الثلاثاء، 7 يونيو 2011

الإسلام والغرب في وسائل الإعلام

موضوع الإسلام والغرب من موضوعات الساعة، وأصبح يطرق بكثرة في وسائل الإعلام ،فلمَ هذا الاهتمام والزخم الإعلامي الكبير حول هذا الموضوع؟
لقد دأبت وسائل الإعلام الغربية على الاهتمام بالإسلام والمسلمين منذ ظهور الحركات الإسلامية بقيادة العلماء المسلمين داعية إلى التحرر من النفوذ الغربي، وكان تناولها لهذه الحركات يتسم بالهجوم على هذه الحركات ووصمها بالتعصب والدعوة إلى كره الأجنبي. وتناولت قضايا محدودة في الإسلام كمسألة علاقة الإسلام بالحضارة الغربية، وموضوع المرأة، ووضع الأقليات غير المسلمة في البلاد الإسلامية، لقد اهتمت وسائل الإعلام الفرنسية مثلا بحركة الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين)، كما اهتمت الصحافة الإنجليزية والأمريكية بحركات التحرر في البلاد التي كانت خاضعة للنفوذ الإنجليزي.
وما زلت أذكر مقالة الشيخ عبد الحميد بن باديس (حيث أصدرت ترجمة للشيخ في سلسلة أعلام المسلمين ) بعنوان:"وخز الدبابيس " ينتقد فيها جريدة الطان الفرنسية Le Temps التي سماها "عجوز الصحف الفرنسية" لتناولها الإسلام بأسلوب يتسم بالعداء والتهجم.
ولم يتوقف اهتمام الإعلام الغربي بالإسلام وقضايا المسلمين، فالإعلام الغربي بالرغم من أنه ليس إعلاما حكوميا لكنه يميل إلى تأييد مواقف الحكومات الغربية التي تحرص على مصالحها الرأسمالية، والإعلام تملكه (الرأسمالية الغربية) وكان الإعلام الغربي يحارب على جبهتين :الشيوعية والإسلام، وكان يقرن بينهما دائما.
حتى إذا سقطت الشيوعية وجد الإعلام الغربي فراغاً كبيراً مما جعله يتجه إلى ملئه بالعداء المضاعف للإسلام. وقد نبهت إلى ذلك نشرة تصدر عن معهد هارتفورد اللاهوتيHartford بمقالة بقلم رئيس مكتب الاهتمامات النصرانية الإسلامية القس مارستون سبايت حيث ذكر القس أن انتهاء الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي والشيوعي يثير تساؤلاً: هل يصبح الإسلام الشبح الجديد؟ وقد جاء في المقال: "لم تعد قوة العالم الشيوعي تشكل تهديداً كما كانت في الماضي وذلك نتيجة للأحداث الصاخبة والمدهشة في أوروبا الشرقية، وهكذا وجد الأمريكيون الذين كانوا يسهبون في الحديث عن الخطر المفترض من الشيوعية، وجد هؤلاء أنفسهم فجأة محرومين من موضوعهم المحبب...وقال القس: "والسؤال الذي يطرح نفسه هل تختار العناصر (الإعلام) التي تتولى تحذير الشعب الأمريكي من الخطر مجموعة أخرى من البشر لوضعها أمام الجمهور على أنها تهديد لأمريكا والعالم؟ إن الصورة السيئة التي يصوَّر بها الإسلام في وسائل الإعلام الأمريكية تثير انتباه بعضنا إلى جعل الإسلام الشبح الجديد." وقد أكد القس كلامه بأمثلة من الصحافة الأمريكية تتمثل في تلخيص لمقال لكاتب أمريكي هو شارلز كروتهامر.
لا شك أن اهتمام القسيس يثير التساؤل، فهل كانت صورة الإسلام في الإعلام الغربي جيدة قبل نهاية الحرب الباردة؟ وكأنّ القسيس يريد أن يبرّئ الإعلام الغربي والمنصرّين من إثارة العداء ضد الإسلام قبل سقوط الشيوعية.
وقد نبهت إلى هذا العداء ضد الإسلام وقبل سقوط الشيوعية حينما تحدث نائب الرئيس الأمريكي دان كويل في خطابه الذي ألقاه في حفلة تخريج دفعة من البحرية الأمريكية يوم30مايو1990م، فربط فيه بين الإسلام والشيوعية على أنهما أكبر الأخطار التي تواجه العالم في القرن العشرين، وقد صور نائب الرئيس الحركات الإسلامية بأنها حركات "أصولية متشددة."
إن اهتمام وسائل الإعلام بالعلاقة بين الإسلام والغرب له أسباب كثيرة منها: أن معظم البلاد العربية الإسلامية تعتمد حكوماتها على الدعم الغربي في صور عديدة، أهمها الديون الخارجية التي بلغت مئات البلايين من الدولارات، والدعم المعنوي للأنظمة الحاكمة، وأن الغرب هو الذي يرعى مسألة الصلح مع اليهود وهذه نقطة خلاف رئيسة بين الحكومات العربية الإسلامية التي تنفذ مشيئة الغرب وبين الحركات الإسلامية.
ولاشك أن في الغرب بعض الأصوات المعتدلة التي تحاول أن تنظر إلى العلاقة بين الإسلام والغرب نظرة موضوعية، ومن هؤلاء أساتذة جامعيون ومفكرون وسياسيون، ويجب أن نتساءل ما حجم هذا التيار المعتدل، وما حجم نفوذه؟ إن الوقت الذي تحدث فيه الأمير شارلز ولي عهد بريطانيا حديثا نال الاستحسان والإعجاب في العالم الإسلامي نتساءل هل له تأثير حقيقي في بلاده؟ الأمير يمتدح الإسلام ورئيس الوزراء يلتقي سلمان رشدي، والحكومة البريطانية تنفق آلاف الجنيهات على حماية هذا المارق، وتبخل بالقليل على المدارس الإسلامية حتى لو كان المتقدم بطلب المساعدة بريطانيا أباً عن جد وهو يوسف إسلام الذي استاء من موقف حكومته فتقدم يشكوها إلى لجنة حقوق الإنسان الأوروبية.
الإسلام و الغرب بين الأمسل واليومالمواجهة الفكرية
لعلاقة بين الإسلامي والغرب جوانب عديدة وتمتد إلى قرون طويلة تبدأ من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب {إلى كلمة سواء}، وأمره سبحانه وتعلى دعوة أهل الكتاب بالحكمة والموعظة الحسنة{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}، وقد استجاب المسلمون لهذا الأسلوب ووجد النصارى في الإسلام وحكومته العدل والمساواة، فأقبلوا عليه زرافات وحدانا فدخلوا في دين الله أفواجا.
هذا الإقبال من النصارى على الدخول في الإسلام حتى أصبحت أغلبية في بلاد كانت نصرانية مسلمة وأصبحت اللغة العربية لغتهم، هذا الإقبال أثار الحقد في نفوس المنفذين من رجال الدين النصارى وزعمائهم السياسيين ولا سيما حينما اجتمعت السلطة السياسية والدينية في أيدي رجال الدين النصارى.
وعند ما تمرد الأوربيون على سلطات رجال الدين النصارى وانتقلت أوربا إلى العلمانية ومن التأخر إلى الثورة الصناعية وما بعد الثورة الصناعية ظلت العداوة للإسلام تنتقل من السلطة السابقة إلى السلطة الحديثية.
وفي هذا المقال أقدم صورة من العداوة الفكرية التي يتزعمها الغرب ضد الإسلام والمسلمين أمهد لها بقصة من السيرة النبوية حينما حاول ملك الغساسنة النصارى دعوة أحد المسلمين للالتحاق به وترك دينه عندما كان هذا الصحابي الجليل يمر بعقوبة قررها الرسول صلى الله عليه وسلم لخطأ ارتكبه.
عندما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للاشتراك في غزوة تبوك وكان الجو صيفا قائظ الحر، وكانت الظروف الاقتصادية صعبة جدا. وقد تختلف حوالي ثمانون رجلا منهم كعب بن مالك رضي الله عنه الذي تعرض للحظة ضعف بشري. فقد اشترى الراحلة وكان مترددا بين الاشتراك في الغزوة أو البقاء في المدينة ينعم بالظل الظليل والزوجة والأبناء. وظل في تردده حتى عاد المسلمون من غزوتهم وقد كتب الله لهم عز وجل الأجر الكبير {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا تغيظ الكفار ولا ينالون من عدد نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين}فعاد المسلمون إلى المدينة فأما المنافقون فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أعذارهم وأوكل سرائرهم لله عز وجل. وبقي ثلاثة من الصحابة عرفوا بالصدق والإيمان فكان لا بد من تربيتهم لإصلاحهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقاطعتهم حتى إن زوجاتهم أمرن أن يعتزلنهم وقد وصف القرآن الكريم حلهم أدق وصف وأبلغه فى قوله تعالى "وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه".
وفي هذه الأثناء علم ملك الغساسنة النصارى بالشام لمأساة هذا الصحابي فأراد استغلالها بدعوة هذا الصحابي ليلحق به في الشام تاركا دينه وما يعانيه من عقوبة. ولكن ملكا رضي الله عنه تنبه للأمر. قد بلغ مني ما وقعت فيه أن طمع فيّ رجال من أهل الشرك. فذهبت بها (رسالة الملك) إلى تنور فسجرته بها (أي ألهبته بالرسالة).
وبعد قرون من موقف ملك النصارى الغساسنة تأتي جمعيات ومعاهد أدبية فتستقطب بعض الكتاب المسلمين أذين هربوا من بلاد هم أو منعت كتبهم من التداول. أو بعض من نالوا الاهتمام عند بعض الأوساط الأدبية المتنفذة لكنهم لا يخطون عجبة وقبول عامة الأمة الإسلامية.
ففي بريطانيا مثلا ثمة معهد الآداب المعاصرة (الذي يزعم أن من أهدافه توفير المكان للتعبير عن وجهات النظر المتعددة). وهذه الآراء هي آراء الفنانين والكتاب وكتاب الدراما وصناع الأفلام ،وقد استقدم هذا المعهد عددا من الكتاب والأدباء العرب لعرض آرائهم. وكان من هؤلاء محمد شكري الكاتب المغربي الذي تقول عنه نشرة المعهد أنه من أبرز الشخصيات الأدبية في المغرب. فأي معايير استخدمها هذا المعهد ليطلق على هذا الكاتب هذه الأوصاف المبالغ فيها، أليس هذا الكاتب هو صاحب (الخبز الحاف) الذي يحكي قصة حياته عند ما كان عتّالاً في شوارع طنجة، وفي هذا الكتاب شتم أباه وأهله ولم يتناول إلا الجوانب السلبية في حياته مع مبالغة في تصويرها. وهذا الكتاب ممنوع في معظم الدول العربية. فهل أخطأت البلاد العربية جميعها وأصاب هذا المعهد؟ هل ظلم الكاتب في بلاده وها هو المعهد البريطاني ينصفه.
واستضاف المعهد نفسه نوال السعداوي. والمرأة الداعية إلى ما تزعم أنه تحرر المرأة المسلمة. وإنما هو انحدار إلى السفور والخروج على القيم الإسلامية الرفيعة. وقد أصبحت نوال السعداوي ضيفه كل ندوة ومؤتمر يعقد في الغرب للدعوة لتحرير المرأة المسلمة بزعمهم. فهل احتاج المسلمون إلى أمثال نوال السعداوي لترشدهم للطريقة الصحيحة لمعاملة المرأة؟
وكان للفرنسيين دورهم في تشجيع المارقين المنحرفين حينما قررت جمعية فرنسية منح جائزة للوقاحة لكاتبين من المغرب، وقد كانت وقاحة هذين الكاتبين الدعوة إلى المنكر والفحشاء والبغي، لقد كتب الكاتبان باللغة الفرنسية حيث حصلا على ثقافتهما بهذه اللغة. ومن العجب أن تطلب الجمعية الفرنسية من الدول العربية تكريم هذين الكاتبين الفائزين بجوائز الوقاحة، هل كان على المسلمين أن يتنافسوا قول الله عز وجل {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون}.
ما أشبه الليلة بالبارحة ملك نصارى يدعو مسلما لترك دينه واللحاق به، ولكن ذلك المسلم كان قوي الإيمان معتزا بعقوبته فقابل الدعوة بما تستحق، أما نحن اليوم فنجد هؤلاء الكتاب يتهافتون على هذه الدعوات ويبالغون في الانتقاص من عقيدتهم حتى إن أحدهم لا يرى في استخدام كاتبة إيرانية لاسم فاطمة لإحدى شخصيات روايتها إلا أنه يحمل مرجعيات تقليدية. يحضر مؤتمر أدبيا وهو لا يحسن التلفظ بجملة صحيحة في اللغة الإنجليزية.
إننا بحاجة ماسة للوقوف في وجه هذه الحرب الموجهة ضد عقيدة هذه الأمة وقيمها من خلال رجال منا يحملون أسماء إسلامية ويكتبون بلغات إسلامية ولكنهم من أشد الحاقدين على الإسلام. ولا يمكن أن تكون المواجهة إلا بتكثيف الجهود في دعوة أصحاب الفكر السليم لعقد الندوات والمؤتمرات وإلقاء المحاضرات ونشر الفكر الإسلامي الصحيح. والله والموفق.
الإسلام و الغرب ليتعلم الغرب منّا ولنتعلم منه
يقولون "فلان أدركته مهنة الأدب" لما في هذه المهنة من مشقة ومعاناة ، ويمكن أن نضيف قولاً جديداً وهو " فلان أدركته حرفة الصحافة" وقد أدركتني هذه الحرفة حتى إنني أتصفح أو أطالع عدة صحف يومياً. ومن توابع هذه المطالعة القيام بعمل بعض القصاصات التي يمكن الإفادة منها في كتابة مقالاتي. وقد وجدت في اليومين الماضيين بعض القصاصات التي تتناول ما يمكن أن نتعلمه من الغرب. فقلت نعم ثمة ما يمكن أن نتعلمه من الغرب، ولكن في الوقت نفسه يمكن للغرب أن يتعلم منّا الكثير. وإنني في هذه المقالة سأعرض بعض الصور من الحياة الغربية التي لا حل لها إلاّ في قيم الإسلام وأخلاقه. وأكمل ببعض ما يمكن أن نتعلمه من الغرب.
قدمت الإذاعة البريطانية باللغة الإنجليزية قبل عدة أشهر تقريراً حول الاغتصاب وموقف النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب، فكان مما جاء في التقرير أن كثيراً من النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب يتعرض له مرة ثانية وثالثة. وأكدت كثير منهن أن الأحكام التي يصدرها القضاء تعد خفيفة ، كما أنهن يتعرضن للمضايقات من أهالي المتهمين ومن الشرطة وحتى من القضاء. وقبل سنتين تقريباً نشرت جريدة التايمز تقريراً عن المضايقات والتحرشات التي تتعرض لها النساء العاملات في سلك الشرطة حتى بلغت درجة لا تطاق ، فقام إدارة الشرطة البريطانية بتكليف مؤسسة للبحوث النفسية بدراسة هذه الظاهرة.
ومن المشكلات التي يعاني منها المجتمع الأمريكي فقدان الأبناء والبنات في سن صغيرة (من السادسة حتى السادسة عشرة)، وقد كونت جمعيات تقوم بمهمة البحث عن الأبناء المفقودين. وقد بلغ أعضاء هذه الجمعيات عشرات الألوف.
فلماذا يفقد الغربيون أبناءهم وبناتهم؟ لقد حدث في الدنمرك اكتشاف بعض الجرائم ضد الصغار وهي استغلالهم جنسياً وقتلهم. وقد عقدت مؤتمرات عالمية للبحث في مشكلة استغلال الأطفال جنسيا(تجارياً). وكنت قلت في مقالة لي عندما تعرض بعض أطفال أوروبا للخطر تداعت كل دول العالم لتبحث لهم عن حل ، أما أطفال العالم الذين يموتون جوعاً وقتلاً وتشريداً فمن لهم ؟ وأطفال البوسنة ونساء البوسنة لم تجف دماؤهم بعد.
هذه المشكلات الأوروبية تحتاج إلى حلول وليعلم الأوروبيون أن الحل موجود عندنا في الإسلام في نظام الأسرة الإسلامي وفي نظامنا الأخلاقي. فما أروعها من كلمات تلك التي قالها جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه أمام النجاشي عندما سأله عن الإسلام فقال:" أيها الملك كنّا قوماً على الشرك، نعبد الأوثان ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لانحل شيئاً ولا نحرمه، فبعث الله إلينا نبياً من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له ،ونصل الرحم ونحسن الجوار ونصلي ونصوم ولا نعبد غيره."
أما ما يمكن أن نتعلمه من الغرب فأبدأ بمقالة أميمة الخميس" الشرق الأوسط" (15شعبان 1415هـ) التي تشير فيه إلى أن كثيراً ممن يكتبون عن الغرب يتناولون السلبيات وينسون أن في الغرب جامعات ومسارح ودور ثقافة " التي تظل قلاعاً محكمة نائية بحاجة إلى عزيمة أكيدة وثابتة لاقتحامها." نعم إننا بحاجة لاقتحام تلك القلاع الحضارية الثقافية لنعرف كيف تسير الحياة الثقافية في الغرب، ولنسهم في فعالياتها.
وتناول الدكتور أنس كتبي في مقالته المعنونة (ماله ثانٍ) موقفين متباينين من الغرب أحدهما الموقف المنبهر الذي ينادي باتخاذ الغرب قدوة ومقياس حضارة، والموقف الآخر الذي لا يرى في الغرب إلاّ على أنه "بؤرة فساد وانحلال"، وينادي في مقالته بأنه ثمة في الغرب ما يؤخذ بقوله:"مغالطة القول بأنه ليس لدى أقوام الغرب ما يحتذي به من التجارب في العلوم والبحث واحترام العلم وتقنية النظام.
المغالطة الأكبر هي أن ننسى أننا أمة فكر ومنهج وقيم وحضارة لنجوب الأرض نتسوق المنهج والفكر...
وكتب الدكتور علي شويل عن الرسائل العليمة في العالم العربي الإسلامي التي تبقى مكدسة في أرفف المكتبات لا يستفيد منها أحد حتى إنك لا تجد ملخصاً شافياً لمعظمها. ولم يشر الدكتور علي إلى أن في الغرب مؤسسة تسمى مؤسسة الميكروفيلم الدولية( International University Microfilm). فالمطلوب من كل باحث يحصل على الدكتوراه أو الماجستير أن يوقع عقداً يسمح بموجبه لهذه المؤسسة أن تحتفظ بنسخة من بحثه وأن تبيع نسخة ورقية أو ميكروفيلمية من رسالته لمن يريدها . فلماذا نستطيع أن نحصل على أي رسالة جامعية في أمريكا وكندا وأوروبا ولا نستطيع الحصول على أي رسالة علمية في عالمنا العربي الإسلامي إلاّ بشق الأنفس.
وكتب جاري في الصفحة الأستاذ خالد عبد الرحيم المعينا مقالة بعنوان (متى نستفيد من تجارب الآخرين) ضمنها الحديث عن عمليات مسح القدرات التي تقوم بها الوكالة البريطانية لقياس القدرات (BSA) وفائدة مثل عمليات المسح هذه في تقويم العملية التعليمية عندنا. وأود أشير إلى أن في الولايات المتحدة الأمريكية مؤسسات مماثلة حتى إن إحدى تلك المؤسسات أعدت دراسة تكلفت عدة ملايين من الدولارات خرجت بنتيجة تقول ( هل نحن أغبى مما كنّا نظن)، وقد ختم الأستاذ المعينا مقالته بعبارة جميلة قال فيها: "ولفائدة مجتمعنا يكون من الضروري التعلم من أخطاء الآخرين وتجاربهم، ولهذا يجب أن نستفيد من ذلك المسح الإنجليزي لكي نتفادى الجهل الحسابي الذي تعاني منه بريطانيا.
ناجي هيكل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق