفير والجهاد، ومرسى والمكتب كلاهما أساء التصرف، وفى النهاية توزيع المسؤولية مسألة تاريخية وأحياناً يكون انتصارك من غباء عدوك. ■ هل يرجع الفضل فى إسقاط الإخوان لحملة تمرد فقط؟- حركة تمرد جزء مهم جداً من الحركة الوطنية، وهم شباب قاموا بدورهم الحقيقى الذى كان كل الأحزاب الجيدة والسيئة تتجاهله، وهذا التجاهل ظاهرة مرتبطة بالنظام منذ السبعينيات وحتى الآن من تهميش فى كل شىء، وهو أمر غريب، والجميل أنهم لم يطالبوا بأى شىء فى المقابل، ولابد أن ندرك أن الناس تتساقط سناً ولابد أن يشارك الشباب فى وجود الخبرة، ولكى نأخذ أحسن نتيجة لابد أن نعطى الفرصة للمجتمع كله: المرأة والشباب والمسيحيين، كما يجب أن تزداد الدعوة للدين من حيث الميزانية والنشاط فى أماكنها المخصصة، لكى يمارس بشكل طبيعى ويبتعد تماماً عن السياسة، ففى الدول الأوروبية لو دافع محام عن جانٍ بأنه يذهب إلى الكنيسة يومياً يفصل هذا المحامى فوراً لأنه خلط بين الدين والقانون والسياسة. ■ كيف ترى فوزك بجائزة النيل وهى أرفع جوائز الدولة؟- من الصعب أن أرد على هذا السؤال لأنى طرف فيه، وأى شخص يحصل على جائزة يقول إنها أمنية وإنها جاءت فى وقتها، ولكن ما حدث معى وهو الأهم أنه عندما تحدثت مع مئات المثقفين فى هذا الموضوع لم يعترض أحد على توزيع الجوائز هذا العام، بخلاف قلة قالت إن الشخص الفلانى كان أفضل من فلان، ولكن ليس هناك اعتراض كامل، وأعتقد أن هذا العام لا توجد جهة بعينها تريد أن تكون الجوائز لصالحها، فدائماً ما كانت توزع لصالح الدولة والحكومة، ففى إحدى السنوات كان كل الفائزين من الوزراء وأعضاء مجلس الشعب، أما هذه المرة فلم يكن هناك وقت للمجاملات. ■ هل تعتقد أنك كنت ستحصل على الجائزة لو استمر الإخوان فى الحكم؟- بالطبع لا، لأن الإخوان كانوا ينتوون إلغاء الجوائز، وهذا كان واضحاً عندما جاءوا بشخص لا علاقة له بالثقافة بل ومعادٍ لها كوزير للثقافة، والذى كان يرى أن الجوائز «سفه» وأنه من الأفضل إعادة قيمة المبالغ المالية للجوائز إلى وزارة المالية، وهذا ليس تعبيراً عن نفسه فقط ولكنه تعبير عن الإخوان الذين يكرهون الثقافة، ويخافون منها ويغارون من المثقفين، وحتى إذا حدث وكانت هناك جوائز فى وجودهم فأنا قلت «إذا رشحت لجائزة فى وجود هذا الوزير فلن أذهب لتسلمها، وإن جاء لى بها إلى باب منزلى سأغلق الباب فى وجهه»، لأن الجائزة ليست مجرد نقود فهى إحساس بالفرحة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق