الاثنين، 30 مايو 2011

مفاجأة سارة لنصر الله .. فضيحة صوتية تجمع الحريري والصديق وليمان

كتب محمود هيكل
بالتزامن مع التقارير المتسارعة حول صدور القرار الظني في موعد أقصاه
17 يناير ، فجر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قنبلة مفادها أن هناك أطرافا داخل لبنان ساهمت مع واشنطن في إفشال المبادرة السعودية السورية بل واستخدمت أيضا عبارات سيئة ضد الملك عبد الله بن عبد العزيز .
وأضاف في تصريحات له مساء الأحد الموافق 16 يناير " تلك الأطراف اللبنانية لم تكتف بإفشال المبادرة السعودية السورية ( س س ) بالتعاون مع واشنطن وإنما استخدمت أيضا عبارات سيئة ضد العاهل السعودي لأنها وجدت أنه صادق في التوصل لاتفاق بين فريقي 8 و14 آذار يجنب لبنان ويلات القرار الظني ".
وتابع نصر الله أن نجاح المسعى السعودي - السوري كان سيعطل الرهانات الأمريكية الإسرائيلية ولذا تدخلت واشنطن وتل أبيب لإفشال هذا المسعى بالتعاون مع أطراف داخل لبنان وذلك في إشارة ضمنية إلى فريق 14 آذار .
ولم يكتف الأمين العام لحزب الله بما سبق بل إنه كشف أيضا مضمون المحادثات التي جرت في إطار المبادرة السعودية السورية ، مشيرا إلى أن فريق 8 آذار طالب بسحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية ووقف التمويل اللبناني لها وإلغاء مذكرة التفاهم بين الحكومة اللبنانية وتلك المحكمة .
وشدد في هذا الصدد على أن المطالب السابقة لم تكن تعني بأي حال من الأحوال إلغاء المحكمة الدولية ، قائلا :" حتى إذا أخذت الحكومة اللبنانية بتلك المطالب كانت المحكمة ستظل على حالها وستقوم فقط بالاستعاضة عن القضاة اللبنانيين بقضاة آخرين كم سيتم توفير أموال تمويلها للبنانيين وبالنسبة لإلغاء مذكرة التفاهم فهو يعني فقط أن لبنان سيبقى بمعزل عن تداعيات القرار الظني وإذا كانت هناك مذكرات توقيف فإنها من اختصاص الانتربول في هذا الحالة وليس من اختصاص الحكومة اللبنانية ، أي أن تفاصيل المبادرة السعودية السورية كانت ستجنب لبنان ويلات كثيرة ولا تلغي المحكمة الدولية".
وفيما يتعلق بمطالب فريق الحريري في المقابل ، أشار نصر الله إلى أنه لا يستطيع أن يكشف عنها الآن بناء على طلب الحريري ، ولكنه أكد أنها تضمنت فقط نقطتين تتعلقان بالمصلحة الوطنية بينما ركزت بقية المطالب على تحقيق مصالح للفريق الأمني والسياسي لسعد الحريري بالإضافة إلى رفض فريق الحريري التصويت في مجلس الوزراء على فتح تحقيق في ملف شهود الزور والمطالبة بإغلاقه .
وتابع الأمين العام لحزب الله في هذا الصدد " رغم أن الأمور كانت تسير بشكل جيد في إطار المبادرة السعودية السورية التي وقفنا معها بقوة وراهنا عليها لحل الأزمة ، إلا أنه ما أن وصل سعد الحريري إلى واشنطن إلا واتصل بالسعودية ليعلن اعتذاره عن الاستمرار في المحادثات في هذا الصدد بل وأكد أيضا استعجاله في صدور القرار الظني ".
واستطرد " الأمريكيون والإسرائيليون كانوا ضد التحرك السعودي السوري منذ البداية ورهنوا على أنه سيفشل ولكن عندما اقترب هذا المسعى من تحقيق النجاح تدخلوا لإفشاله ، بعد ذهاب الحريري إلى الولايات المتحدة وبدون سابق إنذار يتصل الطرف السعودي بالسوري ويعتذر أنه نتيجة الضغوط والأوضاع لسنا قادرين على مواصلة المسعى، هناك أيضا أطراف داخل لبنان تدخلت لإفشال المسعى السعودي السوري بل واستخدموا عبارات سيئة ضد الملك عبد الله لأنهم وجدوا أنه صادق في التوصل لاتفاق ".
وأضاف نصر الله " فريق الحريري إما من البداية رفض هذا المسعى واستجاب بعد ذلك بسبب ضغط سعودي وسرعان ما طالب أمريكا بالتدخل لإفشال المبادرة أو أن هذا الفريق كان مع المسعى وبعد ذلك تعرض لضغوط أمريكية ، مساعي أشهر ممكن أن تنتهي خلال ساعات في أمريكا ".
ويبدو أن نصر الله حسم مبكرا الموقف من الاستشارات النيابية المرتقبة حول تشكيل الحكومة الجديدة بعد سقوط حكومة سعد الحريري ، قائلا :" نرفض رئاسة سعد الحريري للحكومة الجديدة ، لا يمكن أن نثق في فريق الحريري بعد إفشال جهود استغرقت شهورا ".
وتابع " نحن أمام مرحلة جديدة سواء تمت تسمية الحريري أو غيره ، إننا وعلى ضوء صدور القرار الظني سنتصرف وندافع عن كرامتنا ووجودنا وسمعتنا ولن نسمح أن تمس كرامتنا أو أن يلبسنا أحد دم الرئيس الشهيد ظلما وعدوانا ولو ظنا ، إن المكملين بهذا المشروع حساباتهم خطأ".

واستطرد نصر الله " من الآن أي حكومة تحمي شهود الزور لن نسكت عنها وأي حكومة تحمي الفساد المالي ولا تتحمل مسئوليتها لمعالجة قضايا الناس لن نسكت عنها وأي حكومة تتآمر على المقاومة لن نسكت عنها ، لا نعرف اتجاهات الكتل وقد يعاد تكليف الحريري لكن في كل الأحوال نحن في بداية مرحلة جديدة ، على ضوء ما يقوم به المدعي العام للمحكمة الدولية بلمار في الأيام المقبلة فهناك كلام آخر".
وأضاف " بدأ الجميع يفهم الآن لماذا أصر فريق الحريري على إغلاق ملف شهود الزور ، التسجيل الصوتي الذي عرضه تليفزيون الجديد يؤكد ما ذكرناه في السابق حول عدم نزاهة المحكمة الدولية ، لماذا سارعت قناة المستقبل لتؤكد أنها ستنشر الوثيقة الكاملة للمحادثة الصوتية التي نشرها تليفزيون الجديد والتي زعم فريق الحريري أنها تضمنت مغالطات ، من أين حصلت عليها ؟ ولماذا شكك فريق الحريري في المكالمة الصوتية وقبل في الوقت ذاته تخريب بلد بكامله بسبب تحقيق مبني على شهود زور واتصالات تم تزويرها ".
واختتم نصر الله قائلا :" أعضاء فريق الحريري جاهزون أن يقبلوا قرارا ظنيا مبنيا على داتا اتصالات تستطيع أي شركة اتصالات أن تنتجها ولا يقبلون شريط التسجيل الذي تم عرضه على قناة الجديد ويقولون إنه مفبرك ، قلنا سابقا أكثر من مرة إن السفارات وأغلب صحف العالم حصلوا على نص التحقيقات منذ سنوات ، الأمر الذي يؤكد أن التهمة معدة سلفا وأن المحكمة الدولية هي محكمة أمريكية إسرائيلية بالأساس ".
الشريط الصوتي
ويبدو أن تركيز نصر الله على القنبلة التي فجرها تليفزيون "الجديد" المعارض لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لا يخلو من مغزى واضح ليس فقط لأنها تضع الحريري في مأزق كبير وتؤكد صحة اتهامات حزب الله لفريقه بحماية شهود الزور وإنما أيضا لأنها تشكك في مصداقية تصريحاته حول أنه لم ينسق أبدا مع زهير الصديق .
وكان تليفزيون "الجديد"
بث في 16 يناير تسجيلا صوتيا حول نص سعد الحريرىمحادثة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ومحقق دولي ومسئول أمني لبناني ومحمد زهير الصديق الشاهد في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.واللافت للانتباه أنه يظهر في التسجيل أصوات الحريري والنائب السابق للجنة التحقيق الدولية الألماني جيرهارد ليمان ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسام الحسن والشاهد في قضية اغتيال رفيق الحريري السوري محمد زهير الصديق المتواري عن الأنظار والذي يعتبره حزب الله وحلفاؤه "شاهد زور" ، بينما تصفه لجنة التحقيق الدولية بأنه غير ذي صدقية.وفي رد فعل سريع على التسجيل الصوتي السابق ، وصف المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في بيان له تلك المحادثة بأنها جزء من عملية مخابراتية وأنها تضمنت مغالطات ، مؤكدا أن إذاعة التسجيل يطرح علامات استفهام كبرى حول كيفية الحصول عليه والدوافع من ورائهوتابع البيان أن المحادثة التي نسبت إلى الحريري والعقيد وسام الحسن مع محمد زهير الصديق في حضور المحقق الدولي جيرهارد ليمان بدت وكأنها تتضمن تنسيقا بين الحريري والصديق فيما يتعلق بالتحقيقات ، إلا أنها تمت بطلب مباشر من لجنة التحقيق الدولية التي نظمت المقابلة وقامت بتكليف ليمان بحضورها للوقوف على حقيقة الإفادات التي يدلي بها الصديق خصوصا بعد تزويده اللجنة كتابا خطيا يؤكد فيه تواجده على مسرح الجريمة في 14 فبراير/ شباط 2005 وذلك خلافا لمعلومات سابقة كان قد أدلى بها.ورغم البيان السابق ، إلا أن تليفزيون "الجديد" علق على التطور المثير السابق قائلا :" من كان يدعي بأنه لم ينسق مع الصديق سيتهم بإخفاء الحقائق واللعب على دماء شهداء 14 فبراير/ شباط "، وذلك في إشارة إلى تواطؤ سعد الحريري في إخفاء حقائق حول جريمة اغتيال والده عام 2005.هدية مجانية وبالنظر إلى أن التسجيل الصوتي السابق يأتي متزامنا مع الأنباء حول صدور القرار الظني في موعد أقصاه 17 يناير ، فإن هناك من يعتبره بمثابة هدية مجانية لحزب الله في هذا التوقيت الحرج بل وقد يقلب الطاولة على فريق سعد الحريري .ولعل ما يضاعف من صحة ما سبق أن نصر الله كان عرض أيضا في 15 ديسمبر الماضي أدلة موثقة حول عدم نزاهة المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رفيق الحريري .وفي كلمة ألقاها بمناسبة ذكرى عاشوراء ، شدد نصر الله على أنه يمتلك أدلة موثقة ضد جيرهارد ليمان نائب رئيس لجنة التحقيق الدولية السابق ديتليف ميليس تؤكد أنه شخص فاسد ، مشيرا إلى أن ليمان باع أقوال شهود الزور ووثائق سرية بـ 50 ألف دولار لأحد الأشخاص اللبنانيين الذي أعطاها بدوره إلى حزب الله ، بالإضافة إلى قيامه ببيع شهادات قيادات سياسية لبنانية كبيرة ، كما عرض على حزب الله بيع كافة الوثائق والنتائج الخاصة بالتحقيقات في جريمة اغتيال رفيق الحريري بمليون دولار ولكن الحزب حينها رفض هذا الأمر باعتباره غاليا ولا يستحق هذا الثمن .
ولم يكتف نصر الله بما سبق ، بل إنه أكد أيضا أنه يمتلك مزيدا من الأدلة حول حماية المحكمة الدولية لشهود الزور سيعرضها في الوقت المناسب .
واستطرد " فيما يتعلق بموضوع المحكمة الدولية ، جاء في بعض الصحف منذ 2006 أن التحقيق بات يتخذ مجرى اتهام حزب الله ، هذا ليس سراً بل تتداوله شخصيات في لبنان والعالم منذ سنوات ولم نحرك ساكناً لأننا حريصون على بلدنا ، لم نتصرف في يوم من الأيام لإيجاد ذريعة للإمساك في السلطة أو الانقلاب على اتفاقية الطائف أو غيرها، إذا كنا نريد هذه الحجة في موضوع القرار الاتهامي كانت بأيدينا منذ سنوات ولكن لم نلجأ إلى هذا الأمر".
وتابع " في الأشهر الأخيرة رأينا أن هذا الأمر يأخذ منحاً جدياً ويتركب عليه مؤامرة تستهدف حزب الله والمقاومة ولبنان ، فهل من المنطقي أن نبقى صامتين لنرى القرار الاتهامي ، من يقول هذا يضحك على الناس".
وشدد الأمين العام لحزب الله على أن المحكمة الدولية سيأتيها يوم أصعب من "ويكيليكس" ، قائلا :" كل من تآمروا سيأتيهم يوم أصعب من ويكيليكس وهم لهم علاقة بشهود الزور ويعرفون كل شيء بالتفصيل، سيأتي يوم يظهر فيه الخيط الأبيض من الأسود ، فهل من الطبيعي أن نسكت، كلا، ففتحنا الموضوع منذ أشهر وقمنا وواجهنا بشكل منطقي وبالعلم وقدمنا معطيات وقرائن".
شكوك متصاعدة
واللافت للانتباه أن الشكوك المتصاعدة حول حيادية المحكمة الدولية لم تقتصر على تصريحات نصر الله السابقة ، فقد كشفت المجموعة الدولية للأزمات ومقرها بروكسل أيضا في تقريرها الصادر يوم 2 ديسمبر/كانون الأول الماضي بعنوان "المحاكمة بالنار" أن الآمال تبددت في أن تصبح تلك المحكمة سابقة مهمة للعدالة الدولية في سائر أنحاء المنطقة بعدما غرقت في أوحال معارك شد الحبال وعض الأصابع المحلية والإقليمية على حد سواء.
وأضاف التقرير أنه رغم إقدام المحكمة على إطلاق أربعة ضباط أمن كبار زهير الصديق مقربين من سوريا كانوا موقوفين في لبنان بتهمة تدبير اغتيال رفيق الحريري فإن صدقيتها بقيت موضع شك كبير مع تأكيد سعد الحريري في 6 سبتمبر/أيلول الماضي أن اتهامه لدمشق بالاغتيال كان اتهاما سياسيا.
وتابع التقرير أن ما تردد في مجلة "دير شبيجيل" الألمانية قبل نحو عام عن تغيير هوية الجاني ولصق التهمة بأفراد ينتمون إلى حزب الله زاد الشكوك في صدقية المحكمة.
وفي السياق ذاته ، نقلت قناة "الجزيرة" عن المتخصص اللبناني في علم الجريمة الدكتور عمر نشابة القول إن الإشارة إلى أن الاغتيال قام به عناصر غير منضبطة في حزب الله يعتبر بدعة ، متسائلا : كيف يمكن لعضو غير منضبط أن ينقل آلاف الكيلوجرامات من المواد المتفجرة لاستخدامها في الاغتيال؟.
وأضاف نشابة وهو متابع محترف لعمل المحكمة عبر صفحة العدل في جريدة "الأخبار" أن تأجيل إصدار القرار الاتهامي سببه افتقار المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار إلى أدلة يسند به اتهامه عناصر حزب الله بارتكاب الجريمة.
وبعد القنبلة التي فجرها تليفزيون "الجديد" والتي جاءت متزامنة مع الأنباء حول صدور القرار الظني في موعد أقصاه 17 يناير ، فإن الأمور في طريقها للتصعيد في حال لم يتوصل اللبنانيون وبشكل سريع لاتفاق حول أزمة محكمة الحريري بعيدا عن أسافين واشنطن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق