تشكيلات يكمل بعضها بعضا. تنخر في جسد البلد البالي الذي أثخنته أنياب ومخالب الفساد علي مدي عقود متصلة حتي أنهكته وكادت تشل حركته. ورغم تعدد أجهزة الرقابة والمتابعة والمحاسبة إلا أن أصابع الفساد كثيرا ما تمكنت من تحييدها أو إسكاتها وإبطال مفعول تقاريرها بحيل وطرق لا تخطر علي قلوب شياطين الإنس والجن وإن كان بعضهم لبعض ظهيرا. حكايتنا في هذا التحقيق عن التكية. هي تكية فخيمة لها قبة خضراء عظيمة, وساعة تدق بانتظام منذ أكثر من مائة عام, فتسمع مصر من أقصاها إلي أقصاها. تكيتنا ليست مشروعا خيريا لإطعام الفقراء والمساكين وعابري السبيل, ولكنها مركز للتعليم المفتوح بجامعة القاهرة, أعرق جامعات مصر بعد الأزهر الشريف. ارتكبت في هذا المركز مخالفات قانونية جسيمة أشبه ما تكون بالقنابل العنقودية, كل مخالفة ترتكب تتفجر عنها مجموعة من المخالفات الأصغر حجما, لتنفجر هي الأخري حتي تصبح شظايا مخالفات. بدون إسراف في الوصف النظري لهذه المخالفات التي طالت الأصول والفروع والأغصان والأوراق, نعرض نماذج منها في هذا التحقيق أولها يتعلق بإيرادات ومصروفات وقائمة المركز المالي لمركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح وهو وحدة( ذات طابع خاص) عن العامين(2009 ـ2010),(2010 ـ2011) من واقع ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات. القنبلة العنقودية الأولي إصدار لائحة جديدة للمركز في مايو2009 مخالفة للائحة الأساسية التي وضعت لتنظيم العمل بالمركز( ماليا وإداريا وفنيا) والمعتمدة بتاريخ30 أبريل2003 من لجنة اللوائح الخاصة المشكلة بقرار من وزير المالية رقم275 لسنة1991, والتي حددت موارد المركز المالية وسبل إنفاقها. اللائحة الجديدة التي أقرها مجلس إدارة مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح برئاسة الأستاذ الدكتور حسام محمد كامل في مايو2009 وتم إجراء تعديلات عليها في مارس2011 ـ دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ـ في مخالفة صريحة للقانون, أطلقت يد مجلس الإدارة في صرف المكافآت والحوافز والبدلات بصورة ـ وفقا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات ـ تنطوي علي مغالاة شديدة في أوجه الصرف, ترتب عليها استنزاف الموارد المالية للمركز, وانحراف عن الهدف الذي أنشئ من أجله, وإهدار للمال العام يقدر بـ41 مليون جنيه خلال عامي(2009 ـ2010) و(2010 ـ2011), مع انعدام وجود رقابة مالية قبل الصرف! الثانية بطلان تشكيل مجلس إدارة المركز ـ من الناحية الموضوعية ـ لمخالفته قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية حيث لم يحدد عدد أعضاء المجلس بالضبط ولم يحدد نائبا لرئيس مجلس الإدارة وتعيين رئيس الجامعة رئيسا لمجلس إدارة المركز وضم من2 إلي5 مستشارين من بين مستشاري المركز إلي عضوية مجلس إدارته وضم أعضاء من الخارج والنص علي عضوية مدير المركز لمجلس الإدارة رغم مخالفة ذلك للاختصاصات التنفيذية المقررة له, وكذا أمين عام الجامعة. * المركز بهذه الصورة تحول إلي أتوبيس مفاجآت حرص كثير من المسئولين في الجامعة علي حجز مقاعدهم في مجلس إدارته للحصول علي نصيب من كعكته من دون وجه حق أحيانا, وبدون عمل حقيقي علي الأرض. لم توضع ضوابط لتحديد المعاملة المالية لمدير المركز, وتم إطلاق سلطاته في اعتماد الصرف( دون تقديم مستندات) وفي اقتراح المنح الدراسية, أو التضييق بموجب المادتين(10,9) من لائحة المركز غير المعتمدة. * ويصف تقرير المركزي للمحاسبات هذه اللائحة بأنها قصد بها تضليل وزارة المالية والجهات الرقابية الأخري لعدم إعمال شئونها إزاء هذه الائحة المخالفة التي ترتب عليها صرف ما يقرب من41 مليون جنيه دون مقتضي وهو ما يعد إهدارا للمال العام علي النحو التالي: شيء لزوم الشيء * صرف مكافآت شهرية لمجلس إدارة المجلس تقدر بمليونين وثلاثمائة وخمسة وسبعين ألفا وخمسمائة جنيه. * صرف ستمائة وخمسة وثمانين ألف جنيه تحت مسمي مكافأة جهود غير عادية وتميز في الأداء بمناسبة انتهاء العام الجامعي لرئيس الجامعة ونوابه ومدير المركز ومجلس الجامعة وعمداء ووكلاء الكليات والمعاهد بالجامعة دون بيان الأعمال المثاب عنها استنادا للبند أولا الإدارة العليا نوع(8) مكافأة أعمال ومجهودات متميزة خاصة بمركز التعليم المفتوح. * صرف ثلاثمائة وثمانية آلاف وأربعمائة جنيه مكافأة إشراف عام علي الامتحانات واللجان المساعدة لرئيس الجامعة ونوابه والأمين العام دون أداء عمل فعلي. * صرف ثمانمائة وواحد وثمانين ألفا وخمسمائة وأربعين جنيها مكافأة تسجيل لكل دور لأعضاء مجلس الإدارة والعاملين والمنسقين والأكاديميين التابعين للكليات ذات البرامج مع التعليم المفتوح عن كل طالب بنسبة80% من الرسوم الدراسية المحصلة من الطلاب دون أن يقابلها عمل فعلي. *صرف مكافآت بنسبة87.5% من حصيلة رسوم المقابلة الشخصية التي تحصل من الدارسين لمجلس الإدارة والعاملين وبعض أعضاء هيئة التدريس, بلغ ما أمكن حصره منها ستمائة وثلاثين ألفا وستمائة وستة وخمسين جنيها, منها واحد وخمسون وستمائة وخمسة وخمسون جنيها لرئيس الجامعة ومدير المركز وحدهما. *صرف مكافآت لمجلس إدارة المركز والعاملين وبعض أعضاء هيئة التدريس بقيمة تقدر224164 جنيها وذلك من حصيلة رسوم استخراج الشهادات للخريجين دون أن يقابلها أي عمل. الوسية * صرف87,5% من حصيلة رسوم التأكد من صحة رصد الدرجات بلغ ما أمكن حصره منها150434 جنيها متضمنة13426 جنيها لرئيس الجامعة ومدير المركز. صرف مكافأة شهرية لرؤساء الأقسام بالكليات ذات البرامج مع التعليم المفتوح,بلغ ما أمكن حصره274848 جنيها دون ضوابط أو قواعد ودون بيان لعدد ساعات العمل المؤداة فعلا. كله علي حساب صاحب المحل * صرف مكافأة لحرس الجامعة وأمن الدولة التابعين لوزارة الداخلية من ميزانية المركز, رغم صرف مثيل تلك المكافآت من الاعتماد الإجمالي للحرس بموازنة إدارة الجامعة بلغ ما أمكن حصره745203 جنيهات. ثالثة الأثافي * تحميل موازنة المركز مبلغ438 مليون جنيه تحت مسمي قيمة الخدمات المؤداة لوحدات الجامعة المختلفة( مصروفات خاصة بالجامعة) من1 يوليو1990 حتي30 يونيو2010 منها مبلغ62,8 مليون جنيه عن العام المالي(2009 ـ2010) منها16 مليون جنيه( مكافأة شهر) لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة. وتسعة وستين ألفا وخمسمائة وأربعة وثمانين جنيها مكافآت للعاملين بصندوق الرعاية الطبية لأسر أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة بنسبة100% من المرتب الأساسي دون مبرر مال المفتوح حلال *صرف مكافآت تشجيعية لعدد من أعضاء لجنة الضبطية القضائية التابعة لوزارة التعليم العالي رغم عدم تبعيتها لمركز التعليم المفتوح دون ضوابط محددة معمول بها في السابق ومن دون موافقة الوزارة علي الصرف بقيمة أربعة وأربعين ألفا وسبعمائة جنيه وهو ما أمكن ضبطه حتي تاريخ الفحص صرف مكافآت تحفيزية لرئيس الجامعة وقياداتها ومدير المركز بنسبة5% من الزيادة المترتبة علي تحصيلات الطلاب من مختلف الجنسيات بماتصل قيمته إلي حوالي3 ملايين جنيه بلغ ما أمكن حصره خلال الفترة من1 يناير2010 وحتي31 ديسمبر2011 حوالي مليون ومائة ألف جنيه كما تم صرف أكثر من مليون وسبعمائة ألف جنيه تحت مسمي حوافز أعمال وإنتاج بنسبة5% من الفائض المحقق عن العام المالي2009 ـ2010لنفس القيادات دون عمل فعلي, مما يعد ازدواجا في الصرف حيث أن الفائض ناتج عن الزيادة في الإيرادات المحصلة الناتجة عن زيادة الملتحقين ببرامج التعليم المفتوح وزيادة الرسوم المحصلة. فوضي المكافآت *صرف حوالي مليون ونصف مليون جنيه علي اعتبار أنها فائض ميزانية عن العالم المالي2008 ـ2009في حين أظهرت حسابات الإيرادات والمصروفات الخاصة بالجامعة وجود عجز حوالي9 ملايين جنيه نتيجة استبعاد المصروفات الخاصة بالجامعة والتي بلغت حوالي57,5 مليون جنيه رغم أن البند ثالثا من اللائحة غير المعتمدة ـوفقا لنص المادة14 ـ لم ينص علي استبعاد قيمة المصروفات الخاصة بالجامعة والتي تعتبر من نفقات المركز السنوية. *صرف مكافآت العام المالي2010 ـ2011 بقيمة بلغت ثلاثة ملايين جنيه تحت مسمي حوافز أعمال وإنتاج( فائض ميزانية) بنسبة5% من فائض2009 ـ2010قبل خصم قيمة المصروفات الخاصة مما ترتب عليه صرف مكافآت بزيادة3,2 مليون جنيه شر البلية مايصرف *بلغ إجمالي ما أمكن حصره من مكافآت شهرية لمدير عام المدن الجامعية ومدير العاملين ومكتب رئيس الجامعة والعاملين به نحو327,5 ألف جنيه دون أدني استحقاق لعدم قيامهم بأي عمل يخص المركز. *المغالاة في عدد وفئة جلسات بعض اللجان برئسة رئيس الجامعة وإشراف مدير المركز لإنجاز أعمال عادية والذي أدي الي صرف نحو420 ألف جنيه بما لايتناسب مع حجم العمل. *تحميل ميزانية المركز85166 جنيها مكافآت بعض العاملين السابقين بجامعة القاهرة بعد بلوغهم سن التقاعد بالمخالفة لقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية والمجلس الأعلي للجامعات. *تحميل ميزانية المركز421 ألف جنيه مقابل انتداب رئيس الجامعة أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب للعمل مديرا للمكتبة المركزية الجديدة اعتبارا من1 يوليو2007 وحتي تاريخ الفحص في يونيو2011 والتعاقد معه في ذات الوقت علي إنجاز أعمال ومهام تتعلق بالمكتبة مقابل مكافأة شهرية وهي أعباء مالية لامبرر لها. *قام المركز بصرف10 ملايين جنيه وتحميلها علي بند مصروفات خاصة بالجامعة لدعم احتياجات الكليات التي بها برامج للتعليم المفتوح وتبين قيام تلك الكليات بصرف حوالي9,4 مليون جنيه كمكافآت لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بها بنسب تتراوح بين70% و100% بالمخالفة لأوجه الصرف المخصص لها هذا المبلغ مما يعد ازدواجا في الصرف, حيث بلغت جملة مكافآت المركز التي تم صرفها مباشرة لأعضاء هيئةالتدريس بالكليات9,0252 مليون جنيه بخلاف تحويل المركز لمبالغ تزيد علي الــ24 مليون جنيه لصرفها كمكافآت لجميع العاملين بالجامعة وكلياتها وفرع الخرطوم في حين يوجد العديد من المشروعات الاستثمارية التي تحتاج إلي تمويل وتم إرجاء تنفيذها. *مخالفات المفتوح لم تقتصر فقط علي أوجه صرف المكافآت بل امتدت أيضا لسداد مستحقات الخزانة العامة للدولة وصرف مبالغ مالية لوزارة التعليم العالي دون سند قانوني ورسوم الخدمات الطبية المحصلة من الدارسين التي تم رفعها من5 جنيهات الي100 جنيه, وتم تحميل مركز التعليم المفتوح مبالغ تصل الي53 ألف جنيه كتكاليف علاج بعض الدارسين بتجاوز الحد الأقصي المقرر أو المسموح به,إضافة إلي مخالفات في المصروفات الجارية والاستثمارية وتحميل ميزانية المركز بأعباء مالية دون مبرر, وأعمال المخازن. فقد تم تجاهل أجهزة ومعدات جديدة تبلغ قيمتها172 ألف جنيه بمخزن المستديم منذ ورودها في ديسمبر2007 وحتي تاريخ الفحص في أبريل2012, وعدم التصرف في الأصناف الراكدة المرتجعة للمخزن منذ5 سنوات وعدم استرداد عهدة مملوكة للمركز تبلغ قيمتها475 ألف جنيه الأمر الذي يستلزم إجراء تحقيق لتحديد المسئولية بشأن المخالفات الواردة في تقرير المركزي للمحاسبات نرفع كل هذه المخالفات للنائب العام للتحقيق فيها وتحديد المسئول لإعادة الأمور إلي نصابها. وفي ضوء هذا الكم من المخالفات لم يعد وصف التكية مناسبا لما يجري في جامعة القاهرة ربما ينطبق عليها وصف الوسيةأو عش الدبابير.. تلك الجامعة التي نعتز بها كصرح من صروح التعليم العالي وأعرق الجامعات المصرية بعد الأزهر الشريف.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق