الأحد، 20 مارس 2011

زلزال فتوى الشيخ القرضاوى بمقياس 8ريختر.. رج العالم العربى


د. نصير: ليس كل منتحر فى النار
على النفس: لابد من إزالة المسببات التى تجعل الشباب يقدم على فض حياته
كتب: ناجى هيكل
فى حين أن شعوب العالم العربى والإسلامى -حتى الأجنبى- يمتعض ألماً لما يحث فى تونس الذى نتج عن حرق شاب نفسه فى أحد الميادين مما أدى إلى تدهور الأوضاع هناك وتسبب فى هرج ومرج وخراب ودمار ولغط ونتج عن هذه الفعلة هرب الرئيس التونسى وسرقات بالبلاد وفوضى.. تعددت الآراء ببين مؤيد ومعارض ولكن رجال الدين الكل ينتظر كلمتهم حتى نطق العلامة الجليل الشيخ القرضاوى بفتوى أضرمت النار فى الهشيم وكانت محل تساؤلات واستغراب واستنفار العديد خاصة رجال الدين لأن هذه الفتوى ترتب عليها أن بعض الشباب العربى حذا حذو بوعزيزي الذى أضرم النار فى نفسه بتونس وكان ما كان فى البلاد لهذا السبب.
طالب بعض علماء العالم الإسلامى "القرضاوى" بالرجوع عن فتواه التى تسببت فى حرق شباب المسلمين، الذى أكد فيها دخول من يحرق نفسه الجنة لأنه من الشهداء وهذا عبث بمنهج الله ورسوله، وعليه أن يوجه نصيحة عاجلة لوقف هذه المهزلة التى أضرت بالمسلمين فى الوطن العربى وضرباً فى استقرار البلاد وليس هناك عيب من يفتى بإجازة قتل الشباب أن يعرف فداحة هذه الفتوى التى عادت علينا بالخسران المبين والحجة "البطالة أو الفقر المدقع" وهذا يحدث فى جميع أنحاء العالم ومنهم أمريكا الدولة العظمى فى الاقتصاد وعلى الشيخ القرضاوى "مفتى الإرهاب" كما أطلقوا عليه فى بعض الدول الإسلامية أن يراجع نفسه بالرجوع فوراً فى تلك الفتوى المدمرة، وأكدت مجموعة لمجلة الإذاعة والتليفزيون من أعلم رجال الدين فى الأزهر الشريف أن فتوى الدكتور القرضاوى زلزلت كيان الأمة وعليه أن يتوب إلى الله؟
فإن الشباب المتهور الذين يسارعون بحرق أنفسهم نقول لهم العمل أشرف من الانتحار أو الحرق أمام المؤسسات الكبرى فإن العمل أفضل من الجلوس على المقاهى، ويزعمون أن هذا تعبيراً عن رفضهم لفساد الأنظمة الحاكمة وسوء الظروف الاقتصادية وهذا ليس صحيحاً لأن فرص العمل مفتوحة لمن يرغب لكن عيب الشباب الكسل والخمول وسماع لغات اليأس من بعض القنوات الفضائية التى نشرت الوعي بالطريق المغلوط والمظلم مع الرغم من أن الدولة فتحت الأبواب للشباب الجاد فى إقامة مشروعات صغيرة تخدم الوطن والمواطن ولسنا فى حاجة إلى وضع الفتيل المخرب والمغلف بسماحة الإسلام.
لكن د. أحمد عكاشة -أستاذ ورئيس قسم الجمعية العالمية للطب النفسى- يرى أن الانتحار له أسبابه ولابد من معالجة القصور حتى ينعم المواطن بحياته وينجو من البأس.. لابد له من وسيلة مواصلات آمنة ورغيف خبز متوفر وكوب مياه نقى لأن الذين يفكرون فى الانتحار أضعاف مضاعفة للذين أخذوا القرار لأنهم مصابون بالإحباط فيجب أن نعاقب المقصر الذى لا يزيل العقبة عن المواطن ويوصله إلى هذا القدر.
إن مناشدة فضيلة الشيخ القرضاوى بالتوجه إلى الشباب المتهور هو حق يراد به باطل، وأنا أعيد واكرر لا داعى لتوجيه أي مناشدة بهذا الخصوص، اتركوا الأمر للخالق يتصرف فى شئون خلقه.. أكرر مرة أخرى عودوا لمراجعة فقه "المآلات" قبل أن تبتوا فى أي أمر.
د. سامية خضر -أستاذ علم الاجتماع تقول: هناك معونات منقطعة النظير عن طريق الصندوق الاجتماعى مع وجود قروض حسنة فلننظر إلى المستقبل بصور ة تفاؤلية لا تشاؤمية ومن هنا الإسلام يحذر المسلم من الابتعاد عن تلك الجرائم التى نهى الله عنها فى كتابة العزيز.. والله أعلم بنواياهم، فلربما كان أحدهم يطمع فى الشهرة ولو بعد موته.
وتضيف: الانتحار بغض النظر عن نية صاحبه فهو محرم وكبيرة من الكبائر، ويختلف عن غيره من الكبائر أنه لا مجال لأن يتراجع المنتحر عن ذنبه أو أن يتوب، لأنه يكون قد غادر الحياة حيث عمل ولا حساب إلى الحياة الآخرة حيث الحساب ولا عمل.
الكثيرون يظنون أن "بوعزيزى" هو الذى أشعل الانتفاضة التونسية، هو لم يكن أكثر من شرارة، مجرد القطرة التى أفاضت الكأس، لو لم يحرق نفسه لجاء حدث آخر ليشعل الانتفاضة.
القرضاوى ذكر أن هذا عمل محرم، لكن يحتاج الأمر للتشديد على حرمته لأن الكثيرين يبدو أنهم يقلدونه وهذا غير مقبول بأي حال من الأحوال.
من أراد تغيير الوضع فى بلده فهنالك ألف طريقة وطريقة، وحرق النفس ليست منها، ولو مات أو قتل وهو يسعى لتغيير الوضع فسيكون شهيداً "ولا نزكى على الله أحداً"، أما أن يحرق نفسه فهو منتحر نسأل الله أن يعافينا.
الانتحار من كبائر الذنوب، وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به، فعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو فى نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً أبداً، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه فى يده يتحساه فى نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يجئ بها فى بطنه فى نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، وهذا ما أكده د. أحمد عمر هاشم.ً
وأضاف: عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من قتل نفسه بشيء فى الدنيا عذب به يوم القيامة.
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرنى عبدى بنفسه حرمت عليه الجنة.
قال القرضاوى أن قاتل نفسه مرتكب كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب وجريمة كبيرة فى حق نفسه، ولا يكون بذلك كافراً منتقلاً من ملة الإسلام، بل لا يزال على عقد الإسلام ويكون مرتكباً لجريمة كبيرة فى حق نفسه، وقتله لنفسه لا يُمنع أن يصلى عليه لأن عقد الإسلام باقٍ وقتله لنفسه لا يخرجه من الملة، فيصلى عليه ويُدفن فى مقابر المسلمين .
النصوص كثيرة فى نصوص الوعيد ويُقال عن صاحبها أنه فى النار ويكون الأمر الذى نُص على أن صاحبه فى النار كفر ناقل من ملة الإسلام فهذا الدخول دخول أبد، وأما إذا كان الأمر الذى نُص على أنه يدخل به النار معصية من المعاصى لا تبلغ درجة الكفر فهذا الدخول دخول أمد ولَّى، وإذا لم يكن عند هؤلاء ما يعنى الشملة وحدها فهذا الدخول ولاشك دخول أمد وليس دخول أبد، يعنى ليس دخول تأبيد لأن المعاصى التى تستوجب دخول النار يكون دخول النار فيها دخول تطهير وتنقية، لا دخول تأبيد وتخليد، دخولهم فيها دخول تطهير وتنقية، أما دخول المشرك الكافر فى النار فإن دخوله دخول تخليد وتأبيد، يعنى ليس دخول تأبيد وهذا ما شجع الشباب إلى الرمي فى التهلكة لأن من احرق نفسه فقد يأس من رحمة الله وقنط وهذا من أفعال الشيطان فالرجوع عن تلك الفتوى مروءة كبرى لخدمة البشرية والبعد عن جريمة الانتحار أو الحرق.
لكن هناك أراء حول هذه الفتوى خصوصاً وأن البعض أكد عدم الاهتمام بتلك.
فهذه الفتوى مردودة على من تفنن بها وأشعل النار فى قلوب الآباء والأبناء فى هذه الأمة مما يجعل الغرب يهاجمنا على إن الشعوب الإسلامية إرهابية بلا استثناء منذ فجر الدعوة الإسلامية وبزوغها فى دار الأرقم بن أبى الأرقم، وعلى مر التاريخ الإسلامى الطويل والغزوات والحروب التى خاضها المسلمون، ومروراً بجيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد الذى ما خاض حرباً إلاَّ وانتصر فيها، ومن بعده جيش المسلمين الذى فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد ووصولاً إلى جيش المسلمين الذى حرر بيت المقدس بقيادة صلاح الدين الأيوبى، لا نرى فرداً واحداً من أفراد هذه الجيوش قد أباح لنفسه قتل امرأة أو طفل أو شيخ من الأعداء، ولم نسمع أن قائداً واحداً من هؤلاء العباقرة قد أصدر أوامره إلى أتباعه بقتل أطفال الأعداء أو شيوخهم أو سبى نسائهم.
هذا هو الإسلام الذى عرفنا، وهذا هو الدين الذى اعتنقنا، وهذه هى الصفات التى درسنا، وهذه هى الانتصارات التى حققنا.. نصراً شامخاً وخلقاً رفيعاً، قولاً وفعلاً.. سلوكاً وأدباً، فكان نصر الله لنا مصداقاً لقوله تعالى {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، وكان حقاً أصيلاً لنا أن نفخر بهويتنا الإسلامية فماذا أصابنا اليوم.. وما هذا الذى يحدث خلف ظهورنا وتقترفه أيدينا رجال ونساء يطوقون أنفسهم بأحزمة ناسفة، ثم يذهبون طلباً للشهادة؟!
ولا أدرى أي شهادة هذه التى تأتى على أجساد الأبرياء.. تفجيرات مزلزلة.. سفكٌ للدماء، قتلٌ للأبرياء، أشلاء تتطاير هنا وهناك، ترويع للآمنين، تدمير للمنشآت، حرق للأحياء، نار.. دمار فى كل مكان، ثم يسمونها شهادة!
هل هذه هى الشهادة التى قال عنها رب العزة {ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون}.
أم ترى أن هؤلاء {مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً}.. وهذا يوافق أيضاً رأي الأستاذ الدكتور مصطفى غلوش -أستاذ المذاهب والأديان بجامعة الأزهر.
وما يثير كوامن الأسى فى نفوسنا كمسلمين أنه فى أعقاب وقوع الكارثة المدمرة تظهر الفاجعة الكبرى بخروج البيانات التى تُنسب هذا العمل وتسميه البطولى إلى جماعة الخيبة الإسلامية، أو جماعة أبو سفّاح الإسلامية، أو تنظيم جند اللئام الإسلامى، أو جماعة.... الإسلامية، المهم أن تكون (الإسلامية)!! ولا أدرى هذا السر العجيب فى إلصاق اسم هذه العصابات وتلك التنظيمات بكلمة (إسلامية)!
وما بين وكالات أنباء عالمية تسميهم "انتحاريون" وبين فتاوى مبتورة ومتعاطفين معهم يسمونهم (استشهاديون) نرى أنفسنا فى حيرة من أمرنا.. هل نصدق وكالات الأنباء التى سرعان ما تصفهم بالإسلاميين الأصوليين، حتى إذا كان المفجرون من جناح الشين فين الأيرلندى.. أم نصدق هؤلاء الذين يخرجون علينا بتفسيرات وتأويلات للقرآن الكريم تدل على امتلاء رؤوسهم بكل شيء إلاَّ العقل.؟
أما د. آمنة نصير –عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات فتقول: أولاً يجب ألاَّ نحكم على المنتحر بالكفر فلربما يكون هناك ما أدى به إلى هذه الدرجة أو تغيب عقله فى هذه اللحظة وسكن وعيُّه فيصبح من الذين رفع عنهم القلم ولكن أمره إلى الله الذى يعلم السرائر.. ويجب أن نحاكم المتسبب فى هذا الأمر أو من أوصله إلى أن ينهى حياته بهذا الشكل.
ويتساءل الدكتور عبد الستار حسين -المفكر المعروف والأستاذ بجامعة الأزهر- هل الخروج فى المظاهرات والقيام بالثورات وتربية الشباب عليها من منهج أهل السنة و الجماعة أم لا سواء داخل البلاد الإسلامية أو خارجها؟
وأضاف: هذا من منهج ماركس ولينين و أمثالهم، وليست من مناهج الإسلام.
الثورية وسفك الدماء والفتن والمشاكل أن هناك قنوات فضائية تشعل نار الفتنة أكثر من فتوى القرضاوى ومن هنا أود أن أقول وبكل صراحة: لابد من وأد هذه القنوات والقضاء عليها أو إخضاعها لرقابة صارمة حتى لا تتمكن من أن تشعل الفتنة بين الناس.
ويرى فضيلة الشيخ نشأت أبو غزالة –من رجال الأزهر الشريف- أن الثورية وسفك الدماء والفتن والمشاكل مذهب ماركسى لينينى والإخوان المسلمون ضموه إلى مذهب الخوارج وقالوا: إسلام، كشأنهم: الموسيقى الإسلامية، والاشتراكية الإسلامية، والديمقراطية الإسلامية، والرقص الإسلامى، كل الضلالات يأتون بها من الشرق والغرب ومن القديم والحديث ويلبسونها لباس الإسلام، برأ الله الإسلام من هذه الأساليب، "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن".
والجهاد له أبوابه وله شروطه، وليست هذه الطرق الماركسية التى يلقون عليها ثوب الإسلام، وهم أخذوا الثورية والاشتراكية من ماركس ولينين، وأخذوا الديمقراطية من أمريكا، ويقولون نحارب أمريكا، وهم يروجون للفكر الأمريكى، فالتعددية الحزبية، تداول السلطة، الانتخابات، المظاهرات، كلها أفكار أمريكية وتدفع أمريكا المليارات لنشرها فى العالم وتستولى بها على الأمم، وهم من أعظم خدم أمريكا والمروجين لهذا الفكر، ويقولون عن الناس الآخرين: إنهم عملاء لأمريكا واحذروا "الجزيرة" وألاعيبها.. التغطية صحيح ساندت التونسيون ولكن ماهو هدفها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق